مرتين خلال شهر واحد استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن لصالح إسرائيل وضد قرار يدينها، الأولى كانت بخصوص قرار يمنع إسرائيل من التعرض للرئيس ياسر عرفات والثانية بخصوص وقف بناء الجدار العازل، وفي المرتين أيضاً تم التوجه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وتم استصدار قرارات منها بشبه إجماع دولي – حيث صوتت 144 دولة لصالح القرار- في المرتين، والذي يقضي بعدم التعرض للرئيس ياسر عرفات ويطالبها بوقف بناء الجدار العازل لأنه يخالف القوانين الدولية وهو ما يؤكد بأن المجتمع الدولي يقف ضد ما تمارسه إسرائيل من تجاوزات للشرعية الدولية وضد العدوان الإسرائيلي متواصل على الشعب الفلسطيني.

لكن الرد الإسرائيلي على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة كان مستهتراً حيث عقّب مصدر رسمي إسرائيلي على القرار بأنه بإمكان الجمعية العامة اتخاذ قرار "بإنزال القمر" في إشارة إلى أن قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة كما هي قرارات مجلس الأمن، ولكن وقوف 144 دولة مع القرار و 4 دول فقط ضده هي إسرائيل والولايات المتحدة وماكرونيزيا وجزر المارشال يبين أن العالم كله مع إحقاق الحق الفلسطيني حسب الشرعية الدولية وضد ما تقوم به إسرائيل من ممارسات احتلالية على الأرض متحصنة بالدعم والحماية من الولايات المتحدة الأمريكية.

ورغم ذلك فقد ردت إسرائيل بأنها ستتحدى الأمم المتحدة وتواصل بناء الجدار العازل بشكل عاجل وذلك ببساطة لأن حكومة شارون تنفذ مخططاً ضمن سياستها التي لم تتغير والتي تهدف إلى تكريس الاحتلال وخلق واقع على الأرض يحول دون قيام دولة فلسطينية مستقلة والذي تفرضه بقوة السلاح والتدمير والاغتيالات والقتل والاختطاف وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس والاجتياحات.

ويبدو جلياً الآن بأن هناك حاجة إلى قرار عملي عاجل مطلوب من الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي معاً يقضي بالتدخل بشكل نزيه في الصراع الدائر ووقف تمادي إسرائيل سياستها العدوانية التوسعية وإجبارها على وقف بناء الجدار ووقف الاستيطان والعدوان والانصياع للشرعية الدولية وقراراتها وخلق جو يمكن الجميع من العودة إلى العملية السلمية على أساس الحق القاضي بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود الرابع من الرابع من حزيران عام 1967 دون مواربة أو مماطلة.