مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

حين أعلن المستشار فاروق سلطان، رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية في مصر، عن فوز مرشح حزب «الحرية والعدالة»؛ سقطت الأحكام المسبقة، ضد الدولة، بالتحيّز وفقدان النزاهة، وما تفرع عن هذه الأحكام، من ثرثرات عن مؤامرة مفترضة ينفذها المجلس العسكري. فقد شرح فاروق سلطان، ما حدث ضمن عمل اللجنة، من معالجات للطعون. بالتالي، أظهرت لجنة الانتخابات الرئاسية، وقوفها على مسافة واحدة من جميع المرشحين!

فوز مرسي لا ينفي وجود فزع كبير في المجتمع المصري من حكم «الإخوان المسلمين». لذا فإن التحدي كبير بالنسبة لمرشح «الجماعة» الذي بات رئيساً، هو أن يثبت جدارته في قيادة الدولة، وفق ما أعلن عنه من نوايا والتزامات تضمن استمرار مدنية الدولة، وتوفر الصدقية لما عبر عنه من استعداد للتعاطي مع المصريين كرئيس لهم جميعاً، يحمي حقوقهم الدستورية، ويتعاطى معهم على قدم المساواة!

محمد مرسي، منذ الآن، ينتقل من موقع المسؤولية في «الجماعة» الى موقع المسؤولية عن الجميع. والفارق بين المسؤوليتين، شاسع ويتطلب جهداً استثنائياً كبيراً. وإن كانت الأمثلة تساعد في تقريب الأفكار واختصارها، نقول إن موضع الاختبار الأكثر حساسية بالنسبة لمرسي، هو قدرته على محاكاة التجربة الأردوغانية. فقد كانت خيمة المرحوم نجم الدين أربكان، التي سماها «حزب الرفاه» هي نقطة المنطلق لرجب طيب أردوغان وزميله الرئيس عبد الله غُل. لكن الرجلين، عندما شعرا بأن أربكان أغضب المجتمع واستعدى مؤسسات الدولة وأثار الفزع من احتمالات انقضاض حزبه على النظام الجمهوري والدولة المدنية؛ ذهبا الى تأسيس حزب «العدالة والتنمية» في العام 2001 ليخوض الحزب الانتخابات في السنة التالية، ويحقق أول فوز له. وكانت تجربة أردوغان العملية كرئيس لبلدية استنبول قد سبقت الانتخابات لتشهد له بالنزاهة والمناقبية العالية ونظافة اليد. غير أن سر النجاح الحقيقي لأردوغان، كان يكمن في قدرة الرجل على استيعاب مكونات المجتمع التركي حتى أنه قدم باسم حزبه، اعتذاراً للأكراد العلويين، عن فظائع اقترفتها الدولة بحقهم في الثلاثينيات، ليتبرأ من آثام العلمانية وفي الوقت نفسه من العباءة الحزبية الضيقة، ذات المنحى الأيديولوجي المتشدد.

* * *

بمفردات فوز محمد مرسي ، سقط حكم احتكار الحقيقة، لأن المرشح الخاسر، ظل يقترب منه في الأصوات. بالتالي فإن الملايين التي اعطت صوتها لشفيق، عبرت عن إرادتها ضمن الجماعة الوطنية وليس من مواقع المنبوذين. وبفوز مرسي، سقطت الأحكام المسبقة والبكائيات التي افترضت وجود المؤامرة، وارتفعت بدلاً منها الأسئلة عن كيفية الحكم في عهد مرسي: هل يكرّس سمات الدولة المدنية؟ وهل يكون محايداً في الإدارة، ليكون الحظ لأصحاب الخبرة وليس لأصحاب الثقة والحظوة؟ وهل يعتمد سياسة واقعية ويغادر فضاءات الخطاب النظري ذي الوعود العريضة؟

ربما لن ينسى محمد مرسي، أن فوزه جاء لأنه و»جماعته» كانوا الأقرب للثورة وإن لم يكونوا أصحاب فكرتها أو وقود شعلتها. فعلى الرغم من أخطاء حزب مرسي فقد اختاره جمهور من الناخبين لكي يتلافى المنتفضون فوز المرشح الآخر، لا سيما بعد أن نجحت آلة الدعاية في المطابقة بين شفيق ونظام مبارك. لم يكن ممكنا إحباط الثورة، طالما أن جزءاً معتبراً من جمهورها حسم أمره وجزم بأن شفيق هو مرشح الثورة المضادة!

إن فوز مرسي، هو في الاعتبار الأول، فوز لمن حسموا أمرهم ضد المرشح الآخر. وهؤلاء يمثلون أكثر من ضعف عدد الذين أعطوا أصواتهم لمرسي في الدورة الأولى. كذلك الحال بالنسبة لمن أعطوا لشفيق، تحاشياً لظهور سلطة تحكم باسم الدين. وطالما أن المعادلة كانت على هذا النحو، فإن مرسي بات حيال مهمة معقدة، قوامها تطلعات مواطنين مصممين على حماية الدولة المدنية، وآخرين لا يرضون عن تحقيق أهداف الثورة بديلاً، وحزب أو «جماعة» تتطلع الى التمكين توطئة للانفراد بالحكم. لذا فإن نقطة الاختبار تكمن في قدرته على الوقوف ـ مثلما وعد ـ على مسافة واحدة من جميع المصريين!

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required