مفتاح
2024 . الخميس 4 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
لقد اثارت الرسالة التي بعثت بها الرئاسة الفلسطينية كثيرا من الجدل والنقاش والتوافق والإختلاف، فالبعض رأى فيها شكلا من التفاوض ، والبعض الآخر رأى فيها شكلآ من التنازل أو الإستجداء الفلسطينى ، والبعض الآخر رأىفيها موقفا فلسطينيا قويا ، وتحذيرا حاسما لإسرائيل بأن الفلسطينيين لن يقفوا مستسلمين ساكنيين وهم يرون إسرائيل تستمر في سياساتها الإستيطانية واضعة نهاية لحل الدولتين ، وفارضة رؤيتها للسلام بإستكمال الجدار ، ومن ثم إختزال السلطة في إطار حدودى ضيق مكررة نفس تجربة غزة ، وبعدها يبحث الفلسطينيون في الضفة عن حل أو سلطة بحكم ألأمر الواقع ، متجاهلين غزة على إعتبار إن مشكلة غزة قد حلت بحكومة حماس الحريصة على الحفاظ عليها ، ولتكن دولة فلسطين المستقبلية كينونتها غزة .

وفريق آخر رأى في الرسالة بداية لعمل فلسطينى شاق وطويل. والأن وبعد أن سلمت الرسالة فلا يعتقد أن تكون إستجابة إسرائيل إيجابية . وجاءة الرد ألأولى شرعنة ثلاثة بؤر إستيطانية ، والإستمرار في طرح المزيد من المناقصات الإستيطانية . ولذلك الرد الإسرائيلى لن يكون جديدا بل قد يتسم بالغموض والتأكيد على إستعداد إسرائيل لمفاوضات على أعلى مستوى دون شروط مسبقة ، والتأكيد أن إسرائيل تمد يدها للفلسطينيين لإستئناف مفاوضات التسوية السياسية . هذا هو التوقع الأكبر لرد إسرائيل، وقد يكون هناك إحتمال منخفض أن تقدم إسرائيل بعض الردود الإيجابية او تقدم بعض المبادرات والتي تسمى بمبادرات الثقة كإفراج عن عدد من الأسرى ، أو توسيع لسلطات السلطة في المناطق ب وسى. وهذا الإحتمال قائم لأنه قد لا يكلف إسرائيل كثيرا بل قد يضع السلطة الفلسطينية أمام خيارات اصعب . وقبل الحديث في هذه الخيارات ، لا بد من التساؤل ما الذي قد يدفع إسرائيل إلى تقديم مبادرة اكثر إيجابية أو ترد علي الرسالة الفلسطينية كما يريد الفلسطينيون ؟

يبدو أن توقيت الرسالة لم يكن في صالح الفلسطينيين وخياراتهم ، فنتنياهو في وضع سياسى افضل وأقوى من ذى قبل ، وحكومته ليست بعيده عن الإنتخابات سواء المبكرة بأشهر قليلة أو في وقتها المحدد، وبالتالى من المستبعد أن يقدم نتنياهو على خطوة قد تضر بموقفه السياسى وتخسره الإنتخابات القادمة وهى أولوية إسرائيلية في هذه المرحلة على أى خيار آخر.والعامل الثانى الذي يعمل في صالح إسرائيل هو سنة الإنتخابات ألأمريكية والتي تخضع فيها الرئاسة ألأمريكية لضغوطات اللوبى الصهيونى ، وعدم التوقع بممارسة أى ضغط على إسرئيل ، بل العكس يمكن توقع هذا الضغط على السلطة الفلسطينية حتى تبدى مزيدا من التراجع السياسى أو تحد من خيارات ما بعد الرسالة ، وقد تأتى الإنتخابات الرئاسية ألأمريكية بالمرشح الجمهورى، وهو ما يعنى الإنتظار سنة أخرى من اعادة ترتيب اوراق الإدارة ألأمريكية الجديده ، وهذا يعنى تجميد للدور ألأمريكى الذي سيعمل في صالح الموقف الإسرائيلى . إذن لا داعى للإستعجال ومنح الفلسطينيين وهم في حالة إنقسام أى مبادرات جديده ، ومن ثم يبقى الرد والخيار الإسرائيلى في كسب مزيد من الوقت ، وفرض مزيد من الوقائع على ألأرض وصولا إلى فرض حالة سياسية يصبح الفلسطينيين امامها غير قادرين علي فعل أى شئ .وبالمقابل توجد عوامل قد تدفع إسرائيل للرد بإيجابية اكبر ومن ذلك مدى قناعة نتنياهو إن الفلسطينيين جادين فيما يقولون ، وأن اللرسالة ليست مجرد رسالة بروتوكولية عادية ، بل هى تضمن قولا وفعلا فلسطينيا صادقا ، إذا أدركت إسرائيل تكون الرسالة قد حققت أحد اهم أهدافها ، خصوصا أن أى خيار فلسطينى ستكون له تداعيات مباشرة على إسرائيل أيا كان هذا الخيار ، وهذا ما ينبغى أن يدركه الفلسطينيون ، وألأمر الثانى إدراك إسرائيل للتداعيات السياسية للتحولات العربية وتأثيرها على كل خياراتها وخصوصا خياراتها العسكرية مع إيران.

أعود ثانية إلى التساؤل ثانية وما هى خيارات السلطة الفلسطينية بعد الرسالة ؟ على الرغم من أن خيارات القضية الفلسطينية كثيرة ومتعدده بتعدد مكوناتها ومستوياتها ، لكن تبقى هذه الخيارات محدوده . وبعيدا عن خيار المصالحة الذي بات بعيدا وسيلقى بالتالى آثاره على كل الخيارات الفلسطينية بالسلب. يبقى أمام السلطة الفلسطينية والرئيس عباس خيارين أساسيين مع إستبعاد بعض الخيارات كخيار حل السلطة لأن كلفته السياسية أكبر من أن يحتملها الفلسطينيون، وبسبب الإنقسام الذي قد يعنى حل السلطة في جانب وبقائها في جانب آخر ، وكأننا لم نفعل شيئا ، وإستبعاد خيار الوصاية الدولية لأنه لم يد فاعلا ألأن وقابلا للتطبيق ، وكان يمكن تصوره في وقت نشؤ القضية الفلسطينية ،وبديلا عنه خيار تفعيل المسؤولية الدولية ، وصعوبة خيار إلغاء إتفاقات أوسلو لدم القدرة على ذلك. وفى ظل المعطيات الإسرائيلية وفى ضؤ الرد الإسرائيلى ، إذا كان بالإيجاب ولو الجزئى فهذا يعنى إستئناف خيار المفاوضات ، وحالة ألإنقسام السياسى ، وقوة السلطة في الضفة الغربية قد تشجع على هذا الخيار .أما إذا جاء الرد سلبيا فيبقى امام السلطة الفلسطينية خيار تفعيل الشرعية الدولية ، وخيار تفعيل طلب العضوية في الأمم المتحده ، بالتوازى مع خيار تفعيل المقاومة الشعبية والمدنية ، وخلق قوى ضغط داخل وخارج إسرائيل إنتظارا لموقف عربى أكثر وضوحا ، ودور أمريكى وأوربى بعد ألإنتخابات ألأمريكية . ويبقى الإستعداد أن كل من هذه الخيارات قد تدفع في إتجاه خيارات غير متوقعة ، وألأخذ في الإعتبار محددات البيئة الفلسطينية وألإقليمية والدولية في الحسبان ، فصعوبة الخيارات الفلسطينية ليس في إتخاذها ، ولكن في مكوناتها الغير فلسطينية . وأخيرا يبدو أن خيارات ما بعد الرسالة ستكون أصعب بكثير من خيار كتابة الرسالة وتسليمها .

دكتور ناجى صادق شراب \ اكاديمى وكاتب عربى DRNAGISH@GMAIL.COM

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required