المجتمع الدولي الاسرائيلي!
بقلم: مفتاح
2006/4/12

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=4970


ما أن حظيت الحكومة الفلسطينية الجديدة بثقة المجلس التشريعي الفلسطيني في 28/3/2006 حتى بدأت فصول الحرب التجويعية والضغوط والعقاب للشعب الفلسطيني التي شنها ما يسمى المجتمع الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية، التي جمدت كل مساعداتها وقطعت كل صلاتها مع الحكومة الجديدة حتى قبل قيام الحكومة الاسرائيلية باتخاذ موقف بذلك. وأعقب قرارا ذلك الاتحاد الأوروبي في 7/4/2006 القاضي بتعليق المساعدات المالية للحكومة الفلسطينية وقطع الصلات الدبلوماسية معها.

وكانت الأمم المتحدة، التي يفترض فيها الحياد، أن انضمت لجوقة القائمين على تجويع الشعب الفلسطيني، من خلال تبني سياسة جديدة تفرض قيودا علي التعامل مع الحكومة الجديدة، تمثلت بمواصلة اتصالات العمل لكن مع وضع بعض القيود على الاتصالات السياسية التي ستحدد علي أساس كل حالة بمفردها.

وترافق كل ذلك مع ضغوط أميركية على الدول العربية لعدم إستضافة مسؤولي الحكومة الفلسطينية الجديدة، وتجسد ذلك في تغييب حماس عن حضور القمة العربية، التي اختتمت في الخرطوم في 28/3/2006. كما وجد تعبيره أيضا في رفض الأردن استقبال خالد مشعل على رأس وفد حماس ووضع العديد من الشروط على زيارة مسؤولي الحكومة الفلسطينية لذلك البلد. كما أن مصر رفضت استقبال وزير الخارجية الفلسطيني، مبررة ذلك بانشغال الوزير أبو الغيط.

ومن جانبه، قرر القائم بأعمال رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت في 8/4/2006، قطع الاتصالات مع السلطة الفلسطينية وعدم استقبال الزوار الأجانب الذين يلتقون مع المسؤولين في الحكومة الفلسطينية التي صنفها على أنها كيان إرهابي.

المواقف المختلفة التي ذكرت، إن عبرت عن شيء، إنما تعبر عن اصطفاف دولي قل نظيره، في محاربة الديمقراطية الفلسطيني، وتنسيق قل مثيله في الحرب التجويعية للشعب الفلسطيني ومحاصرته. ورافق كل هذه الضغوط المالية والدبلوماسية ضغوط عسكرية إسرائيلية من خلال تصعيد حرب الاغتيالات والقصف الإجرامي الذي أودى بحياة 14 فلسطينيا وبضمنهم أطفال وأكثر من 40 جريح خلال أسبوع واحد فقط!!. هذه الممارسات الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كان قد وصفها تقرير جون دوغار مقرر حقوق الانسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، "أنها جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية،" مما يستدعي جلب مرتكبيها للعدالة.

لكن للأسف، أغلب التصريحات الدولية التي أطلقت في الآونة الأخيرة لم تذكر هذه الجرائم الاحتلالية، لا بالادانة والشجب ولا حتى بمطالبة اسرائيل بضبط النفس!! والأنكى من ذلك قيام سكرتير عام الأمم المتحدة، بمطالبة الفلسطينيين بعدم الدفاع عن أنفسهم من خلال التوقف عن إطلاق الصواريخ على اسرائيل!

ومن المؤسف حقا، أن يصطف عرب ومسلمين في نفس الخندق الأميركي الإسرائيلي الأوروبي في تجويع الشعب الفلسطيني الذي ذنبه الوحيد أنه رضخ للضغوط الغربية بممارسة الديمقراطية، وعندما مارسها بكل نزاهة وشفافية، عوقب لأنه اختار من يعارض سياسة الاحتلال ويتمسك بحقوق الشعب الفلسطيني ويرفض التنازل عنها، ولم يسقط من حساباته أية خيارات للحصول على حقوق شعبه.

الآن، وبعد أن سقطت ورقة التوت عن عورة ما يسمى المجتمع الدولي، الذي لطالما طالبناه بالتدخل لنصرتنا، لكنه للأسف تدخل لممارسة المزيد من الضغوط علينا كوننا الطرف الضعيف الذي يسهل ممارسة الضغط عليه، كما انه يحابي الطرف القوي، اسرائيل، ويخشى إغضابها. فهل يجرؤ احد من اقطاب المجتمع الدولي على ادانة الجرائم الاسرائيلية!! نحن نتحداهم في ذلك.

وعوضا عن ذلك، ترى هذا المجتمع الدولي يشد عضد الاحتلال للقضاء على القضية الفلسطينية وتصفيتها، ويشجعه على اتخاذ الخطوات أحادية الجانب وبناء نظام فصل عنصري من طراز القرن الحادي والعشرين، بعد أن حول المدن الفلسطينية إلى سجون متناثرة. هذا القرن الذي يفترض أن يشهد الانفتاح وإزالة كل الحدود والحواجز وتحويل العالم لقرية صغيرة!.

وأمام كل هذا، يتعين بالفلسطينيين، قيادة وشعبا، في الداخل وفي كافة أماكن الشتات، تفويت الفرصة على محاصرة وإجهاض خيارهم الديمقراطي، هذا الخيار الذي أفشل كل ما يحاك للمنطقة من مشاريع مشبوهة، مثل مشروع الشرق الأوسط الكبير، تماما كما نسفت قضية نشر الصور التي تسعى للسخرية من الرسول الأعظم، كل ما سعت الاتفاقات الأوروبية الشرق أوسطية من بنائه.

ويقينا، أن الشعب الفلسطيني الذي يكافح منذ أكثر من قرن من الزمان وتحديدا منذ فرض الانتداب الانكليزي في 1918 على فلسطين التي قسمها المجتمع الدولي لاحقا ودعم إقامة كيان غريب في هذه المنطقة على حساب الشعب الفلسطينية الذي شتت في أصقاع المعمورة، بقي عصيا على الانصهار والانكسار وبقي يشكل الشوكة التي تؤرق المحتلين.

ونعتقد جازمين أن الشعب العربي الفلسطيني سيبقى في طليعة الشعوب العربية المتطلعة للتحرر والتقدم، وسيقدم صور مشرقة من الصمود وسيبتدع الطرق والوسائل البديلة التي تدفعه للاعتماد أكثر على النفس وعدم رهن مصيره وحياته بالتسول على أبواب عواصم ما يسمى بالمجتمع الدولي!!

وعلى ما يسمى بالمجتمع الدولي، أن يعي انه بهذه السياسات الغبية، نعم الغبية جدا، سيأسس لثورة جديدة وهذه المرة سيكون وقودها الجياع، الذين سيسارعون للانخراط في المقاومة لمحاربة كل من يمنعه من الحصول على قوت عيالهم. وهذه المرة ستلهب الثورة بنيرانها المنطقة بأسرها.

نعم هذا المجتمع الدولي، سيدفع ثمن سياساته الغبية، فما حصل الآن على الساحة الفلسطينية، يتحمل جزء كبير من مسؤوليته هذا المجتمع الدولي.!

http://www.miftah.org