مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
إن الفقر والعوز وشظف الحياة بعثرت خياراتنا، أعجزتنا عن تحديد أولوياتنا، اهو الأكل لنبقى أم هو العلم لنرقى، خطفتنا من المدنية إلى شرعة الغاب حيث الأكثر قوة ومالا هو من تأتيه الحياة فاردة أجنحتها فيما على الضعيف الفقير أن يختبئ من شقائها لئلا يصبح فريستها كلما جاعت السباع وزادت الإطماع. يا رب ليس للفقراء سواك، فحقوق الكادحين مهضومة على مائدة المترفين، ورهينة لحالة الطبيعة الأولى.

طوفان الغلاء يلاحقنا من كل حدب وصوب، يلمع كالبرق في مخيلتنا كلما اقتربت مواعيد الدفع، فقد اجتاح مائدة طعامنا وغرف نومنا ووصل إلى المدرسة والجامعة. الارتفاع المستمر صفة مميزة لمقدمي السلع والخدمات في ارض يدفع سكانها الضرائب دما حتى طال التعليم، لكن هذا الارتفاع في التعليم لا يقترن بارتفاع جودته، فان لدينا تعليم عالي في التكاليف وليس في التصنيف، تمنيت يوما لو أرى ارتفاعا لصالح الطالب لا على حسابه كان يقال مثلا آن هذا الارتفاع من اجل تعزيز البحث العلمي لا القدرة التشغيلية ولكن عبثا، إذن يبدو أن الفقر لا يعنى فقط بالشكل بل يطال المضمون أيضا، فعلى الطالب أن يقول بدل رب زدني علما، رب زدني مالا.

لقد كتب على العامل المغلوب على أمره وهو يتسلق الجدران الفاصلة ويعدو عن الأسلاك الشائكة ذاهبا إلى عمله ولم تنسج الشمس خيوطها الأولى أن يكون شاردا من المستوطن ومن شقاوة العيش معاً، تزدحم الأفكار في رأسه باحثا عن رغيف الخبز، سعر اسطوانة الغاز، سعر كيلو الدجاج، فواتير الكهرباء والماء، الجنود على الحاجز، أو أقساط الأولاد، إن على الأب أو الأم أن يعملوا 120 ساعة ليوفروا سعر 15 ساعة معتمدة لإحدى الجامعات ولأقل التخصصات تكلفة فيها، هذا يعني إنهم ربما يفنون عمرهم في سداد الديون إذا كانت ابنتهم -من سوء حظهم- متفوقة في دراستها مثلا وتريد إن تكون طبيبة. وهذا يعني أيضا أن على العائلة أن لا تأكل ولا تشرب وان تعلن صيامها الخالص لجهة غير معلومة، وان يتحول الصوم من واجبات العبد الصالح إلى واجبات المواطن الصالح.

كم انأ سعيد عندما أرى فقيرا ومعه كتاب، لأنه يعلمه التفكير والتدبير، وكم أنا خائف أن أرى كتابا دون إنسان لنغرق أكثر في الجهل والظلمة. لكن ألان الصورة انجلت، فعندما كان العملية التعليمية قيمة كان الطالب هو جوهرها، وعندما تحول إلى غنيمة صار المدير والمعلم متناقضين بين النظرية والتطبيق، والطالب غائب أو مغيب بحكم استمرار التضييق، وعندما كان التعليم لنبني الحضارة زادت الصفوف، وعندما أصبحت تجارة تضاعف العزوف.

كانت الجامعات شعلة مضيئة في ليلنا الشريد تغرس القيم في نفوس الدارسين قبل المعرفة، فلا باس أن يكون الطالب منقوص العلم لأنها مدادا لكلمات الله، أما أن يتخرج وقد تعلم بان من يملك العالم هو ليس المتعلم كما كان يقول المحاضر إنما هو جابي الضرائب، فتلك هي الكارثة الكبرى، وبهذا بدلا من أن نبني جيلا واعيا وديمقراطيا يوصلنا للازدهار نخلق جيلا جاهلا وامبرياليا يقودنا للانهيار.

هذا لا يعني أن يكون التعليم أو أي خدمة أخرى مجانيا، بل أن على الجميع سواء كانوا إفرادا أو مؤسسات أن يدعموا هذا القطاع وغيره بكل ما أوتوا من موارد مادية كانت أو بشرية، في المقابل لا اخجل بان أقول أنها وصمة عار وانحدار أخلاقي وقيمي لأي مؤسسة تقصي طالبا بناءا على ما توفر في جيبه دون إن تكلف نفسها النظر إلى ما بداخل عقله، وعار على أي مؤسسة تعيش حالة انفصام بين مصالحها ومصالح جمهورها، يدخلها السائل متأملا ويخرج منها متذللا.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required