مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
إن قراءة الوضع الفلسطيني، في ضوء المتغيرات العربية وفي ظل انسداد أفق النضال الفلسطيني الراهن ومستقبل فلسطين ومنظمة التحرير الفلسطينية، تتطلب قراءة صحيحة، من كافة الفصائل والقوى بما يؤهلها لبلورة رؤية سياسية، وممارسة تكتيكات صائبة، ونسج تحالفات، محلية وإقليمية ودولية وخاصة امام الحراك السياسي والدبلوماسي التي تقوم به القيادة الفلسطينية من اجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

إن الوضع الفلسطيني الآن يفرض علينا المراجعة الجدية الهادئة والمعمقة لكافة الأفكار التي جرت على مدى عقدين من المفاوضات بالرغم من التنازلات التي قدمت، وفي المقابل استمرت حكومة الاحتلال في تثبيت الحقائق على الأرض وإقامة مشاريع التهويد والاستيطان في الضفة الغربية عموماً والقدس خصوصاً، كما واجه المفاوض الفلسطيني تعنت الجانب الإسرائيلي، الرافض لوقف مشاريع الاستيطان، مما أدى إلى انغلاق مسار التسوية، هذا بالإضافة إلى سعي حكومة نتنياهو اليمينية إلى فرض شرط الاعتراف بيهودية إسرائيل على الجانب الفلسطيني. وأمام هذا المشهد نرى إن نجاح إعلان دولة فلسطينية كدولة عضو في الأمم المتحدة، لن يحمل على الأغلب دلالات عملية على الأرض حتى هذه اللحظة، حيث سيبقى الاحتلال الإسرائيلي، مستعيناً بلغة القوة، وبالدعم الأمريكي، وبالتعامل الدولي مع إسرائيل كدولة فوق القانون، غير أنه قد يتسبب بزيادة وعزل حكومة نتيناهو، وانخفاض حجم التأييد في الوسط الدولي مقابل ارتفاع حجم التأييد للقضية الفلسطينية.

وامام هذه الاوضاع فان الاعتراف الاممي إذا حصل بفلسطين وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بالرغم مما تحمله القضية الفلسطينية من إشكاليات ما تزال إلى اليوم ماثلة أمامنا وعلى رأسها قضية اللاجئين، نرى ان هذه الخطوة تشكل انتصارا لارادة الشعب الفلسطيني وهي بالتأكيد لا تقل أهمية عن الاستقلال الحقيقي، وخاصة لجهة القوانيين الدولية المتعارف عليها، والتي من خلالها تأخذ شرعيتها القانونية والفعلية لجهة الهوية والمجتمع ووجود مشروع يقود إلى قيام هذه الدولة، اضافة الى الاعتراف الخارجي (الدول والمنظمات الدولية) الذي يؤمن لتلك الدولة منظومة كاملة من العلاقات تجعلها تكتسب شرعية الديمومة والبقاء، وقد حققت الدولة الفلسطينية اعتراف أكثر من مئة دولة بها وتنتظر اليوم اعتراف المؤسسات الدولية.

ليس من شك في أن تعقيدات القضية الفلسطينية، تتطلب من القيادة الفلسطينية وكافة القوى والفصائل موقف صائب نحو الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ومغادرة نهائية لمسار المفاوضات قبل تحقيق كل شروطنا العادلة والمنسجمة مع الشرعية الدولية، ونقل ملف القضية برمته للأمم المتحدة، والدعوة لمؤتمر دولي، ومساندة كل الاحرار في العالم لنضال شعبنا العادل مادياً ومعنوياً لنكون قادرين على تجاوز هذا الكم الهائل من حقول الألغام التي تتربص بأقدس الحقوق والمصالح الوطنية لشعب يكافح من أجل حريته، وضمان وصيانة حقوقه الوطنية المشروعة في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على طريق تحقيق العدالة الغائبة بفعل العسف والارتهان لمواقف اللجنة الرباعية، وغياب العدالة لمعاناة شعب قل نظيرها في التاريخ الإنساني المعاصر والتي ستبقى تؤرق كل صاحب ضمير حي في هذا العالم طالما بقي الظلم والعدوان قائماً على هذه الأرض.

ومن جهة أخرى، ان الحراك الشعبي الفلسطيني والذي اتى في ظل الثورات العربية شكل فرصة لرفع الصوت عاليا من أجل إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية، وكان اتفاق المصالحة بين "فتح" و"حماس" بحضور الفصائل الفلسطينية وبرعاية مصرية، والذي دفع القيادات الفلسطينية للإسراع في المصالحة كمقدمة للأولويات الفلسطينية، وخاصة ان القضية الفلسطينية هي قضية عربية وليست فلسطينية فحسب.. وتحرير فلسطين يتطلب حشد طاقات الشعب من خلال تطوير وتعزيز المقاومة الشعبية في مواجهة المشروع الاستيطاني الصهيوني الذي يستهدف الارض والانسان، لذلك فإن الحراك العربي سيكون له نتائج كبيرة على صعيد القضية الفلسطينية والمنطقة، رغم ما يجري من محاولة السطو الاستعمارية على الثورات العربية ومحاولة استبدال الشعارات الوطنية والقومية بشعارات مذهبية، ومنع قيام الدولة المدنية التي ناضلت وضحت الشعوب من اجلها لتحقيق مبدأ التغيير والاصلاح وتحقيق العدالة الاجتماعية.

وما دام هدف الجميع تعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية فيجب ان لا يبقى الحال على ما هو عليه، وترك المسألة برمتها تحت رحمة الواقع، وهذا يدعونا الى اعادة الاعتبار اولا لمنظمة التحرير الفلسطينية وتفعيل مؤسساتها حتى تأخذ دورها ومكانتها، بالدفاع عن الثوابت الوطنية الفلسطينية ومواجهة المخاطر، وعليه ندعو الى بذل الجهود لاستثمار الحالة التي تولدت عن إطلاق سراح الأسرى، ولم يعد مفهوماً استمرار حالة الانقسام، وان استثمار هذه الأجواء من أجل الإسراع في إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة من خلال حوار وطني شامل لتنفيذ آليات اتفاق المصالحة، واجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وانتخابات المجلس الوطني الفلسطيني، ورسم استراتيجية وطنية وكفاحية تستند الى الثوابت وقرارت الاجماع الوطني لتغيير ميزان القوى المختل لصالح الاحتلال وتحويل احتلاله الى مشروع مكلف وخاسر.

ان المشهد جميل ونحن نرى ذاك العناق الملتهب شوقا بعد معاناة بين من صبر وصمد في اسره وبين ما كان ينتظره وهي ترسم فرحة الام والزوجة والاخت والاخ والاب والاقاراب تعانق بعضها البعض لتعبر عن فرحة عادت بها شمس الحرية للتتفتح من جديد جباه من عشقوها لتشكل محطة جديدة ومشعل مضيئ في دهاليز الانحطاط العربي المظلمة ، ونحن نبارك ونهنئ لأسرانا تحريرهم من سجون الاحتلال على امل ان تستكمل تحرير باقي الاسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال في المستقبل القريب وفي مقدمتهم القادة العظام احمد سعدات ومروان البرغوثي ومحمد التاج وعباس السيد وفؤاد الشوبكي وكافة الاسرى والاسيرات.

ان استمرار وجود الاحتلال يعني استمرار وجود الأسرى خلف القضبان وهذا يستدعي النضال من اجل إطلاق سراحهم وعدم تركهم خلف القضبان، والوقوف الى جانب قضاياهم وحقوقهم المكتسبة والتي صادرها الاحتلال الاسرائيلي عبر مزيد من الدعم والاسناد في نضالهم ضد السجان وبطشه.

ولا بد من القول ان الاسرى الفلسطينيين والعرب هم اسرى حرب ومناضلين من أجل الحرية، ينبغي تطبيق القرارات والمواثيق الدولية والانسانية التي تقضي بتوفير الحماية الدولية لهم ومعاملتهم وفق القانون الدولي والانساني.

وغني عن القول نؤكد ان اعادة بناء رؤيتنا ودورنا المستقبلي، انطلاقاً من قناعاتنا ان تثبيت وجود الشعب الفلسطيني على مسرح التاريخ كشعب حي وفاعل يمتلك هوية وطنية وقادر على البقاء والاستمرار كبقية شعوب الأرض وهذا ما ثبته النضال الفلسطيني، وبعد هذه المسيرة أصبح من الممكن القول إن هذا الشعب حتى يمارس حياته الطبيعية لا بد أن ينتزع استقلاله ويقيم دولته المستقلة لكي تمثله وتمثل هويته وحيويته وكينونته في مختلف بقاع الأرض، وهو يتطلع اليوم الى الإقرار بقبول فلسطين كدولة عاملة كاملة العضوية في الأمم المتحدة لان بذلك يكرس نقلة في غاية الأهمية لمنظمة التحرير الفلسطينية كوعاء يجسد مشروعية الشعب الفلسطيني ولا يلغي الحقوق الأخرى وخاصة حق العودة.

وختاما لا بد ان نهنئ الشعب التونسي على العملية الديمقراطية بانجاز الانتخابات التي سيكون لها تحول تاريخي في الوطن العربي، وخاصة ان ما يربط الشعب التونسي بالشعب الفلسطيني علاقة تاريخية ونتمنى نجاح ثورة تونس في تحقيق كل أهدافها، ونحن نتطلع الى وحدة كل القوى التقدمية والديمقراطية والقومية العربية، في التصدي للمشروع الأمريكي الصهيوني المشترك ضد منطقتنا، ودعم نضال الشعب الفلسطيني وجميع الشعوب العربية، والوقوف ضد الرأسمالية والاستغلال والتبعية والتخلف، وضد الطائفية والعنصرية، ولإيقاف القمع والاستبداد والفقر والجوع، على طريق انتصار منطق التغيير والحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية التي تتطلع اليها شعوب المنطقة من خلال ثوراتها وانتفاضاتها، كما يتطلع الشعب الفلسطيني الى حريته واستقلاله وعودته الى دياره وقيام دولته المستقلة.

* عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية. - sawtalghd@hotmail.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required