سلام الدبابات وشرعية الفيتو
بقلم: مفتاح
2003/10/11

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=352

تجتاح قوات الاحتلال الإسرائيلي ودباباته ومروحياته قطاع غزة منذ يوم أمس حيث سقط أكثر من ثمانية شهداء بينهم العديد من الأطفال وعشرات الجرحى ولا يستطيع أحد إعطاء العدد النهائي للشهداء والجرحى بسبب منع وصولهم إلى المستشفيات منذ يوم أمس، والعدد المعلن عنه يشمل فقط الذين تمكنت الطواقم الطبية من نقلهم إلى المستشفيات.

صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يقترف فيها الاحتلال جريمة بهذه البشاعة وقد تعود على ذلك طوال فترة احتلاله للأرض الفلسطينية إلا أن الموقف الدولي الخجول تجاه هذه الجرائم هو الذي ينم عن الغرابة بعينها حيث -على ما يبدو- تعوّد على أن لا يعطي حياة الإنسان قيمة واحدة، فهو يدين بشدة موت الإسرائيليين حتى وإن كانوا جنوداً ويصف الذين قتلوهم ب "الإرهابيين" ويبدأ بملاحقتهم، ولم يصف مرة واحدة قاتلي المدنيين الفلسطينيين ب "الإرهابيين" وأحياناً لا يشير إلى أن هناك أبرياء يقتلون بدون ذنب اقترفوه وهو ما يبين بأن هناك قيمتين لحياة الإنسان واحدة تخص حياة الإسرائيلي ومحرم التعرض لها حتى ولو كان جندياً وأخرى تخص حياة الفلسطيني وهي مباحة ومستباحة.

إنها قمة الإرهاب أن يتعامل المجتمع الدولي بهذا المنطق مع حياة الإنسان ومن تسبب بذلك هو منطق القوة وليست قوة المنطق حيث الفيتو الأمريكي جاهز دائماً لإعطاء إسرائيل حصانة ضد العقاب أو الحساب وهو ما يذكي الكراهية والعنف ويغذي الرغبة بالثأر والانتقام هذا دون إغفال حق الشعوب القابعة تحت الاحتلال بمقاومة محتليها حسب ما تكفله لها الشرعية الدولية والقوانين والأعراف في العالم أجمع.

إن السلام الحقيقي لا يتأتى بفرض واقع مرير يصعب التعامل معه أو حله وإنما يتأتى بتوفر رغبة حقيقية بالسلام وأولها وجود استعداد حقيقي لإنهاء الاحتلال والدخول في عملية السلام وليس في تكريس مبدأ الاحتلال ومطالبة الشعب القابع تحت الاحتلال بتوفير الأمن لمحتله حيث لا منطق ولا أخلاق في ذلك، والذي يجب أن يُجلب له الأمن هو ضحية الاحتلال التي تعاني من القهر والقتل والسلب والمصادرة والاغتيال والسجن والدمار وليس الجاني.

إن الحل الوحيد الآن في ظل التعنت الإسرائيلي وعدم الرغبة بالسلام لدى حكومة شارون يكمن فقط في وقف ممارسة الإرهاب باسم الشرعية الدولية وإعادة الهيبة والمصداقية للمجتمع الدولي ولحقوق الإنسان والديمقراطية والعمل على تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية والتي لم تنفذ إسرائيل أياً منها حتى الآن ولا يوجد لديها رغبة حتى للاعتراف بها وذلك بفرض تطبيقها على الأرض من خلال ممارسة الأمم المتحدة للصلاحيات المنوطة بها في مثل هذه الحالات والتي تخولها إرسال قوات دولية لتنفيذ القرارات حتى بالقوة إن لزم الأمر وإلا فإن الوضع آخذ بالتفاقم والانحدار نحو الهاوية التي لن تستثني أحداً.

http://www.miftah.org