مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

أعلنت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة الحرب على الشعب الفلسطيني في كل المجالات، الاستيطان ونهب الأرض، تهويد القدس، الخنق الاقتصادي والحصار، وضع منظومة القوانين العنصرية، تدمير العملية السياسية، واعتداءات يومية يمارسها جيش الاحتلال وشبيحة المستوطنين. غير ان العنصر الأهم في الاستهداف كان كسر إرادة الشعب، من خلال قمع وإخضاع رموزه النضالية داخل السجون والمعتقلات. هنا كانت المواجهة الأشد والأخطر والأهم والأصعب، ذلك أن النجاح والظفر صغيراً كان أم كبيرا يبدأ من داخل المعتقلات، والهزيمة تتقرر أيضا داخل المعتقلات.

استصدرت الحكومة الإسرائيلية رزمة من العقوبات التأديبية منذ منتصف العام الماضي. 'قانون شاليت' وستة قوانين اخرى اعتمدها الكنيست ضد الأسرى. القوانين تتضمن سلسلة من الممنوعات التي بددت كل مكاسب الحركة الاسيرة السابقة التي انتزعتها بعد ان دفعت ثمنها غالياً. قانون شاليت يمنع الأسرى من الالتقاء بعائلاتهم، ويحرمهم من حق التعليم وقراءة الصحف داخل السجن، ويمنعهم من مشاهدة التلفاز والالتقاء بنظرائهم الأسرى، ويجعل فترة السجن في العزل الانفرادي مفتوحة. البعض امضى اكثر من 10 سنوات في زنازين ضيقة وغير صحية. سلطات السجن تفننت في تطبيق القانون بأساليب فاشية ووحشية، كإخضاع المعتقلين للتفتيش العاري، والاقتحام الليلي لغرف وزنازين الأسرى، وتنظيم أشكال لا حصر لها من العقوبات الفردية والجماعية، وإذلال عائلات الأسرى أثناء الزيارات بما في ذلك تكبيل أيدي وأرجل أبنائهم أو إخوانهم الأسرى أثناء الزيارة على طريقة معتقل غوانتانامو. ارتفع عدد المناضلين في الحجز الانفرادي لينوف على الـ 20 مناضلا معظمهم من القياديين أمثال أحمد سعدات، مروان البرغوثي، حسن سلامة، احمد المغربي، محمود عيسى وغيرهم. وارتفع عدد المناضلين المعتقلين إداريا ليصل الى 330 معتقلا.

قبل الاسرى والأسيرات التحدي، فلم يذعنوا للهجمة العنصرية التي استهدفت إخضاعهم واستسلامهم للعقوبات الجديدة. رفضوا الذل والمهانة وبدأت حرب إرادات، إرادة المناضلين من اجل الحرية وإرادة المحتلين والجلادين. وبشجاعتهم وثوريتهم وتشبثهم بالحرية أشعل الأسرى الروح الوطنية الفلسطينية، وروح التضامن العربي والعالمي. إضراب المناضل خضر عدنان المفتوح عن الطعام الذي استمر 66 يوما وتمكن من فرض إرادته على المحتلين بالإفراج، شكل نقلة مهمة في التحدي والصمود أعقبه إضراب المناضلة هناء شلبي الذي استمر 43 يوما وانتزعت الإفراج عنها. وانتشر الإضراب في صفوف المعتقلين الإداريين الذين طرحوا مشكلة الاعتقال الاداري التعسفي على بساط البحث، يوم 29 شباط الماضي اعلن المناضلان ثائر حلاحلة وبلال ذياب الاضراب المفتوح عن الطعام وقد دخلوا اليوم 63، ورغم تعرضهما لنوبات إغماء يواصلان الإضراب في مستشفى سجن الرملة. انضم للإضراب المفتوح المناضلان حسن الصفدي وعمر ابو شلال ومضى على إضرابهما 56 يوما،. وانضم المناضل جعفر عز الدين للإضراب المفتوح ودخل يومه الـ 40 .

ومحمود السرسك لاعب كرة القدم في المنتخب الوطني انضم للاضراب منذ 38 يوما. وشيئا فشيئا اتسع عدد المشاركين فتحول الاضراب من مبادرات فردية إلى فعل جماعي يشارك فيه قرابة الالفي أسير وأسيرة ويتجه نحو مشاركة بقية الأسرى في الإضراب إذا لم تستجب سلطات الاحتلال للمطالب الإنسانية المشروعة.

اعتقدت حكومة نتنياهو اليمينية انها تستطيع كسر إرادة المناضلين والمناضلات منفردين ومجتمعين، وأن ما لا تستطيع إخضاعه بالإجراءات المتشددة تستطيع إخضاعه بإجراءات أكثر تشدداً. فأدارت حكومة نتنياهو ظهرها للمطالب الإنسانية المشروعة ولأسلوب الإضراب ولأشكال التضامن، وبذلت قصارى جهدها لقمعه ولعزل المضربين عن بقية السجناء، وعزل قيادة الإضراب بالنقل المتكرر. وقد أدى هذا الموقف العدمي إلى تأزيم الموقف، فقد أصبحت حياة أكثر من 10 مناضلين مضربين عن الطعام في خطر، وهذا العدد يزداد يوما بعد يوم، والحكومة الإسرائيلية مسؤولة مسؤولية كاملة عن حياتهم. هؤلاء يطرحون مطالب عادلة ومشروعة وبسيطة، مواقف تنسجم مع القانون الدولي واتفاقات جنيف وشرعة حقوق الإنسان. كالتراجع عن قانون شاليت، الذي يحظر الزيارة، ووقف العزل الانفرادي، والتفتيش العاري، والسماح لأسر المعتقلين من قطاع غزة بالزيارة، والسماح للأسرى باستئناف دراستهم. وتوفير العلاج اللازم للأسرى المرضى وبخاصة مرضى السرطان الذي يبلغ عددهم 25 مريضا، ووضع نهاية للاعتقال الإداري، والإفراج عن الأطفال، والتوقف عن إهانة وإذلال أهالي الاسرى. من يجرؤ على رفض هذه المطالب غير حكومة الاحتلال؟ ومن لا يتعاطف مع هذه المطالب وأصحابها من المناضلين المتفانين؟

إن حكومة الاحتلال التي أرادت بقراراتها اللاانسانية البشعة إخضاع الاسرى ومن خلفهم الشعب لارادتها، معتقدة ان تجريد الأسرى من أبسط حقوقهم كفيل بحسم المعركة. غير ان حسابات عجرفة القوة لا تصلح عندما يكون الطرف الآخر مناضلين من أجل حريتهم وتحررهم. او عندما تكون المعركة مع متضامنين عالميين جاؤوا لدعم حرية الشعب الفلسطيني. بدأ الوضع الفلسطيني يخرج من حالة الانتظار وبدأنا نشهد حركة استقطاب شعبي فلسطيني جديد. ولا ريب ستشتعل الأراضي الفلسطينية أكثر فأكثر مع كل تهديد لحياة المضربين الأبطال.

هل ستضع انتفاضة الأسرى المتصاعدة حدا لحالة الانتظار، وهل تبدأ عملية تغيير قواعد اللعبة السياسية القائمة على عجرفة القوة.

يمكن القول ان صبر الشعب الفلسطيني له حدود، وانه لن يعدم الوسيلة لفتح الانسداد الخانق، حدث ذلك في كل المنعطفات التاريخية. ويبدو ان البداية تأتي الآن من داخل المعتقلات.

ان استجابة القوى السياسية لا تزال محدودة ومرتبكة بتفاوت، فهي لم تتوحد على سياسة واحدة في هذه المعركة، وقد انعكس ذلك على مواقف الحركة الأسيرة التي أضرب نصفها فقط. وانعكس ايضا على ضعف تنظيم وحشد الجماهير لمساندة انتفاضة الأسرى الذي ما يزال دون المستوى المطلوب. ان الحركة السياسية تواجه تحدياً كبيراً فيما إذا بقيت غير موحدة وضعيفة المبادرة في معركة بالغة الأهمية. هل ستتدخل الحركات المجموعات الشبابية والشبيبية الذين خاضوا معركة الانتخابات بقوة لكنهم لم يقدموا بعد على الدخول في معركة الأسرى.

الحكومة الإسرائيلية معزولة، والتعاطف العالمي مع قضية الأسرى في تعاظم، يشهد على ذلك النداء الدولي لدعم مطالب الأسرى الذي شارك فيه 320 منظمة قانونية دولية غير حكومية، اعتصام لندن تضامنا مع مطالب الأسرى، ومؤتمر الأمم المتحدة حول الأسرى الذي عقد في جنيف. وكل ذلك يتطلب تطوير السياسة والأداء والمبادرة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required