أعطى الحراك السياسي الأخير الذي دار في أروقة الأمم المتحدة وكواليسها، خلال الدورة السادسة والستين للجمعية العامة، صدى إيجابياً على كل الصعد، في تعزيز حضور القضية الفلسطينية داخل أروقة المجتمع الدولي، وفي تحقيق نقلات مؤثرة في المسار السياسي المعقّد، الذي تعبر من خلاله قضية فلسطين في هذه المرحلة بالذات.
وفي هذا المشهد، وبكل تفاصيله وحيثياته، فقد بدا الموقف الأممي ومواقف عموم شعوب العالم بأسره، متعاطفاً مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، ومسانداً للحراكات الدولية المؤيدة له، التي جرت خلال الأشهر القليلة الماضية. ولم يكن هذا التعاطف ليأتي من الهواء أو من الفراغ، بل جاء على أرضية التضحيات الهائلة والصمود الكبير الذي حققه الشعب الفلسطيني على الأرض، في الداخل والشتات، خصوصاً في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات، والواقع تحت نيران العدوان الصهيوني كل يوم. أما الجديد في هذا المجال، فيتمثل في المرحلة التالية بعد ما بات يسمى "استحقاق أيلول"، وهي المرحلة الأهم التي تنتظر إما مراوحة في المكان والعودة لأوهام المفاوضات وحدها دون غيرها، أو مواقف فلسطينية جديدة على كل المستويات، من أجل رسم الاستراتيجية السياسية والكفاحية المنشودة التي طالما نادت بها غالبية القوى والفصائل الفلسطينية، التي لم تكن مواقفها لتقف عند حدود تقديم الطلب الفلسطيني للأمم المتحدة من أجل تحسين مسار المفوضات، بقدر ما كانت تنظر للأمور من بوابة إعادة تقييم كل المرحلة السابقة، وفتح قوس الخيارات الفلسطينية ومغادرة المربع التفاوضي الوحيد، نحو تعدد الخيارات في ظل الأفق المسدود الذي وصلت إليه عملية "التسوية"، وفي وضع بات من المؤكد أنه لا يمكن أن يظل قائماً إلى ما لا نهاية. إلى ذلك، فإن الجهد الأميركي قبل وبعد جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة، كان وما زال يتمحور حول السعي لإعادة إحياء العملية التفاوضية المتوقفة منذ أكثر من عامين، بين الطرفين الرسمي الفلسطيني والإسرائيلي. وقد شكّل هذا السعي العنوان الرئيسي للموقف الأميركي الرافض لما جرى في الأمم المتحدة، مع تقديم فلسطين طلباً للعضوية في المنظمة الدولية، حيث ترى واشنطن أن طريق المفاوضات وحده لا غيره، هو الذي يقود إلى الأمم المتحدة بحثاً عن عضوية دولة فلسطين. وهذا موقف متناغم بالكامل مع الموقف الإســرائيلي. وقــد تواءم الموقف الأوروبي الغربي مع الموقف الأميركي المشار إليه، وزاد من ذلك تأرجح مواقف اللجنة الرباعية الدولية (مع تحفظ روسيا)، التي أصدرت بالفعل بياناً عقب خطــاب عباس في الأمم المتحدة بساعات، دعت فيه إلى استئناف المفاوضات خلال شهر، وما زالت إلى الآن تدفع في هذا الاتجاه. وقد خرجت اللجنة مؤخراً بصيغة جديدة لإطلاق المفاوضات بين الطرفين المتفاوضين؛ فريق السلطة الفلسطينية والطرف الإسرائيلي، عبر صيغة مفاوضــات غير مباشــرة. وقــد أوضح مندوب المنظمة في الأمم المتحدة رياض منصور، شيئاً من هذا القبيل عندما تحدث عن أن "الملف الفلسطيني لطلب العضوية في الأمم المتحدة، يجري تسييسه لجهة المراهنة الأميركية على اللجنة الرباعية الدولية، من أجل جلب الطرفين للمفاوضات المباشرة أو حتى غير المباشرة، دون مس بمسائل الاستيطان ومطلب وقفه". إن المرحلة التاليــة من العمــل السياســي والدبلوماسي في الساحــة الفلسطينية، تفــترض مــن الفلسطينيين تحقــيق المصالحــة وتطبيقها علــى الأرض، وتعــزيز العلاقــات السياســية مــع مختلف الأطــراف العربية والإسلامية والدولية الصديقة، وتحشيدها خلف المطالب الفلسطينية العادلة. فالدعم والإسناد العربي يفترض أن يشكل العنصر الأبــرز في إنجــاح الخــيارات والبدائل الوطــنية الفلسطينية المطلوبة، في سياق السعي الوطني الفلسطيني لترجمة الاعترافات الدولية بالدولة الفلسطينية، إلى حقيقة راسخة على الأرض بقيام الدولة الفلسطينية قولاً وعملاً. وفي هذا المجال فإن كل المصاعب تزول، رغم أن ظروف استحضار الدور العربي المطلوب ما زالت صعبة وغير مهيأة، لعدة أسباب في وقت واحد، يقف على رأسها الوضع العام السائد في الحالة العربية، من حيث التفكك وغياب الموقف العربي الموحد، الذي يفترض أن يستند لرؤية واستراتيجية عربية موحدة بشأن العملية السياسية في المنطقة. إن مرحلة ما بعد "استحقاق أيلول"، تتطلب إنتاج البدائل الوطنية القائمة على أساس التوافق الوطني، والتي تشكّل ضرورة كبرى في إطار العمل المطلوب، من أجل تحشيد أوراق القوة الفلسطينية، ووقف بعثرتها، وبالتالي السير في اتجاه إنجاز كامل ملفات اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وحل الاستعصاءات التي ما زالت تعترض طريق تنفيذ البنود التي تم الاتفاق عليها، ومنها مسألة تشكيل حكومة وحدة وطنية توافقية، تعيد توحيد المؤسسات الفلسطينية بين القدس والضفة الغربية وقطاع غزة. المصدر: البيان الاماراتية اقرأ المزيد...
بقلم: ريما كتانة نزال
تاريخ النشر: 2018/7/23
×
احتباس النشر والمواءمة والمساواة- إحاطة أولية بنقاش تقرير ‘سيداو’
أثارت ملاحظات المجتمع المدني على أداء الفريق الوطني في اجتماع لجنة اتفاقية القضاء
على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حفيظة الجهات الرسمية المعنية. لا غرابة في ذلك،
أمر مستوْعَب في الحالة الفلسطينية الداخلية، لا يُهضم النقد جملةً وتفصيلاً.
لم تخرج الملاحظات التي أبداها المجتمع المدني عن الموضوعية. من خلال الاطِّلاع على الأدبيات المصاغة على يد الفريق الحكومي: التقرير الوطني والرد على قائمة الأسئلة المقدمة من قبل لجنة الاتفاقية والطروحات والردود المقدمة على الأسئلة الجديدة المطروحة في الجلسة السبعين المنعقدة مع لجنة الاتفاقية في مقر الأمم المتحدة في «جنيف». جميع الملاحظات التي طرحها المجتمع المدني جديّة وحقيقية وتحليلية ومعرفيّة. أذكر أن وفود المجتمع المدني إلى الاجتماع مع لجنة الاتفاقية ذهبت وهي محمَّلة بالمخاوف والقلق، بسبب احتباس الإرادة السياسية كما اُخْتُبِرتْ في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني (نيسان- أيار 2018)، والامتناع عن تنفيذ قرارات المجلس المركزي المتخذة في اجتماعاته المنعقدة في عامي 2015 و 2018، تلك القرارات المعززة لمشاركة المرأة القاضية بتخصيص مقاعد للمرأة في جميع بُنى ومؤسسات الدولة بنسبة 30% من المقاعد. أضاع المجلس فرصة نظامية مُتاحة لوْ توفرت المصداقية، واختتم الاجتماع دون وضع الصيغة لتجسيد القرار. في النتيجة، احتقان وفجوة وأزمة ثقة بين المؤسسات النسوية والطبقة السياسية. عُقد أكثر من اجتماع مع لجنة الاتفاقية بينما الأسئلة المهمة معلَّقة على إرادة متداعية. سؤال نشر الاتفاقية في الجريدة الرسمية بالاستناد إلى القانون الأساسي الفلسطيني المُعدل. سؤال التوجه نحو المواءمة بموجب الانضمام للاتفاقية والمرجعيات المحلية ممثلة بإعلان الاستقلال والقانون الأساسي. سؤال قرار المحكمة الدستورية (تشرين الثاني 2017) الذي قررت بموجبه "سموّ الاتفاقيّات الدولية على التشريعات المحلية بما يتواءم مع الهوية الوطنية والدينية والثقافية للشعب العربي الفلسطيني." في الجلسة السبعين؛ سمعنا بعض الإجابات على الأسئلة المبدئية التي تلخص نوايا الجهة الرسمية، إجابات أعادتنا إلى الحالة المتشكلة ما قبل الانضمام الفلسطيني المُمَيَّز إلى الاتفاقية دون تحفظ. سابقة عربية جديدة من نوعها في حساب البيدر بينما تتكشف الحقيقة بعد زوال القشرة اللامعة مخلفة بقاء المحتوى على حاله. الردود التي تقدم بها الفريق الحكومي لم تكن وليدة اللحظة، أكدت التخوفات من أن التوقيع لم يتعدَّ كونه توقيعاً سياسياً مع جملة من الاتفاقيات والمعاهدات. وهي الردود التي تخلخل أساس الاتفاقية، وتهزّ بشدة ركائزها وحجر رحاها ممثلاً بالمساواة دون انتقاص. ولغايات الاقتراب من الواقع كما هو البعيد عن الانطباعات نطرح ما سمعناه في الاجتماع مع الفريق الحكومي بحضور صامت للمجتمع المدني: أولاً: قالوا إن الاتفاقية لن يتم نشرها إلا بعد استكمال عملية مواءمة. عدم النشر يلغي التزامات الدولة تجاه التوقيع والمصادقة وفق القانون الأساسي. يحول الانضمام إلى شبح يمكن أن يحضر شكلاً في الخطاب ويختفي فعلياً في الجوهر. استخدام الاتفاقية شبيه بالملابس التي يتم ارتداؤها على وجْهَيْها، التجمل بأحد الوجهين أمام المجتمع الدولي، وطمأنة الاتجاهات السلفية المحلية ونيل الرضا في الوجه الآخر. ثانياً: قالوا إنه لن يتم التعامل مع مبدأ المساواة، بل سيتم إدماجه في عملية المواءمة دون ذكر المصطلح بالاسم! بما يعني إبقاء التمييز ضد المرأة وضَرْب أساس الاتفاقية وجوهرها ومحتواها بدءاً من عنوانها: مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة..؟! ثالثاً: قيل إن الحكومة طلبت رأياً تفسيرياً لقرار المحكمة الدستورية حول قرار المحكمة الدستورية واشتراطها اتفاق عملية المواءمة مع الهوية المحلية. تم تجاهل السجال الجاري في فلسطين حول قانونية قرار المحكمة المتهم بمعارضة القانون الأساسي وصلاحيات المحكمة. علاوة على أن القرار بحد ذاته يُعَدُّ بمثابة تحفظ عام على الاتفاقية وعلى مقاصدها الحقوقية، بل يندرج في إطار التجزئة وانتقائية التعامل المزدوج مع الاتفاقيات الدولية. ما سبق غيض من فيض من ملاحظات المجتمع المدني على أدبيات الحكومة وردودها. وفي التفاصيل حيث تختبئ الشياطين يوجد ما يُقال. لكن لا يمكن إغفال أن النقاش والسجال صِحّي، لكنه حوار عن بُعْد؛ يفتقد إلى القنوات المنظمة بما يوصل السياق الداخلي إلى حالة مشحونة بالاصطفاف والاحتقان والشخصنة الضّارة. والأسوأ انه يفتعل التصادم بين المرجعيات دونما سبب إلا تعالي أطراف المصلحة على الواقع. بعد عامين سنكون على موعد جديد مع تقرير جديد، يرصد التقدم المُحْرز المحدد ضمن المؤشرات المهنية يُجيب على توصيات اللجنة وملاحظاتها المنبثقة على أثر اجتماع «جنيف». وبقناعتي، حَرِيٌ بالمعنيين في المستوى الرسمي الذهاب الى النقاش مع المجتمع المدني لتحديد اتجاه البوصلة، وقف التصادم بين المرجعيات التي تتمتع جميعاً بالمقاصد والمبادئ الحقوقية: الكرامة والعدالة والمساواة للجميع..هذا ما تنادي به نساء البلد وأن يمثل أمام لجنة الاتفاقية المؤسسة السياسية التنفيذية والتشريعية والمؤسسة الدينية، القابضين على بالقرار. بقلم: جهاد حرب
تاريخ النشر: 2018/5/12
×
نميمة البلد: والمسكوت عنه في الوطني... المرأة وفشل المجلس الوطني
(1) فشل المجلس الوطني فشل المجلس الوطني مرتان، الأولى قبل أن تنفض جلساته وقبل قراءة وإعلان بيانه الختامي في التعاطي مع قرارات المجلس المركزي الخاصة بالكوتا النسوية، بضمان تمثيل المرأة بما لا يقل عن 30% في جميع مؤسسات منظمة التحرير ودولة فلسطين، وابقاءه في حالة "التوهان" بترحيله الى وضع اليات التنفيذ، وكأن قرار المجلس المركزي يحتاج الى اليات لا يستطيع وضعها المجلس الوطني أو أن قمة الهرم في منظمة التحرير غير مواتية لوجود النساء. والثانية لعدم قدرته تنفيذ قراره سواء في تضمين البيان الختامي للفقرة التي تم إقرارها والمتعلقة بصرف رواتب موظفي قطاع غزة "فورا" أو قرار الرئيس المعلن في الجلسة الختامية. وهنا الفشل سياسي أكثر منه اجرائي بحيث لا يتم التعامل مع المجلس الوطني باعتباره السلطة التشريعية الأعلى للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجه من قبل السلطة الحاكمة. وهي تعيد الأحجيات السابقة المتمثلة "مَنْ مرجعية مَنْ المنظمة أم السلطة". (2) المسكوت عنه في المجلس الوطني صدر البيان الختامي للمجلس الوطني صباح الجمعة الفارطة دون ذكر للنقاشات او السجال المتعلق بتوسع صلاحيات المجلس المركزي الفلسطيني بحيث يتولى جميع مسؤوليات المجلس الوطني الفلسطيني أي أن يصبح بديلا عن المجلس الوطني لتكريس مقولة أن هذا آخر مجلس الوطني، أو مدة ولايته أو توسيع صلاحياته ليحل محل المجلس التشريعي، وفي ظني أن البعض لا يعلم ان المجلس المركزي يتولى جميع الصلاحيات بين دورتي انعقاد المجلس الوطني، بقرار من المجلس الوطني في دورته السابعة عشر المنعقدة في العام 1984، باستثناء الصلاحيات الخاصة بانتخاب أعضاء اللجنة التنفيذية وتعديل النظام الأساسي والميثاق الوطني، وإلغاء قرارات المجلس الوطني. تبنى البيان الختامي للمجلس الوطني قرارات المجلس المركزي الصادرة في العام 2015 وكذلك في منتصف شهر كانون ثاني/ يناير من ذها العام. لكن دون تقديم آلية واضحة أو تحديد آجال محددة. الامر الذي يبعث على الدهشة إذ لم تنفذ اللجنة التنفيذية السابقة قرارات المجلس المركزي آنذاك! فهل لها أن تنفذ اللجنة التنفيذية الجديدة هذه القرارات؟ في حين أن البنية والتركيبة السياسية للجنة الجديدة لم يحدث فيها تغييرا جوهريا كما أن المجلس الوطني لم يحدث الانعطافة السياسية أو التغيير في المسار السياسي. النقاش الذي جرى على ارتفاع متوسط عمر أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة في المقال الأسبوع الذي جاء تحت عنوان "68 سنة متوسط اعمار أعضاء اللجنة التنفيذية الجديدة"؛ بكل تأكيد المسألة ليست بالسنوات ذاتها لكن بما تحمله من تبعات، فكما ذهبت إليه الصديقة المقدسية غادة الزغير في تعليقها، "أن هناك علاقة طردية بين السن والاستعداد للتغيير "أو المخاطرة" وكلما ارتفع العمر كلما مال الشخص نحو المحافظة على ما هو قائم وطلب الستر والمشي جنب الحيط تحت مسمى الحكمة، وكذلك المحافظة على الامتيازات التي يتمتع بها" وهي طبيعة بشرية في علاقة الكبار في العمر ليس فقط في الحياة العامة بل في الحياة الخاصة. ملاحظة: ورد خطأ في مقال الأسبوع الماضي أن 27% من أعضاء اللجنة التنفيذية هم من اللاجئين فيما ان النسبة هي 40%. وفي كل الأحوال فإن القراءة المقدمة في المقال الفارط تفتح الافاق لقراءة معمقة لتركيبة أعضاء اللجنة التنفيذية ليس فقط اللجنتين الأخيرتين بل لجميع اللجان التي تم اختيارها لقيادة الشعب الفلسطيني لفهم التحولات السيسولوجية في إحدى أهم مؤسسات النخبة السياسية الفلسطينية.
بقلم: وكالة معا الاخبارية
تاريخ النشر: 2018/5/2
×
اليكم عدد العاطلين عن العمل في الضفة وغزة
أفاد الجهاز المركزي للإحصاء بأن عدد العاطلين عن العمل في 2017 بلغ حوالي 364 ألف شخص، بواقع 146 ألفا في الضفة الغربية، و218 ألفاً في قطاع غزة، وبلغ معدل البطالة في فلسطين 27.7% في العام 2017، وما يزال التفاوت كبيرا في معدل البطالة بين الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ في قطاع غزة 43.9%، مقابل 17.9% في الضفة الغربية. ونوه في بيان استعرض خلاله الواقع العمالي في فلسطين 2017، عشية الأول من أيار، عيد العمال العالمي، إلى أن الارتفاع في معدلات البطالة للنساء أكثر منه للرجال مع زيادة هذه الفجوة في الأعوام الأخيرة، حيث بلغ المعدل للذكور 22.5% في العام 2017، بينما بلغ معدل البطالة للإناث 47.8% للعام ذاته. وجاء في البيان: مشاركة الرجال في القوى العاملة حوالي 4 أضعاف مشاركة النساء بينت النتائج بأن نسبة القوى العاملة المشاركة في فلسطين للأفراد 15 سنة فأكثر بلغت 45.3% في العام 2017، ومن الواضح أن الفجوة في المشاركة في القوى العاملة بين الذكور والإناث ما زالت كبيرة، حيث بلغت نسبة مشاركة الذكور 70.9%، مقابل 19.0% للإناث في العام 2017، وبلغت نسبة المشاركة في القوى العاملة في الضفة الغربية 45.3% مقابل 45.1% في قطاع غزة. 666 ألف عامل مستخدمون بأجر يقدر عدد الفلسطينيين المستخدمين بأجر من فلسطين 666 ألف عامل، بواقع 333 ألف عامل يعملون في الضفة الغربية و221 ألف عامل يعملون في قطاع غزة و92 ألف عامل يعملون في إسرائيل و20 ألف يعملون في المستوطنات. بينما بلغ عدد المستخدمين بأجر في القطاع الخاص 351 ألف عامل من فلسطين؛ بواقع 231 ألف عامل من الضفة الغربية، و120 ألف عامل من قطاع غزة. القطاع الخاص هو القطاع الأكثر تشغيلاً في فلسطين 52.7% من المستخدمين بأجر في العام 2017 يعملون في القطاع الخاص، بينما بلغت نسبة المستخدمين بأجر في اسرائيل والمستوطنات 16.8%، في حين بلغت النسبة للقطاع العام 30.5% في العام 2017. أكثر من نصف المستخدمين بأجر يعملون في القطاع الخاص بواقع 52.0% في الضفة الغربية و54.3% في قطاع غزة مقابل 22.9% يعملون في القطاع العام في الضفة الغربية و45.7% في قطاع غزة، في حين 25.1% من المستخدمين بأجر في الضفة الغربية يعملون في إسرائيل والمستوطنات. حوالي ربع المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون في مهن فنية ومتخصصة بلغت نسبة المستخدمين بأجر في القطاع الخاص الذين يعملون في مهنة الفنيين والمتخصصين 23.6% من فلسطين؛ 14.4% للذكور مقابل 67.6% للاناث. في حين بلغت النسبة للمستخدمين العاملين في الحرف وما اليها من المهن 17.0%؛ 20.0% للذكور مقابل 2.3% للاناث. معدلات أجور حقيقية متدنية في القطاع الخاص بلغ معدل الأجر اليومي الحقيقي (سنة الأساس= 2010) للمستخدمين بأجر في القطاع الخاص في فلسطين حوالي 71 شيقل في العام 2017 ، حيث بلغ الأجر الحقيقي في قطاع غزة حوالي 44 شيقل، بالمقابل بلغ الأجر الحقيقي حوالي 84 شيقل في الضفة الغربية (لا يشمل العاملين في اسرائيل والمستوطنات). سجل قطاع النقل والتخزين والاتصالات أعلى معدلات للأجور اليومية الحقيقية في القطاع الخاص في الضفة الغربية بمعدل 106 شيقل، يليه قطاع البناء والتشييد بواقع 96 شيقل، أما في قطاع غزة فقد سجل قطاع الخدمات أعلى معدلات للأجور اليومية الحقيقية في القطاع الخاص بمعدل 71 شيقل، يليه قطاع البناء والتشييد بمعدل 42 شيقل. بينما سجل قطاع الزراعة أدنى معدل أجر يومي في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة بواقع 65 شيقل و24 شيقل على التوالي. حوالي 36% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر (1,450 شيقل) في فلسطين 16.2% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص في الضفة الغربية يتقاضون أجراً شهرياً أقل من الحد الأدنى للأجر أي 37,500 مستخدم بأجر وبمعدل أجر شهري قدره 1,079 شيقلاً في العام 2017. أما في قطاع غزة فقد بلغت النسبة 74.0% أي 88,800 مستخدم بأجر وبمعدل أجر شهري قدره 731 شيقلاً. في سياق متصل، بلغ معدل ساعات العمل الأسبوعية للمستخدمين بأجر حوالي 42 ساعة عمل؛ 40 ساعة للمستخدمين بأجر في القطاع العام و43 ساعة في القطاع الخاص خلال نفس العام. حوالي خمس المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يحصلون على تمويل التقاعد 21.8% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يحصلون على تمويل التقاعد أو مكافأة نهاية الخدمة، و21.8% يحصلون على إجازات سنوية مدفوعة الأجر، و21.0% يحصلون على إجازات مرضية مدفوعة الأجر، و35% من النساء العاملات بأجر يحصلن على إجازة أمومة مدفوعة الأجر. أكثر من ربع المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون بموجب عقود عمل 25.4% من المستخدمين بأجر في القطاع الخاص يعملون بموجب عقد عمل في فلسطين؛ 26.2% في الضفة الغربية و23.9% في قطاع غزة في العام 2017. حوالي خمس المستخدمين بأجر في القطاع الخاص منتسبين لنقابات عمالية/ مهنية 17.4% من المستخدمين بأجر منتسبين الى نقابات عمالية/ مهنية في فلسطين؛ 12.4% في الضفة الغربية و29.6% في قطاع غزة في العام 2017.
لنفس الكاتب
تاريخ النشر: 2012/11/7
×
وعد بلفور والأكاذيب الكبرى
مَرت قبل أيام قليلة الذكرى الخامسة والتسعين لوعد بلفور المشؤوم الذي شكّل نقطة البداية في بناء المداميك الأولى للمشروع التوسعي الاستيطاني الكولونيالي التهويدي الصهيوني فوق الأرض العربية الفلسطينية، وبداية الرحلة المستمرة من تراجيديا العذاب الفلسطينية، التي توجت عام 1948 باقامة الكيان الصهيوني على أنقاض المساحة الأكبر من أرض فلسطين التاريخية، وعلى دماء عشرات الآلاف من أبناء فلسطين الذين سقطوا منذ حملات التطهير العرقي الصهيوني سنتذاك وحتى الآن، مروراً بحروب عام 1956 وعام 1967 حين انقضت القوات الصهيونية على ما تبقى من أرض فلسطين التاريخية في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة. كما مرت ذكرى وعد بلفور قبل أيام، والشعب الفلسطيني على أبواب مرحلة جديدة من الاستحقاقات الوطنية الراهنة مع تزاحم المشاريع «الاسرائيلية الصهيونية» الجارية الآن لتهويد الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 واحكام السيطرة الكاملة على مدينة القدس وتطويقها بالكتل الاستيطانية في ظل سُباتٍ عربي مريب، وغياب شبه كامل للدور الاسلامي على كل مستوياته، فضلاً عن وجود انقسام مُزمن في البيت الفلسطيني مازالت تداعياته تلقي بظلالها على مسار الأحداث في المنطقة وفي فلسطين. أكذوبة المسألة اليهودية لقد استطاعت الحركة الصهيونية بلورة المشروع الاستيطاني في خطوات أوصلتها لانتزاع وعد بلفور المشؤوم وما ترتب عليه. فالحركة الصهيونية، كجسم سياسي مُنظم، هي من صنع تيودور هيرتزل (1860 ـ 1904)، اليهودي المجري، الذي نشر في سنة 1896 كتابه «دولة اليهود»، وعرض فيه مفهومه لجذور ماعُرف بـ «المسألة اليهودية» (وهي مسألة مُصطَنعة بكل الحالات) وبالتالي وجهة نظره في حلها، عبر انشاء «أمة يهودية» مستقلة (لاحظوا كلمة انشاء، بمعنى تصنيع قومية أو أمة) على أرض تمتلكها. لقد أسس هرتزل في المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل بسويسرا عام 1897 المنظمة الصهيونية العالمية التي كانت وسيلة من أجل تحقيق هدفه ببناء دولة وصناعة أمة وقومية يهودية، ومن خلالها تحرك تيودور هيرتزل بين التجمعات اليهودية في أوروبا، كما على الساحة السياسية الدولية، داعياً الى مشروعه، وساعياً لتحويل ما بات يُعرف بـ«المسألة اليهودية» لقضية دولية، مدعياً بأن «مسألة اليهود في العالم تخص جميع شعوبه، وبالتالي فعلى الأمم المساهمة في حلها، وواجبها هو وضع المسألة في جدول أعمال السياسة الدولية، لبناء وطن قومي لليهود على أي بقعة أرض مناسبة». وعليه، ففلسفة تيودور هيرتزل قامت على تشكيل واصطناع «أمة وقومية يهودية « تجمع اليهودي الأوروبي الأبيض مع اليهودي العربي الحنطي اللون الى جانب اليهود الفلاشا من الزنوج، وهو ما يتناقض مع فكرة الأمة والقومية، ومع حقائق المنطق والتاريخ ومسار البشرية بأسرها. لقد التقطت كل من انجلترا وفرنسا منذ أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين المساعي التي أطلقها تيودور هيرتزل لانشاء كيان يهودي على أي بقعة أرض فوق المعمورة حتى لو كانت في أوغندا أو جزر واق الواق، وتعاظم الاهتمام الأنجلو-فرنسي بمشروع هيرتزل بعد انهيار الامبراطورية العثمانية، فأتخذت كل منهما سياسة مضمرة عنوانها اقتسام التركة العثمانية أو ما كان يطلق عليه آنذاك تركة الرجل المريض (الامبراطورية العثمانية- التركية). فالصراع احتدم في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين واستطاعت بعض هذه الدول أن تقضم هذا الجزء أو ذاك، وتحديداً في الجزيرة العربية وبلاد الشام والرافدين، وبعد مفاوضات وصفها البعض حينذاك بـ «الحرب الباطنة» وهي المفاوضات التي دارت بين لندن وباريس وبتروغراد (بطرسبورغ حالياً) وتم الاتفاق على تقسيم التركة العثمانية بحيث تستولي كل دولة على القسم الأهم مما كانت تتوق اليه. وبموجب الاتفاق أعلاه، تحددت حصة روسيا القيصرية بعدد من الأميال الى الداخل على ضفتي مضيق البوسفور وبقطعة كبيرة من شرق الأناضول، في حين فازت فرنسا بالقسم الأكبر من سوريا الطبيعية، وسيطرت بريطانيا على سوريا الجنوبية حتى العراق، الا أن المكائد الأنجلو فرنسية تجاه الدولة السوفياتية الجديدة دفعت بقادة الثورة البلشفية في الاتحاد السوفياتي (السابق) لفضح صفقة تقاسم بلاد الشام والرافدين والمعروفة باسم اتفاق (سايكس بيكو) عندما سَرب السوفيات وقائع الاتفاق الذي دعا لتقسيم بلاد الشام وتمزيقها الى كيانات أربعة. في هذا السياق، ان ما سرّع من مفاعيل اتفاق (سايكس بيكو) كان اندلاع الحرب العالمية الأولى وتزايد حدة الأصوات التي انطلقت مفتعلة مايسمى بـ (المسألة اليهودية في أوروبا) فكان تحالف رأس المال اليهودي مع مراكز القرار الأوروبي والتلاقي مع ارادة المستعمر البريطاني، كما تولدت المصالح المشتركة ذات البعد الاستراتيجي. ففي الأساس كانت بريطانيا قلقة من هجرة يهود روسيا وأوروبا الشرقية باتجاه الغرب والولايات المتحدة فوجدت انجلترا أن لها مصلحة في توظيف هذه العملية في برنامج توسعها في الشرق الأوسط، فحولت قوافل المهاجرين الى فلسطين بعد صدور الوعد، وقدمت كل التسهيلات اللوجستية والأمنية والعسكرية والاقتصادية للمهاجرين اليهود، وعَملت على تحصين عمليات استيطانهم فوق عموم الأرض الفلسطينية، من خلال توفير الحماية لهم والمساعدة اللازمة. وعليه، ولد الجنين السام تحت عنوان وعد بلفور اللئيم لانشاء دولة يهودية على أرض فلسطين كقاعدة متقدمة للهيمنة الأوروبية المستديمة على قلب منطقة الشرق الأوسط، وعلى مقربة من خزان ومنابع الطاقة. فقد أرسل وزير الخارجية البريطانية اللورد بلفور وفي ذروة الحرب العالمية الأولى رسالته الشهيرة الى الزعيم الصهيوني ورجل المال والمتمول اللورد روتشيلد التي أرسلها باسم «حكومة صاحب الجلالة ملك بريطانيا العظمى» وفيها يشير بلفور الى سعي «حكومة جلالة الملك لبناء كيان يهودي على أرض فلسطين»، حيث تحول الوعد من الوجهة البريطانية والصهيونية الى وثيقة سياسية، فكان البيان هو الاصابة الأهم التي أحرزتها الحركة الصهيونية في سعيها للسيطرة على فلسطين. لقد حَرّف وعد بلفور التاريخ عن مساره وطرح الفكرة الصهيونية كخيار واقعي في السياسة العالمية ابان ذروة الحضور للسياسة البريطانية في العالم، وتوج الجهد البريطاني الصهيوني في الاصابة الثانية حيث قامت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بعد ذلك بثلاثين عاماً في أكتوبر 1947 بتأييد اقامة دولة يهودية على جزء من أرض فلسطين على أن يبقى المواطنين العرب فوق أرضهم في المكان المخصص للدولة اليهودية دون ترحيل أوتسفير أو اقتلاع. وانطلاقاً من المعطيات اياها من الممكن أن نلخص دوافع اصدار وعد بلفور فنقسمها الى جوهري وثانوي، فالجوهري كان رؤية ممكنات البرنامج الصهيوني في توطيد مواقع الامبريالية في الشرق الأدنى (تسمية بريطانية قديمة لبلاد الشام وتركيا والمشرق العربي) وصد الحركة القومية العربية الناهضة آنذاك واجهاضها ان أمكن. أما الثانوي الآني تفويت الفرصة على الامبريالية الألمانية لكسب الصهيونية، والاستفادة من تأييد من يمكن جذبهم من اليهود لقضية الحلفاء وخاصة في الولايات المتحدة. خرافة الميثولوجيا وعلى الضفة الثانية، وفي سياق تحالفاتها مع الغرب الأوروبي، بنت الحركة الصهيونية وقائدها العلماني (دققوا في كلمة العلماني) تيودور هيرتزل مداميك «أيديولوجيتها» على أساس من الرواية الميثولوجية المستندة للخرافة، وطورتها من القبول بأي بقعة جغرافية في العالم (في أوغندا أو غيرها) كوطن قادم «للشعب اليهودي» الى المناداة باستعمار واستيطان أرض فلسطين باعتبارها «أرض الميعاد» لاستقطاب وجذب أوسع القطاعات من يهود أوروبا وخصوصاً يهود أوروبا الشرقية في بولونيا والبلطيق وروسيا وأوكرانيا ودغدغة مشاعرهم الدينية.. حيث طورت أيضاً حكاية تأسيسية مفادها أن «العالم كله ضدنا، ونحن وحدنا وبأيدينا سنقيم دولتنا». وحدا بالحركة الصهيونية أن حاربت بقوة سخرية اليهود الأرثوذكس التي كانت الصهيونية بالنسبة اليهم محاولة كافرة لاستباق المسيح، كما حاربتها قطاعات من المثقفين اليهود في الغرب الذين رأوا في الصهيونية محاولة خطيرة لاشغال اليهود بشوفينية قد تجلب لهم الكوارث وتزعزع استقرارهم كمواطنين في دولهم وبلدانهم الأم، ودعوا اليهود للتحرر المدني والعمل للفوز بحقوق الأقليات الاثنية (وليس القومية) في التركز الاقليمي واللغة والثقافة، كما كان للليبرالية اليهودية المعارضة للاستعمار الكولونيالي موقفاً مماثلاً، فقد أيدت مبدأ حق تقرير المصير الذي يمنح السيادة لمجموعات الأغلبية القومية، وفقاً لهذا المبدأ فلسطين تعود للفلسطينيين في نظرهم. خلاصة القول، ان وعد بلفور حمل في طياته الأكاذيب الكبرى متناغماً مع أكاذيب الحركة الصهيونية، ولم يكن سوى جريمة بكل ما للكلمة من معنى، وتتحمل بريطانيا خاصة والغرب عامة وزره ووزر ما اقترف بحق الشعب الفلسطيني، وهي الجريمة التي أدت بنتائجها الى كارثة كبرى مازالت فصولها الدامية تتواصل كل يوم على أرض فلسطين من أقصاها الى أقصاها مع سيل الدماء التي تتدفق كل يوم، ومع سيل الكوارث التي لم تنقطع في صراع مستميت أضحى صراع العصر منذ أكثر من خمسة وستين عاماً مضت، ومازالت صفحاته مفتوحة، وستبقى مفتوحة إلى حين انصاف الشعب الفلسطيني ورد الاعتبار لحقوقه الوطنية والتاريخية، وتقديم الاعتذار العالمي عن الجريمة والجرائم التي اقترفت بحقه. وفي الذكرى التسعين للوعد المشؤوم تقف أمام الشعب الفلسطيني مهام وطنية كبيرة وفي المقدمة منها ضرورة اعادة اللحمة الوطنية بين أبناء البيت الواحد، والتخلص من رواسب الانقسام الداخلي، والتشديد على أهمية عودة الجميع الى طاولة الحوار الوطني الحقيقي والجاد، دون شروط مسبقة خصوصاً بين حركة حماس وما تمثله من ثقل كبير في البيت الفلسطيني وحركة فتح وما تمثله أيضاً من وزن معتبر في الساحة الوطنية الفلسطينية.
تاريخ النشر: 2012/10/13
×
إلى كل من يتغنى بعروبة القدس
شكّلت الهجمة الفاشية الأخيرة من قبل قطعان المستوطنين الصهاينة، على باحات المسجد الأقصى المبارك، خطوة تصعيدية ثانية في أقل من شهر، بعد سلسلة من التحضيرات، ومن التحشيد المدعوم حكومياً، وعلى المستويات الإسرائيلية العليا، لاستباحة المسجد وحرم المسجد، وإقامة الطقوس اليهودية، في تَحدٍ سافر، ليس للشعب العربي الفلسطيني فقط، بل لعموم العرب والمسلمين. فقد خرج أحد هؤلاء المستوطنين من باحات المسجد الأقصى، ليصرخ بملء فمه قائلاً «ها قد خرجنا منه راقصين بعد أن أدينا طقوسنا التلمودية، واقتحمناه رغماً عن أنوفكم.. فماذا أنتم فاعلون؟». ومن الملاحظ أن استهداف المدينة وأقصاها، جاء هذه المرة في ذكرى تحريرها واستردادها من المغول، في الثاني من أكتوبر من عام 1187، على يد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي. ومن المؤسف، أن ما جرى ويجري تجاه مدينة القدس والأقصى، ما زال بعيداً عن الاهتمام الجدي والملحوظ عربياً وإسلامياً، اللهم إلا نقل الخبر إعلامياً، كأي خبر عادي، وإصدار مواقف الشجب والاستنكار، دون أي فعل ملموس، فيما تواصل سلطات الاحتلال عملها الملموس وعلى الأرض، عبر توسيع وتشجيع عمليات التهويد والاستيطان التي أكلت الأخضر واليابس داخل المدينة، وعلى حدودها الإدارية مع قرى وبلدات عموم الضفة الغربية. قضية القدس تتسارع، والدولة العبرية الصهيونية تسابق الوقت لإنجاز مشاريعها وتصوراتها الموضوعة، بالنسبة للمدينة المقدسة، وحتى بالنسبة للمسجد الأقصى، فأعمال الحفريات والهدم والبناء لم تتوقف لحظة واحدة، على الرغم من أطنان الخطابات الورقية العربية والعالمية، ورغم نداءات المجتمع الدولي، بما في ذلك نداءات منظمة اليونيسكو، التي وجهت أكثر من نداء بخصوص المناطق والمواقع التاريخية العربية الإسلامية والمسيحية الواقعة داخل المدينة، وعلى أطرافها. وقبل أيام خلت، كانت إحدى طائرات الاحتلال العمودية تطير فوق المسجد الأقصى، إلى حدود كادت أن تلامس قبة الصخرة، وبعض أعمدة المسجد، في استعراض عسكري، وتَحدٍ لمشاعر الناس من أبناء المدينة، ومن عموم المواطنين الفلسطينيين، وفي رسالة إسرائيلية للجميع، بما في ذلك للنظام الرسمي العربي وعموم المسلمين، بشأن القدس، وبشأن الموقف الإسرائيلي المعروف إزاء المدينة المقدسة. لقد كاد الجميع أن يسقط في امتحان الدفاع عن المدينة المقدسة، وعن أوابدها، عدا أبناء المدينة أنفسهم، الذين على الرغم من ضعف الحيلة، ورغم فقدان أسانيد الدعم والإسناد الحقيقية والمطلوبة، إلا أنهم ما زالوا صامدين في معركة الدفاع عن عروبة المدينة، وعن قدسيتها عند عموم المسلمين والمسيحيين في أرجاء المعمورة بأسرها. القدس تطلق صرختها في ظل «همود وخمود» طال واستطال في المواقف العربية والإسلامية الرسمية، إزاء ما يجري حالياً من حملات تهويد غير مسبوقة للمدينة المقدسة، وفي لحظات حاسمة، يتعالى فيها ضجيج بلدوزرات الهدم والتهويد الإسرائيلية الصهيونية، وأصوات «بساطير» (أحذية) جنود الاحتلال في شوارعها وأزقتها، وحتى داخل باحات المسجد الأقصى وحرمه، في وقت ما زالت فيه المواقف الأميركية تُشكّل الغطاء الأساسي والرئيس لسياسات الاحتلال بالنسبة للمدينة المقدسة. فالموقف الأميركي كان، وما زال، مضموناً للدولة العبرية الصهيونية، يَقيها ويحميها من القانون الدولي، ويجعل منها دولة فوق القانون، تمارس ما تشاء من سياسات وأفعال، دون مساءلة ودون توقف من قبل المجموعات والمؤسسات الدولية الكبرى، بما في ذلك الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. فإسرائيل ليست دولة سوبرمان، بل هي كيان مُسلح بالموقف والغطاء الأميركي أولاً، والموقف الغربي ثانياً.. وللأسف، بالتهاون والصمت العربي ثالثاً. إن الأقصى والقدس وأبناءها الصامدين داخلها، يطالبون الجميع في عالمنا العربي والإسلامي، وكل أحرار العالم وقوى الديمقراطية والسلام، بالدعم السياسي المنشود، الذي يجب أن يتوازى ويترافق مع الدعم المادي المطلوب. فالدعم السياسي ضرورة لتشكيل مظلة الحماية للشعب الفلسطيني، كما يفترض أن يسير في اتجاه وقف الانحدار في العملية السياسية في الشرق الأوسط، تحت إدارة واشنطن، التي ما زالت تتخذ مواقف منحازة وبعيدة عن منطق التوازن في النظر لقضايا التسوية، بما في ذلك بالنسبة لمصير المدينة المقدسة. حيث تتبنى الولايات المتحدة، في واقع الحال، الرؤية الأقرب للموقف الإسرائيلي، في متوالية سياسية سارت عليها الإدارات الأميركية المتعاقبة، منذ ما بعد حرب يونيو 1967، وقد تبدت الآن أكثر فأكثر، في ظل الوضع المعقد الذي تعيشه المدينة المقدسة وأبناؤها من المواطنين الفلسطينيين. وحتى يصبح الموقف العربي والإسلامي على مستوى التحدي، ولو بحدوده الدنيا، وحتى نرد الاعتبار لمأساة القدس ونكبة مقدساتها الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمها نكبة المسجد الأقصى المبارك، فإن الفلسطينيين صامدون في المدينة المقدسة وعموم فلسطين، ينتظرون الترجمة العملية لقرارات عربية، سبق وأن تم اتخاذها بالنسبة للمدينة المقدسة، وينتظرون تفعيل صندوقها الخاص. فيما يقع على عاتق كل القيادات الروحية الإسلامية والمسيحية في العالم الإسلامي والعربي، وكذلك القيادات السياسية، أن تبادر لقرع الأجراس من جديد، عسى أن تتوالد التحركات الجدية العملية والملموسة، في الوقت الأخير الخطير الذي تعيشه المدينة المقدسة. فكل من يتغنى بعروبة القدس، عليه أن يفعل شيئاً من أجل هذه العروبة، فالحفاظ على عروبة القدس لا يحتاج إلى خطابات، ولا يحتاج إلى بيانات شجب واستنكار، بل يحتاج عملاً ميدانياً على الأرض، لدعم صمود وبقاء المقدسيين فوق أرضهم، وإسناد مؤسساتهم بالدعم المادي الملموس والمباشر. إنها قضية القدس والأقصى، والمسجد الأقصى وقبة الصخرة، وكنيسة القيامة، أرض الإسراء والمعراج، التي تنتظر فاتحها الجديد، في ذكرى تحريرها على يد الملك الناصر صلاح الدين الأيوبي.
تاريخ النشر: 2012/10/3
×
حل الدولتين وحل الدولة الواحدة
لم تأخذ القضية الفلسطينية حقها ونصيبها من النقاش والتفاعل الحقيقي والجدي عبر أعمال الدورة الـ(67) للجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام خلت، فقد غابت فلسطين عن خطابات وكلمات العديد من رؤساء الوفود الدولية الذين أشاروا اليها مروراً ودون توقف يذكر، ودون اعطاء مواقف واضحة تجاه الأزمات الكبرى التي مازالت تعصف بعملية التسوية منذ أن وصلت الى الجدار المسدود بفعل الموقف الاسرائيلي وغياب المرجعيات الدولية الضاغطة على الدولة العبرية الصهيونية، اضافة لفقدان الموقف العربي الجدي الذي مازال موقفاً ارتجالياً، لهوفاً ولاهثاً وراء دور أميركي مفترض، فيما تضع الولايات المتحدة كل بيضها في سلة الاسناد الكامل للموقف الاسرائيلي والتغاضي عن سياسات الاحتلال بما في ذلك سياسات الاستيطان والتهويد التي نهبت وابتلعت الأجزاء الكبيرة من الأرض المحتلة عام 1967 . فلسطين وكلمة أبو مازن لقد غابت فلسطين نسبياً عن أعمال الدورة الـ (67) للأمم المتحدة، ولم تجد لها مكاناً في النقاش والحوار كما يريد الفلسطينيون، بالرغم من الخطاب السياسي للرئيس محمود عباس، الذي قدم رؤية تاريخية موفقة، كما في اشاراته المحددة لفشل عملية التسوية في المنطقة على ضوء السياسات الاسرائيلية خصوصاً بالنسبة لمسألة وقف عمليات التهويد والاستيطان الزاحف فوق عموم الأرض المحتلة عام1967 وفي منطقة القدس وداخل حدودها الادارية وأحيائها العربية المسيحية والاسلامية. فكلمة الرئيس محمود عباس، كلمة مؤثرة، وقد حملت توصيفاً جيداً ومؤثراً لمعاناة الشعب الفلسطيني منذ قيام الكيان الصهيوني على أنقاض كيانه الوطني والقومي عام 1948، وسرد بشكل واضح مسلسل عملية التسوية التي انتهت الى الجدار المسدود. كلمة الرئيس عباس، وان لاقت ترحيباً فلسطينياً عاماً، من جميع القوى والفصائل الفلسطينية، الا أنها ووجهت بملاحظات ذات بعد سياسي من قبل بعض القوى الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس التي رأت بأن الكلمة (الخطاب) كانت جيدة، الا أنها تضمنت في جوانب منها نفس مفردات الخطاب السياسي التقليدي الذي يتبناه الرئيس محمود عباس وتتبناه معه منظمة التحرير الفلسطينية والمقصود هنا مسألة حل الدولتين التي لاتوافقها حركة حماس، وترى فيها تفريطاً، خاصة بالنسبة لقضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم بالعودة تحت عنوان حل متفق عليه اضافة للاعتراف الفلسطيني بالدولة العبرية الصهيونية. أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والتي تعتبر الفصيل الثاني في منظمة التحرير الفلسطينية، فقد نوهت بضرورة الاستفادة من موقف الرئيس محمود عباس الذي أشار لفشل عملية التسوية وخيار المفاوضات، لتنطلق في ذلك نحو تقديم موقف آخر عنوانه العودة لـ خيارات فلسطينية جديدة بعيدة عن طاولة المفاوضات التي أضحت خياراً يتيماً تجرى تحته كل سياسات اسرائيل الجائرة تجاه الفلسطينيين. وأغلب التقدير بأن الجانب المتعلق بشأن الطلب الى الجمعية العامة لاعتماد فلسطين دولة غير كاملة العضوية في كلمة الرئيس محمود عباس، كان له وظيفة اعلامية وسياسية، أكثر منه وظيفة ذات بعد استراتيجي، فالجانب السياسي والاعلامي من الطلب الفلسطيني الرسمي يتحدد كما تشير مصادر السلطة الفلسطينية ذاتها في رام الله بـ رفض الانصياع للضغوط التي تقودها الولايات المتحدة لثني الفلسطينيين عن السير باتجاه عضوية المنظمة الدولية، أو ادخالها الى مسار الحل. فواشنطن مازالت ترى وستبقى كذلك بأن مسار الحلول السياسية في الشرق الأوسط يقع تحت سقف مساعيها ودورها الدولي الأساسي في هذا الميدان، وأن تشكيلة ما يسمى بـ «اللجنة الرباعية الدولية» ليست أكثر من واجهة لا دور لها في مسار الحل أو في رعاية أي عملية تفاوضية بين الدولة العبرية الصهيونية والفلسطينيين وحتى أي طرف عربي والمقصود سوريا ولبنان في هذا المجال. وعليه، ان خطاب الرئيس محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الأخيرة وبأي محتوى كان لم يكن يعني اسرائيل التي لاتريد أصلاً اشراك أي طرف دولي مؤثر في المسار السياسي لعملية التسوية في المنطقة، وتتوافق تماماً في هذا المسعى مع الطرف الأميركي من خلال حصر العملية برمتها تحت الرعاية الأميركية دون غيرها، واستبعاد اللجنة الرباعية الدولية والأمم المتحدة، وبالتالي الاستفراد بالطرف الفلسطيني ووضعه تحت مطرقة الضغط الاسرائيلي اليومي في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وعلى أرضية السندان الأميركي. ان كلمة الرئيس محمود عباس قوبلت باستهتار واستفزاز اسرائيلي رغم الخطوط العريضة السلامية الحمائمية التي أضافها الرئيس محمود عباس في كلمته ومنها تأكيده بأن الشعب الفلسطيني سيعتمد المقاومة الشعبية السلمية الحضارية لتصفية الاحتلال العنصري الاسرائيلي وبناء دولته المستقلة الحرة. لقد بانت فجاجة الموقف الاسرائيلي عبر مفردات خطاب نتانياهو الذي عبر عن اصراره وباسم ائتلافه الحكومي على مواصلة سياسة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية وبخاصة حول مدينة القدس ولم يترك مجالاً على الاطلاق لانجاح فكرة حل الدولتين اذ لا يمكن الحديث عن قيام دولة فلسطين في ظل ابتلاع الاستيطان لمعظم أراضي الدولة الفلسطينية المنشودة فوق كامل الأرض المحتلة عام 1967 . كما بانت فجاجة الموقف الاسرائيلي من خلال تركيز نتانياهو في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة على الموضوع الايراني وملف القنبلة النووية الايرانية في الوقت الذي تملك فيه اسرائيل ترسانة مرعبة من القنابل النووية المخبأة في أكثر من مكان على أرض فلسطين المحتلة عام 1948، وعلى الأخص في منطقة تل نوف القريبة من مدينة الرملة حيث تتواجد الصواريخ الحاملة للرؤوس النووية. فنتانياهو أراد من خلال الاشارة على ايران وملفها النووي تقديم كلمة خداع للعالم لاظهار اسرائيل وكأنها دولة محبة للسلام. سقوط حل الدولتين انطلاقاً من الوارد أعلاه، ان مسار الأحداث في المنطقة لا يبشر بالخير على الاطلاق بالنسبة لعملية التسوية على المسار التفاوضي الفلسطيني ـ الاسرائيلي. فحل الدولتين أصبح عملياً في خبر كان في ظل الهجمة الاستيطانية التهويدية الشرسة. وفكرة حل الدولتين تقف على مفترق طرق في اطار الفرصة الأخيرة لانقاذ عملية السلام، وهو ما كان قد أشار اليه الوزير الاسرائيلي يوسي بيلين الذي شغل مقعداً في البرلمان الاسرائيلي ممثلاً لحزب العمل وحركة ميريتس اليسارية الصهيونية، وكان من صناع اتفاق أوسلو عام 1993، الذي اعتبر بأن اعلان اوسلو أصبح وسيلة أتاحت للطرفين احباط حل الدولتين، مشيراً وحسب زعمه وباعتباره من صناع اتفاق اوسلو أن اتفاقية أوسلو كانت نصراً عظيما لمعسكري السلام في الجانبين، وقد تم احباطها من جانب أعدائها الذين لا يريدون تعزيز حل الدولتين. فيوسي بيلين يقر الآن بأن حل الدولتين قتلته سياسة الاستيطان الاسرائيلية الذي يتوسع في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وأنه يجب التفكير في حلول أحدها هو حل الدولة الواحدة، على الرغم من المشاكل التي لا نهاية لها والكامنة فيه. وفي المسار ذاته، فان أحمد قريع، وهو رئيس وزراء فلسطيني سابق والذي كان واحداً من المفاوضين الرئيسيين في عملية صناعة اتفاق أوسلو، اعتبر بدوره أن حل الدولتين أصبح ميتاً، وأن خيار الدولة الواحدة الديمقراطية لكل من الفلسطينيين والاسرائيليين يجب التفكير به حالياً. وبعيداً عن جدية أو عدم جدية أقوال كل من يوسي بيلين وأحمد قريع، الا أنهما يعكسان في حقيقة الأمر وجهة نظر باتت محط جدل ونقاش حتى داخل المجتمع اليهودي على أرض فلسطين التاريخية وداخل صفوف قطاعات متزايدة من الأنتلجنسيا اليهودية، وبات يتبناها أيضاً الكثير من المراقبين لعملية التسوية المتوقفة في المنطقة والغارقة في أوحال التعقيدات الهائلة، مع انغلاق نافذة الفرصة لاقامة الدولة الفلسطينية كما يرى البعض، أو قرب انغلاقها. لقد بدأ الحديث عن حل الدولة الواحدة التي يحلو للبعض بتسميتها الدولة الموحدة ثنائية القومية في السنوات الأخيرة، من قبل بعض المثقفين الفلسطينيين واليهود داخل المناطق المحتلة عام 1948، ومن قبل بعض المثقفين الفلسطينيين في الشتات في سوريا والولايات المتحدة بشكل رئيسي. منطلقين من أن الوقائع على الأرض باتت تحفر أخاديدها، وأن الغالبية الساحقة من سكان الدولة العبرية من اليهود باتوا من مواليد فلسطين وبالتالي لم يعد أمامهم من موطن سوى مكانهم الراهن، الذي يفرض عليهم وعلى الفلسطينيين البحث عن حل عادل يتمثل بدولة موحدة لشعبين (بالرغم من التحفظ على كلمة شعبين، حيث لاتنطبق على اليهود في فلسطين كلمة شعب والا فنحن نخالف منطق الأشياء). وبالطبع، فان حل الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة على أرض فلسطين هو البديل من وجهة نظر البعض الذين مازالوا يُشكلون الى الآن حضوراً محدوداً داخل اسرائيل منطلقين من أن حل الدولة الواحدة سيفرض نفسه تلقائياً مع مرور الزمن على أرض الواقع وهو في جوهره من وجهة نظرهم حل دولة ثنائية القومية، رعاياها متساوون، وستلغى عندها هوية الدولة اليهودية. فهناك تأييد، وان يكن مازال محدوداً، لفكرة الدولة الواحدة في أوساط اسرائيلية على أساس أن ذلك هو الفرصة الوحيدة لحل سياسي حقيقي في الشرق الأوسط حتى لو كان ذلك على حساب ما يسمونه بالوطن اليهودي. أخيراً، وكما هو ملاحظ بالنسبة لحل الدولتين، فان الحل يكاد يبدو مستحيلاً بالشروط الأميركية والاسرائيلية، اذ لا تريد كل منهما اعطاء الفلسطينيين القدس، ولا الرجوع لحدود العام 1967 ولا تفكيك المستعمرات، بل هم يريدون دولة اسمية للشعب الفلسطيني بدل الحقوق، وليس دولة بحقوق (أكثر من حكم ذاتي بقليل وأقل من دولة بكثير) مع شطب حق العودة الذي يشكل لباب القضية الفلسطينية وعنوانها الأساس.
تاريخ النشر: 2012/9/29
×
الفلسطينيون ومعركة الدفاع عن عروبة النقب
منذ النكبة، بدأت عملية التهجير القسري لمنطقة النقب جنوب فلسطين، ومع أوائل الخمسينات، كان أكثر من 90 ألف بدوي فلسطيني من أبناء منطقة النقب وعشائرها، قد أجبروا على الرحيل، وتحول معظمهم إلى لاجئين في المناطق المجاورة في قطاع غزة، ومناطق الضفة الغربية، خصوصاً منطقة الخليل وضواحي القدس، وشبه جزيرة سيناء والأردن، وبنسبة أقل إلى سوريا. فقد لجأت غالبية بدو النقب إلى قطاع غزة، ونسبة أقل إلى الأردن وقد عرفوا بـ"السبعاوية"، فيما حطت أعداد منهم في التجمعات البدوية على امتداد الصحارى الشرقية للضفة الغربية، حيث ما زالت العشائر البدوية المهجرة من بئر السبع وعراد جنوب فلسطين، تعيش في بيوت بدائية من الشعر والصفيح والبلاستيك، كتلك التي عاش فيها ضحايا النكبة جميعهم. وشكل أبناء العشائر من بدو فلسطين، نسبة لابأس بها من اللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى سوريا ولبنان والأردن، من بدو الجليل والجليل الشرقي وغور طبريا وسهل الحولة في الشمال. واستتبعت سلطات الاحتلال عمليات التطهير العرقي آنذاك، بالقيام بتجريد ما تبقى من البدو الفلسطينيين من ملكية الأرض، واتباع أساليب التهجير المنهجي الواسع، وصولاً إلى قرار "دولة إسرائيل" بعدم اعترافها بالحقوق العشائرية العرفية لملكية الأرض، حيث تتعامل إسرائيل مع أراضي البدو باعتبارها "أراضي دولة"، وسنت عددا من القوانين الجائرة، ومنها قانون الأراضي الذي يعتبر أن الأرض "لا تباع إلى الأبد"، وهي القاعدة التي وجهت المؤسسات الصهيونية المعنية بقضايا التهويد والمسماة بـ"الكيرين كيميت ليسرائيل"، لتطبيق سياسة "أنقاض الأراضي". وفقا لهذا القول، تمت صياغة البند الأول في قانون ما يسمى "أساس أراضي إسرائيل"، الذي يمنع نقل الملكية لغير "الدولة والقومية اليهودية"، ويقول بأن "الملكية لا تنقل إن كان من خلال البيع أو بأي طريقة"، حيث الدولة هي "دولة القومية اليهودية" وكذلك هو شأن الأراضي. وبالتالي فإن العربي هنا خارج تعريف الانتماء القانوني والتاريخي للسيادة على الأرض، ولا حق له على الحيز المنطقي والتخطيطي، وليست له دولة لأنه ليس يهوديا، ولا مواطنة حقيقية لأن المواطنة يهودية. وباختصار شديد، يمكن القول إن عمليات ترحيل السكان (التطهير العرقي)، والتجريد من الأملاك والقمع، تواصلت من خلال نظام الحكم العسكري الذي سيطر على العرب الفلسطينيين، الذين تمكنوا من البقاء داخل حدود العام 1948 إلى العام 1966، حيث حوصر فلسطينيو الداخل، وتعرض أبناء النقب للحصار بشكل منهجي، وتم نقلهم قسريا وحشرهم في ما يسمى "منطقة السياج" الواقعة في الركن الشمالي الشرقي للنقب، مباشرة إلى الجنوب من الضفة الغربية، وفي مثلث واضح في المنطقة الواقعة بين مدن بئر السبع، عراد وديمونا. فحاول الصهاينة بذلك إبعاد وتشريد البدو من النقب من أجل زيادة السكان اليهود، لذلك حرم البدو من العرب الفلسطينيين من أبناء النقب من رخص البناء أو الاستقرار في المنطقة، واستمرت هذه السياسة منذ النكبة عام 1948. وتعد منطقة النقب وعاصمتها بئر السبع، من المناطق الحيوية جنوب فلسطين المحتلة، نظراً لاتساع مساحاتها نسبياً، وقربها من مصر عبر مجاورتها لحدود طويلة مع منطقة سيناء، ومجاورتها لشريط جنوب الأردن، وإطلالها على البحر الأحمر من خلال فتحة مدينة أم الرشراش (إيلات) التي تعتبر جزءاً من منطقة جنوب النقب، فضلاً عن اكتناز المنطقة للعديد من الثروات الباطنية التي لم تصرح عنها إلى الآن سلطات الاحتلال، فيما يذهب العديد من المصادر لتأكيد وجودها، بما فيها العناصر النادرة في الجدول الدوري الكيميائي كاليورانيوم وغيره. إضافة لذلك، تعد منطقة النقب من المناطق الرئيسية لتواجد القواعد الجوية الإسرائيلية، ومراكز التدريب والكليات العسكرية لجيش الاحتلال، إضافة لمفاعل ديمونا وملحقاته. فقد انتشرت في قضاء بئر السبع المنشآت العسكرية والمستعمرات التي تحول بعضها إلى مدن كبيرة، مثل ديمونا وعراد، وإيلات، ونتيفوت، وافقيم، ويروحام، وسدي بوكر وغيرها. وفي هذا السياق، فان تأكيدات عدة صدرت من جهات مختلفة، أشارت إلى أن الجيش الأميركي نصب منظومة صواريخ مضادة للصواريخ الباليستية في منطقة صحراء النقب، في مهمة توفر الحماية الجوية من الصواريخ التي قد تطلق في اتجاه الكيان الصهيوني، ومواجهة طائرات خفيفة أو طائرات من دون طيّار. وأوضحت تلك المصادر أن المنظومة الدفاعية مرتبطة بالسفن الأميركية في المنطقة، التي تحمل صواريخ مضادة لصواريخ أرض ـ أرض الباليستية. ووفق التفاهمات الأميركية المعلنة مع إسرائيل، فإن المنظومة ستبث إشارات في حال رصدها لصواريخ "معادية"، إلى السفن الأميركية في البحر المرتبطة برادار سلاح الجو الإسرائيلي، ليتمكن "الجيش الإسرائيلي" من اعتراض الصواريخ وفق اختياره. في الاستخلاصات الأخيرة، وفي الوقت الذي ينشغل فيه الفلسطينيون على مستوياتهم المختلفة، بإثارة ومواجهة عمليات الاستيطان الاستعماري الصهيوني الجائرة التي تجري فوق الأرض المحتلة عام 1967، فإن عجلة الاستيطان والتهويد الإسرائيلية الصهيونية، تواصل تقدمها داخل مناطق الاكتظاظ والتواجد السكاني العربي في فلسطين المحتلة عام 1948، وتحديداً في مناطق الجليل والمثلث والنقب، حيث تعمل الحكومة الإسرائيلية الحالية للانتقال إلى خطوة نوعية جديدة في هذا المسار، من عمليات التهويد نحو استكمال خطة خلخلة الوجود السكاني العربي. فالمساحات الشاسعة جداً من أراضي الجليل والنقب، هي أراضٍ عربية مصادرة منذ عام النكبة، وجرت مصادرتها في إطار سياسة الاضطهاد القومي الصهيونية العنصرية ضد المواطنين العرب، حيث سنت "دولة إسرائيل" من أجل ذلك، أكثر من أربعين "قانوناً" غير شرعي منذ العام 1948. وعليه، فإن معركة الدفاع عن الوجود العربي الفلسطيني في منطقة النقب، معركة فاصلة على ما تبقى من أراض عربية داخل حدود عام 1948، بعد أن نالت المؤسسة الإسرائيلية الصهيونية ما نالته من أراضي الجليل شمال فلسطين، ومنطقة المثلث وسط فلسطين، والمدن الساحلية في الماضي. وهي معركة تعني كل فلسطيني، كما تعني كل عربي، وكل أحرار العالم وقوى الديمقراطية والعدالة والسلام. إن أهلنا وشعبنا الصامد داخل حدود 1948، يخوضون معركة الوجود العربي والفلسطيني ويقارعون السلطات الصهيونية التوسعية بلا كلل، وبكفاح منقطع النظير.
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647 القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14 حي المصايف، رام الله الرمز البريدي P6058131
للانضمام الى القائمة البريدية
|