مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
إن العالم الحقيقي هو ما في داخلنا وليس في تلك الوقائع التي تثور وتهدأ وتنتهي لتبدأ او يبدأ غيرها..... يوسف زيدان

لما كان حديث التحرير في فلسطين حديثا طويل العمر ، بل إن عمره يفوق عمر اكبر مسن فينا ولما كانت أدواته ووسائله تقليدية تراوحت ما بين المقاومة والمفاوضات ، كل وفق مرحلة مستقلة معتمدة رؤيا خاصة ومتناقضة مع رديفتها كوسيلة ، ومع أن الوسيلتين أثبتتا فشلهما وفق المعطيات على ارض الواقع ، كان لابد من البحث عن وسيلة أخرى يمكن من خلالها انتزاع الاعتراف بدولة فلسطينية قابلة للحياة فإعلانها فإقامتها ، وهنا جاءت فكرة المقاومة السلمية المستمدة من التجربة الجنوب افريقية التي آتت ثمارها ولكن هذه الثمار لم تكن كافية لإشباع احتياجاتنا الوطنية وعلى رأسها إقامة الدولة المستقلة ، وأنا هنا لا انتقص من قيمة هذه الفكرة العظيمة التي توازي بل تفوق في عظمتها عظمة مانديلا نفسه ، ولكن يجب الاعتراف بأن فكرة المقاومة السلمية لن تستمر ولن تؤتي مزيدا من الثمار الوطنية والسياسية الدولية ما استمر الانقسام ، وعليه ستسير رؤية المقاومة السلمية في ركب فشل المفاوضات العقيمة والمقاومة التي تعتبر مجرد دفاع غير متكافئ عن النفس وستضيف إلى الفشل الفلسطيني مزيدا من الفشل ، ناهيك عن السجال بين ما بات يعرف بأنصار حل الدولة الواحدة وحل الدولتين ، إذا ما الحل ؟

الحل بتقديري يتلخص في نقطتين على الصعيد الوطني :

أولا : على الصعيد الوطني المتأزم

يشرفني أن أسجل صوتي إلى جانب الحناجر الوطنية التي نادت ولا زالت تنادي بإعادة ترتيب البيت الفلسطيني بدءا بمنظمة التحرير وهي البيت الجامع لكل الفلسطينيين افرادا وتنظيمات ، ووحدتها ابلغ تعبير عن وحدة الصف الوطني الفلسطيني ، ومناقشة كافة القضايا العالقة دون التوقف طويلا على معضلة من يحكم ؟ أو كيف يحكم ؟ بل التركيز على إعادة الحق في الاختيار للشارع الفلسطيني .كما لا نريد مصالحة بين فتح وحماس ، فكلمة مصالحة تفقد السياسة مهنيتها ، وتشعرك بالعشائرية وكأنك تمارس السياسة مجاملة ، بل نريد لفتح وحماس أن تختلفا باعتبار الاختلاف ظاهرة صحية ولكن في الوقت عينه لا نريد لهما أن تتقاتلا ، كما لا نريد أن نعزز ثقافة الانقسام متذرعين بالحق في الاختلاف ، كما لاننسى أن نؤكد بأن الفيتنام لم تتقدم إلا عندما توحدت أو تم توحيدها ، كذلك ألمانيا لم تتربع على عرش الاقتصاد الأوروبي إلا بعد هدم جدار برلين ،وفلسطين لن يكتب لها التقدم على طريق التحرر إلا بعد إعادة توحيد غزة والقطاع جغرافيا وسياسيا وتجاريا ....الخ

، وهذه الأمور إذا ما عولجت ستوصلنا إلى رقبة الجمل ونكون قاب قوسين أو أدنى من الوصول إلى سنامه السياسي ثم التحرر ، وفي هذه المرحلة ستكون رؤانا جميعا واضحة ، وعيوننا نحو الهدف الأكبر أو كما يقول الغرب we will keep the eyes on the prize وبمناسبة الغرب والأجانب ، سألني احد المتضامنين الأجانب في " برنامج التواجد المسكوني في فلسطين وإسرائيل " (EAPPI) في أغسطس الماضي وهو من جنوب إفريقيا ، ماذا ستفعلون إن لم تعطكم الأمم المتحدة دولة في سبتمبر المقبل ؟ شعرت لحظتها بأن سؤاله مستفز رغم عفويته فأجبته من فوري : إن لم تمنحنا الأمم المتحدة دولة حتما ستلجأ القيادة الفلسطينية بعد طي صفحة الانقسام إلى اخذ تجارب الأمم المتحدة في التحرر أمة أمة ، من التجربة الاسكتلندية عام 1314 إلى التجربة الجنوب افريقية وفق تصوراتي للخيارات المفتوحة التي تحدثت عنها القيادة السياسية الفلسطينية ولازالت تفعل.

ثانيا : على الصعيد الوطني الحالم

الشروع بإعادة التأمل في التاريخ التحرري للشعوب التي انتزعت التحرر والاستقلال وخلصت أنفسها من براثن الاستعمار للبدء بتصميم مشروع فلسطيني تحرري خالص ، لا يتوقف عند التجربة الجنوب افريقية ولا الجزائرية ولا المصرية الحديثة و التونسية ولا حتى الفرنسية والاسكتلندية والايرلندية .....الخ ، مشروع فلسطيني لا يكون أي من هذه التجارب العظيمة ولا يكون في نفس الوقت جلها ، بل هو مشروع قائم على الاختيار والانتقاء للمفاصل الايجابية لكل مشروع ، يكون طابعه إنساني وعنوانه فلسطيني خالص قد يتساءل احدهم " إن وضعنا يختلف عن وضع أي دولة وقعت تحت الاحتلال !! " أقول له

أولا : أن وضعنا وفق قراري 242 و 338 ليس أسوء من وضع الجزائر قبيل الثورة ، التي كان يعيش فيها أكثر من مليون ونصف المليون من المستوطنين الفرنسيين باعتبار الجزائر المقاطعة الفرنسية رقم (17) من منظور فرنسي آنذاك . ثانيا : إن المتابع " للثورات العربية " في تونس ومصر وليبيا واليمن يتبين له بأن هذه " الثورات " تمت بشكل مختلف كل عن الأخرى من حيث الأدوات التحررية على تشابهها وبنتيجة واحدة وهي التخلص من الديكتاتورية دون الخوض في ادوار اللاعبين الإقليميين والدوليين ،" فثورة" الياسمين في تونس من حيث الأدوات ليست "كثورة" 25/ يناير في مصر كما تختلف الاثنتان عما حصل من " ثورة " في ليبيا واليمن ,وهي بمجملها هدمت أكثر من قرن وربع من الديكتاتورية في اقل من عام ، كما أن ما يدور في سوريا مختلف عما حصل في كل البلدان الثائرة ، وعليه فالتحرر لا يمكن اختزاله في تجربة بعينها .

وأخيرا وليس آخرا نقول بصوت خاشع ، وقلوب منفطرة ، إن هامش الانقسام في خطيئته سيضيع متن الهدف بإقامة دولة بأي شكل ممكن على نبله ونحن حقا بحاجة إلى ثورة تحررية بداخلنا للشروع فورا في اختراع نموذج تحرري فلسطيني يأخذ من كل المشاريع الإنسانية التحررية - ما نجح منها - الأفضل ، لنزيح عن كاهلنا المثقل بالويلات هذا المارد المسمى بالاحتلال ولنحاول لمرة واحدة إن نطلق المارد الفلسطيني من قمقمه ونحرره من كل القيود الآخذة بالتكاثر يوما بعد يوم منها ما هو صنيعة الاحتلال ومنها ما هو صنيعة أنفسنا.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required