في فلسطين ...زلزال، بناء وموسيقى
بقلم: مفتاح
2004/1/7

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=434


في نابلس.... مرة أخرى تقتيل وتدمير واعتقال في اجتياحات اسرائيلية لا تنتهي ولا تمييز بين انسان وحجر، ففي الأيام القليلة الماضية سقط ما يقارب ستة شهداء في مدينة نابلس ومخيماتها، وتعرض حي القريون التاريخي لعمليات تدمير وتخريب متعمدة في محاولة لطمس تاريخ شعوب وحضارات، وكأن نابلس وبلدتها القديمة على موعد دائم مع الزلزال.

ورغم تواجد عدسات المصوريين الصحفيين ورغم مناشدات العالم ومؤسساته الثقافية لايقاف تلك الاعتداءات على الممتلكات الأثرية في المدينة، الا أن جرافات الاحتلال لم تكترث لكل ذلك واستمرت في زلزلة الأرض فوق عظام الغابرين وتحت أقدام الأحياء.

في الخليل.... زوج شاب يقدم على طعن زوجته الشابة وأطفاله الثلاثة حد الموت في نوبة جنون تسجل لحادثة لا تقل غرابة عن حياة الزوج اليومية التي حولها المستوطنون، القاطنون عنوة في الطابق العلوي لمنزله، الى معاناة وضيق كما حولوا البلدة القديمة في الخليل الى مدينة أشباح يخنقها منع التجول واغلاق المحال التجارية والأسلاك الشائكة التي تفصل حتى سكان الدار عن نوافذ منازلهم.

رفح الغزية... ها هي تقاسي برد الشتاء وحدها في العراء بعدما عاشت نكبة وتهجير مجددا.

طولكرم وقلقيلية و بقية المدن والقرى في الضفة محاطة بأسوار العنصرية والحقد، تفيق على هدير أسنان جرافات تقلع الشجر وتصف الأسمنت المسلح مكانه، وتنام على بوابة مغلقة بأمر الحاكم العسكري.

في قرى رام الله متضامنون أجانب ونشطاء سلام اسرائيلين مع المواطنين والمواطنات يواجهون يوميا بأجسادهم جرافات الاحتلال التي تقييم المقطع الأسمنتي المخصص لفصل التوأمين رام الله والقدس عن بعضهما. كل ذلك يحدث هنا في مساحة ضيقة من هذا العالم الرحب، في وطن جريح ومقطع ومتهاوي، كل ذلك يحدث رغم حديث "خارطة الطريق" وحديث "دولة فلسطينية قابلة للحياة" .....

وفي حديث "الاصلاح والشفافية" تنكب وزارة المالية على اعداد خطط لتحسين الآداء المالي للسلطة الوطنية، ويناقش المجلس التشريعي مشروع ميزانية العام القادم، والمؤسسات غير الحكومية تحضر للانتخابات العامة والمحلية القادمة، فيما أقبلت الجامعات وبعض النقابات على اجراء انتخاباتها الداخلية.

نختتم بحديث الموسيقى والشعر لأن البداية كانت مع نابلس والزلزال، ولأن الحياة في فلسطين لا تتوقف ولا تموت، ولأن تجليات المأساة قد تكون أيضا شعرا وموسيقى.

ففي رام الله.... انطلقت من أعماق المأساة موسيقى حزينة تزين ليالي الشتاء في عرض مشترك لعود وشاعر لخص حالتنا الراهنة بكلمة واحدة "الاختناق"، شكرا لمحمود درويش و لسمير جبران لأنهما أكدا مرة من جديد أن على هذه الأرض ما يستحق الحياة.

http://www.miftah.org