تقرير الأسرى الفلسطينيين
2005/5/27

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=3093


الأسيرات الفلسطينيات يؤكِّدن أن سجن "تلموند" الصهيوني أسوأ من سجن "غوانتنامو" الأمريكي

كشفت الأسيرات الفلسطينيات اللواتي يقبعن في سجن "تلموند" الصهيوني، والذي تُعتقل فيه 123 أسيرة فلسطينية، عن فظائع وممارسات لا أخلاقية ومعاملة قاسية ترتكب بحقهن من السجانين والسجانات الصهاينة. وقالت الأسيرة ناريمان محمد هصيص لمحامية نادي الأسير حنان الخطيب: "إن سجن تلموند أصبح أسوأ من السجن الأمريكي في "غوانتنامو" بسبب المعاملة السادية وغير الأخلاقية التي تتعرض لها السجينات"، مشيرة إلى أن سياسة التفتيش العاري والجسدي للأسيرات أصبحت وسيلة تستخدم لإذلالهنّ والمساس بكرامتهنّ.

وفي سياق متصل، اشتكت الأسيرة آلاء حسين للمحامية الخطيب من سياسة الإهمال الطبي الذي تتعرض له الأسيرات، وقالت: "الدواء الوحيد الذي يعطوننا إياه هو الماء، ولا يوجد أطباء أخصائيون داخل السجن". وذكرت الأسيرة حسين بعضاً من الحالات المرضية، كحالة الأسيرة لطيفة أبو ذراع التي تعاني من فقر الدم وهبوط حاد في السكر، ولينا هنداوي وتعاني من قرحة في المعدة وآلام في العمود الفقري، وهالة جبر وتعاني من ديسك في الظهر، وأمل جمعة وتعاني من الكلى وأزمة في التنفس.

واشتكت الأسيرات من سياسة التفتيش القمعي لغرفهن ليل نهار بحجة الأمن، وفرض الغرامات المالية عليهن لأتفه الأسباب. وقالت الأسيرة لطيفة أبو ذراع أنّه تم عزلها في الزنازين لمدة شهرين، وأن السجانين يقومون بالاعتداء على الأسيرات على أماكن حساسة بأجسامهن.

وأكدت أبو ذراع أن العقوبات تتم حتى بدون أسباب، ومنها الحرمان من الزيارات أو عقوبات في الزنازين، وفرض غرامات مالية على كل أسيرة بقيمة 400 شاقل تسحب من حسابها الخاص.

الأسير شكري الخواجا.. بين الحلم بالحرية وكابوس الاعتقال الإداري

"لم يكن يعلم أن الاحتلال سيسلب منه الحلم الذي انتظره تسع سنوات... كان يستعد للخروج إلى الحرية ليرى كيف تغيرت الدنيا من حوله...أحبةٌ منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر،...الأهم من كل ذلك أنه كان متلهفاً لرؤية طفلتيه ساجدة وسجى، ولكن سرعان ما تبدد هذا الحلم وتحول إلى كابوس مزعج عندما علم بقرار المحكمة بتحويله إلى الاعتقال الإداري".. هذه باختصار قصة الأسير شكري محمود الخواجا (38 عاما) من بلدة نعلين قرب رام الله.

بدأت قصة شكري عندما اعتقلته قوات الاحتلال للمرة الأولى عام 1992 وأفرجت عنه بداية العام 1996 ولم تكن أشهر تلك السنة تمضي حتى أعيد اعتقاله من جديد، ولكن هذه المرة كان الأمر مختلفاً، فقد حكمت عليه إحدى محاكم الاحتلال بالسجن الفعلي تسع سنوات وغرامة مالية عشرة آلاف شيكل بتهم تتعلق بانتمائه إلى إحدى حركات المقاومة.

سنوات السجن أضعف من أن تدفعني لأنطق بكلمة "آه" كان الحديث مع الخواجا من سجنه القديم الحديث معتقل "النقب" الصحراوي ليس بالأمر الهين، فحالته سيئة وظروفه المعيشية والصحية أسوأ، فبدأ كلامه بنفيه صحة الاتهامات الصهيونية الموجهة له، موضحاً بأنه لم يقدم أي اعتراف لمخابرات الاحتلال، وأن ضباط المخابرات كانوا قد أوضحوا له بعد انتهاء فترة التحقيق التي استمرت خمسة شهور في حينه، بأنهم سيعملون على بقائه في السجن لأطول فترة ممكنة حتى بعد انتهاء فترة محكوميته، وهو ما كان بالفعل.

وقال الأسير الخواجا إن عائلته وخاصة طفلتيه، كانتا تنتظران بفارغ الصبر يوم إطلاق سراحه، إلا أن ممارسات سلطات الاحتلال القمعية حالت دون اكتمال الفرحة. ويشير الخواجا إلى أن مخابرات الاحتلال الصهيوني كانت قد احتجزت زوجته وشقيقه "محمد" عدة مرات في سجن "عوفر" بهدف الضغط عليه للاعتراف بعلاقته بحركة المقاومة، وأن ضباط المخابرات كانوا قد أكدوا أكثر من مرة له بأنهم لن يقعوا في الخطأ الذي وقعوا فيه حين أطلقوا سراح الشهيد عادل عوض الله.!!

وبدا الخواجة، الذي فقد البصر في عينه اليمنى قبل بضعة أشهر جراء الإهمال الطبي المتعمد الذي يتعرض له الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، بدا متأثراً لقرار تحويله للاعتقال الإداري، كونه كان يخطط لإجراء عملية جراحية لعينه التي أضحى لا يرى على بعد متر واحد منها.

وقال إن تهديدات المحققين لأسرته باستمرار اعتقاله أو تصفيته تحققت بعد سنوات طويلة من الزج به في سجون الاحتلال الصهيوني. "لم تكن الأعوام التسعة التي أمضيتها في سجون الاحتلال لتفقدني الأمل برؤية أنوار الحرية، ولكن لم أكن أعلم أن نهايتها ستحمل لي الألم الأكبر وفقدان البصر في إحدى عيني، لكن المؤمن يرى بنور الله وإن أغلقت عيناه الاثنتان.."، ويضيف الخواجا قائلاً: "لقد مرت علي الأعوام ثقيلة في السجون لكنها كانت أضعف من أن تدفعني لأنطق بكلمة "آه".

ويعتبر الأسير شكري وجهاً معروفاً في أوساط الحركة الأسيرة، إذ عمل خلال سنوات اعتقاله الطويلة في سلك تمثيل الأسرى أمام إدارات السجون وفي مواقع مختلفة بين "شاويش" وعضو لجنة حوار وغيرها من المراكز التي خدم بها إخوانه ولم يبخل عليهم بوقته وجهده.

ويؤكد كل من عرف الأسير شكري الخواجا أنه عاش فترة اعتقاله الطويلة مثالاً يحتذى به للأسرى في سجون الاحتلال فهو طيب الذكر، حسن الخلق، شديد الصلابة أمام إدارات السجون، ومفعماً بالحيوية يمارس الرياضة ويلعب الكرة الطائرة أو يتلو القرآن ويقرأ في الفكر والسياسة والتربية.

الخواجا والإهمال الطبي المتعمد

وعن قصته الطويلة مع الإهمال الطبي حتى وصل به الأمر إلى فقدانه البصر في عينه اليمنى، يقول الخواجا: "لقد بدأت النضال مع إدارة السجون منذ الساعات الأولى لاعتقالي لمحاولة الخروج إلى العيادة وفعلاً تم ذلك، ولكن لم تقدم عيادة الإدارة في معتقل "النقب" ما يلزم من علاج، فبدأت اتصالاتي بالمنظمات الإنسانية والطبية والصحية".

ويضيف أبو ساجدة قائلاً: لقد بدأت الأعراض تظهر قبل عشرة أشهر، تحديداً في نهاية شهر تموز من العام الماضي، حين كنت مستلقياً على البرش أقرأ في أحد الكتب، شعرت بأن هناك ما يعكر عيني وكأن هناك سحابة أو غبار أمامها، وتابع قائلاً: "لقد استغربت من الحال كثيراً فلم أشكُ من ألم أو أي شي من قبل فقد أتى ذلك دون مقدمات".

ويمضي بسرد حكايته "عندما شعرت بأن هناك أمر غير طبيعي نظرت في المرآة، لم يكن هناك أي ألم، وعندما قمت بإغلاق العين السليمة لم أعد أرى شيئاً فأدركت أني فقدت النظر في العين اليمنى".

وبعد صراع طويل مع إدارة السجون أفلحت ضغوط منظمة "أطباء بلا حدود" على إدارة المعتقل بدفعهم لنقله إلى مستشفى "برزلاي" في عسقلان، حيث أبلغه الأطباء هناك أنّه يعاني من تكون غشاء ثلجي مائي يغلق عدسة العين اليمنى، وهناك تكون لبدايات غشاء آخر في العين اليسرى ولا بد من إجراء عملية جراحية لاستئصال الغشاء من كل عين.

أعيد شكري الخواجا إلى القسم الذي يحتجز فيه داخل سجن "النقب"، ومنذ عودته وهو يحاول جاهداً إجراء العملية لعينه دون جدوى..

وقال أبو ساجدة: "حياتنا كفلسطينيين غير مهمة عندهم فهل سيهتمون لفقدان بصر أسير؟؟"

ويحمل أبو ساجدة بشدة على إدارة السجن لرفضها السماح له بإجراء العملية، قائلاً: "لم أكن مهتما بالأمر، فوقتها كان قد بقي ثلاثة أشهر حتى تنتهي مدة محكوميتي، وسأخرج من السجن بعدها وأجري العملية، ولكن سرعان ما تبدد هذا الحلم عندما أعلموني بخبر التمديد".

ويضيف قائلاً: لقد انقضت سنوات اعتقالي التسع دون أن أقول كلمة لهم غير "إننا صامدون" وعليهم أن لا يتوقعوا أن انحني لضغوطهم علي بعدم إجراء العملية الجراحية".

تنديد بالقرار الصهيوني

وندد أسرى النقب بقرار تحويل الأسير الخواجا للاعتقال الإداري، مؤكدين في بيان لهم أن هذه الخطوة تعد مساً بالتفاهمات مع ممثلي الأسرى ومحاولة لسحب إنجازات الحركة الأسيرة. ودعا البيان المؤسسات الحقوقية والإنسانية العمل من أجل وقف سياسة الاعتقال الإداري وإنهاء معاناة عائلة الخواجا.

مع تحيات تقرير الأسرى الفلسطينيين 26/5/2005

http://www.miftah.org