مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
يتكشف الامر يوماً بعد يوم, و تتضح الصورة بكامل ابعادها السوداء و المريرة,فالعالم الحرّ و الديموقراطي و الليبرالي يدير ظهره للصراع الفلسطيني الاسرائيلي تماماً,باعتباره صراعاً ليس نووياً و لا نفطياً و لا يؤدي الى انفجارات ثقافية أو اقليمية أو على الاقل هو ليس صراعاً ذا صيغة تهديدية, و قد تعود هذا العالم الحر و منذ أكثر من مئة سنة ان يسلّم مقاليد الامور في هذا الصراع للحركة الصهيونية ومن ثم الى الحكومات الاسرائيلية من بعدها, تلك الجكومات التي ادارت الصراع حتى الان بكثير من النجاحات, و هي نجاحات ساعدت فيها أو دعمتها انظمة مخترقة أو مهترئة أو متخلفةأو مرتبطة أو صورية أو كل ذلك مجتمعاً.استطاعت اسرائيل بهذا أن تحول الصراع مع الشعب الفلسطيني الى ما يشبه الازمة الداخلية أو الشغب الهامشي, و هي منذ اتفاق اوسلو ذائع الصيت, استطاعت الى حد كبير ان تغطي اعين العالم عما يجري, و ساعد في ذلك ايضاً احداث اقليمية و دولية, جعلت من اسرائيل في كل مرة و كأنها خندق الغرب المتقدم في الدفاع عن قيمه و مصالحه.

الآن,و بعد انتهاء جولات عمان الاستكشافية التي هدفت ضمن اموراخرى الى ان يكون الحل اردنياً أو عربياً, أو الى اجهاض جهود اللجنة الدولية الرباعية و تعطيلها و افراغها من مضامينها, أو حتى الهاء هذه اللجنة أو اعفائها من مهامها, فإن انتهاء هذه اللقاءات المطولة و التي لم تسفر عن اية نتائج, انما يشير الى ان "العالم الحر و الديموقراطي" يريد من الفلسطينين ان يتعايشوا مع الاحتلال الاسرائيلي, و هو تعايش استسلام لا تعايش جيرة و سلام, و هم يريدون من الفلسطينين حقاً ان يتحولوا الى ما يشبه الطائفة او الجالية أو الاقلية التي تكتفي أو تقبل بصلاحيات قليلة أو واسعة لكن دون وجود سياسي حقيقي.

ان اغراء الفلسطينين بالمال او بالديموقراطية أو الشفافية أو الحكومة أو كل رموز الدولة دون مضامينها الحقيقية لم تؤد الى نتائج منذ ثمانية عشر عاماً و حتى الآن, و حرمان الفلسطينين من كل ما ذكر لن يؤد الى حلٍ أيضاً,و اذا ارادت اسرائيل ان يكون الحل عربياً, فإن ذلك لن يمر بعد كل هذه السنين, الحل لن يكون على حساب العرب,قد يشاركون في الحل و لكن لن يكون على حسابهم أبداً.و لكن العالم الديموقراطي و الحر يريد حقاً ان يتحول الفلسطينيون الى وكلاء امنيين لاسرائيل, و ان يتحولوا الى قطيع من الدجاج,طيب و هادئ و يشكر الاحتلال على صنيعه.

محادثات عمان الاستكشافية التي جرت بمعرفة و مشاركة اللجنة الرباعية, و التي حظيت بمباركة امريكية أيضاً, ثم اخفقت هذا الاخفاق الذريع, يعني ان كل هذة الاطراف لم تستطع أن تقدم رؤية تتضمن ميلاد دولية فلسطينية أو وجوداً للشعب الفلسطيني, و يعني هذا الاخفاق ان هذة الاطراف الدولية لم تستطع ان تفرض رؤيتها-و بالتالي مصلحتها- على اسرائيل بالاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني, و هذا يشير بقوة ان هذه الاطراف الدولية تسلم الامر كله لاسرائيل,و انها لا تملك رؤية, و انها ترى مصلحتها في عدم اقامة دولة فلسطينية في المنطقة, و هذا يعني ان كل ما قيل منذ اعلان روما عام 1981 و حتى اللحظة هو مجرد كذب في كذب, وقد كان وزير الخارجية الدكتور المالكي واضحاً جداً في خطابه في اديس ابابا بالقول ان الوضع الآن اسوأ مما كنا عليه قبل ثمانية عشرعاماً, فنحن الآن ليس على أبواب تقسيم الوطن فقط وانما تفكيكه من خلال الاستيطان غير المسبوق, و الاحتلال لا يطلب منا الهدوء او وقف الاشتباك أو التعاون من اجل الحل, بل هو يطلب منا بكل وقاحة ان نعترف بحقه في كل شيء, وهو مصر مثلاً,ان نعترف له بدولة يهودية قبل ان يعترف حتى بوجودنا, و بعد ثمانية عشر عاماً نتحول جميعاً الى مترهلين,نتسابق على كل المطامح و المطامع,و يتحول العالم عنا الى قضاياه, اما المنطقة فتغرق في مساءلة حول الوجود و الجودةو الكيفية, و بعد ثمانية عشر عاماً أيضاً, لا يجد مرشحو الرئاسة الامريكية حرجاً في انكار الشعب الفلسطيني اصلاً, و لم لا, و قد سبقه مجلس الامن الدولي في رفض هذا الوجود و هذا الحق.ومنذ ازمان بعيدة لم تعد القضية الفلسطينية على راس الاولويات و لم تعد مركز الصراع في المنطقة بل الارهاب او الاصولية او الديكتاتورية او ما شئت من عناوين كثيرة يجد فيها الغرب مخارج و معاذير حتى لا يتعامل مع القضية الفلسطينية كما تستحق,و قد وجد بعض العرب ان ذلك يعفيها ايضا من الشان الفلسطيني اما انصياعا او خوفا او كلا الامرين.

السوء الذي نحن عليه له اسبابه و مبرراته, و سوء العالم له ما يبرره ايضاً, فهناك اختراع الاعداء, و اختلاف الاصدقاء,و تغير المصالح, و استبدال الاسئلة, و وضع اجوبة جديدة, ولكن الصورة-رغم كل هذا السوء- فيها بعض نقاط الضوء, فالمأزوم و المحتقن و المتوتر هو الاحتلال, فهو الذي يريد منا اجوبة عن ازمته الوجودية في البقاء و الاستمرار و الشرعية, و هو الذي يحرض علينا العالم من أجل أن نرتمي في احضانه لنعطيه الشرعية, و لان المحتل يعيش حالة انتصار دائم, و هي حالة عصابية بالقطع, و لا يستطيع بعدها تصور انه مهزوم,فإننا نحن-المنهزمين- نملك خيارات كثيرة واحتمالات كثيرة. المحتل منتصر عصابي, ونحن مهزومون امامنا خيارات كثيرة. وهذه نقطة مضيئة يدرك الاحتلال معناها و لهذا يريد احباط كل خياراتنا حتى قبل ان نستخدمها.

و بهذا الصدد فإن اجتماع مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية, من تنفيذية و مركزية في الايام المقبلة, مدعوة الى استيعاب المسعى الاسرائيلي الرامي الى افراغ المستقبل من كل بشائره.ان تعميق المصالحة و تفعيل مؤسسات المنظمة في الخارج و العودة الى الامم المتحدة و اعادة تعريف لعمل و دور اجهزة السلطة الوطنية و اعادة النظر في مجمل العلاقات الفلسطينية الاسرائيلية من شأنها ان تشكل جزءاً من الرد ليس على الغطرسة الاسرائيلية فقط و انما على كل من يدعمها ايضاً.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required