مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
قبل نحو مئة وعشر سنين، أصدر فلاديمير لينين، الزعيم الشيوعي الروسي ومؤسس الاتحاد السوفياتي، كتابه الشهير ذي العنوان الاستفهاي: ما العمل؟ ومنذ القرن العشرين، دأب الكتاب والمفكرون، على اقتباس هذا العنوان، كلما واجهتهم محنة في أوطانهم، أو واجهوا انسداداً. وها نحن، حيال الانسداد التام لأفق التسوية، نستعير هذا العنوان، كمدخل لمقاربة، نأمل بأن تكون إجابة عن السؤال المقتضب: ما العمل؟. فلينين نفسه، اقتبس عنوان كتابه، من عنوان رواية روسية خالدة، أصدرها تشيرنيشفسكي، قبل أن يأخذه لينين بثلاثين سنة. ومن المفارقات، أن حبكة تلك الرواية وجوهرها، يتعلقان بمسألة بتنا نحن، في الحركة الوطنية الفلسطينية، في أمس الحاجة اليها. فالراوي يساجل أبطال روايته، وصولاً الى معنى وخلق جديدين، ويخترع في السياق، تعبير "الأنانية العقلانية" التي قوامها أن يرى الثوريون مصلحتهم باقترانها بمصالح المجموع. وعلى الرغم من أن ذاك الأديب لم يكن شيوعياً، ولا مؤمناً بالمادية الجدلية، أو مقتنعاً بماركس أو حتى بهيغل، إلا أنه سعى لبناء نظرية أخلاقية لمصلحة الثوريين والحركات الشعبية. وقد رأى لينين في روايته عملاً يمنح الطاقة لحياة بأكملها، فاقتبس عنوان الرواية، لكي تكون عنواناً لكتابه. وكان ذاك الكتاب، أقل عمقاً وتقعراً في التنظير، لكنه يقدم خطة عمل لجموع الثوريين الروس، المتعطشين الى اليقين والنصر في معركة الاشتراكيين مع القيصرية. واعتمد الزعيم الشيوعي أسلوباً من شأنه تخليق شحنات مكثفة وبارعة، تساعد على تشكيل العنصر الذاتي في معسكر المناضلين وأطرهم ومؤسساتهم.

ربما في وسع واحدنا أن يختزل أهم أهداف الكتاب ذي العنوان الاستفهامي، من خلال اختصار للخطوط العامة للإجابة اللينينية عن السؤال: أن يتوحد المتفرقون والمتباعدون وذوو الرؤى التكتيكية المتغايرة، وهم عنده كل الحلقات الماركسية في عامة روسيا، وأن تتوحد لغتهم ووسيلتهم التثقيفية والإعلامية، على أن يُصار في سياق هذه الوحدة، إصدار الصحيفة المركزية المبتغاة، وهي عنده "الأيسكرا" أي الشرارة، وأن يبذل الأعضاء من دراهمهم ومن أثمان خبزهم، في شكل اشتراكات واجبة السداد؛ ما يعزز قوة التنظيم، وهو عنده الحزب..!

كان الجواب عن السؤال، يتلخص في ضرورة الذهاب الى عملية بناء جديدة، للقوة التي يُفترض انها تناضل، تتخللها روح فتيّة، قادرة على التوغل أكثر فأكثر، في المجتمع، وعلى أن تحاصر أخطاءها ومخطئيها. ذلك لأن انسداد أفق الحوار مع قوة ظلامية عاتية، لا يلائمها الحوار ولا تخطر في ذهنها الحلول الوسط، يصبح من الضرورة بمكان، أن لا نستعجل في شىء يتعلق بالمفاوضات. هم أقوى منا بالمعايير المادية، لكننا أقوى منهم بمضامين ما نمثل، وبمنطق أهدافنا وأسانيدها القانونية والدولية والإنسانية. إن محاولات العوم على شبر ماء، لن تتيح عوماً حقيقياً، مثلما لن يُجدي الاستعجال نفعاً، مهما كان التريث مكلفاً فيما الأعداء ماضون في مشروعهم. إن الحياة ليست مفاوضات، لا سيما عندما يتأكد الشغوف بهكذا حياة، أن الطرف الآخر لا يطيق طاولة هذه المفاوضات، ولا يعترف للطرف الآخر، بالحق في أن يكون طرفاً كامل الحقوق. عندئذٍ يصبح التركيز على الذات، هو الأهم، لشحذها وشحنها بالطاقة اللازمة "لحياة بأكملها" حسب التعبير اللينيني.

أمامنا الفرصة، لكي نُعزز قدراتنا وصدقيتنا، وأن نحاصر سلبياتنا. نحن نتبنى الموقف السياسي الوطني، الذي لا يدع زيادة لمستزيد. هكذا سجل الرئيس أبو مازن، بكثافة واقتدار، في عمل السنة المنصرمة. ما تبقى، هو تهيئة البنيان لكي يصبح قادراً على تحمل الضغوط. أما الجزم بأن حكومة الدولة التي تحتل أرضنا، لن يُرجى منها سلاسة ولا عقلاً ولا لغة مواتية ولا مللاً من الصراع؛ فإن دواعيه وبراهينه، تكمن في بُنية مشروع هذه الحكومة، وفي أهداف سياستها، وهذا هو ما سنعرضة ـ بإذن الله ـ غداً..!

* الكاتب يشغل منصب سفير فلسطين في الهند. -

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required