مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
على العكس تماماً مما ذهبت إليه حركة حماس في تفسيرها لخطوة التعديل الحكومي، باعتبارها (الخطوة) 'تكريساً' للانقسام، فقد جاء التعديل بهاذا القدر المحدود وعلى هيئة إشغال للشواغر أساساً بهدف ترميم واقع الحكومة التي كانت قد تعرضت لهزات لا تُحْسَد عليها، إضافة إلى تعرضها لضغوط شعبية في ضوء التوجهات التي تم الإعلان عنها على صعيد بعض السياسات الضريبية ليس إلاّ. كما هو معروف، فقد كان هناك بعض الاجتهادات التي كانت ترى ضرورة التغيير الواسع بل وحتى التغيير الشامل، كما كانت هناك أصوات قوية تطالب بأن يكون لهذا التغيير الواسع والشامل فلسفته وسياساته وتوجهاته، وأن يُصار إلى ربط هذه الفلسفة والسياسة بالتوجهات الأساسية الجديدة التي يفترض أن تتم بلورتها من قبل القيادة السياسية الفلسطينية في ضوء انسداد العملية السلمية، وفي ضوء تنحّي الولايات المتحدة عن دورها كراعٍ نشط ومثابر لدفع العملية السلمية قدماً وعلى القدر المطلوب من الجدية، وفي ضوء الدور السلبي والمتردد للرباعية الدولية، وفي ضوء 'الانشغال' العربي بالأوضاع الداخلية وغياب المشروع العربي الواحد الموحد على الصعيد القومي الشامل.

القيادة الفلسطينية وعلى الرغم من إدراكها لأهمية هذه الخطوة وبالمحتوى الذي أشرنا إليه، حرصت على تأجيل هذه الخطوة باتجاه التغيير الواسع والشامل حتى لا يفهم هذا التغيير وكأنه عقبة أمام عملية المصالحة أو استباق لما يمكن أن تؤدي إليه من تشكيل حكومي يحظى بالتوافق الوطني الشامل.

وقد حرصت القيادة الفلسطينية على تأكيد تمسكها بالعمل الحثيث والمثابر وبدون يأس، للوصول إلى المصالحة وإنهاء هذا الانقسام الاسود.

إذاً، على عكس ما ذهبت إليه حركة حماس وما عبّر عنه بعض الناطقين باسمها، فإن محدودية التعديل الوزاري قد جاءت لتؤكد مدى الاهتمام والأولوية التي توليها القيادة الفلسطينية لقضية إنهاء الانقسام وإعادة اللحمة إلى المؤسسة الوطنية.

ومع أن حكومة حركة حماس المقالة وغير الشرعية عن الإطلاق، قامت ببعض التعديلات واستمرت 'بالحكم'، على الرغم من أن الرئيس أقالها وفق ما يخوله له القانون الأساسي، وفي فترة كان الرئيس فيها منتخباً من الشعب الفلسطيني، وفي الإطار الزمني القانوني لفترة رئاسته، إلاّ أن الناطقين باسمها وحتى يومنا هذا، يكررون في وسائل الإعلام وبصورة دائمة، التصريحات التي تعتبر أن هذه الحكومة هي حكومة شرعية وأحياناً الحكومة الشرعية الوحيدة..!!! إن تَرَفُّع القيادة الفلسطينية عن الدخول في مهاترات حول الحالة القانونية لحكومة 'الأمر الواقع' في غزة أتاح على ما يبدو 'فرصة' لتشويه الواقع وليّ عنق الحقيقة، والتطاول على القانون الأساسي وعلى كل القيم والقوانين التي حكمت العلاقات الوطنية الفلسطينية على مدى عقود طويلة من التعايش الوطني واللحمة الصلبة في مواجهة التحديات التي كانت تتربص بالمشروع الوطني.

لو كانت القيادة الفلسطينية تنظر للمصالحة الوطنية كما تنظر لها حركة حماس، لما ترددت هذه القيادة في إعادة تشكيل شامل للحكومة في ظل التعطيل المُعْلَن من قبل حركة حماس للمصالحة الوطنية وفي ظل تهاوي الأسباب التي ساقتها وتسوقها حركة حماس لهذا التعطيل.

ولو كانت القيادة الفلسطينية غير آبهة بالمصالحة، لما أكدت في الشأن تحديداً على أنه في اللحظة التي يتم التوصل فيها إلى 'الحكومة' الناتجة عن التوافق الوطني وحسب ما جاء في بيان الدوحة، فإن الحكومة التي تم التعديل عليها جزئياً، ستصبح بحكم اللاغية، ولو كانت القيادة غير مهتمّة بالمصالحة وإنهاء الانقسام لما حاولت على مدى الشهور الماضية المحاولة تلو الأخرى بدون كلل ولا ملل مع القيادات العربية في مصر وقطر والأردن وكل مؤسسات القرار العربي من أجل العمل على إنهاء الانقسام.

الآن يتوضح أكثر من أي وقت مضى، كيف أن الانقسام لم يكن أبداً عملية تنازعية بين حركتي حماس وفتح، كما استطيبت بعض القوى والشخصيات لتصوير الأمر على هذه الشاكلة، ولم يعد مقبولاً أن نستمر في العزف على هذا الوتر، لأن الانقسام اليوم (كما بات واضحاً) هو خطر محدق بالحقوق الوطنية والأهداف الوطنية، وهو خطر على الهوية والكيان ووحدة الشعب والوطن والقضية، وهو يمس الحاضر ويهدد كل منجزات الماضي ويسدّ الأفق أمام الأول والحلم الفلسطيني في الاستقلال والحرية وفتح الباب واسعاً أمام حق العودة باعتباره التعبير الأبرز عن مفهوم العدالة وحق تقرير المصير مهما كان لهذه المقولات من أبعاد نسبية ندركها وندرك أسبابها وحدود ممكناتها الحقيقية أو الفعلية.

والآن يتوضح لقطاعات واسعة من الشعب مَن هي القوى التي ترهن الوطن والشعب والقضية لأهدافها الخاصة، ومَن هي القوى التي تتنازل عنها لمصلحة الأهداف الوطنية العليا.

والآن يتوضح أن 'الالتفاف' الذي حظيت به حركة حماس في الأوساط الشعبية قبل الانقسام لم يعد قائماً كما كان، ولم يعد ممكناً استعادة هذا الالتفاف عبْر الإمعان في سياسة المناكفة والتصيّد والتعبير المتواصل عن حالة فئوية مغرقة في اللهاث حول مصالحها الخاصة.

الانتخابات الطلابية التي جرت في الغالبية الساحقة من المؤسسات التعليمية وفي الكثير من المؤسسات النقابية والمهنية أثبتت بما لا يدع مجالاً لأيّ شك، أن الجماهير الفلسطينية بدأت باستعادة روحها والالتفاف حول برنامجها الوطني والقوى التي تمثله وتدافع عنه وتحمله بهدف أعلى من كل هدف وكهدف أغلى من كل ثمن. عندما ينضج الجمهور وعندما تعاود الأوساط الشعبية دورها تدق ساعة محاصرة الفئوية وتدق ساعة إنهاء الانقسام وإعادة الروح والدفع الحقيقي بالبرنامج الوطني إلى الأمام وبالأهداف الوطنية إلى جدول الأعمال.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required