مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
يفرح البعض منا، يُقابله حزن شديد يبديه البعض الآخر، نظراً لحجم المساعدات الأجنبية التي نعتمد عليها والمقدمة لبلادنا، وخاصة الأميركية منها، فالفريق الأول يُعبّر عن حالة فرح تعكس ثقة المانحين بخدماتنا، والفريق الثاني يُعبر عن حالة حزن تعكس إدراك ما سوف نقدمه من خدمات للمانحين الأميركيين والأوروبيين على حساب مصالحنا الوطنية والقومية، وكلاهما يُعبر عن موقف سياسي بالقبول والرضا أو الرفض والتعنت إزاء قرار سياسي يظهر على صيغة مساعدات تقدم لنا، ذلك لأن هذه المساعدات لا نتلقاها لسواد عيوننا، بل هي مساعدات مدفوعة الأجر سلفاً على شكل خدمات، أي أنها مساعدات تقدم لنا، مقابل خدمات سياسية أو أمنية نقدمها طواعية أو مرغمين للمانحين حماية لمصالحهم في بلادنا وفي منطقتنا، وقد تتسع لتشمل مساحة أوسع يحتاجها البيت الأبيض أو 'البنتاغون' أو المخابرات المركزية لمقارعة الإرهاب أو الخصوم أو لتقديم معلومات وممارسة مواقف خدمة للأميركيين ومصالحهم وحلفائهم، طالما نحتاج هذه المساعدات ونقبل بها وعلينا دفع ثمنها.

المديونية أولاً والعجز في الموازنة ثانياً والمساعدات الأجنبية، هي الثالوث الضار الذي يجعل استقلالية بلادنا وقرارنا الوطني ومصالح الدولة وكافة البلدان العربية التي تتلقى المساعدات الأجنبية وتحتاجها، تقع أسيرة هذه العوامل الثلاثة وتأثيراتها، وتصبح مصالحنا وقدراتنا وطاقات شعبنا وكافة الشعوب العربية، مرصودة بل ومسخرة لخدمة مصالح من يدفع لنا على شكل ديون مترتبة أو مساعدات غير مستردة، وكلاهما مقابل خدمات وسياسات وانحيازات، بعضها علني وبعضها غير مرئي، وخصوصاً الخدمات ذات الطابع الأمني والعسكري.

المساعدات الأجنبية لم تكن في أي يوم مجانية، أو نزيهة، وليست بريئة من محتوى خدمة مصالح من يدفع لنا، ونحن نقبض ثمن 'وادي عربة' مثلاً، مثلما يقبض المصري ثمن 'كامب ديفيد'، ويبقى الفلسطيني أسيراً لحاجاته المالية طالما أنه ينتظر المساعدات وتتوقف عمل مؤسساته عليها، وضخ المال لشرايين عملها.

يوم الإثنين 5 آذار، كشفت صحيفة 'الغد' الأردنية، من مصادر دبلوماسية عن أن الولايات المتحدة الأميركية، رصدت مساعدات عسكرية واقتصادية بمقدار 660 مليون دولار لصالح المملكة الأردنية خلال العام 2013 وهو المبلغ نفسه الذي رصدته للعام الحالي.

وبينت المصادر التي فضلت عدم الكشف عن هويتها أنه تم رصد مساعدات عسكرية من الولايات المتحدة إلى الأردن بمبلغ 300 مليون دولار من إجمالي المساعدات العسكرية الخارجية المقدمة للعام 2013 والتي بلغت 5.1 مليار دولار، نالت إسرائيل 60 بالمائة من إجمالي تلك المساعدات العسكرية الأميركية المنوي تخصيصها في 2013 بمجموع قدره 3.1 مليار دولار تليها مصر 1.3 مليار دولار ومن ثم الأردن 300 مليون دولار، وهناك عدد من البلدان تتلقى مؤسساتها العسكرية مساعدات أقل من الولايات المتحدة، كما هو مرصود لها من قبل واشنطن.

المساعدات الأميركية والأوروبية تقدم لكل دولة عبر ثلاثة عناوين هي:

1- المؤسسة المدنية. 2- المؤسسة العسكرية والأمنية. 3- مؤسسات المجتمع المدني.

وذلك بهدف أن يكون التأثير الأميركي الأوروبي قوياً فاعلاً في كل بلد من البلدان التي تتلقى هذه المساعدات، وهذا ما ثبت فعله وتأثيره في الوقائع والأحداث المتتالية على مشهد ثورة الربيع العربي، فلولا المساعدات المالية المقدمة للمؤسستين العسكريتين التونسية والمصرية لما تجاوبتا مع قرار رفع الغطاء الدولي عن الرئيسين زين العابدين بن علي وحسني مبارك، وقالتا لهما أن ارحلا، فرحلا استجابة لمطالب الشارع والقرار الدولي (الأميركي الأوروبي).

ولولا التمويل الأميركي الأوروبي، لمؤسسات المجتمع المدني في مصر وتونس وسورية والأردن وغيرها من البلدان العربية، لما استطاع قادة المجتمع المدني استعمال الشبكة العنكبوتية والتحرك الفعال وتغطية احتياجاتهم لخوض المعارك الشعبية والإعلامية، وصاروا في صدارة الموقف مطالبين بالشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان وإنصاف المرأة وغيرها من الشعارات والمطالب الحيوية، وبذلك قفزوا عن دور الأحزاب وتخطوها وباتوا عناوين بارزة في المجتمع أكبر وأهم من أي مناضل سياسي أو قائد نقابي، أو باحث أكاديمي.

المساعدات الأجنبية للمؤسسات الثلاث: العسكرية والمدنية ومؤسسات المجتمع المدني، في كل دولة تتلقى هذه المساعدات ستبقى محكومة لمعايير ومصالح ومفاهيم البلدان المقدمة لهذا الدعم المالي، وستبقى سياسات بلادنا والبلدان العربية المماثلة، رهينة لخدمة سياسات البلدان المانحة، وإذا كانت مؤسسات المجتمع مكشوفة أكثر أمام الرأي العام من خلال الندوات والحوارات والمؤتمرات التي تعقدها والممولة من قبل المؤسسات الأجنبية، فإن المساعدات المالية للمؤسسة العسكرية والأمنية هي الأخطر كونها تقدم خدمات غير مرئية ثمناً لما تقبضه من مساعدات، والصراع الدائر في مصر حول التمويل الأجنبي وخاصة الأميركي للمؤسسات الثلاث العسكرية والمدنية والمجتمع المدني لهو تعبير عن تعارض المصالح بين القوى الجديدة الصاعدة الآن والدور الأميركي في كيفية إدارة الدولة المصرية ونحو أي سياسة يجب أن تتجه.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required