مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
نقلت "الجزيرة نت" عن صحيفة "غارديان" البريطانية عن كبير أساقفة كانتربري روان وليامز قوله "ان الربيع العربي قد يهدد المجتمعات المسيحية في الشرق الاوسط ويزيد من العدائية". والأهم من هذا تصريحه بأنه "في ظل الأنظمة التي فقدت مصداقيتها خلال السنوات ألأخيرة كان المسيحيون يتمتعون بدرجة ما من الحرية والحماية من العدوان والتمييز".

أول ما تبادر إلى ذهني كمسيحية هو من يظن هذا الأسقف نفسه. ومن نصبه ليكون مدافعا أو متحدثا عن المسيحيين في منطقتنا العربية. فلا صفته الدينية ولا عضويته في مجلس اللوردات البريطاني تخوله أو تمنحه حق تمثيل المسيحيين. فالمسيحيون في البلاد العربية قادرون على الدفاع عن أنفسهم والمطالبة بحقوقهم. فهم لا يحتاجون إلى العون الخارجي أو الاستنجاد بالخارج لكي يتم دعمهم.

ففكرة الاعتماد على الخارج هي فكرة خاطئة جدا. وتجر على المسيحيين وعلى المنطقة العربية الويلات وتعطي فرصة للتدخل الأجنبي بحجة حماية حقوق وحريات الإنسان. ونحن كعرب نفضل تطبيق المثل الشعبي "أهل مكة أدرى بشعابها"، فنحن كمسيحيين وكمسلمين نستطيع أن نعالج مشاكلنا الداخلية بأنفسنا، ولا نحتاج لأحد لكي يكون وصي علينا. فزمن الانتداب قد انتهى. والمسيحي أوعى بكثير من أن يستعمل كورقة ضاغطة في يد الدول الغربية لتحقيق أهدافها ومطاعمها.

لقد نسي أو تناسى هذا الأسقف أن وجود الاشكالية في العلاقة بين المواطنين في الدول العربية على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم هي ليست متعلقة بوصول الإسلاميين. إن هذه المشكلة تم وراثتها عن الأنظمة الديكتاتورية. فالأنظمة على مدار عقود فشلت في تحقيق اندماج المواطن في دولته. فقد مارست كافة أشكال التمييز ضد جميع مواطنيها بدون استثناء.

فمشكلة المواطنة والاندماج وثقافة التسامح وتقبل الآخر من المشاكل التي يجب أن يتم التعامل معها عند وصول الاسلاميين للحكم. ومن الممكن أن ينجحوا أو يفشلوا. فأمامهم امتحان صعب. ولكن تجاهل كل ذلك واعتبار أن المشكلة ستبدأ بوصول الإسلاميين هذا افتراء وتضليل. فيجب علينا الانتظار ورؤية كيف ستحكم الأحزاب الإسلامية.

يجب على هذا الأسقف قبل أن يتغنى بمناقب الانظمة الديكتاتورية والبكاء على أطلالها وتصويرها على أنها كانت مدافعة عن المسيحيين، أن يرجع إلى التقارير المختلفة التي تتحدث عن انتهاكات الأنظمة السابقة للمسيحيين. ومن هذه التقارير التي يمكن أن يصدقها هذا الأسقف تقرير اللجنة الأمريكية لحرية الأديان الدولية والتي اصدرته في شهر ابريل من هذا العام حيث اعتبرت "مصر تضطهد المسيحيين والأقليات بصورة منتظمة". وبالتالي تم وضعها ضمن القائمة السوداء للدول التي تضيق على الحريات الدينية بصورة روتينية. إذا مصر مصنفة ضمن القائمة السوداء قبل أن يصل الإسلاميون للحكم.

ومن الأمثلة التي يمكن تقديمها كدلائل على انتهاكات النظام المصري السابق لحريات المسيحيين قيامه بمنع ترميم أو بناء الكنائس. اضافة إلى الاتهامات التي وجهت لحبيب العدلي وزير الداخلية السابق على أنه المسئول عن تفجير كنيسة القديسين في الاسكندرية التي راح ضحيتها عشرات المصريين.

إن التصريحات التي قالها هذا الاسقف غير مقبولة أولا لأنها تثير النعرة الدينية وتقوم على سياسة فرق تسد. هذه السياسة التي قامت بريطانيا بتطبيقها في منطقتنا العربية. ثانيا إن توصيفه للمشكلة ليس صحيحا فالقضية ليست منبعها ديني بين المسيحيين والمسلمين بل هي قضية مواطنة. فتحويل القضية إلى قضية نزاع ديني ليس صحيحا. فالمسيحيون ليسوا أقلية أو طائفة بل هم مواطنون.

فإذا كان قتل واستهداف المصريين المسيحيين ومنعهم من بناء وترميم الكنائس والانتهاكات اليومية تعبر عن حماية وصون المسيحيين المصريين من وجهة نظر هذا الأسقف. فيجب علينا كمسيحيين أن نطلب من هذا الأسقف أن لا يتوسط لنا عند أي حكومة عربية، لأن الحماية وعدم التمييز تعني عنده القتل والانتهاكات. فأفضل أنا كمسيحية أن أدافع عن كياني ووجودي بطرق مختلفة لأن التغيير وتحقيق المطالب تأتي من الداخل وليس من الخارج. والمطلب الأهم لنا كمسيحيين أن يكف هذا الأسقف وغيره عن التدخل في شؤوننا الداخلية.

* استاذة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت. -

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required