أي اتفاق يستثني القدس يحمل في ثناياه عوامل فشله
بقلم: مفتاح
2008/9/1

الموقع الأصلي:
http://www.miftah.org/display.cfm?DocId=9677

يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت إلى تسجيل اتفاق سلام باسمه قبل مغادرته سدة الحكم في إسرائيل، ليشكل رصيدا له وانجاز استراتيجي يمكن أن يشفع له في العودة إلى رئاسة الوزراء الإسرائيلية، أو أن يضعه في مصاف الكبار الذين حققوا انجازا سياسيا، حتى لو كان اتفاقا هشا لا يمكن أن يصمد طويلا.

إن ما طرحه اولمرت على الرئيس محمود عباس والوفد الفلسطيني المفاوض من فكرة التوصل لاتفاق، مع تأجيل موضوع القدس، هو أصلا يحمل في ثناياه عوامل فشله، فلا يمكن لأي فلسطيني أن يقبل أن تستثنى القدس من أي اتفاق، فحتى حلفاء اسرائيل، وتحديدا وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس أقرت خلال اجتماعاتها الأخيرة في رام الله والقدس، بان مدينة القدس هي عاصمة لفلسطين وإسرائيل، وأنها جزء من الضفة الغربية التي احتلت في العام 1967.

إن سنوات طويلة من التجارب الصعبة مع إسرائيل والمماطلة الإسرائيلية المتواصلة خلال المسيرة السياسية والمفاوضات الثنائية، أتثبت إن أي اتفاق مرحلي لا يمكن لإسرائيل أن تلتزم به، فهي تسعى دائما إلى إطالة أمد هذه الاتفاقات، وإفراغها من مضمونها، والتنصل منها وعدم العمل بروحها.

وأمام هذه التجربة لا يمكن ولا يجوز أن يوافق الفلسطينيون على اتفاق مرحلي آخر، يمتد لسنوات أخرى. فان أي اتفاق غير نهائي يستثني القدس واللاجئين والحدود وغيرها من قضايا الوضع النهائي، لا يمكن إلا أن يكون عامل لاستمرار توتير المنطقة، بل ويحمل في ثناياه عوامل فشله.

كما أن التجربة مع المراوغة والتسويف الإسرائيلية تدل على أن أي اتفاق ثنائي لا يرتكز إلى الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة وبضمانة دولية، وبموافقة الشعب الفلسطيني، عبر استفتاء عام لا يمكن أن يصمد، فضمانة نجاح أي اتفاق، هي بالدعم الشعبي وبالضغط الدولي على إسرائيل، وأهمها الالتزام بالقانون الدولي، بمعنى أن يحقق الشعب الفلسطيني حقوقه بناء على قرارات الشرعية الدولية وهيئة الأمم المتحدة.

أما عامل الوقت الذي يلمح به الإسرائيليون، وهو أن أربعة أشهر هي فقط ما بقي من العام الجاري، وهو الموعد الذي أمل الرئيس الأمريكي جورج بوش الوصول إلى اتفاق فلسطيني إسرائيلي، وتعهد الطرفان بالعمل على انجازه، هذا العامل لا يمكن ولا يجب أن يكون مسلطا على رقاب الفلسطينيين، بل أن على إسرائيل أن تغير من سياستها المراوغة المتعنتة، فصحيح أن المفاوضات شاقة وصعبة، ولكن النتيجة المفترضة يجب أن تكون واضحة، وهي انسحاب إسرائيلي كامل من الأراضي الفلسطينية التي احتلت في العام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بكافة جوانب القضية الفلسطيني.

فحقوق الشعب الفلسطيني أهم وأقدس من أي سقف زمني أو رغبة شخصية لرئيس وزراء إسرائيلي، سيغادر سدة الحكم بسبب ضغوط داخلية عليه بعد التحقيق معه بتهم فساد، لذا فإما أن تلتزم إسرائيل وقادتها بقرارات الشرعية الدولية وتطبيقها كأساس لنجاح المفاوضات، وإما أن يضغط العالم على إسرائيل لتمتثل للقانون الدولي.

أما أن يطالب اولمرت الفلسطينيين بان يوافقوا على اتفاق هزيل يلغي فيه جوهرة قضية فلسطين وعاصمتهما القدس منه، فهو يضع عوامل فشل هذا المشروع المقترح في ثناياه، فلا اتفق دون ان تحل كل القضايا وعلى رأسها القدس.

http://www.miftah.org