مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
لسنا بصدد استرجاع أحداث النكبة وتداعياتها المأساوية على الشعب الفلسطيني معاناة وقهرًا واستلابًا للحريات والحقوق والإرادات، بقدر محاولة الإجابة على السؤال: بعد هذا المشوار الطويل من النضال الفلسطيني بكافة صوره وأشكاله.. وبعد عشرات المذابح والمجازر التي لاحقت اللاجئين في مخيمات الضفة والقطاع ولبنان، وسقوط عشرات الآلاف من الضحايا من الشهداء والجرحى والمعاقين والأسرى والمبعدين، وبعد اغتصاب المقدسات والاستيلاء على غالبية الأرض الفلسطينية وبعد أن أوشك مخطط تهويد القدس على الانتهاء: هل لا يزال حلم العودة والاستقلال والدولة يراود الفلسطينيين في أراضيهم المحتلة وفي المنافي؟ .. وهل يعتبر ربيع الثورات العربية عامل دعم لهذا الحلم؟ .. وإذا كانت الإجابة بنعم فكيف يمكن لواقع عربي جديد تقريب هذا الحلم الذي ما يزال يداعب مخيلة الفلسطينيين كل عام مع ذكرى النكبة؟ .. وهل يتطلب الواقع العربي الجديد تغيير الواقع الفلسطيني الراهن - الذي يعتبر الانقسام والفساد وغياب مشروع وطني فلسطيني واضح المعالم لدى قيادات السلطة وحماس بعض مظاهره - قادر على تقريب حلمهم وتفعيل نضالهم في مواجهة التصعيد الاستيطاني الإسرائيلي المحموم ووضع نهاية للاحتلال؟

الإجابة على تلك التساؤلات يدفعنا إلى الإجابة أولاً على سؤال أكثر إلحاحًا: هل استفادت إسرائيل من ربيع الثورات العربية على صعيد دعم مخططها الاستيطاني ومشروع تهويد القدس؟ .. للأسف فإن الإجابة هي نعم، لاسيما في ظل الانقسام الفلسطيني الذي شبهه أحد القادة الفلسطينيين بأنه كالمفاوضات مع إسرائيل: بلا جدوى!

نعود إلى إسرائيل لنرى كيف تستغل الظروف الراهنة في تسريع مخططها الصهيوني الكبير ، ليس ذلك فحسب ، بل إن إسرائيل لم تعد تضع للتهويد والاستيطان الأهمية السابقة بعد أن اطمأنت إلى أنها قطعت الشوط الأكبر في هذا المضمار ، وأصبحت الآن تتطلع إلى مرحلة جديدة تسير في مسارين أحدهما يسير في اتجاه تبني خطة ترانسفير كبرى تشمل فلسطينيي 1948 بدءًا من النقب، والذي بدأ فعليًا من خلال.. والآخر يسير في اتجاه استعمار اقتصادي أميط اللثام عنه من خلال ما نشرته الصحف الإسرائيلية مؤخرًا، عندما أشارت إلى أكبر عطاء في تاريخها لإنشاء ميناء ضخم في إيلات على بعد أربعة كيلومترات من خليج العقبة في عمق الصحراء عبر إنشاء قناة بتكلفة تبلغ 13 مليار دولار فيما أصبح يعرف بـ "البوابة الجنوبية". وبموجب هذا المشروع سيتم نقل ميناء إيلات من موقعه الحالي على خليج العقبة مسافة 4 كيلومترات شمالي الخليج حيث ستربط بين الميناء والخليج قناة عريضة بطول 4 كيلومترات وعرض مائة متر. وهذه القناة سوف تسمح مستقبلا بالربط بين خط السكة الحديد والميناء مما يخلق بديلا تجاريا لقناة السويس ، وحيث يتوقع أن تجني إسرائيل من هذا المشروع 3 مليارات دولار سنويًا. المخطط بهذه المواصفات وطبقًا للرؤية الإسرائيلية يهدف إلى خلق بوابة جنوبية لنقل البضائع ومسار تجاري دولي بين آسيا وأوروبا، وخلق جسر بري منافس لقناة السويس ومركز مواصلات وإمدادات في إيلات. ويبقى من الواضح أن إسرائيل انتهزت فرصة الانقسام الفلسطيني وانصراف القيادات الفلسطينية ، وانتهزت أيضًا فرصة انشغال الثورات العربية – خاصة الثورة المصرية- في النزاعات والصراعات بين الأطياف والأحزاب السياسية المختلفة للمضي قدمًا في تنفيذ مخططاتها الجديدة.

واضح أيضًا أن إسرائيل تبدو في سباق مع الزمن لتحقيق هذا الهدف المزدوج قبل أن تستقر الأوضاع في مصر، لأنها تدرك تمام الإدراك أن عودة الاستقرار لمصر في ظل حكم ديمقراطي رشيد يمكن أن يفرض واقع جديد في المنطقة يعمل في اتجاه توخي سياسات جديدة، خاصة بالنسبة للموقف من إسرائيل والغرب، وحيث يذهب غالبية المراقبين إلى أن أهم ما يمكن أن يميز الواقع الجديد هو تفعيل الدور العروبي لمصر الذي بدأ يتناقص منذ توقيع اتفاق كامب دافيد ثم تلاشى تقريبًا في عهد الرئيس مبارك، مما أطلق يد إسرائيل في التصرف بحرية في ملف النزاع مع الفلسطينيين. بيد أن هنالك ما يبعث على التفاؤل بأن سحب الربيع العربي لابد وأن تؤتي ثمارها في فلسطين، فذكرى النكبة هذا العام تحمل في سياقها إرهاصات انتفاضة فلسطينية جديدة فجرها الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، إلى جانب أن ظاهرة الزحف نحو الحدود التاريخية لفلسطين المحتلة من كل صوب، تلك الظاهرة التي عبرت عن نفسها بقوة في ذكرى النكبة العام الماضي، لابد وأن يزداد زخمها هذا العام حيث بات من المتوقع أن تخرج الجماهير الفلسطينية من كل صوب في اتجاه الحدود التي تفصلهم عن قراهم ومدنهم التي هاجروا منها تحت وطأة المذابح الإسرائيلية عام 1948، لا يضيرهم الاشتباك مع قوات المحتل الغاصب، ولا يضيرهم سقوط الشهداء خلال تلك المسيرات الغاضبة في التوجه نحو أرضهم المغتصبة وكلهم إصرار على العودة. ما يبعث على التفاؤل أيضًا في أن ربيع الثورات العربية يعمل في اتجاه دعم التطلعات والآمال الفلسطينية نحو العودة والدولة بعض الأوضاع الجدية التي فرضتها ثورة 25 يناير المجيدة: فلن يكون هنالك مشاركة من مسؤولين مصريين رفيعوا المستوى لتقديم التهنئة للسفير الإسرائيلي في القاهرة بمناسبة (عيد الاستقلال) الإسرائيلي الذي يوافق النكبة، كما كان الحال قبل الثورة، ولم تعد مصر تسمح بإحياء اليهود لذكرى أبو حصيرة في محافظة البحيرة، ولم يعد الغاز المصري يتدفق بالمجان تقريبًا فيما يحرم فيه أبناء القطاع من الكهرباء..

وبقي شيء واحدً نقص استدارة الحلم الفلسطيني ليصبح بدرًا: أن تبادر قيادة السلطة و"حماس" إلى طي ملف الانقسام وقطع دابر الفساد وتحقيق الوحدة الوطنية وتفعيل أدوات النضال الفلسطيني بكافة أشكاله، لأن الربيع العربي وحده لا يكفي لتحقيق حلم الدولة والعودة.

* --- - ibrahimabbas1@hotmail.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required