مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
إن حجم التغييرات الماضية والمقبلة توجب علينا كفلسطينيين أن نوحد جهودنا فالقضية الفلسطينية باعتبارها جزءا هاما من حركة التحرر العربية والعالمية، وفي ظل السيناريوهات القادمة , بعد ان رأينا مجرى الثورات العربية والتحولات الجارية في المنطقة ، والمخاطر التي تتهدد القضية الفلسطينية جراء استمرار إسرائيل بعدوانها وممارساتها بحق الشعب الفلسطيني وتهديداتها للقيادة الفلسطينية ، ورفضها لكافة حقوق الشعب الفلسطيني ، اضافة الى استمرارها بتهويد الارض والمقدسات ، كل ذلك هو مؤشر واضح بان اسرائيل حركة عنصرية استعمارية قامت على انقاض شعب هجر وشرد من دياره لقيام دولته على ارضه .

ان الثورات التي حصلت في تونس ومصر اعطت دافعا للشعوب العربية الاخرى للانتفاض على حكامها كما حصل في ليبيا واليمن على الرغم من الفروقات بين حالات تلك الدول , فقد كسرت هذه الثورات حاجز الخوف لدى الشعوب من الانظمة وهذه اهم نقطة لان الشعوب سابقا كانت تخاف مواجهة الانظمة , وكما يقال بانه ليس بالخبز وحده يحيا الانسان فالحريات والكرامة من الامور الاساسية في حياة الشعوب , ومن هنا تأثر الشارع الشعبي الفلسطيني كما الفصائل والقوى بذلك الحراك الشعبي العربي ، مما اعطى دافعا للشعب الفلسطيني للتحرك باتجاه انهاء الانقسام والمطالبة بتعزيز الوحدة والتي تعتبر السلاح الامضى في مواجهة الاحتلال ، وخاصة ان الانقسام ادى الى اشكالات مأساوية للشعب الفلسطيني والمستفيد الوحيد هو الاحتلال الاسرائيلي بدليل ردود الافعال التي صدرت عن الاسرائيلين بعد اللقاء الذي جرى بين الرئيس محمود عباس وخالد مشعل في القاهرة.

صحيح الانظار تتجه الى الانتخابات في مصر ونتائجها , وما ستكون نتائجها ، وهل ستعطي دفعا لاستعادة مصر ودورها على المستوى الاقليمي ، واهمية ذلك على الوضع الفلسطيني لان اي تغيير ديمقراطي حقيقي في المنطقة العربية يمكن ان يشكل تحولا مهما في تعزيز الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وعدم السماح للسطو الامريكي الاستعماري على الثورات العربية وتنفيذ مخططاتها التي تعمل جاهدة لهيكلة هذا التحرك الشعبي العربي ليتحول إلى صالحها ، من خلال مبدأ(نشر الفوضى الخلاقة)عبر تأجيج الصراعات العرقية واستغلال حالة الحراك الشعبي لإشعال فتيل الفتنة الطائفية للوقوع في أتون الفرقة والخلاف ، اوعبر عودة الإستبداد المنظم واحتكار السلطة.

وفي هذا السياق وتبعا للمخاطر المحدقة بالحقوق الفلسطينية، فإن ادراكنا لطبيعة العملية الثورية التي تجري عبر الثورات العربية في مصر وتونس وليبيا واليمن والبحرين ، التي تبرهن اليوم على القدرة على فرض هذه المتغيرات، على الرغم من كل الاحتمالات المشوبة بعوامل القلق والمحاذير، ونحن اليوم على عتبة مرحلة جديدة من النهضة بالمعنى الليبرالي الحداثي تتجاوز أنظمة الاستبداد والتفرد المطلق للحاكم، ملكاً أو رئيساً، بمثل ما تتجاوز أيضاً المطلق الأيديولوجي الديني او شعار "الاسلام هو الحل" لدى جماعة الإخوان المسلمين بالذات، فهذا يتطلب من الجماهير العربية وقواها الحية ان تبرهن على القدرة على بناء البديل الديمقراطي الشعبي الجديد ، وبأقل الخسائر والتضحيات، وهذا مشروط بقدرة القوى الوطنية والقومية والديمقراطية واليسارية على الالتحام الحقيقي في صفوف الجماهير الشعبية لمزيد من توعيتها بمصالحها وبمستقبلها صوب المزيد من وضوح رؤاها وبرامجها في إطار البديل المنشود، وكسر خوفها واستعادة وعيها القومي في مشهد جديد يعلن بدء عصر نهضوي عربي.

ورغم كل ذلك نرى اننا ذاهبون نحو تطورات إيجابية على الصعيد العربي، لأن اليقظة العربية تحقق الكثير من الخطوات الإيجابية، والطبقة المستبدة التي سيطرت على الأوضاع على مدى 40 سنة بدأ الوهن والضعف يطرقان أبوابها، وبدأت تتساقط تدريجاً ، وهذا ناتج بكل تأكيد عن الوعي الشعبي وما رأه من تفشي الفساد وتفاقم الأزمات الاجتماعية والاقتصادية ، ناهيك عن الأسباب الخارجية، لاسيما ضعف القوى الأجنبية التي كانت تدعم هذه الأنظمة بعدما أصيبت إصابات بالغة بعد احتلال العراق.

وامام ذلك نرى ان الولايات المتحدة تسعى بكل قوة للسطو على الربيع العربي، وخاصة بعد ان رأينا مواقف وزيرة الخارجية الأميركية كلينتون بالتدخل المباشر في هذه الثورات. وغني عن القول نرى انه بعد اسقاط انظمة وخوض الانتخابات نشاهد صعود للتيار الاسلامي ، ورغم ذلك نؤكد على اهمية فتح صفحة جديدة من التفهم والتعاون القائمة على الإيمان بالتعددية والديموقراطية وحقوق الإنسان بين التيار الإسلامي والتيار العروبي والتيار اليساري عموماً، وفقاً للنظرية السياسية التي تسعى لتوحيد جهود الجميع ، والقادرة على إيجاد صيغ الحكم الملائمة في الدول العربية .

وهنا يظهر السؤال هل سيستطيع الإسلام السياسي أن يقود مرحلة البناء والحفاظ على الحقوق المدنية للأفراد والجماعات والحفاظ على الكرامة الوطنية لشعوب المنطقة وهو لا يمتلك أدنى خبرة في ذلك أم انه سيعيد كتابة التاريخ من جديد وندخل في مرحلة جديدة من التبعية والعبودية للدولار الأمريكي والبسطار الصهيوني... وتشابك المصالح وتبادل المعلومات الاستخباراتية بالطبع للحفاظ على المصالح المشتركة على غرار التجربة التركية ، وصراحة أنا لست متفائلا إلا إذا غادرنا مربع المفعول به إلى مربع الفاعل وهذا يستوجب عدم القبول بكل المشاريع المزيفة ، وان التاريخ لن يرحم أي متآمر أو متخاذل متعاون.

ومن هنا علينا ان نحذر من ان أمريكا ليست مع الديمقراطية لأنها هي التي دعمت الأنظمة السابقة وساهمت في احتلال العراق وتساهم بشكل مباشر في تصفية الحقوق الفلسطينية ، وهي التي تمارس عملية نفاق، وهي لا تريد مجتمعات ديمقراطية عربية...وبالتالي عندما تفجرت الثورات ظهر أوباما وكأنه يقود الثورات وتصور البعض ان امريكا مع التغيير ، ولكن الحقيقة أنها تريد حماية مصالح الكيان الصهيوني... السياسة الأمريكية يحركها عامل الحفاظ على المشروع الصهيوني... لذلك أمريكا ليست مع الديمقراطية الحقيقية وهي دخلت على الخط ، وتحاول قطع الطريق على هذه الثورات لتحقيق كامل أهدافها وإعاقة التغيير في العالم العربي.

وفي ظل هذه الاوضاع كان موقفنا واضح في المنتدى العربي الدولي لمناهضة التدخل الأجنبي في سوريا ودعم الحوار والإصلاح في بيروت لاننا ندرك خطورة الأوضاع في سورية وأهمية الحفاظ على دورها والاستقرار فيها، لكن لا يمكن الحفاظ على هذا الدور إلا من خلال خوض معركة الإصلاحات بشكل جدي وملتزم، لأن سورية بحاجة ماسة الى إصلاحات سياسية ودستورية واقتصادية تؤكد التعددية والديموقراطية وحق الإنسان في الاختيار والمشاركة في الحكم، وفي هذا الإطار اكدنا على اهمية تسوية تاريخية بين مكونات المجتمع السياسي في سورية بدون استثناء، لأنه لا يجوز في أي حال من الأحوال القبول بأي تدخل أجنبي أو الانزلاق الى مهاوي الصراع الداخلي، لأن سورية يجب أن تبقى بإرادة أهلها وقياداتها المختلفة، سواء أكانت داخل السلطة أم خارجها، حصناً عربياً لفلسطين ، وأي سياسي حريص على دور سورية ومستقبلها القومي و الديمقراطي يجب أن يقوم بدوره لتحقيق هذه الأهداف.

لهذا على القوى اليسارية والتقدمية العربية أن تعي ما هو مطلوب منها، وأن تتداعى على الفور لكي تناقش الأفكار الكفيلة بالتمهيد الجدي لوحدتها على المستوى القومي العربي ، كخطوة ضرورية على طريق تنظيم وتأطير أوسع شرائح العمال والفلاحين الفقراء. لكن هذه الخطوة مرهونة بالدرجة الأولى بتفعيل فصائل وأحزاب القوى الديمقراطية في بلدانها أولاً ، بما يمكنها من الخروج من أزماتها الفكرية والسياسية والتنظيمية ، واثبات وجودها وفعاليتها في أوساط جماهيرها في كل قطر عربي ، تمهيداً للخطوة العملية صوب وحدة القوى الديمقراطية والتقدمية واليسارية العربية ، وفتح الأبواب مشرعة أمام استنهاض المشروع الوحدوي العربي ،كما يستوجب التأكيد على جملة حقائق موضوعية، واستخلاص الدروس وتوظيفها في خدمة إدارة الصراع مع العدو الصهيوني، من أجل تحقيق أهداف الشعب العربي الفلسطيني في دحر الاحتلال والتحرير والعودة وأبرز هذه الدروس، العمل على وضع اسم فلسطين على خارطة المنطقة الجديدة التي سترسم خلال السنوات القليلة القادمة، وهذا يفرض على الفلسطينيين أن يكون هدفهم الرئيسي تغيير موازين القوى، و إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.

من هنا نؤكد القضية الفلسطينية هي قضية عربية وعالمية وليست فلسطينية فحسب، وتحرير فلسطين يتطلب حشد طاقات الشعب في مواجهة المشروع الصهيوني والخطر الصهيوني ، ويمكن الاستفادة إلى حد كبير من التعاطف الدولي الكبير مع قضية الشعب الفلسطيني في السنوات الأخيرة، حيث تجسد ذلك باعتراف العديد من دول العالم بالدولة الفلسطينية بحدود العام 1967، وستتعزز الثوابت الفلسطينية مع ترسيخ الثورات العربية للتوجهات القومية، خاصة تلك المواقف المتعلقة بدعم الحقوق الفلسطينية وإعادة الاعتبار لشعار مقاطعة إسرائيل في كل الميادين السياسية والاقتصادية والثقافية، لذلك فإن الحراك العربي كان تاريخيا وستكون له نتائج كبيرة على الوضع العربي...ونحن أمام تحولات كبرى في المنطقة ونحن على قناعة بأن تحرر الانسان العربي ومعالجة القضايا التي تواجهها أمتنا ستكون له نتائج مباشرة على القضية الفلسطينية.

وختاما: لا بد من القول ان اللقاءات التي ستجرى في القاهرة مع الفصائل الفلسطينية بدعوة من القيادة المصرية لبحث العديد من نقاط ملف المصالحة الفلسطينية اصبحت ضرورة وستكون فرصة للفلسطينيين لتعزيز الوحدة الوطنية في ظل واقع جديد ووضع جديد وبداية معالم مرحلة جديدة، تتطلب استراتيجية جديدة على ضوء المتغيرات العربية, وعلى ضوء تجربة مسيرة النضال الفلسطيني وما أفرزته المرحلة السابقة من دروس ،وتنشيط التحرك السياسي والديبلوماسي لاستثمار الكفاح الوطني الذي يخوضه شعبنا سياسياً ونضاليا، كما لا بد من ضرورة إبداء كل أشكال المرونة السياسية الهادفة إلى محاصرة العدو الصهيوني وعزله وتحقيق أوسع تأييد ممكن للمقاومة الشعبية، واهمية الحفاظ على م.ت.ف الكيان السياسي للشعب الفلسطيني الذي يجسد هويته وشخصيته الوطنية المستقلة, باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني في جميع أماكن تواجده.

عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الفلسطينية

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required