مفتاح
2024 . الجمعة 5 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

مع نهاية كل عام تحاول معظم وسائل الإعلام السياسية أن تستطلع آراء الكتّاب والصحافيين والمحللين حول إنجازات العام المشرف على نهايته والتوقعات في العام الجديد.

وعلى الرغم من ازدحام الملفات السياسية في الساحة الفلسطينية، إلاّ أن بعضها كان بارزاً بصورة خاصة، وطغى على بعضها الآخر، كما أن بعض الملفات أيضاً توضحت ملامحها إلى درجة تمكننا من قراءة آفاقها المستقبلية، في حين أن بعضها الآخر ما زال مبهماً ومفتوحاً على احتمالات عديدة. فملف الأمم المتحدة تحوّل إلى إنجاز سياسي كبير، إنْ كان لجهة إعادة وضع فلسطين بقوة غير مسبوقة على الأجندة الدولية وتحويلها إلى همّ عالمي يحظى بالأولوية والأهمية المباشرة، أو كان لجهة ما حقق هذا الملف وما ألحق بالسياسة الإسرائيلية الاحتلالية من أذى وخسائر فادحة باتت إسرائيل تدركها وتدرك تبعاتها وتداعياتها المباشرة وتلك المستقبلية.

وقد شكل هذا الملف عنوان مجابهة مع الولايات المتحدة الأميركية على غير رغبتنا في ضوء الانحدار المتسارع الذي شهده العام في مسيرة انتقال الموقف الأميركي من دور الوسيط المفترض إلى دور الوكيل الحصري عن السياسة الإسرائيلية.

ويبدو هذا الملف اليوم عنوان انتصار فلسطيني كبير، وهو مرشح للمزيد من الانتصارات، إذ تدل الوقائع أن القيادة الفلسطينية ماضية فيه بكل الإمكانيات المتاحة. هنا لا بد أن نسجّل الدور المحوري الذي لعبه الرئيس والذي كان حاسماً ومفصلياً لجهة الحكمة والشجاعة والإرادة السياسية الصلبة.

كما أن تداعيات وتبعات هذا الانجاز أصبحت اليوم وتحولت إلى بوابة للعبور نحو المصالحة، ونحو ترتيب البيت الداخلي ونحو إعادة تنظيم هذه الأوضاع، بما في ذلك إعادة تمحور الوضع الإقليمي حول الحقوق الفلسطينية وحول الأهداف الفلسطينية أيضاً، ناهيكم طبعاً أن إعادة هذا التمحور على الصعيد الدولي، وحيث أصبح ذلك واضحاً في القرارات الأخيرة للجمعية العامة وفي مواقف البلدان الأوروبية الأعضاء في مجلس الأمن.

أما ملف المصالحة، فعلى الرغم من أن القضايا الرئيسية ما زالت مفتوحة على احتمالات مختلفة، بما فيها احتمالات تجميد جوهر المصالحة عند حدود وتخوم (التمهيد والتأسيس) أو التقدم نحو مرحلة أرقى (إذا ما تمّت الانتخابات وإذا ما تم تشكيل حكومة وحدة تعيد توحيد المؤسسات الوطنية وتجديد وإعادة هيكلة النظام السياسي بما يحقق الرسوخ النهائي لشرعيته ودوره الوطني الشامل) مرحلة جديدة من الشراكة الوطنية الحقيقية ومرحلة جديدة من العلاقات الديمقراطية الداخلية على هيئة عقد اجتماعي جديد.

قد تكون المصالحة عند الدرجة التي وصلنا إليها كافية بالنسبة لحركة حماس للدخول إلى بيت الشرعية الفلسطينية والحصول على الغطاء الضروري لبقائها لاعباً رئيسياً في الساحة الوطنية، وقد تكون المصالحة بحدودها الحالية كافية في هذه المرحلة، من أجل ترسيم حركة حماس وإلى حدٍ ما حركة الجهاد الإسلامي، كمكوّنات معترف بها للنظام السياسي الفلسطيني، على اعتبار أن حركة حماس قد فشلت في تشكيل بديل لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعجزت عن توفير الأبعاد الوطنية والاقليمية والدولية المطلوبة لتشكيل هذا البديل، الأمر الذي عزز من نفوذ واطروحات الأجنحة العقلانية في هذه الحركة ومكّنها من التقدم نحو المصالحة، إلاّ أن ذلك كله لا يمكن اعتباره مساراً نهائياً قبل الانحياز النهائي للبرنامج الوطني القائم على حق تقرير المصير وإقامة الدولة الوطنية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وحق العودة على أساس القرار 194، وقبل أن يُعاد تجديد هيكلة وشرعية النظام السياسي وتوحيد كافة المؤسسات الوطنية.

وقد تكون المصالحة بالحدود القائمة والمرئية كافية بالنسبة لحركة فتح التي فشلت في استعادة القطاع، وعجزت عن تهميش حركة حماس وعزلها، على الرغم من الانقلاب الذي قادته 'حماس' على الشرعية الفلسطينية. كما أن حركة فتح أصبحت تسلّم اليوم بنهاية مرحلة 'تفردها' بالنظام السياسي الفلسطيني واحتكارها للقرار الوطني، وهو الأمر الذي حول المصالحة من دائرة المنافسة والمناكفة إلى دائرة البحث عن إمكانيات الشراكة.

لكن الأهم من ذلك كله –إذا جاز التعبير هنا- أن الرئيس أبو مازن أصبح اليوم (ولو بالحدود القائمة في المصالحة الآن) في موقع القوة الكبرى. إذ لم يحصل أن تم دخول كل أطراف الطيف السياسي الفلسطيني إلى المظلة الوطنية كما هو الحال اليوم، ولم يسبق أن اتفقت (الموالاة والمعارضة) حسب الاصطلاحات اللبنانية على الدخول في شراكة وطنية كما يتم الإعلان عنها.

ولهذا، فالرئيس اليوم يستطيع أن يفاوض أياً كان من موقع القوة، ومن موقع الاطمئنان على متانة بيته الداخلي وإلى درجة عالية من التفويض بالحل إذا كان لدى الولايات المتحدة نيّة للحل أو الاستمرار في نهج تحقيق بناء هذا البيت إذا انعدمت النية الأميركية بالحل وتلاشى أمل السلام عبر المفاوضات على المدى المرئي.

أما ملف العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، فقد بات واضحاً أنه يسير نحو مزيد من التوتر والتأزم في ظل تدهور وتسارع الانزلاق الإسرائيلي نحو العنصرية السافرة ونحو الفاشية، وهو الملف الأخطر على الانجازات التي تحققت، والملف الأخطر على كل ما نخطط لتحقيقه، وهو ما يحتاج إلى مقالة مستقلة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required