مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

قد يبدو للوهلة الأولى أن علاقة هيجل وحسن البنا بالدول الفلسطينية علاقة تجريدية. ولكن هذه المقالة ستبين أن لكل من حسن البنا وهيجل علاقة وطيدة بالدولة الفلسطينية. ولم اقصد بتناولي لهيجل الدعوة إلى اقامة دولة فاشية ولا إلى اقامة دولة دينية مثل حسن البنا. بل كل ما فعلته هو استعارة بعض افكار هذين المفكرين التي لو طبقت ستساعد في توحيدنا داخليا في مواجهة الاحتلال.

كفلسطينيين نحن بحاجة على ما يبدو إلى استعارة مفهوم هيجل عن الدولة. هذا المفكر الذي أعلى من شأن الدولة واعتبرها الفكرة الأسمى التي تنتج من التناقض بين الأسرة والمجتمع المدني. فالأسرة مبنية على عاطفة المحبة وتغليب المصالح العامة للأسرة على الفردية. بينما المجتمع المدني يتميز بأنه مجتمع يسعى لتحقيق المصالح الفردية ويعليها على المصالح العامة.

وهيجل عندما عظم من الدولة كان يسعى من خلال ذلك إلى مواجهة قضية الانقسام الداخلي فالدولة الألمانية القومية لم تكن قد تشكلت بعد. فهيجل الذي عاش فترات الانقسامات الداخلية والتنازع بين المصالح الفئوية أراد بطرحه هذا أن يقول للشعب الألماني أن الدولة أهم من المصالح الفئوية والتنازع الداخلي. فالوطن يجب أن يكون موحدا، فالدولة هي الفكرة والواقع الأسمى. فلا قوة يجب أن تكون أقوى من الدولة.

وهذا الانقسام الداخلي الألماني جعل هيجل ينفر من المصالح الذاتية والتي تغلب المصالح الفئوية على مصلحة الوحدة. ومن هنا رفض هيجل فكرة المجتمع المدني مميزا بينه وبين الدولة الحقيقة حيث اعتبر المجتمع المدني دولة خارجية.

والسؤال ما هي علاقة هيجل بالدولة الفلسطينية؟. الجواب كل العلاقة فحالة فلسطين اليوم هي حالة انقسام داخلي تشبه الحالة الألمانية على الرغم من الاختلافات الأخرى. فهيجل يصلح لأن يكون من أهم الفلاسفة الذين نحن بحاجة إلى تبني افكارهم. فالمصالح الفئوية مهما كان مصدرها حزبي أو أية مصالح اخرى يجب أن يتم لجمها والتركيز على مصلحة الوطن. ولكن ما نراه منذ سنين هو عكس ما دعى إليه هيجل، ففي كل يوم نرى تعزيز للمصالح الحزبية والفئوية على المصلحة الوطنية. فالشعب الفلسطيني مازال ينتظر تنفيذ اتفاق الدوحة الذي هو للآن حبر على ورق. والسبب واضح بالنسبة للجميع لأن المصالح الفئوية أصبحت أهم من المصالح العامة الوطنية.

ففي حالتنا الفلسطينية أصبح كل حزب يدعي أنه يملك الحقيقة المطلقة وأنه يمثل الشعب. وما نحن بحاجة إليه وعلى حد وصف هيجل هو إرادة كلية Universal Will مؤسسة على العقل وليس اردات فردية أو فئوية ينظر كل واحد لنفسه على أنه يعبر عن الارادة العامة للشعب. فالإرادة العامة لا يمكن أن يتم تأسيسها إلا بعد ان يتم حل مشكلة الانقسام الداخلي. فلا يستطيع أي حزب أن يدعي أنه يمثل الارادة العامة إلا إذا انتهى الانقسام وتم اجراء الانتخابات.

وهنا نصل إلى حسن البنا الذي كان يحمل الحقد على ما دعاه بالحزبية العمياء. ومن المفيد هنا الرجوع حرفيا إلى ما قاله حسن البنا لوجود تشابه بين ما قاله وما يجري الآن في فلسطين. حيث قال:

"لا شك أن نار الخصومة والحقد قد اضطرب في نفوس الحاكمين والمحكومين على السواء، بفعل هذه الحزبية الخاطئة، التي لم نفهمها نحن في مصر في يوم من الأيام على أنها خلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، بل فهمناها عداوة وبغضاء تتعدى النظر في المصالح العامة إلى المقاطعة في كل الشؤون عامة وخاصة , وإلى أن نرى الحق في جانب خصومنا الحزبيين باطلا، والباطل في جانب أنصارنا الحزبيين حقا، ونصدر من هذا الشعور في كل تصرفاتنا وصلاتنا , ويستفحل هذا الداء ويستشري حتى في أحرج المواقف، فلا نستطيع أن نوحد صفوفنا في أي موقف قومي مهما يكن يتوقف عليه إصلاح أمرنا ومستقبل بلادنا".

ألا ينطبق ما قاله حسن البنا على وضعنا الفلسطيني. فصرفت جهودنا الداخلية على حد تعبير البنا على "الايقاع بالخصوم الحزبيين واتقاء مكائدهم". والمشكلة الأكبر أن المستفيد من هذه الفهم الخاطئ للحزبية الذي تحول إلى عدواة هو الاحتلال. ففي ضوء ما يجري في فلسطين اصبحنا نشغل انفسنا بقضايانا الداخلية ونسينا القضية الأهم وهو الاحتلال. ولذا نجد حسن البنا يتوجه بخطاب صريح ومباشر لكل مسئول قائلا: "فأما أن يفقه أولو الأمر هذه الحقيقة ويقدروها، فيبادروا في سرعة إلى إجراء التغيير الصالح برأيهم وعلى أيديهم، وفي ذلك السلامة والاستقرار، ومازال في الوقت متسع للإصلاح وإما أن يظلوا في هذا الانصراف فتسبقهم الحوادث، ويفلت من يدهم الزمام ، ولا يدري عاقبة ذلك إلا ألله".

لا يستطيع أي احد أن ينكر دور الاحزاب السياسية في النضال الفلسطيني. فالمجتمع الفلسطيني في اغلبيته متحزب. فالمواطن الفلسطيني ولد ليتحزب. ولكن السؤال هنا. إلا يستحق المواطن الفلسطيني الذي ولد متحزبا او غير متحزبا أن يرى الاحزاب الفلسطينية ترفع من قيمة فلسطين؟. ألا يستحق أن يرى الوحدة الوطنية قد تحققت؟ إلا يستحق أن يرى حزبه يعلي من المصلحة الوطنية الجامعة؟.

فإعلاء شأن فلسطين يترتب عليه في الوقت الحالي اتخاذ خطوات للمضي في عملية المصالحة. وأول الأمر تنفيذ اتفاق الدوحة. ليس لأن اتفاق الدوحة يمثل الحل الأمثل ولكن على اعتبار أن هذا الاتفاق وضع المصالح العامة قبل الخاصة. ولكن لكي ينفذ هذا الاتفاق لا بد من أن تعمل قيادات الأحزاب السياسية الفلسطينية على تغليب المصالح العامة على المصالح الحزبية وان تقوم بدورها في التنشئة السياسية رافعة من قيمة الوطن. وأن يتم الاحتكام للشعب الفلسطيني. فصوت الشعب هو الأبقى والأقوى. فالوطن هو الذي أوجد الاحزاب وليست الاحزاب هي من أوجدت الوطن.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required