مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
حالة من الجدل الداخلي تسود المجتمع الاسرائيلي هذه الايام تشير في كثير من الاحيان الى ان اسرائيل قد بدأت تفقد توازنها ، على الاقل في كل ما يتعلق بالاسس التي قامت عليها الدولة قبل حوالي ستة عقود من الزمان. سلسلة مشاريع القوانين التي تم تقديمها خلال الاشهر الماضية و التي في غالبيتها من قبل اليمين الاسرائيلي المتطرف لم تكن موجهه فقط ضد الفلسطينيين بل ايضا الكثير منها كان موجه ضد الجهاز القضائي و المؤسسات غير الحكومية التي في غالبيتها يسارية و قوانين لها علاقة في قضايا الدين و الدولة.

الشعور في اسرائيل ان هناك حاله من الجنون قد اصابت المجتمع الاسرائيلي و ان اليمين الاسرائيلي يقود اسرائيل نحو مزيدا من التطرف و التخلف لا يتناسب مع دولة ادعت طوال الوقت على انها الدولة المتحضرة الوحيدة في هذا البحر المظلم الذي يحيط بها من كل جانب.

ذروة هذا التطرف وصلت عندما هاجم العشرات من المستوطنين، الذين في غالبيتهم من الشباب التي تتراوح اعمارهم بين الخامسة عشر و الخامسة و العشرين من العمر معسكر للجيش الاسرائيلي في شمال الضفة الغربية حيث اعتدوا على الجنود في الموقع و تسببوا في اضرار مادية واصابات في الجنود. هذا الامر كان كافيا لكي يستنفر الاسرائيليين و يشعل لديهم الكثير من الاضواء الحمراء.

و على الرغم من أن هذه المجموعات من المستوطنين المتطرفين هي التي تعتدي بشسكل يومي على الفلسطينيين و يحرقون المساجد و يقتلعون و يحرقون اشجار الزيتون، هي نفس المجموعات التي تغلق الطرقات و تهاجم القرى و تنكل بالفلسطينيين و على مشهد و مسمع من الجنود الاسرائيليين الذين في معظم الحالات لم يحركوا ساكننا.

لكن ما يحدث للفلسطينيين على يد هذه المجموعات المتطرفة و التي تعتبر نفسها حتى فوق قوانين الاحتلال ليس مهما بالنسبة للاسرائيليين، جرح ضابط اسرائيلي بشكل طفيف و ثقب عجلات السيارات العسكرية شكل لهم صدمة استدعت عقد جلسات طارئة و مؤتمرات صحفية و ادانات بأشد العبارات.

اهم ما يميز حالة الجنون التي تصيب على ما يبدوا المجتمع الاسرائيلي هو الحرب على النساء من قبل اليمين الديني المتطرف. بعض المشاهد على ذلك:

اولا: في الجيش الاسرائيلي الذي ترتفع نسبة الجنود المتدينين و التي و فقا للاحصائيات وصلت نسبة قادة السرايا في الوحدات القتالية من بين هؤلاء ( ما يسمونهم اصحاب القبعات المطرزة) الى 30%. هذا الامر على ما يبدوا انعكس على طبيعة العلاقة التي تربط بين الرجال و النساء في الجيش و التي من المفترض وفقا للقانون مبنية على المساوه. قبل حوالي الشهر اصطدم الجيش بظاهرة جديدة عندما رفضت مجموعة من الجنود المتدينين البقاء في حفل تغني خلاله النساء المجندات، و عند سؤالهم قالوا ان صوت المراة منكر و نحن غير ملزمين بالبقاء.

جدل كبير حدث في قيادة الجيش حول ما يجب ان يتم فعله في مثل هكذا حالات، الجنود قالوا هذا امر غير عسكري و بالتالي غير ملزم ان نستمع الى غناء النساء. ما يهم في الامر ان هذا نموذج و احد فقط لحالة التطرف التي تحدث في الجيش الاسرائيلي تجاه النساء .

ثانيا: في احياء المتدينين في القدس هناك فصل تام بين النساء و الرجال ، خاصة في الباصات العمومية. المتدينون لا يسمحون للنساء بالاختلاط و فقط يسمح لهن بالجلوس في الكراسي الخلفية، كل من تتجراء على الجلوس في الاماكن الامامية المخصصة للرجال يتم التنغيص و التنكيد عليها. الغريب في الامر ان سائقي الباصات لديهم تعليمات بعدم التدخل في حال وجود خلاف. ثالثا: في احياء المتدينين ايضا غير مسموح مرور الباصات التي يوجد عليها اعلانات تحتوي على صور نساء ، و ليس المقصود هنا صور غير محتشمة بل حتى صور بها وجه المرأة فقط. اي باص يتجراء يتم اولا تمزيق الصور و تخريبها و ثانيا منعه من دخول المنطقة.

ثالثا: نائب وزير الصحة الاسرائيلية و الذي هو متدين و يتبع لحزب ديني و في احتفال تكريمي لبعض النساء رفض ان يجلسن على المنصه و اصر على ان يجلسن بعيدا في المدرجات.

رابعا: قبل اسبوع و في احدى النوادي الرياضية المختلطة ، و التي على ما يبدوا جزء من روادها شباب متدينين اصروا على طرد النساء من النادي و طالبوا بالفصل عن الرجال. خامسا: هناك تشديد ، خاصة في المناسبات الرسمية التي يشارك بها متدينين على عدم السماح للنساء بالتواجد و كذلك لا يسمح لهن بالذهاب الى المقابر و القاء كلمات التأبين حتى و ان كان لاقرب المقربين.

مظاهر التطرف ضد النساء خلقت حالة من الجدل داخل المجتمع الاسرائيلي، هذا الجدل تركز في نقطتين رئيسيتين، الاولى حول احترام سلطة القانون في ظل تصاعد تأثير القيادات الدينية، و النقطة الثانية تتعلق بمكانة المرأة في المجتمع و موقف الدين من قضايا محددة مثل الاختلاط و الاحتشام و الغناء.

زعيمة المعارضة تسيفي ليفني التي شاركت في اعتصام لتنظيمات نسائيه في هرتسيليا ان هناك علاقة بين اعتداء المستوطنين على الجيش و القوانين التي تهدف لتحجيم الجهاز القضائي و عمليات عزل النساء،واضافت انه في اسرائيل اليوم النساء يجلسن في المقاعد الخلفية للباصات و المجندات يمنعن من الغناء، دولة تضطر فيها عاملة في مجمع تجاري لان صاحب العمل لا يريد ان يخسر زبائنة المتدينين الذين لا يريدون ان يروا نساء في المكان.

هيلاري كلينتون ، و في مؤتمر يشارك به اسرائيليين في واشنطن انتقدت بشدة السلوك الاسرائيلي ضد النساء ووصفت وضع النساء اليهوديات بوضع النساء في طهران ، مما اثار ردود فعل عنيفة من قبل المتدينين. اهم رد كان من قبل الزعيم السابق لحركة شاس الحاخام آرية درعي الذي قال ان النساء اليهوديات المتدينات يعشن في سعادة اكثر من النساء العلمانيات لان حياتهم خالية من االخيانات الزوجية، في تلميح لفضيحة الرئيس كلينتون مع مساعدته مونيكا ليفنسكي.

في كل الاحوال، الجدل حول وضع المرأة في المجتمع الاسرائيلي هو جزء من الصراع الدائر بين العلمانيين و المتدينيين على طبيعة الهوية الاسرائيلية و الذي لم يحسم منذ ان تم اقامة اسرائيل . الجديد في الامر هو ان اليمين الاسرائيلي يشعر على ما يبدوا ان موازين القوى تميل لصالحة من اجل تغيير الوضع القائم في العلاقة الحساسة بين الطرفين.

szaida212@yahoo.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required