كل هذا الدم التوراتي!
الموقع الأصلي:
سنكتشف لاحقا وفي عجالة بأن المنبع التنظيري للاحتلالين واحد، رغم كل التنظيرات التي يقدمها من أعمى نظره وبصيرته وأغلق عقله على تصديق مقولة أن الإحتلال يمكن أن يتنازل أو يتراجع لو أن الهدوء وإسترخاء الشعوب المقاومة أصبح سبيلا للتخلص من هذه الاحتلالات... الموقف الرسمي العربي ومعه بعض الأقلام على طريقة أنيس منصور وغيره من هؤلاء الليبراليين أو المحافظون الجدد في عالمنا العربي يعتقدون حقيقة بأن من يتحمل المسؤولية عن عنف الاحتلال هو الشعب المُحتل.. وهو إعتقاد لن نناقشه ثانية وعاشرة بعد أن قدمنا لهذا الفكر التسطيحي في أكثر من مناسبة... وبالعودة إلى الاحتلال الصهيوني الإحلالي فإن شواهد كثيرة تشير في إتجاه واحد، فنحن لا نقدم هنا كلاما نظريا بل أفعالا يومية على الارض الفلسطينية ضمن مخطط علني ، فإقتلاع البدو من النقب لمصلحة مستعمر آت من بلد ما ليس إدعاءا بل أمرا واقعا يعيشه العرب الذين يجري ترحيلهم عن أرضهم بقوة السلاح وبالقتل كما حدث في مارس / آذار 2006 ... أضف إلى ذلك أن جولة سريعة في العنصرية والتمييز الممارس في كل المدن والقرى العربية داخل فلسطين المحتلة عام 48 من حيث البنية التحتية وما تخصصه دولة الاحتلال (المسؤولة مسؤولية قانونية عن القابعين تحت قوانينها) من موازنات وما يثيره من إشمئزاز حتى لدى المراقب الغربي العائد من فلسطين بعد الانتخابات الصهيونية عن " ديمقراطية اليهود" إشارات إلى ما نعنيه بهذا الاحتلال الاحلالي الدموي الذي يتفاخر بإقامة مدنه على أنقاض المدن والقرى العربية وتحويل مساجدها ومقابرها إلى أوكار تحت مسميات مختلفة للرذيلة التي لا تحترم البتة لا قدسية ولا آدمية البشر... هذه أيضا لن نتعمق فيها الآن، فمن أراد التعرف قليلا على عنصرية يشرعها الناخب الذي يصوت لعتاة التطرف الديني اليهودي والايديولوجي الصهيوني يستطيع أن يكتشف أنه في الوقت الذي يُسمح فيه لشخصية ليبرمان أن تقدم مشروعا صهيونيا دمويا لدخول "الكنيست" وتطبيق المشروع تحت مرأى ومسمع الديمقراطيات الغربية التي تعترض على وصول شخصيات وأحزاب فلسطينية إلى المجلس التشريعي عبر إنتخبابات ديمقراطية لا إنتخابات إثنية ، رغم أن التسمية الاخيرة لا تنطبق على اليهود لأن الدين لا يشكل إثنية إلا بقوة الامر الواقع المفروض عبر التحالف الامريكي الصهيوني... ما نريد قوله أبعد من حفلات القتل اليومي التي تشهدها شوارع غزة "المحررة" التي طبل وزمر العرب لإنسحاب شارون منها تحت ثقل المقاومة والاعتراف الضمني بعدم القدرة على هزيمة الشعب الفلسطيني هناك هزيمة جماعية... فالذين يتفذلكون ويتفلسفون عبر الاعلام العربي عن العمليات الفلسطينية ضد هكذا إحتلال دموي مطالبين إياهم السكوت التام وهم يرون يوميا نهر الدم الذي تخلفه طائرات الاباتشي الامريكية والاغتيالات عبر متفجرات في "غزة المحررة" والمدن والقرى التي يقتحمها الاحتلال في الضفة "لملاحقة المخربين" وتصفيتهم بتدمير البيوت فوق رؤوسهم... هؤلاء الذين يشهدون القصف اليومي لغزة وقتل وحشي لمقاومين غير آبهين لإستشهاد أطفال ونساء وإصابة العشرات يوميا... هؤلاء لا يهمهم من كل هذا المشهد الدموي إلا التركيز على رد الفعل الفلسطيني... فيتجند ومع الأسف الشديد العرب والغرب مطالبا بضبط النفس وعدم الرد... هم يتحدثون عن أن لا يقوم المقاومون بقتل "مدنيين" صهاينة لا في داخل الخط الأخضر ولا حتى في المستعمرات المقامة على أراض مصادرة ومسروقة في الضفة المحتلة... هم يدينون حتى العمليات التي تأتي كرد فعل في الضفة المحتلة... ويطلبون أن لا يذهب أحدا في عملية فدائية إلى تل أبيب مثلا أو نتانيا أو أية مدينة صهيونية... بينما أمريكا قطعت البحار لإحتلال العراق تحت بند طويل وعريض من الكذب والتلفيقات... وطائرات الأباتشي الصهيونية الامريكية تأتي للمدن الفلسطينية فتحول الاجساد إلى أشلاء والابنية إلى كومة من الدمار... فيصمت هؤلاء صمت المتآمرين العاجزين عن قول كلمة حق بوجه هذا الصلف وهذه الدموية التي حصدت في غزة لوحدها أكثر من 15 شهيدا...أضف إلى ذلك أن جنود الاحتلال لا يترددون في إطلاق النار في سيلة الحارثية(جنين) على أطفال فلسطينيين بينما تقوم الدنيا ولا تقعد لو أن طفلا يهوديا أُصيب على يد المقاومة الفلسطينية... مسوغات دموية متأصلة! لم يعجب الاحتلال الصهيوني ، ومن وراءها كل النفاق الغربي العلني والعربي المستتر، أن يكون الشعب الفلسطيني حاضرا على الخارطة التاريخية والجغرافية بامتلاكه حكومة منتخبة إنتخابا ديمقراطيا ، فرأينا كيف هي الديمقراطية التي يريدها هؤلاء... ديمقراطية قائمة على إنتقائية تأتي بما يتوافق ورؤيتهم لا رؤية من يمارس الحق الديمقراطي... إنها محاولة واضحة لإفشال المشروع الفلسطيني من خلال حملة معاقبة جماعية للشعب الفلسطيني على خياره الديمقراطي ... عقابا غبيا يعطي الاشارة تلو الاشارة للمُبَشرين بالحرية والديمقراطية...فإما أن يقبل هؤلاء ما يريده الغرب من تلك الديمقراطية أو ليواجه الحصار والقتل... قد يتسائل البعض عن الأصل في مثل هذه الممارسات الصهيونية في فلسطين وممارسات المحافظون الجدد في العراق... ولا شيء يمكن أن يجيب على مثل هذا السؤال إلا إذا قرأنا وبتمعن النصوص التي على أساسها يُستباح دم العربي...وإستخدام من هو غير عربي كوسيلة ليس إلا.. والمسألة هذه ليست مسألة نظرية بل عملية يتلقى تعاليمها هذا الجمع منذ نعومة الاظافر، لذلك تراهم يحاججون في مسألة قتل "الآخر" كممارسة عادية لا تستدعي أن تثار حولها أسئلة أخلاقية أو حقوقية... فلنقرأ النص التالي من كتاب الدين المقرر للصف الرابع الابتدائي من سفر القضاة وفي الصفحة 204: " ثم أضرم المشاعل ناراً، وأطلقها بين زروع الفلسطينين فأحرق الأكداس وكروم الزيتون" وفي كتاب الدين المقرر للصفين الخامس والسادس، ومن سفر صموئيل 14:7: "فذل الفلسطينييون ولم يعودوا بعد ذلك للدخول في تخوم إسرائيل، وكانت يد الرب على الفلسطينين كل أيام صموئيل، والمدن التي أخذها الفلسطينييون رجعت إلى إسرائيل من (عقرون) إلى (جت) وإستخلص إسرائيل تخومها من يد الفلسطينيين" أليس هذا النص هو نص مشرعن لكل صهيوني آت ليستعمر الأرض الفلسطينية ليزهق أرواح الفلسطينيين ويدمر أرضهم دون أدنى شعور بأنه يقوم بعمل مناف للأخلاق والقانون؟ إذا كان البعض لا يريد التركيز على ما يُدرس في الكيان الصهيوني وما ينتجه من دموية ويركز فقط على وجوب إصلاح التعليم العربي فدعونا نقرأ النص التوراتي التالي: " وكلما دخلتم أرضا فلا تبقوا فيها على نسمة حي... قال ربَ الجنود اقتلوا أطفالهم، أبسلوا شبابهم، لا تقطعوا لهم عهدا.. احترز من أن تقطع عهدا مع سكان الأرض التي أنت آت إليها لئلا يصيروا فحيحا" وإذا لم يكن هذا الاقتباس كافيا فلنقرأ الدعوة الصريحة لقتل الاطفال في سفر العدد31:17 وهو بصيغة الأمر: "فالآن اقتلوا كل ذكر من الاطفال" وفي سفر صموئيل الأول (14-15) نقرأ الوحشية التي يجري تدريسها في المدارس الدينية مع شروح تلمودية أكثر دموية مما يتصور العقل: " فالآن اذهب واضرب عماليق وحرموا كل ما له ولا تعف عنهم بل اقتل رجلا وامرأة، طفلا ورضيعا وغنما وجملا وحمارا" ولا يتسع الوقت هنا لنقل كل الاقتباسات التي تستند عليها الصهيونية لشرعنة أفعالها الدموية، وقد ضمناها في كتاب نُشر قبل أسابيع" المنهج التوراتي والتلمودي في التعامل الصهيوني مع الآخر" الصادر عن دار كنعان للدراسات والنشر ومؤسسة عيبال في نيقوسيا. أما لو تعجب البعض من المواقف الغربية وتحديدا الموقف الأمريكي فما عليه إلا أن يفهم بأن إحتلال العراق والدعم الامريكي المتواصل لتفوق الدولة الصهيونية وحمايتها في الامم المتحدة عبر عنه عضو الكونغرس الامريكي روجر جيسون عام 1981 حين قال: " إن أسباب البركة في الولايات المتحدة ترجع إلى أننا أكرمنا اليهود الذين لجأوا إلى هذه البلاد، وبورك فينا لأننا دافعنا عن إسرائيل بانتظام، وبورك فينا لأننا إعترفنا بحق إسرائيل في الارض"! أخيرا، هذه الدموية التي نشهدها وكل تبريراتها الاعلامية قد لا تثير الكثير من الانتباه لدى بعضنا العربي ، لكن التمعن فيها سيكشف لنا كل الأكاذيب والأضاليل القائمة عليها سياسة أمريكا في المنطقة أكان ذلك في العراق أو التبشير بـ"حرية" أخرى في عالمنا العربي يجري التنظير له على أيدي الصهيونية العربية... فمن هو المطلوب منه الاعتراف بالآخر؟ فهذه الاقتباسات هي غيض من فيض يمارسه يوميا سكان الدولة الصهيونية التي يتبارك بها الساسة الامريكيون لتمكينهم"من بابل"... فالمسألة ليست فقط ما يدور هنا أو هناك في فلسطين.. بل يمتد ليشمل كل "أبناء كنعان"...وإذا لم يتشجع العرب لفتح ملفات النصوص التي تُدرس في المدارس الصهيونية والاقتباسات التي يعطيها الحاخامات للجنود والضباط القتلة، فإن التركيز سيبقى على ما بات يُطلق عليه عملية إصلاح "المناهج العربية"... وهو ما يشكل إبتزازا مفضوحا يحتاج لبعض الشجاعة لرفضه! - مفتاح 11/4/2006 - http://www.miftah.org |