مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
بعد شهرين على إتمام الجزء الأول من صفقة تبادل الأسرى، تم الإعلان عن "جهوزية" الجزء الثاني والمتمثل في الإفراج عن 550 أسير يمثلون الدفعة الثانية من أسرى الحرية. الأمر الذي لا بد أن يجعل أبناء الشعب الفلسطيني في غاية من السعادة والفرح برغم كل التحفظات على الصفقة برمتها والتي كنا قد اشرنا إليها بعد إتمام الدفعة الأولى.

حين قلنا إن الدفعة الثانية من الأسرى هي قضية ستتم بدون أي إشارة أو تدخل من الجانب الفلسطيني وهو هنا "حماس"، واشرنا إلى التصريحات الإسرائيلية في هذا الصدد والتي أكدت منذ اليوم الأول ان المفرج عنهم خلال الدفعة الثانية هو شأن إسرائيلي بحت وان معايير الإفراج ستكون إسرائيلية محضة، هذا القول لم يعجب الكثيرين وتم التعامل مع ما كتبنا على أساس انه مواقف مسبقة لها علاقة بمواقف لنا من الحركة الإسلامية، واعتبر البعض ان النصر المبين الذي تحقق إنما يدفعنا إلى قول ما نقول.

أسماء المناضلين التي تم نشرها في هذه الدفعة، تشير في كثير منها إلى ان هؤلاء لم يتبق عمليا من مدد محكومياتهم سوى فترات بسيطة لا تتجاوز الأسابيع والأشهر وفي بعض الحالات الأيام.

ونحن إذ نرحب بالإفراج عن أي أسير فلسطيني، إلا اننا نعتقد بان هذا الأمر جاء على خلفية قلة الخبرة التفاوضية لدى آسري الجندي شاليط، وان ذلك كان سببا رئيسا في ان تكون الصفقة على الشكل الذي تمت به الصفقة، كما ان عدم الإفراج عن الأسيرات الفلسطينيات كانت القضية "الفضيحة" حيث تبين ان المفاوض الحمساوي ومن خلفه المصري كان لا يعلم الأعداد الحقيقية لنساء فلسطين المناضلات، برغم تأكيدات صدرت عن أعلى وارفع هيئات قيادية وشخصية في حركة "حماس" من ان جميع الأسيرات الفلسطينيات سوف يتنسمن الحرية وان سجون الاحتلال سوف يتم تبييضها من هؤلاء الأسيرات.

لسنا هنا بصدد الحديث عن الكثير من المسائل التي تعرض لها الأسرى الذين تم تحريرهم في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني، حيث أصبح ما يتعرض له الأسرى من قبل سلطات الاحتلال معروفا للقاصي والداني، من حيث المنع من الحركة وفرض الإقامة الجبرية والتهديد بالتصفية والقتل والملاحقة والمنع من السفر وما إلى ذلك من إجراءات تبين كم الحقد الصهيوني على أبناء فلسطين المناضلين، وتؤشر بلا مواربة على العقلية الصهيونية التي لا تراعي أية اتفاقات أو مواثيق كما هو ديدنها وتاريخها الموروث.

بالإضافة إلى ذلك كله، هو عملية "شرعنة" الإبعاد بالشكل الذي تمت به الصفقة، وهي الصفقة الوحيدة التي حدث فيها مثل ذلك، حيث كانت جميع الصفقات السابقة خالية من أية شروط بإبعاد الأسرى، وان الذين كان يتم تحريرهم إلى الخارج، كانوا من الأسرى الذين وقعوا في الأسر خلال عمليات قاموا بها عبر الحدود، ولم يتم إبعاد أي من الأسرى من أبناء الأرض المحتلة، أما القول بان معظم من تم إبعادهم إنما تم إلى قطاع غزة وان القطاع ليس سوى قطعة من فلسطين، فهو قول فيه الكثير من المراوغة والتضليل، حيث يعلم الجميع ما هي الأوضاع فيما يتعلق بالقطاع والضفة، وان إبعاد هؤلاء إلى القطاع أصعب بكثير من إبعادهم إلى الأردن على سبيل لمثال.

المفاوض الفلسطيني وبكل أسف، لم يدرك ربما انه لا يوجد كل يوم أسير صهيوني اسمه شاليط، او شلومو او إيجال او كوهين، وان هذه الحادثة ربما لن تتكرر قبل مرور سنوات عديدة، خاصة في ظل توجهات الفصائل الفلسطينية إلى العمل على تكثيف ما تقول انه النضال الجماهيري والمواجهات الشعبية والمقاومة السلمية، وهذا التوجه يشمل الجميع بما في ذلك حركة حماس بغض النظر عما تقوله حماس او تدعيه، حيث هنالك توجهات واضحة لدى الجميع على عدم المواجهة العسكرية، من هنا فانه كان على حماس التي استبقت على شاليط كل تلك المدة ان "تتمترس" في مواقفها من اجل الحصول على أفضل شروط التفاوض، ومن اجل الإفراج عن اكبر عدد ممكن من أسرى الحرية، خاصة أولئك الذين مضى على أسرهم فترات زمنية طويلة.

مع علمنا بان الدفعة الثانية من الأسرى المفرج عنهم سوف لن تشمل أي من ذوي الأحكام الطويلة، او أولئك الذين قضوا عشرات السنين في سجون الاحتلال، فإننا نتمنى ان تلتفت الفصائل الفلسطينية كافة إلى البقية الباقية من الأسرى، وخاصة أولئك الذين مضى عليهم عشرات السنين في أسر الاحتلال.

للأسرى الذين ما زالوا هناك، في المعازل والزنازين وغرف التحقيق، نعلم ان الكلمات لا تعادل لحظة واحدة من عذاباتكم في سجون الاحتلال، او لحظة واحدة من صمودكم أمام جلاديكم خلال فترات التحقيق التي بات معظم أبناء فلسطين يدركها ويعلم ألمها وصعوبتها، نقول لكم، ان ثورة مهما كانت وفي أي عصر كانت، وأينما كانت، تقبل ان يبقى أبناؤها خلف القضبان، يمكن ان تكون أي شيء، لكن لا يمكن ان تكون ثورة، ولا يمكن ان تشكل طليعة ثورية او حركة مقاومة، ان حركة مقاومة تقبل ان يبقى أبناؤها عشرات السنين خلف قضبان الأسر، يجب ان تعترف بأنها ثورة "هرمت" وانها اعتلاها الغبار وأكلها الصدأ، وان عليها ان تعلن عن تقاعدها او اعتزالها كما عن اعتذارها – عسى ان تقبلوه- لكل يوم إضافي يقبع أبناؤها في زنازين الاحتلال.

ان على السلطة الفلسطينية وعلى بقية الفصائل ان لا تكل او تمل- وان تتعلم من درس شاليط الأسير الصهيوني الوحيد الذي لم تترك دولته بابا إلا وطرقته من اجل الإفراج عنه- من اجل العمل على إطلاق بقية الأسرى في سجون الاحتلال من خلال اتباع كافة السبل التي تكفل الإفراج عن الأسرى بدون استثناء، حتى لا يكتب التاريخ ان ثورة في العالم اسمها الثورة الفلسطينية تخلت عن أسراها.

* كاتب فلسطيني يقيم في مدينة بيت لحم. - sadapril2003@hotm

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required