"القدس والمقدسيون"
بقلم: مفتاح
2002/11/18

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=93


إن جزءاً رئيسياً من مواصلة العدوان على المناطق الفلسطينية، في الضفة الغربية وقطاع غزة، يهدف إلى استبعاد القدس من دائرة الضوء والتركيز، وتمكين حكومة شارون من العمل بهدوء، وإجراء التغييرات التي تريد فيها، دون خلق ضجة حولها، كونها - أي القدس - تشكل شرارة ملتهبة تبشر دائماً بالانفجار.

خلال اليومين الماضيين، صدرت تصريحات عن دوائر إسرائيلية رسمية، تفيد بوجود قرار جديد قديم، للتشديد عن موضوعة البناء في القدس الشرقية، بهدف منع المواطنين المقدسين من البناء والتطور، والحدّ من تواجدهم داخل حدود مدينة القدس.

وفي نفس الفترة، ادعى مسؤول أمني إسرائيلي، بأن من يحكم القدس الشرقية هذه الأيام، هم مجموعة من الأفراد سمّاهم "العالم السفلي"، وهم مدمنون على المخدرات ويحكمون الشارع المقدسي عن طريق البلطجة والقوة.

القارئ بين سطور هذه التصريحات، يدرك بأن هناك حلقة جديدة من الهجوم على القدس والمقدسين، تعدّ في أروقة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية في محاولة لإفراغ القدس من مواطنيها الفلسطينيين، ودفعهم على الخروج منها.

في المقابل، لا تشكل القدس حتى الآن حالة يومية في النضال ضد الاحتلال، وحيث أن القدس ليست ملفاً سياساً، أو حقيبة وزارية، فإن الذي يجب القيام به وفوراً، هو دمج القدس في الهمّ اليومي بشكل متواصل، ومستمر، بكل تفاصيلها واحتياجاتها، وهذا يتطلب من المقدسين أنفسهم أولاً، المبادرة إلى الأخذ على عاتقهم إيجاد شكل ما لإدارة شؤونهم اليومية، بكل تفاصيلها، ومتابعة القضايا الشائكة والمعقدة، التي تفرضها حكومة شارون كل يوم على المقدسين، حتى تصبح هذه الإدارة اشتباكاً مطلبياً يومياً، ومتواصلاً، وليبقى فوق كل الاعتبارات الأخرى.

ومن الضروري للغاية خلال هذا الاشتباك في الدفاع عن الذات، والحقوق، أن يكون معروفاً للجميع، بأن قضية القدس هي قضية المواطنين في هذه المدينة، واحتياجاتهم، وقضاياهم، ومتطلباتهم الحياتية، وتطورهم، وضمان حقهم في ممارسة أدارتهم لحياتهم كفلسطينيين بالطريقة التي يريدون.

ولذلك، فإنه يجب أن يكون هناك من يسهرون ليل نهار على هذا الهمّ، وهو حق المقدسين في إدارة حياتهم، ومتابعة متطلباتهم، وقضاياهم، وإدارة الصراع مع الاحتلال حول هذه القضايا.

ويتطلب تعميم هذه الرؤية حول القدس، على المستوى العربي، لكي يتم التعامل مع القدس على أساس أنها قضية المقدسين الذين يحتاجون إلى كل الدعم للصمود، وبناء المؤسسات وتشغيلها، ويمكنها من خلق نظام اجتماعي ثقافي إنساني فلسطيني مقدسي في هذه المدينة.

http://www.miftah.org