مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

من المفارقات الغريبة أن ينتهى مؤتمر القدس الذى بدأ أعماله الأسبوع الماضى فى العاصمة القطرية الدوحة تحت عنوان «الدفاع عن القدس»، بهذا الجدل الصاخب والغاضب من الفلسطينيين، وذلك بسبب تحريم الشيخ يوسف القرضاوى، رئيس الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين، زيارة القدس لغير الفلسطينيين، ردا على دعوة الرئيس الفلسطينى محمود عباس (أبومازن) الزعماء العرب والمسلمين والمسيحيين لزيارة القدس.

ورغم أن جدول أعمال المؤتمر أقر حزمة من خطط التنمية للقطاعات المختلفة لتعزيز صمود المقدسيين، والتأكيد على دعم الدور المركزى للمدينة ثقافياً وسياسياً واقتصادياً، إذ ركز المؤتمر على إبراز الحقائق التاريخية والجوانب القانونية حول مدينة القدس والعمل على تعميق دور المجتمع المدنى فى الدفاع عن المدينة وحمايتها ـ إلا أن فتوى «القرضاوى» جاءت لتعكر صفو هذا المؤتمر والأهداف السياسية المرجوة من ورائه.

«أبومازن» كان قد دعا فى خطابه أمام المؤتمر، العرب والمسلمين لزيارة القدس، رغم الاحتلال، ضمن خطة لدعم صمود القدس، لأنها ضرورة، فهذا التحرك ستكون له تداعياته السياسية والمعنوية والاقتصادية والإنسانية، لأن القدس تخص الجميع وتمس عموم العرب والمسلمين، ولن يستطيع أحد أن يمنع الوصول إليها. فرد الشيخ «القرضاوى» على الدعوة بفتواه التى حرم فيها مجددا زيارة المدينة لغير الفلسطينيين.

إن فتوى الشيخ «القرضاوى» سلاح ذو حدين، فهى تخدم الاحتلال كما تخدم إضعاف أهل القدس المحاصرين، ومن هنا بدا للفلسطينيين مدى خطورة فتوى كهذه، ما جعل وزير الأوقاف الفلسطينى محمود الهباش، والمفتى العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين وآخرين يطالبون «القرضاوى» بالرجوع عن فتواه، لأنها تخالف صريحى القرآن الكريم والسنة النبوية، فضلا عن أنها تقدم خدمة مجانية لإسرائيل التى تريد عزل المدينة المقدسة عن محيطيها العربى والإسلامى، بل إن زيارة القدس فريضة شرعية وضرورة سياسية وحق مشروع لجميع المسلمين والمسيحيين، وواجب مقدس على المسلمين بنص صحيح السنة النبوية، إذ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، والمسجد الأقصى، ومسجدى هذا». وأمر صلى الله عليه وسلم بزيارة الأقصى والصلاة فيه، فقال: «ائتوه فصلوا فيه، فإن الصلاة فيه كألف صلاة فى غيره، فمن لم يستطع أن يأتيه فليبعث بزيت يسرج فيه قناديله».

لم يثبت حتى الآن أن أحداً من علماء المسلمين أفتى بمثل هذه الفتوى العجيبة، حتى فى فترات الاحتلال الأجنبى للمدينة المقدسة، سواء فى زمن الصليبيين أو التتار أو الإنجليز، كما أن الأمر النبوى بزيارة القدس والأقصى هو أمر عام فى جميع الأوقات والأحوال والظروف، وليس خاصاً بوقت أو ظرف دون آخر، فضلا عن أن النبى، عليه الصلاة والسلام، حين أمر بذلك لم يكن المسجد الأقصى فى يد المسلمين، بل كان فى يد الحكم الرومانى، ولو كانت زيارته خاصة بوقت دون آخر لبينها القرآن الكريم والسنة النبوية.. ويذكرنا هذا الموقف، كما يقول مفتى القدس، بموقف القاعدين من قوم موسى فى قول الله تعالى: «قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ماداموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون».

المعروف أن علاقة الشيخ القرضاوى بالسلطة الفلسطينية والرئيس عباس متوترة إلى حد كبير، ويتهمه كثير من الفلسطينيين بأن موقفه هذا يأتى من منطلق حزبى سياسى وليس دينياً، فلـ«القرضاوى» ذكرى سيئة فى أذهان الفلسطينيين الذين يرون فيه من شرع الاقتتال الفلسطينى وحرض عليه، ويطالب بتدخل أجنبى فى سوريا، ويحرّض على الحرب الأهلية بين السوريين، ويحرم فى الوقت نفسه على العرب والمسلمين زيارة القدس، خاصة أن الرئيس الفلسطينى حينما طالب بزيارة القدس والصلاة فى المسجد الأقصى لم يكن الهدف من هذه الدعوة تنشيط السياحة مثلا أو طلب زيارات ترفيهية أو فتح مشاريع لشركات أو إنشاء خطوط سكك حديدية، ولا حتى خشبية مع الاحتلال الاستيطانى، فكل ما طلبته القيادة الفلسطينية ألا يتم تحويل الفتاوى إلى حقل ألغام يحاصر سكان القدس.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required