مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
لا يملك المرء، وهو يتفهم الضرورات القاهرة للأخذ بمنطق النسبية، حين لا تكون ثمة إمكانية للتمسك بالمطلقات؛ إلا أن يرحب بعملية التبادل التي تم التوصل الى اتفاق بشأنها. وحيال تطور كهذا، يقتضي الأمر، النظر الى الجزء الملآن من كأس التمني، لا الى الجزء الفارغ؛ إذ إن ألف أسير وسبع وعشرين أسيرة، سيرَوْن قرص الشمس كاملاً لا تتخلله القضبان، وستنتهي معاناة هؤلاء، ومعاناة عائلاتهم، وسيتعزز المجتمع الفلسطيني ويزهو، بعائدين جدد، من أكثر بؤر المواجهة سخونة واحتشاداً بالدلالات والمعاني الرمزية، بل من أشدها تكثيفاً لأصالة الإنسان الفلسطيني، ولقدرته على الاحتمال!

كذلك سيغتني التمثيل القائم للحركة الاسيرة البطلة، في مشهد العمل الوطني الفلسطيني العام على اتساعه؛ بهؤلاء الأفذاذ الذين أدوا واجباً كبيراً وجليلاً، وتحملوا الأكلاف، وصمدوا، واكتسبوا تجارب غنية!

في هذه المناسبة، يُذكر الفضل لأهله، وإن كان بعض أهل الفضل قد رحلوا، فلا مناص من الترحم على أرواحهم جميعاً، بدءاً بالعزيز الشهيد الفذ أبو عطايا (جمال أبو سمهدانة) مؤسس لجان المقاومة الشعبية، ومن معه، مروراً بكل من قضوا في عملية أسر الجندي، ومن بينهم جاري القريب، الشهيد محمد عزمي فروانة، ابن الفاضلة الفتحاوية أم علي. فقد تبوأ ابنها مكانة أسمى في ضمائر الوطنيين، واحتسبناه عند رب العزة في علييْن، وانتهاء بكل شهيد سقط بالنار الغاشمة، التي صبها المحتلون على شعبنا، فيما هو يكثف غارات الغيظ والانتقام، على امتداد أكثر من شهرين، بعد الهجوم الذي نفذه شباب في مقتبل العمر، لا يملكون سوى الخفيف من وسائل القتال، والقليل من الخبرة والتدريب؛ ضد جزء من تشكيل عسكري مدرع، فأسروا جندياً مدرباً مدججاً بالسلاح، وبلباسه العسكري!

الرحمة لأرواح شباب المقاومة، الذين قضوا صامدين. والتحية لكل الرجال الذين حافظوا على سريّة احتجاز الأسير، بدءاً من الأسابيع الأولى لوقوعه في الأسر، واستمراراً للاحتجاز، بتدابير حمساوية موفقة، تحلى القائمون عليها بالصبر وبحس عالٍ بالمسؤولية، عززته مشاعر الشوق لرؤية أسرانا ينعمون بالحرية.

* * *

يتلقى الفلسطينيون نبأ الإفراج الوشيك عن ألف أسير وسبع وعشرين أسيرة، بروح احتفالية. وربما يتحدث البعض لاحقاً عن نواقص في الصفقة التي لم تتضح بعد، كل تفصيلاتها. من جانبنا لن نركز على ما لم تستطع حماس إنجازه، لأننا نعلم ضراورة المعركة التي خاضها المفاوضون من جانبها، على امتداد عدة سنوات. فقد كان المحتلون يتطلعون الى صفقة هزيلة تماماً، وربما تعمدوا مداراة تنازلهم النسبي، أمام جمهورهم المفعم غروراً وتطرفاً، بالرفض القاطع لأن تشمل الصفقة، قادة وطنيين ومناضلين كأحمد سعدات ومروان البرغوثي وفؤاد الشوبكي، ومناضلين نفذوا عمليات نوعية، كعباس سيّد، وإبراهيم حامد، وعبد الله البرغوثي، وثائر حماد وآخرين. فليس خافياً أنهم شعروا بمرارة الصفقة، وسارعوا الى تعليلها، بل تعجلوا في التنويه، منذ الآن، الى أن ما تم التوصل اليه، لا يتضمن التعهد بعدم ملاحقة الأسرى المحررين. وتعمّد المحتلون تسريب تلميحات بأن التعهد بعدم الملاحقة، يتعلق بقادة حماس في الخارج، في حال مغادرتهم سورية، وليس بمن يُطلق سراحهم. وذُكروا في سياق الشرح، بعض التفاصيل عن شروط ومحددات بالنسبة لأماكن الإفراج أو أماكن الإقامة، واهمين أن من شأنها التخفيف من بهجة الفلسطينيين بالإفراج عن أسراهم وأسيراتهم.

يبدو أنه لم يكن بالإمكان، أبدع مما كان. ولا موجب لأية تأويلات تتعلق بالنواقص. إن هذه ملاحظة تستبق رجاءات وخيبات أمل، لا بد أن تطفو على السطح، ليس في النطاق الوطني العام وحسب، وإنما كذلك في دوائر كل القوى ومن بينها حماس والآسرين الأوائل للجندي. ينبغي التحلي بروح الحركة الاسيرة الماكثة في السجون بعد الصفقة، وهي روح تتسم بالمقدرة على إنعاش الأمل في الحرية، وتختزن من صلابة الإرادة، ومن الصبر، ما يجعلها ماضية في الطريق الى النور!

* الكاتب يشغل منصب سفير فلسطين في الهند. - adlishaban@hotmail.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required