مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

لم تقتصر سياسة التمييز العنصري التي تمارسها اسرائيل ضد شعبنا الفلسطيني, على الأوامر العسكرية التي كانت تصدرها في صيغة قوانين منذ بدء احتلالها للضفة والقطاع عام 1967, ولا على القوانين التي كانت تقصد من خلالها التضييق على حياة وحرية وحقوق شعبنا الفلسطيني داخل مناطق 1948, بل تعدت تلك السياسة ذلك إلى نظم الأوامر والقوانين والإجراءات والأنظمة والشروط, لتطال كل جوانب حياة شعبنا, الإنسانية, والإجتماعية, والصحية, والإقتصادية, والأمنية, إضافة للملكية الخاصة التي تنتهك كل يوم بفعل الأوامر العسكرية بمصادرة الأراضي وإقامة المستعمرات الكولونيالية فوقها, وكذلك إقامة الحواجز العسكرية لإذلال أبناء شعبنا وعرقلة حركتهم أو منعها, بما يحول دون أي تواصل إجتماعي أو اقتصادي أو تعليمي, ويحول دون إمكانية إحداث أي تطوير وتطور على أي من البنى التحتية التي نحن بحاجة لها, أو في أي مجال زراعي أو صناعي أو تجاري.

ولم تكتفي اسرائيل بذلك كله, فقامت بإنشاء جدار فصل وعزل عنصري, بهدف مصادرة المزيد من الأراضي وضمها نهائياً لإسرائيل, وبهدف فصل مناطقنا الفلسطينية بحيث تصبح كانتونات معزول بعضها عن البعض الآخر, بحيث لا تبقى هناك إمكانية مستقبلية لبناء دولة فلسطينية, ولتمكين شعبنا من ممارسه حقه الأساسي والمشروع في تقرير مصيره.

كما أن التهجير الذي قامت به إسرائيل وعصاباتها المسلحة بالقوة لأبناء شعبنا عام 1948, وتشريدهم في مخيمات اللجوء هنا وهناك, وهدمها لمئات القرى, وتنفيذ المجازر الجماعية في العديد منها في تلك الأثناء, وتنفيذ مجازر مماثلة فيما بعد في قبية ونحالين وفي مخيمي صبرا وشاتيلا وفي قطاع غزة ومخيم جنين, وأعمال قتلها خلال الإنتفاضة الأولى التي اندلعت عام 1987, وخلال إنتفاضة النفق وانتفاضة الأقصى, إنما تؤكد ولوغ حكومات اسرائيل وقوات جيشها في الدم الفلسطيني

والعربي, وتؤكد أن النظرة العنصرية التلمودية هي التي مازالت تحكم سلوك وتصرف حكام اسرائيل والعديد من أحزابها اليمينية المتطرفة.

فالفكرة الصهيونية تعتبر اليهودي أنه هو المميز وصاحب الحق, وأن العالم إنما خلق من أجله وتكريماً له وحده لا من أجل غيره.

وما المطالبة بايجاد دولة يهودية نقية إلا مثالاً واضحاً على ذلك, كما أن فكرة العمل اليهودي فقط والإنتاج العبري فقط, التي شاعت قبل أن تعلن اسرائيل عن قيامها كدولة خلال زمن الإنتداب البريطاني على فلسطين, كانت مثلاً واضحاً آخر على الأفكار والتوجهات والسلوك العنصري الذي ينطلق من خلاله اليهود في اتجاه تحقيق "أحلامهم", فالنظرة الصهيونية في فلسطين إنطلقت من أن فلسطين أرض بلا شعب من المفترض أن تكون منحة لشعب بلا أرض, هذا الشعار وحده يظهر عمق عنصرية وعدوانية اسرائيل, وسعيها إلى الإستيلاء على كامل أرض فلسطين, وإجلاء شعبنا عنها لتحل محله جماعات مستوطنيها وأفرادها الذين يحيون بأفكار خارج الميتافيزيقيا والتاريخ, فاؤلئك مازالوا يعتقدون أنهم

هم البشر الإلهيون الذين على الأخرين أن يكونوا دائما خدماً لهم.

وفي هذا الإتجاه وبسبب تلك العقلية والأهداف والتصور, رفضت إسرائيل تطبيق كل القرارات الدولية التي طالبتها بإنهاء إحتلالها لأرضنا الفلسطينية, وبإعادة من شردتهم من أبناء وطننا إلى ديارهم وقراهم ومدنهم, وأنكرت حقهم في العودة, لأنها تريد أن يبقى فوق هذه الأرض اليهود فقط.

وهي تحاول عبر قوانين وأوامر تتجدد في أي وقت بأن تضيق سبل العيش أمام من بقي داخل وطنه وأرضه في مناطق 1948, عبر منع البناء, ومنع أو زيادة الإشتراطات والمصاعب للحصول على الرخص, ولجوئها إلى هدم البيوت ومصادرتها, في الداخل وفي مدينة القدس التي تمارس فيها إسرائيل صور تمييز وفصل عنصري صارخ, بمحاولة تغيير طابعها وتغيير معالمها وآثارها, في محاولة يائسة لإخفاء وطمس حقيقة عروبة هذه المدينة وفلسطينيتها الساطعة.

لقد أظهرت السياسات الإسرائيلية المتعددة التمييز الواضح بين اليهودي والفلسطيني في كل مجالات وتفاصيل الحياة, فاليهودي يحق له ما يريد حتى قتل الفلسطيني والإستيلاء على كل ما يملك, ويحق له العمل أينما يريد, بينما الفلسطيني الذي ينجو فلا مجال أمامه سوى أن يكون خادماً في مزرعة اليهودي أو مصنعه ومتجره أو عاملاً في تنظيف قمامة اليهودي ونفاياته.

وحق المواطنة ليس متساويأ أبداً للفلسطيني الذي يعيش داخل مدن وقرى 1948, والنضال الفلسطيني باتجاه هذا الحق لم يثمر طوال السنوات

العديدة الماضية.

لقد تفوقت إسرائيل على نفسها بما اتخذته من إجراءات تمييز وفصل عنصري, وقد حاكت النازية فيما اتخذته من بعض الإجراءات, فرفائيل ايتان رئيس أركان جيشها الأسبق ومناحيم بيغن الذي وصف العرب بالصراصير, واسحق شامير, رؤساء حكوماتها السابقون, أصدروا توجيهات متشابهه بالفصل بين العربي واليهودي في المدارس وعلى شواطئ البحر, وفي العمل, وفي الطرق التي يمكن التنقل عبرها.

وهو ما أثار فضيحة في حينه, ودفع أصحاب المقترحات إلى التراجع وانتظار فرصة أخرى يتمكنوا فيها من تنفيذ ما يرغبون, وما المطالبة بالدولة اليهودية اليوم إلا دليلاً على عمق هذه الرغبة في ذهن وعقلية حكام إسرائيل ومتطرفيها, من قادة وأعضاء الأحزاب المغلقين.

وكان لجملة الممارسات العنصرية الإسرائيلية هذه, ما دفع العالم لانتقاد سياساتها وإدانتها بشكل دائم, ولاتخاذ الجمعية العامة قراراً يعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية.

لقد نظر المجتمع الدولي لسياسات وممارسات التمييزوالعزل العنصري على أنها جريمة يجب معاقبة الدولة التي ترتكبها, فقد أصدر المجتمع الدولي ميثاقاً تحت عنوان "الإتفاقية الدولية لقمع جريمة الأبارتهايد والمعاقبة عليها" بعد أن ارتكب نظام الأبارتهايد في جنوب افريقيا مجزرة "سويتو", وأوضح الميثاق الذي أصبح جزءاً من القانون الدولي أن الأبارتهايد يعتبر جريمة غير مقتصرة على جنوب افريقيا بل هو جريمة يمكن أن ترتكبها أية دولة, وأن المجتمع الدولي منوط باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والإدارية والإقتصادية بحق أي دولة ترتكب جريمة الأبارتهايد, عبر فرض العقوبات والمقاطعة الشاملة ومحاكمة الجناة حتى تنتهي الجريمة.

كما اعتبرت عدة مواثيق دولية, مثل "ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية", و"الميثاق الدولي لإزالة جميع أشكال التمييز العنصري" الأبارتهايد جريمة مساوية لجريمة الإبادة الجماعية والعبودية المحظورتين دولياً.

كما اهتمت هذه المواثيق بوضع تعريف واضح لهذ الجريمة حدده, بقيام الدولة بتشريع قوانين وباتباع سياسات وممارسات تنتهك حقوق الأنسان بغاية إبقاء و/أو إدامة سيطرة فئة عرقية أو إثنية أو قومية أو دينية معينة على فئة أخرى.

أشكال الأبارتهايد:-

- حرمان عضو أو أعضاء في فئة أو فئات عرقية من الحق في الحياة والحرية الشخصية, أو قتل عضو أو أعضاء في هذه الفئة أو الفئات, وإلحاق أذى خطير بدني أو عقلي بأعضاء في هذه الفئة أو الفئات, أو التعدي على حريتهم أو كرامتهم أو بإخضاعهم للتعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطه بالكرامة.

- إخضاع فئة أو فئات عمداً لظروف معيشية يقصد منها أن تفضي بها إلى الهلاك الجسدي كلياً أو جزئياً.

- إتخاذ تدابير تشريعية وغير تشريعية, يقصد منها منع فئة أو فئات عرقية من المشاركة في الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية والثقافية للبلد, وخلق ظروف تحول دون النماء التام لهذه الفئة أو الفئات, وخاصة بحرمان أعضائها من حريات الإنسان وحقوقه الأساسية, بما في ذلك الحق في العمل, والحق في تشكيل نقابات معترف بها, والحق في التعليم, والحق في مغادرة الوطن والعودة إليه, والحق في حمل الجنسية, والحق في حرية التنقل والإقامة, والحق في حرية الرأي والتعبير, والحق في حرية الإجتماع.

- إتخاذ أي تدابير تهدف إلى تقسيم السكان وفق معايير عنصرية, بخلق معازل مفصوله لأعضاء فئة أو فئات عرقية, ونزع ملكية العقارات المملوكة لفئة أو فئات أو لأفراد منها.

- استغلال عمل أعضاء فئة أو فئات عرقية لا سيما إخضاعهم للعمل القسري.

- اضطهاد المنظمات والأشخاص بحرمانهم من الحقوق والحريات الأساسية لمعارضتهم الفصل العنصري.

إن هذه الأشكال لجريمة الأبارتهايد كما حددتها المادة (2) من الإتفاقية الدولية لمنع جريمة الأبارتهايد والمعاقبة عليها, هذه الأشكال كلها تمارسها إسرائيل وتكرسها بشكل دائم, إضافة إلى أشكال من القهر والإضطهاد كالتعذيب والعزل في الزنازين والحرمان من النوم والعلاج وانتهاك حرمات البيوت, والإحتفاظ بجثث المتوفين داخل السجون, وغيرها من الممارسات, لتظهر أن إسرائيل دولة تمييز عنصري من الطراز الأول, تفوقت على نفسها في ممارسة هذه الجريمة وابتكرت أساليب وإجراءات وأشكال معاملة وحشية, لم تخطر ببال المشرع الدولي ربما الذي حاول تعداد أشكال وأنماط الممارسة التي تثبت وقوع هذه الجريمة.

ما العمل؟

إن التوجه للمجتمع الدولي لمحاكمة جريمة الأبارتهايد التي تمارسها إسرائيل بحق شعبنا بأشكالها المختلفة, بغية قهره ونفيه واضطهاده والإستيلاء على مقدراته ووطنه, هو أمر ممكن, خاصة وأن عناصر الجريمة الإسرائيلية واضحة ومثبتة والدلائل المادية المباشرة عليها ماثلة للعيان, وخاصة كذلك وأن القانون الدولي والمواثيق الدولية أفردت نصوصاً واضحة بشأن العقوبات الواجب اتخاذها من الدول التي تقوم بمثل تلك الممارسات.

كما أن العمل على تنظيم حملات المقاطعة لإسرائيل على المستويات السياسية والإقتصادية والثقافية والأكاديمية والفنية, والعمل على سحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها, أمر ينسجم والقانون الدولي, ويلزم إسرائيل بالكف عن هذه السياسات الإجرامية, والإنصياع للقانون الدولي والإعتراف بحقوق شعبنا الفلسطيني, بإنهاء الإحتلال وتفكيك المستوطنات والجدران, والإعتراف بحق إقامة الدولة المستقلة, وحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وقراهم ومدنهم الأصلية, واستعادة ممتلكاتهم وتعويضهم عما عانوه وفقدوه طبقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 194, وكذلك إلزامها بالإعتراف بالمساواة الكاملة في الحقوق لأبناء شعبنا داخل مناطق 1948.

كما أن العمل على إحياء لجنة المقاطعة العربية لإسرائيل, ومنع أي نشاطات فنية أو ثقافية أو أكاديمية وتطبيعيه معها, أمر ملح لا يجوز الإبطاء فيه, ولا بد من حظر أي نشاط يعتبر تطبيعاً مع إسرائيل حتى لا يستخدم غطاءاً لإخفاء جرائم ممارساتها العنصرية.

إن ما قامت به الجامعات البريطانية في هذا الشأن, لخطوة يمكن استثمارها والبناء عليها, لحفز المؤسسات الأكاديمية في أوروبا ودول قارات أخرى لغرض المقاطعة على جامعات إسرائيل وقطع العلاقات معها, كما أن مقاطعة المنتجات الإسرائيلية وحظر التعامل العربي مع الشركات التي لها استثمارات في إسرائيل أو تقوم بالإستيراد منها, سيكون أمراً ذا جدوى.

كما أن التوجه للنقابات العمالية واتحادات العمال في العالم التي تقوم بتنظيم حملات المقاطعة لإسرائيل, خاصة وأن بعض اتحادات العمال اتخذت قرارات بالمشاركة في حملة المقاطعة, بغرض إيقاف أي استثمارات تدعم نظام الأبارتهايد الإسرائيلي, ومن بينها اتحادات نقابات العمال في جنوب افريقيا.

كما أن استثمار ما اتخذته أحزاب سياسية في أنحاء مختلفة من العالم, إضافة لبعض الدول كفنزويلا وبوليفيا لمقاطعة إسرائيل سياسياً وسحب الإستثمارات منها وفرض العقوبات عليها, يمكن أن يسهم في توسيع حملة المقاطعة لها والتنديد بجرائمها وسياسات فصلها العنصري بما يشكل أوسع حملة تضامن دولي مع شعبنا, ورأي عام أممي مطالب بفرض العقوبات ضد إسرائيل, لحملها على التراجع والإقرار بحقوقنا المشروعة.

ومن بين الأحزاب التي سارت في هذا الإتجاه حزب العمل الكندي, وحزب الخضر في الولايات المتحدة, إضافة لمواقف بلديات ومحافظات في الولايات المتحدة "سياتل وسمرفيل" وولاية "سورترونديلاج" في النرويج, الدول التي طالما كانت في السابق تنضح بالدعاية الكاذبة الإسرائيلية.

ويمكن لاتحادات الطلبة الإسهام في حملة المقاطعة وتجنيد الرأي العام, خاصة وأن ممثلي اتحادات الطلبة في دول غربية مثل كندا "طلبة المعاهد في كوبيك" الذين يعدون (42) ألفاً, طالبوا بالإنضمام لحملة المقاطعة ضد إسرائيل وتفعيلها, واتحاد الطلبة في جامعة الإقتصاد في لندن, ومجلس أمناء الجامعة الأمريكية في القاهرة.

كما أن إحياء نشاط أسبوع الفصل العنصري الذي يعقد سنوياً في كندا متضمناً سلسلة من الفعاليات, كالمحاضرات والعروض الثقافية وعروض أفلام وثائقية, وتنظيم تجمعات ومظاهرات ونقاشات حول نظام الفصل العنصري الإسرائيلي, وسياسة الأبارتهايد الممنهجة, سيكون له أثره خاصة إذا تم تنظيم مثيلاً له في دول العالم الأخرى.

إن نشاط كافة مؤسسات وأفراد المجتمع في هذا السبيل بما فيه رجال الدين المسيحين والمسلمين, سيجعل من دور الكنائس في أوروبا وأمريكا دوراً هاماً ومؤثراً فعلاً في فضح ممارسات إسرائيل وسياساتها, خاصة لما تمثله تلك الكنائس لدى الشارع الأوروبي والأمريكي, ففي السابق كانت إسرائيل تحاول جهدها لغزو الكنائس الغربية بأكاذيبها وأضاليلها, واليوم نحن مطالبون بالتوجه لتلك الكنائس بحقائقنا الدامغة ودليلنا الملموس.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required