مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

“إسرائيل” التي تعدّ الأمن خبزها اليومي، تملك في معتقلاتها طواقم تحقيق أكثر مما تملك مدارسها هيئات تدريسية . ما دام الأمر كذلك، لا نستطيع أن نفهم الدوافع الكامنة خلف محاولة محققين أمريكيين استجواب أسير فلسطيني في معتقل “إسرائيلي” . صحيح أن الأسير عبدالله البرغوثي المحكوم بالمؤبد المتكرّر، رفض التجاوب مع المحققين الأمريكيين واستخف بهم، لكن هذا لا يلغي حقيقة أن هذه المحاولة تنطوي على عدائية تجاه الشعب الفلسطيني، ولا سيما إذا علمنا أن المحققين الأمريكيين الذين لم يعتادوا التحدي من جانب من يفترضون أنهم أكبر منه، تهجّموا على الأسير الفلسطيني وأساؤوا له، فهل هذه هي حقوق الإنسان التي تتشدّق بها الولايات المتحدة وتجتاح دولاً، وتسقط حكومات باسمها؟ .

ماذا كانوا يريدون من أسير مضى على اعتقاله أكثر من اثنتي عشرة سنة؟ . سؤال كفيل بأن يؤرّق أي سياسي أو إعلامي أو فضولي . فلقد كان بإمكانهم أن يطّلعوا على ملفّه لدى سجانيه “الإسرائيليين”، خاصّة أنهم، لا شك، يعرفون أنّ ما لم يأخذه “الإسرائيلي” من أسير فلسطيني أو عربي، لن يأخذه الأمريكي ولا الميكرونيزي . إذن ليس في الأمر ما يتعدى التدخّل السافر وإثبات الشراكة مع “إسرائيل” في كل شيء، أو قد يكون هؤلاء طلبة في كليات أمنية أرسلوا إلى السجن “الإسرائيلي” على سبيل الدروس التطبيقية في حقل تجارب فلسطيني، خاصة أن الأمريكي له حظوة “صاحب المنزل” لدى “إسرائيل” .

لو قدّر لإعلامي أو باحث أن يجري جولة على مستوى العالم ويزور مراكز الأمن والسجون، لاكتشف أن أغلبيتها صنعتها أياد أمريكية، لكن لن يتمكن أحد من أن يصل على بعد كيلومترات عن أي من سجون السي آي إيه المنتشرة في بعض دول أوروبا . هناك مستثمرون يستأجرون أراضي قد تصل إلى مساحة جزيرة، لكي يزرعوا فيها، ويبنوا إسكانات في معيّة منتجعاتهم . لكن أمريكا تستأجر جزيرة كوبية لتنشئ فيها سجناً لتحتجز فيه أشخاصاً بلا محاكمة، ورغم وعود الرئيس باراك أوباما بإغلاقه، إلا أنه ما زال مغلقاً على مئات المعتقلين .

أمريكا تعطي نفسها حق التدخّل بلا شروط خارج حدودها في الدول الأخرى بكل شيء، وهي تقيم الدنيا، ولا تقعدها إذا تعرّض إنسان لصفعة في بلدان تتهمها بالإرهاب، مع أن السجون الأمريكية العلنية والسرية لا تخلو من عمليات تعذيب وتنكيل، ويُحَرم فيها المعاقبون من حقوقهم، كما أقر تقرير للأمم المتحدة العام الماضي، ولعل بقاء مئات من الأسرى في سجن غوانتانامو بلا محاكمة، يؤشّر على المدى الذي تصله الازدواجية الأمريكية في ما يتعلق بحقوق الإنسان .

في اللحظة التاريخية الراهنة، هناك في غير مكان حالة ضبابية يسودها فقدان الرؤية والاتجاه، لذلك نرى البعض يصدّق أمريكا، ويروّج لها كحامية للحريات والدساتير والاقتصاد “الحر”، مع أننا نتمنى أن تكون هذه مهمتها ورسالتها في العالم . لكن ما ييعث على الأسى أن الولايات المتحدة بما تملكه من إمكانات اقتصادية وعلمية هائلة، وما يملكه شعبها من تراث وتنوّع وتجارب ترسخّت في معركة الاستقلال، يمكنها أن تكون قوة دافعة للحضارة البشرية وأن تقود عملية إطفاء للنزاعات الدولية وتبعث بعلمائها وخبرائها لمساعدة الشعوب، بدلاً من إرسال الجيوش والمحققين .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required