مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
لفت نظري عنوان كتاب كانت طالباتي يقرأونه وهو 'الثابت والمتحول' للشاعر ادونيس. ولقد أثار عنوان الكتاب تساؤلات عديدة لدي. فعلى الرغم من أن ادونيس عقل كان يبحث في الثبات والمتحول في اللغة العربية، ولكن سؤاله حول الثبات والمتحول يصلح لان يثار على الساحة الفلسطينية. فدعونا نتسائل ماهو الثابت وماهو المتحول فلسطينيا؟.

فاذا سئل أي فلسطيني عن ثوابتنا الوطنية يجيب بشكل عفوي القدس عاصمة لدولتنا وعودة اللاجئين واقامة الدولة الفلسطينية. فمن الناحية النظرية لا يوجد غبار على ما يقال. ولكن من الناحية الفعلية فإن هذه الثوابت نقوم بهدمها كل يوم. فقد بدأنا بنسف هذه الثوابت مع الاقتتال الداخلي الذي كان من الخطوط الحمراء فلسطينيا. أما اليوم لا يستطيع أحد أن يدعي أن الاقتتال هو أمر محرم لأننا في كل يوم نقوم بتعزيز الانقسام.

إذا عن اي ثوابت نتكلم فالقدس تهود كل يوم ونحن بدل من ان ندافع عن القدس ننشغل بقضايانا الداخلية ونتربص بعضنا لبعض. فنحن منهمكون بالالتقاء بمسؤولين من الدول المختلفة لبحث قضايا انهاء الانقسام. فنضيع وقتنا واموال الشعب في حشد الطاقات لكي تتبنى هذه الدولة او تلك موقفًا مؤيدًا للحزب الذي نمثله. وذلك بدل من أن نحشد الدعم لنصرة القدس وقضية اللاجئين واقامة الدولة الفلسطينية.

ففي كل يوم تطالعنا الإخبار عن مشاكل تواجه تنفيذ اتفاق الدوحة وانهاء الانقسام. فلو كان هناك ارادة صادقة لتحقيق المصالحة الوطنية لكنا قد طوينا هذه الصفحة السوداء من تاريخنا بدون الحاجة إلى التدخلات الخارجية. فالغريب أننا نتصرف بعكس ما قامت بها الدول الاخرى تاريخيا. فعادة الدول التي واجهت مشاكل داخلية وانقسامات وحروب اهلية قامت بالتوحد عندما واجهت اعتداء خارجي. فالصين مثلا عانت من الحروب الداخلية فقد شهدت صراعًا داميًا بين حزب الكومنتانغ والحزب الشيوعي الصيني ولكن عندما تعرضت البلاد للاعتداء الخارجي توحد الحزبان أمام الاخطار الخارجية متناسين ومحيدين خلافاتهم الداخلية. فهذه على الأقل القاعدة الذهبية التي تعمل بها الدول. وهذا ما يدفع بعض الحكومات في بعض الأحيان إلى تصدير المشاكل الداخلية إلى الخارج لكي يتوحد الشعب وينهي الانقسام الداخلي.

ولكننا في فلسطين نعمل بعكس هذه القاعدة الذهبية. فمشاكلنا الداخلية ومصالحنا الفئوية أهم من ثوابثنا التي نتغنى بها كل يوم ونرفعها كشعارات. فالمهم ليس الشعارات انما ما نفعله على أرض الواقع. فاسرائيل تعمل على تغيير خريطة فلسطين بتوسيع المستوطنات، هذا السرطان الذي يستشري في جسد دولتنا، وتستمر في نفس الوقت بتهويد القدس وتغيير معالمها وتفريغها من سكانها. ونحن بدل ذلك منهمكون في النزاعات والصراعات الداخلية التي لا طائل منها ولا فائدة سوى اضاعة حلمنا باقامة الدولة.

فهل بقي الثابت ثابتا؟. فنحن بحاجة فلسطينيًا إلى العودة إلى الثوابت الفلسطينية الدولة والقدس واللاجئون. ففلسطينيا ابدلنا ثوابتنا باوهام صنعاناها بانفسنا وادعى كل واحد فينا أن الفكر الذي يمثله هو الصحيح. فأصبح كل حزب يقدم ويفرض نفسه على حد وصف ادونيس أنه 'المعنى الوحيد وانه السلطة المعرفية والمرجعية الوحيدة'.

والسؤال المطروح هل سنفيق أو سنتابع بنفس الطريق الذي لا يقود إلا إلى الدمار؟. والأمر الذي يحيرني كيف سنجيب على اسئلة الاجيال الفلسطينية القادمة عندما تسألنا لماذا لم تحافظوا على الثوابت الفلسطينية؟. لماذا ابدلتم القدس واللاجئين والدولة بالأفكار والشعارات الواهية؟ لماذا حولتم الأحزاب والحركات التحررية إلى حركات صراعية داخلية؟. لماذا حولتم الثابت إلى متغير والمتغير إلى ثابت؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required