مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

من أين سيأتي السلوك الآدمى، للمهووسين المتطرفين اليهود، حارقي مسجد قرية طوبا، إن كانت السلطة التشريعية الإسرائيلية نفسها، تنظر حالياً في عشرات مشاريع القوانيين، الكفيلة بتعميق الكراهية بين سكان الدولة العبرية، ومن بين هذه المشاريع، نحو عشرين يُتوقع نجاحها وتمريرها، وجميعها تكرّس التمييز ضد الفلسطينيين، وتنتقص من حقوقهم، كمواطنين في دولة يتشدق مسؤولوها ومساندوها، بالقول المتكرر إنها 'واحة الديموقراطية' في الشرق الأوسط؟

لا ندري ماذا يتبقى من الديموقراطية، حين يتوغل مجتمع الدولة، التي يفترض أنها ديموقراطية، في الحقد والعنصرية والتطرف، علما بأن تعميق التسامح The Tolerance هو العنوان الأول والأهم للديموقراطية في أي مجتمع؟!

ومن ذا الذي يصدّق، أو يأخذ على محمل الجِد، أصوات معروفة بتطرفها، وهي تشجب عملية حرق المسجد، وتنسبه الى مجموعة كأنها نبتة غريبة، مع العلم أن نزعة الحقد والعدوان، ليست إلا من بين نتائج بيئة خلقتها وتخلقها الأوساط الإسرائيلية الحاكمة دون غيرها، عمداً وعن سابق إصرار؟!

* * *

منظمة 'فلنكسر الصمت' الإسرائيلية الأهلية، نشرت في كتاب من 350 صفحة، شهادات أدلى بها جنود إسرائيليين، رووا كيف تلقوا الأوامر بحماية المستوطنين والمتطرفين، كلما هجم هؤلاء على السكان الفلسطينيين العُزل في قراهم. وجاء في توطئة الكتاب أن الشهادات كانت نحو سبعمئة، لكن الباحثين 'غربلوها' ونشروا 183 منها، تركز كلها على أساليب عمل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وعلى طرق تشجيع وتحريض الأوساط الحاكمة، للمتطرفين منتحلي صفة التدين. بل إن الباحثين القيمين على شهادات الجنود، جزموا بالأدلة، أن أدمغة الجنود الإسرائيليين أنفسهم (فما بالنا بمجموعات المهووسين المتطرفين) محشوّة بكليشيهات سوداء عن الفلسطينيين والعرب، تدفعهم الى اقترافات عمياء، وبالتالي إن كل جندي يتحول الى بُرغي في آلة صماء، ولا إنسانية بطبيعتها!

طبيعي، والحالة هذه، أن يستسهل المنفلتون المتطرفون، حرق مسجد قرية عربية فلسطينية يُفترض أنها داخل الدولة التي توفر الأمن لكل ساكنيها. فعندما تحدث نتنياهو الكذوب، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، حاول أن ينفي عن سياسة حكومته الميل الى مفاقمة العنصرية ونكران الواقع واللجوء الى العنف، وأن يلصق هذه الصفات بالشعب الفلسطيني. لكن أحد الذين يدحضون أراجيفه، قائد فرقة عسكرية سابقاً، هو يهودا شاؤول، الذي كانت له في ميادين الحرب ضد الفلسطينيين والعرب صولا وجولات، أي أكثر بما لا يُقاس، مما لهذا الأفاك نتنياهو، الذي خدم لفترة بسيطة ضمن الوحدة الخاصة في جيش الاحتلال!

يهودا شاؤول يقول إن أفاعيله وأفاعيل جنوده التي كان يتلقط لها الصور بنفسه، أرعبته، فقرر ذات يوم، قبل نحو سبع سنوات، أن يُقيم معرض صور في تل أبيب بالاشتراك مع مصور محترف. كانت تلك، مناسبة لكي يكتشف القائد العسكري السابق، أن يهود تل أبيب ومعظم سكان الدولة العبرية منعزلون عن الفلسطينيين الذين يستهدفهم غول الاحتلال ويشن الحرب عليهم. هم لا يعرفون الضحايا الفلسطينيين ولا يرونهم، ولا يحسون بالصراع ولا بوقائع الاقترافات اليومية. أما المستوطنون في الضفة، فإنهم الإسرائيليون الوحيدون الذين يرون عن قرب فلسطينيين يعانون من الاحتلال، وهم يحتمون بالجيش لكي يزيدوا معاناة هؤلاء الفلسطينيين، ويمارسون تعدياتهم بجهل تام لإنسانية الإنسان الفلسطيني.

شاؤول هذا، يرأس منظمة 'فلنكسر الصمت' التي جمعت شهادات الجنود، وهو القائل في كل مناسبة: 'ندرك أن الحكومة تكذب، وأنها لا تريد أي حل أو سلام، ولذا كان علينا أن نتحرك'!

في السياق المضاد، يتحرك أصدقاء حكومة المستوطنين، ونشطاء قاعدتها الاجتماعية، على صعيد أراضي فلسطين التاريخية، وجرت على قدم وساق، وقائع ملاحقات وتهديدات لكتّاب وباحثين وأكاديميين إسرائيليين وعلماء اجتماع، وقفوا ضد الغلو الديني اليهودي الممزوج بالكراهية والعنصرية الشديدتين، وبات خبراء الاجتماع السياسي والاستشراف، يرون في توجهات عناصر اليمين المتدين، عاملاً خطيراً للغاية على مستقبل الدولة العبرية، لا سيما في ظل أوضاع عربية متغيرة. فهؤلاء يريدون إشعالها حرباً دينية، وفقدان عناصر الديموقراطية من شأنه أن يُضعف الدولة، لأن إحلال التوجه الأحادي المتطرف والمسكون بهواجس الأسطورة، محل الصيغة الديموقراطية التي خدعت الغرب واستحثت مساندته لإسرائيل؛ سيضع هذا الكيان في مواجهة أعداء كُثر، في الداخل ومن الخارج. وقد بدأ هذا الكيان يفقد في كل يوم حلفاء وأصدقاء!

يقال الآن، في الدولة العبرية، أن المتطرف العلماني أفيغدور ليبرمان، الممسك بحقيبة الخارجية، يوجه فعلياً أحداث اسرائيل الداخلية، ويوجه قوى التطرف الى حيث يريد. وطالما أن الأمور على هذا النحو، فلا معنى لأي كلام عن رفض رسمي إسرائيلي لتعديات المتطرفين وحرائقهم. وبالطبع يجهل المتطرفون تداعيات أعمالهم، ولعلهم يظنون أن العالم من حولهم على درجة مزرية من البلاهة والهوان، أو بات جثة هامدة، لذا تراهم يشعلون النار غير مبالين، وربما لا يتوقعون أن يصيبهم من لظى النيران شىء. وكيف يتوقعون أو كيف يفكرون في هذا الاتجاه، إن كان كبيرهم ليس إلا بلطجي البار، افيغدور ليبرمان، الذاهب إن استطاع، الى حريق لا تحمد عُقباه!

فلسطين برس

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required