مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

حينما كان اعضاء حماس يحلمون بين تراويح الصلوات، قبل عام 1987 لم يكونوا يحلمون بالوصول الى حكم غزة، بل كانوا يحلمون اكثر ما يحلمون بالتسمي باسم 'المرابطون على أرض الاسراء' تحقيقا لرغبتهم في الجهاد على ارض فلسطين، وحينما كان حلمهم يشتد ليلامس زناد الاسلحة كانو يرتفعون الى اسم 'حركة الكفاح الاسلامي'، هكذا كان اسم حركة حماس لمن لا يعرف قبل ان تنشأ رسميا خلال عام 1987، وهكذا كانت حماس الاعضاء غارقة في تربية الاجيال بحسب ادبياتهم وكانت فتح وبقية فصائل منظمة التحرير الفلسطيني هي التي تحمل السلاح وتناوش وتعلي الصوت كثيرا وقليلا آنذاك.

وحين كلت يد منظمة التحرير الفلسطينية واوهنتها ضغوط الإغراء والإغواء والإصغاء عن حمل السلاح، ثم اكتفت بخيار استراتيجي يصعب فهمه وتبريره، بحمل غصن الزيتون حينها قامت حماس لتصدر البيان الأول باسم حركة المقاومة الاسلامية 'حماس' يوم الخامس عشر من ايلول/ديسمبر 1987 'إيذاناً ببدء مرحلة جديدة في جهاد الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الصهيوني الغاشم '، كما جاء في البيان.

نهاية عام 1991 دخلت الحركة طوراً جديداً وذلك بالاعلان عن تأسيس جناحها العسكري، اقصد كتائب الشهيد عز الدين القسّام، ثم راحت قوة حماس تتعاظم، وتكبر، الى ان حدث واستطاعت الفوز بشكل ساحق في الانتخابات الفلسطينية لتشكل اول حكومة يرأسها حمساوي ثم وعلى اثر خلاف مخبأ الاسباب معلن النتائج راحت حماس تحكم غزة حكما مطلقا.

كل ما سبق ذكره تاريخ الكل شهده بالعين، لقربه زمنيا من الجميع، لكن ما يحيرني هذه الايام أن حماس تتوج هذا النجاح بتحركات لا استطيع ان افهم اكثرها، ولا حتى اقلها، واخشى ان حماس بتحركاتها الاخيرة وقراءتها لما يجري في المنطقة ان تكون محصورة بين ثلاثة خيارات، فإما انها تحتضر، او تنتحر أو تنتظر.

حماس اوقعت نفسها في هذه الخيارات الثلاثة هذه الايام، لأنها قرأت الازمة الخانقة التي عاشتها بشكل خاطئ تماما فراحت تفعل كما فعلت منظمة التحرير في الخطوات الاولى التي القت في نهايتها السلاح، ورغم ان الانسان قد يعذر حماس حينا وهي تلعق الدم والنزيف والفشل والخنوع العربي المتأزم الذي يذكرنا بملوك الطوائف - غيب الله زمانهم أو لأنها محاطة بزمرة من اخوان الخنا وخلان الدفا، الا ان النتيجة واحدة كما نرى امام اعيننا.

حماس اليوم تعاني كما هو واضح من خلاف بيني يطفو على السطح، اختلاف في التكتيك بين اكثر من رجل، بعض الافكار المختلف عليها حول المرحلة القادمة، انسجام حمساوي مع الخارج، بدء زوال بعض الشخصيات القيادية الحمساوية، اختلاف في تركيبة الجسد الحمساوي، عدو الامس صديق اليوم، وصديق الامس عدو اليوم، تغير في الايديولوجية الفقهية، قدسية الراتب والمعاش للموظفين، الكثير من المعطيات الجديدة على الساحة الحمساوية تفيد بأن جديدا سيظهر على الساحة، وما تفعله حماس لا يمكن الا ان يكون اما انتحارا كارثيا، واما احتضارا قهريا، واما انتظارا لمجهول.

عاشت حماس ربيع الانجاز الحمساوي حينما كانت منسجمة مع الاردن ومكتبها السياسي في عمان ينعم بالرخاء والتواصل الدائم مع الداخل بشكل حثيث وعالي التنسيق، ثم راحت حماس تتوه مجبرة غير مخيرة في صحراء التيه العربي بعد ذلك وهي تبحث عن 'بيت المونة' وسنابل 'يوسف عليه السلام' وهي تعيش الان سبع سنين عجاف فما الذي تنتظره حماس؟

حماس لن تكون دولة في يوم من الايام لان ذلك مستحيل من جميع النواحي، وحماس نفسها تفهم ذلك اكثر من غيرها والدليل تواصلها غير المنقطع مع مصر بشكل دائم، ومحاولتها استحداث عمق استراتيجي جديد قديم مع الضفة والاردن، وكذلك محاولاتها ارضاء الاوروبيين من خلف الكواليس لعل مطار غزة في يوم من الايام يشهد اقلاعا حالما، الا نقرأ من هذا عملية احتضار بطيئة وهي تنتظر ما لم ولن يقدمه الاخر مطلقا.

لقد ارتفعت معنويات حماس حين قامت الثورة في مصر، وارتفعت اكثر حين علا صوت الاخوان في مصر، ثم وصولهم مع بقية الاسلاميين الى البرلمان، ثم تتعالى هذه الايام اكثر فاكثر وهي تحلم بقائد مصري اسلامي يحمل حماس في احضان مصر كما هي موناكو في فرنسا، أليس هذا محض انتحار؟

لقد آن الاوان لتجلس حماس مع نفسها، وان تدرك ان تعاليم احمد ياسين لا يجب ان تتغير، وان رواتب موظفي قطاع غزة ليست اثمن من غزة نفسها والنجاح منقطع النظير الذي حققته على اكتاف رجالها، آن الاوان ان تعود حماس كما كانت، وان تترك السياسة تماما وتكتفي بصوت تتقنه وبشكل ملحوظ.

آن لرجال حماس بعد سيناريو الطلاق مع سورية، وتجربة 'صحراء التيه الحمساوية' ان تدرك ان العمل السياسي عمل لا يمكن الخروج منه بلا اتساخ او اوضار او اخطار، هكذا هي السياسية، اما ما تحسن حماس فعله وقد فعلت وما تأسست عليه وقد نجحت فهو السبيل الوحيد لئلا تقع في احد هذه الخيارات الثلاثة المؤلمة فحماس الان اما انها تنتحر او تحتضر او تنتظر فماذا ترانا نرى؟

القدس العربي

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required