مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

هل يملك الفلسطينيون والإسرائيليون الإعلان رسميا أن المفاوضات ومعها خيار السلام قد فشل ، ولا مجال للعودة ثانية للتفاوض لأن كل طرف لم يعد قادرا الحصول على ما يريد عبر التفاوض من الطرف الآخر ، وخصوصا الفلسطينيون الذين ما زالت أراضيهم تحت الإحتلال الإسرائيلى ، وأنهم غير قادرين على قيام دولتهم .

ويكفى كحد أدنى أن إسرائيل لها دولة ، وتسعى لما أبعد من مفهوم الدولة اى إسرائيل الكبرى إن لم يكن بضم أراضى فلسطينية أو عربية فعلى أقل تقدير ما يعرف بالسلام الإسرائيلى أي الإعتراف بإسرائيل كدولة يهودية ، والإعتراف بها كدولة إقليمية محورية ومركزية وقيادية على مستوى الإقليم العربى والإقليم المجاورله .؟ وعلى الرغم من فشل المفاوضات على مدار السنوات الثمانية عشر الماضية لم يتحقق على الأرض إلا القليل الذي لم يضمن كحد أدنى قيام الدولة الفلسطينية .

وبإستقراء العملية التفاوضية يمكن القول أن الفشل له مظهران أو أكثر ، المظهر الأول إن المفاوضات في سنواتها الطويلة لم تنجح في الوصول إلى صيغة أو أسس لعملية تفاوضية ناجحه ، ومن مظاهر الفشل في المرحلة ألأولى عدم قيام الدولة الفلسطينية على الرغم من أنه كان مقررا لها عام 1999، ومن مظاهر الفشل أيضا إستمرار إسرائيل في عمليات البناء الإستيطانى على ألأراضى الفلسطينية ، وتنامى التوجهات المتشدده والرافضة لأى تسوية سياسية ، وتمدد قيم العنف والكراهية والحقد والقتل ، وصولا إلى درجات التطرف والتشدد بالإعتداء على المساجد ، وحرقها ، وقيم الرفض لوجود كل من الآخر ، والرغبة في القتل ، وبدلا من الترسيخ لقيم السلام والتعايش والتسامح والقبول ، وبناء إجراءات من الثقة ، بدلا من كل ذلك حرب على غزة ، ومنافذ وتقطيع للأرض في الضفة الغربية ، وتدخل وإعتقال مستمر ، وتجاوز حتى وجود السلطة الفلسطينية والتعامل معها وكأنها جهاز إدارى وأمنى وظيفته ملاحقة كل أشكال المقاومة الفلسطينية .

هذه بعض مظاهر الفشل في مرحلة التفاوض ألأولى، والشكل الثاني للفشل التوجه من جديد نحو إحياء خيارات الحرب والتصعيد العسكري ، علما أن خيار الحرب قد أثبت وبشكل قاطع فشله في حسم الصراع ، بل نذهب أبعد من ذلك أن خيار الحرب وفى ظل تغير موازين القوى ، وتطور القدرات العسكرية لكل الأطراف سيقود إلى نتئج كارثية على مستقبل إسرائيل ، وحتى على مستقبل القضية والشعب الفلسطيني ، وقد يدخل المنطقة في مرحلة من الإنفلات في العنف غير المسبوق الذي سيطال كل مصالح الدول الأخرى مثل الولايات المتحدة وأوربا وروسيا ،وستكون النتيجة حتما صفرية لدى جميع ألأطراف .

ومعنى ذلك أن خيار المفاوضات وخيار السلام سيبقى هو الخيار الحتمى الذي لا يمكن التخلى عنه لصعبوبة البدائل الأخرى . ولكن في الوقت ذاته لا يمكن الإستمرار في مفاوضات تدور في حلقة مفرغة لأن من شأنها أن تقود إلى خيارات العنف والتصعيد العسكري وتنامى توجهات التشدد والرفض التي قد بدات تسيطر وتفرض نفسها على بنية الحكم والسلطة لدى جميع الأطراف . وإذا كانت المفاوضات والسلام خيارا حتميا ولا بد منه فكيف يمكن البحث عن صيغة تفاوضية جديده تضمن على أقل تقدير الحيلولة دون تنامى قيم الرفض والتشدد والعنف والخيارات العسكرية ؟ وقد تبود الحاجة إلى هذه الصيغة التفاوضية الجديده في ظل المعطيات السائده والمتحكمة سواء على الجانب الفلسطينيى والإسرائيلى ، أو على الجانب العربى ، وغياب او إنحسار الدور الأمريكى إلا في جانب الخيار العسكري الإقليمى في مواجهة التعامل مع الملف النووى الإيرانى، وضعف الدور الأوربى بسبب مشاكله الإقتصادية ، وبحث روسيا عن دور مفقود . وإبتداء لا بد من إعادة السؤال هل تريد إسرائيل السلام أم لا ؟ والسؤال قد يوجه لجميع ألأطراف الأخرى . وتستند فرضية البحث عن صيغة تفاوضية جديده من منطلق أنه إذا كان الطرفان الفلسطينيى والإسرائيلى غير قادرين على الإستمرار في المفاوضات لقناعة كل منهما بعدم القدرة على تقديم تنازلات أخرى ، فمن الضرورى البحث عن صيغة ومعادلة جديه للتفاوض تضمن إستمرارية المفاوضات وفقا لمرجعية واضحه ، وآليات تنفيذ محدده ، وفترة زمنية محدده ليست طويلة . وتضمن أيضا تحديد محدد لمهام كل طرف في هذه المعادلة .

وحيث أن المفاوضات المباشرة لم تعد قائمة ، أو يصعب إستمرارها ، فليس مهما شكل التفاوض بقدر الإستمرار في التفاوضات بأى آليات . ومن هذه الآليات التفاوض بالوكالة عن الطرفين المباشرين ، وهنا قد يأتى الدور الأردنى ودور جامعة الدول العربية عن طريق لجنة المتابعة ، ودور اللجنة الرباعية لغياب الدور الأمريكى في سنة الإنتخابات . وتقوم هذه الأطراف بشكل مباشر بالتفاوض بين الطرفين حول قضايا التفاوض وصولا إلى حلول مشتركة توافقية وإطار عام يحكم العملية التفاوضية ، وبناء على هذه المرحلة التي يفترض أن تكون محكومة بسقف زمنى محدد لا يزيد عن هذا العام ، يأتى الدور الفلسطيني والإسرائيلى للمرحلة النهائية لصياغة شكل إتفاق ما حتى يأخذ صورة المسؤولية المباشرة ، ولكن بدور الأطراف السابقة ، وتوفير قوة دفع ذاتيه تصبح المفاوضات بدون جدوى ، ووفقا لهذه الآلية يتحرر الطرفان الفلسطيني والإسرائيلى من مسؤولية الإستمرار في مفاوضات مباشرة عبثية أو غير ذات معنى .

وفى الوقت ذاته يقوم الطرفان المباشران بمهمام وأدوار محدده تعيد قدرا من الثقة للعملية التفاوضية ، وتهئي البيئة المناسبة لما تقوم به ألأطراف الأخرى من تفاوض. ومن هذه الأجراءات على سبيل المثال الإستمرار في التهدئة الفلسطينية والإسرائيلية وعدم إطلاق صواريخ أو أي شكل من اشكال ألأعمال العسكرية فلسطينيا ، والتشجيع ولو بشكل تدريجى على تشجيع لغة الخطاب السلمى ، ونبذ العنف ، وملاحقة كل أشكال الأرهاب الأيدولوجى والفكرى ، ووقف كل ما يقوم به المستوطنون من أعمال إرهاب وتحريض على القتل ، والإعتداء على المساجد .والإعتداء على ألأراضى الفلسطينية . وأن لا تذهب إسرائيل بعيدا في سياسات البناء الإستيطانى ، وأن تبادر لإطلاق سراح عدد من ألأسرى على دفعات ، ووقف عمليات الإعتقال اليومية ، وتوسيع صلاحيات السلطة الفلسطينية في المناطق ب وج ، وأن تعمل على تخفيف بل ورفع حالة الحصار المفروضة على غزة ، وإزالة بعضا من الحواجز التي تقطع أوصال الأرض الفلسطينية في الضفة ، وان تقدم مزيد من التنازلات الحياتية للمواطن الفلسطيني حتى يستعيد ثقته في العملية السلمية وأن تشجع الفلسطينيين في بناء مؤسسات الدولة الديموقراطية والسلمية . والعمل على تشجيع التلاقى ألأكاديمى وعلى كافة المستويات المجتمعية من طلاب وعمال وأمراة ومؤسسات مجتمع مدنى للوقوف في وجه التشدد والتطرف واللتعصب ألأيدولوجى العقيم.. ومن بين ألأجراءات التي يمكن تشجعيها التأكيد من الجانب العربى أن المبادرة العربية ما زالت قائمه ، وأن فرصة تنفيذها متوقفه بقدر التقدم نحو قيام الدولة الفلسطينية المستقله ، والوصول إلى تسويات بشأن القضايا الرئيسة كالقدس واللاجئيين. ومن بين ألإجراءات ألأخرى تشجيع العمل نحو إطار للتسوية ألإقليمية وخصوصا لقضايا الأمن الذي تشكل قلقا لإسرائيل، وهذا من منطلق أن العديد من القضايا لا يمكن أن تحل إلا في إطار إقليمى .

ويبقى الشكل الثالث للتفاوض مرتبط بالمستقبل السياسي والإقتصادى للعلاقات بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل والدول العربية من خلال تبنى مشاريع تنمية مشتركة تعالج مشاكل الفقر والبطالة والبيئة وتخلق أجواءا مشجعه للتعايش والتكامل الذي سوف تختفى فيه كثير من المشاكل العالقة والتي تقف عقبة في طريق أي تسوية سياسية . وهكذا فإن الصيغة االتفاوضية الجديده تقوم على رؤية سياسية وإقتصادية وتنموية وحضارية وذلك من منطلق أن إسرائيل لا خيار امامها إلا أن تتكيف مع الواقع الجغرافى والسكانى والحضارى الذي يحكمها ، وأن مستقبلها مرهون بالسلام مع دول المنطقة الذي طريقه قيام الدولة الفلسطينية وليس الذهاب إلى سياسات التحالف وسياسات القوة ، ومع زمن اللتحول العربى تبدو الحاجة ماسة نحو السلام والبناء لكل دول المنطقة ، وعلى عكس ما يعتقده البعض أن وصول الإسلاميين للحكم قد ينسف فرص السلام ، فحجم المشاكل التي تواجه الدول العربية على المستوى السياسي والإقتصادى لا يدفعه للتفكير في الحروب ، وهذا ما ينبغي أن يستفاد منه وليس العمل على تقويضه..وقد يبدو هذا التصور فيه قدر من المثالية والتخيل السياسي ،ولكن هذه المثالية مطلوبة في عالم يسود الخوف من حرب إقليمية قادمه قد تأخذ في طريقها أي إمكانية للإزدهار والأمن وعدم الخوف للجميع ، لأنه مع أ ى حرب ستدخل المنطقة كلها ومعها ألأمن والسلام العالمى في نفق من الإرهاب والعنف والقتل الذي لن يتوقف في وقت قصير. ودون إدراك مخاطر الصراع وبدائله سيبقى الفلسطينيون دون دولة ، وستبقى إسرائيل دون أمن وبقاء.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required