مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

هي لحظة، تكثف فيها الزمن، انتقلت فيها إسرائيل من حالة عصبية صعبة إلى الجنون المطبق، حالة صرع تمر بها بين فترة وأخرى، هذه المرة، لا يبدو أن علاجاً اكتشف لمداواتها، ولم تعد الأدوية التقليدية تهدئ من صرعها، هي لحظة الحقيقة التي تحاول إسرائيل أن تغمض أعين العالم عنها، إسرائيل هي إسرائيل، ولم تكن بحاجة إلى كاميرا معلنة، وليست خفية لتكشف مدى إسرائيليتها، فالشريط المصور الذي أظهر الضابط الإسرائيلي، نائب القائد العسكري لمنطقة الأغوار المقدم شلومو ايزنار يضرب المتضامن مع الشعب الفلسطيني، من الدانمارك اندرياس باياس ببندقيته العسكرية، وهو العمل الذي سارعت أوساط عديدة، مدنية وعسكرية في إسرائيل إلى إدانته، وقيل إن الضابط أحيل إلى التحقيق.

ولكن ماذا لو لم تكن هناك صورة، أو شريط فيديو للحادثة ـ الجريمة، وماذا عن لجان التحقيق ونتائجها في أحداث مشابهة كانت الكاميرا هي الحقيقة والفضيحة معاً! تقول صحيفة 'إسرائيل اليوم': إن الحديث لا يجري عن حادثة وحيدة، فقبل بضع سنين جرى التقاط صورة لمقدم في سلاح المدرعات يضرب متظاهراً قرب الجدار الفاصل بخوذة.. الضابط رفعت رتبته (عن موقع 'الملف' 17/4/2012) ويلاحظ في هذا السياق، أن كافة هذه الأحداث، جرت في مواقع كانت محاطة بالنشطاء والمصورين ووسائل الإعلام، أي ان من يرتكب هكذا جرم، كان في حالة وعي كامل لمخاطر ما يقدم عليه، لكنه على الأغلب، كان مقدراً أن فعلته التي قد تنال بعض الشجب والاستنكار، ستجد صدىً إيجابياً من الناحية الفعلية، وها هو الخبير في شؤون الأمن القومي بن درور يميني يكتب في 'معاريف' ـ نقلاً عن موقع 'الملف' ـ مدافعاً عن الضابط ومبرراً سلوكه، فالمتضامن الدانماركي، هو متضامن تخفى كراكب دراجة نارية، جاء ليتضامن مع العدو الفلسطيني، متنكراً، إذ انه عضو في حركة التضامن الدولي مع الفلسطينيين، وهو كغيره من النشطاء أكثر 'تطرفاً' من الفلسطينيين أنفسهم، أكثر من ذلك، وفي سياق الدفاع عن الضابط المجرم، يضيف يميني: إن الضابط اصيب في ذلك الحادث قبل ثوان من المقطع المصور، والسؤال هو ماذا لو لم يكن هذا الضابط ـ مصاباً ـ هل كان أطلق النار على المتضامن، وهو اكتفى بضربه ببندقيته، نتيجة لإصابته ليس إلا؟! ولا ينسي يميني من أن يلوم ردود الفعل الإسرائيلية على هذا الحادث، قائلاً: إن الرأي العام والقيادات الإسرائيلية، كأنما شكلت محكمة ضد جرائم الحرب للضابط الذي وجد نفسه مضطراً للدفاع عن نفسه!

في هذه اللحظة الجنونية المكثفة، ولكن بلا صورة أو شريط فيديو، بذلت إسرائيل جهوداً هائلة خلال الأسابيع الماضية وعلى كافة المستويات، بهدف إحباط الحملة الدولية للتضامن مع فلسطين والتي كانت تحت شعار 'فلسطين ترحب بكم' وأعدت لهذا الغرض قائمة سوداء، ظلت تزيد عليها أسماء عديدة منعاً لوصول المتضامنين إلى مطار اللد، هذه القائمة شملت بعض الأسماء التي لم يكن لدى إسرائيل أي معلومات أمنية عنها، ومن ضمنهم بعض الدبلوماسيين ورجال الأعمال وبعض الموظفين الكبار في شركات لها علاقة تجارية دائمة مع إسرائيل.

وفد من إدارة شركة الأدوية الألمانية 'مارك' استعد لزيارة إسرائيل خلال فترة الحملة من أجل افتتاح دفيئة تكنولوجية في معهد وايزمان الإسرائيلي باستثمار بمبلغ عشرة ملايين يورو، إلاّ أن أحد أعضاء هذا الوفد، وهو مواطن هولندي، فوجئ قبل ساعات قليلة من إقلاع الطائرة بأن اسمه قد ورد في 'القائمة السوداء' وتم إلغاء تذكرته وسفره.

دبلوماسي فرنسي، يعمل في السفارة (القنصلية) الفرنسية في القدس وزوجته، اشتريا تذكرتي سفر للعودة إلى مكان عمل الزوج في القدس من شركة لوفتهانزا، وقبل يوم واحد من موعد السفر، تلقيا بلاغاً من شركة الطيران مفاده أن دخولهما إلى إسرائيل ممنوع، وتم إلغاء الحجز.

نشير إلى هذه الأمثلة، لتأكيد صفة الجنون التي ألمت بالأجهزة السياسية والأمنية في إسرائيل، حتى باتت تتخبط رغم ما عرف عن هذه الأجهزة من دقة وامتلاكها للمعلومات. الذعر من وصول المتضامنين، أوصل إسرائيل هذه الهستيريا، الأهم أن ذلك لم يؤثر على تحقيق أهداف الحملة التضامنية، فقد تظاهر المتضامنون سواء في مطار بن غوريون، أو في مطارات برلين وجنيف وباريس، لدى إبلاغهم بمنعهم من السفر، لم يصل معظمهم إلى مقصدهم في بيت لحم، لكن بيت لحم كانت في كل المطارات وهي تفضح السلوك المخزي للاحتلال، وإذا كانت إسرائيل قد أرادت من هذه الإجراءات الغبية، منع الحراك التضامني مع الشعب الفلسطيني، فقد فشلت تماماً، إذ ان هذا السلوك، إنما أتاح المجال لوسائل الإعلام لتغطية هذا الغباء المكثف الناجم عن لوثة هستيرية إسرائيلية، وكان يمكن لهذه الحملة أن تبدأ وتنتهي مع تغطية إعلامية عادية، غير أن هذا السلوك، منح وسائل الإعلام، على مستوى العالم تغطية واسعة للمتظاهرين الممنوعين من السفر، أو لمن وصل منهم، وتم تنظيم إعادتهم إلى عواصم انطلاقهم، وهكذا انتقلت حملة 'أهلاً بكم في فلسطين' من بيت لحم، إلى مطار بن غوريون ومطارات العواصم العالمية، دون تخطيط من المتضامنين، ولكن بتخطيط غبي من قادة 'الشاباك' وباقي أجهزة الاستخبارات على اختلاف عناوينها، تعبيراً من حالة الهستيريا التي المت بالدولة العبرية إثر الحراك الدولي المتحدي للاحتلال.

في هذا السياق، ومقارنة مع حالات الحراك الدولي السابقة، فقد كان المتضامنون عندما يسألهم ضابط الهجرة والجوازات في مطار بن غوريون عن أسباب زيارتهم، يجيبون أنهم وصلوا إلى إسرائيل بهدف السياحة، كي يتمكنوا من الدخول، هذه المرة، ثم اتخاذ موقف آخر، فقد كتب كل متضامن على بيانات الدخول ان سبب الزيارة، هو التضامن مع الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال، والالتحاق بحملة 'أهلاً بكم في فلسطين'، ويكررون نفس الإجابة عندما يسألهم ضابط الهجرة والجوازات، وهو تحول له دلالته الكبيرة، فقد أصبح التضامن مع الشعب الفلسطيني حالة دولية عامة، يدرك المتضامن من أنه لو أعيد إلى الطائرة التي وصل بها إلى مطار بن غورين، فإنه قد شارك في الحملة من خلال رسالته الواضحة والمحددة في إجابته عن أسباب وصوله إلى مطار بن غوريون، فهو لن يتمكن من التسلل إلى بيت لحم للمشاركة في الحملة، لكن الحملة تسللت فعلاً لتصل إلى كل مكان لم تقدره سلطات الاحتلال التي أصيبت، في لحظة فارقة مكثفة بهستيريا، كان من نتائجها، نجاح هذه الحملة 'أهلاً بكم في فلسطين' في كل موقع، انطلق ووصل إليه متضامن في هذه الحملة الناجحة بامتياز!!

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required