مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
التمييز بين الاحتلال أو الاستعمار التقليدي، والاحتلال الاحلالي الإسرائيلي الصهيوني لفلسطين له أهمية كبرى تتصل بالفهم الواقعي للغزوة الصهيونية التي تعرضت لها فلسطين منذ أوائل القرن الماضي. فالاستعمار التقليدي أو الاحتلال العسكري التقليدي من قبل دولة لدولة أخرى أو لجزء من إقليمها، كان تاريخيا استعمارا مؤقتا في كل حالاته وفقا لواقع العديد من حالات الاستعمار كما حدث في الهند وفيتنام والجزائر على سبيل المثال.

فالاحتلال البريطاني للهند مثلا دام حوالي 100 سنة، من 1857 الى سنة 1949ثم انتهى.

والاحتلال الفرنسي للجزائر دام 140 سنة ثم انتهى أيضا. والاستعمار الفرنسي لفيتنام الذي دام 70 سنة انتهى أيضا سنة 1954 وكذلك الاحتلال الأمريكي لفيتنام الذي انتهى سنة 1975 بانتصار شعب فيتنام على الاحتلال الأمريكي كما انتصر في الماضي على الاستعمار الفرنسي وذلك بتضحيات جسيمة قدمها شعب فيتنام المكافح بلغت أكثر من مليوني فيتنامي قضوا خلال حرب التحرير الفيتنامية من اجل التحرر والاستقلال الوطني بزعامة وطنية تاريخية قادها الزعيم هوشيه منه وبقيادة عسكرية فذة كان على رأسها الجنرال جياب.

بينما جاء الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني الى فلسطين ليقيم بديلا عن المجتمع الفلسطيني مجتمعا صهيونيا عن طريق تجميع اليهود على ارض فلسطين وليس كالاحتلالات الاستعمارية الأخرى تأتي لتستعمر البلد فترة من الزمن ثم ترحل بعد ذلك، ولكنه جاء غازيا ليقيم. كفاح الشعب في الهند والجزائر انهى الاستعماروالاحتلال في كل منهما

ولكن هل انتهى الاستعمار في الهند أو في الجزائر هكذا من تلقاء نفسه ؟؟

بطبيعة الحال لا. انتهى الاستعمار البريطاني في الهند بعد أن قدم الشعب الهندي التضحيات الجسام بقيادة زعيمه المكافح ال مهاتما غاندي الذي قاد حركة التمرد والعصيان والمقاومة اللاعنفية ضد الاستعمار البريطاني ونجح في ذلك بعد أن استقطب غالبية أبناء الأمة الهندية الى دعوته للتحرر والاستقلال الذي تحقق سنة 1949بعد أن تم اغتياله سنة 1948 على يد أحد الهندوس من بني جنسه وديانته.

كفاح الشعب في الجزائر الشقيقة

وهكذا فعل الشعب الجزائري الشقيق الذي خاض مرحلة الكفاح والتحرر من الاستعمار والاحتلال الفرنسي بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائري أكثر من ثماني سنوات قدم خلالها أكثر من مليون شهيد، ولذلك أطلق على الجزائر الشقيقة بلد المليون شهيد، حيث استقلت الجزائر في 5 يوليو سنة 1962.

المصير الحتمي لكل أشكال الاستعمار والاحتلال

في المثالين السابقين كان الاستعمار البريطاني في الهند، والاستعمار الفرنسي في الجزائر ولكنهما انتهيا، أين هما الآن ؟ بعد أن استقلت الهند واستقلت الجزائر ؟، هذا هو المصير الحتمي لكل أشكال الاستعمار والاحتلال العسكري التقليدي وغير التقليدي لأن حالة الاستعمار أو الاحتلال هي في حقيقتها حالة مؤقتة وطارئة، وجريمة عدوان ضد سلم البشرية وأمنها وفقا للقانون الدولي، وهي بالتالي ظاهرة مخالفة للتطور التاريخي للشعوب.

المثالان السابقان يقدمان لنا شكلا واحدا من أشكال الاستعمار والاحتلال العسكري التقليدي، ولكن هناك شكل آخر من العدوان على الشعوب وهو ما قدمه لنا نظام التمييز العنصري في جنوب إفريقيا وبالأحرى نظام الفصل العنصر (الأبارتايد) الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وعدد من الدول الأوروبية.

ولكن هذا النظام العنصري البغيض انتهى أيضا رغم بشاعته وخطورته بفضل كفاح الشعب في جنوب إفريقيا وتضحياته الجسام على مدى سنوات طويلة بقيادة القائد المناضل نيلسون مانديلا زعيم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي. وعادت السلطة في البلاد الى أبناء الشعب الإفريقي باعتبارهم الأغلبية الكبرى في البلاد ودحر نظام الحكم القائم على العنصرية والتمييز العنصري والفصل العنصري البغيض سنة 1990.

أخطر وأبشع أنواع الاحتلال الاستعماري هو الاحتلال الاحلالي الحالة في فلسطين والاحتلال الإسرائيلي

2- إنشاء إسرائيل على جزء من أرض فلسطين عام 1948، ثم احتلال كل فلسطين عن طريق الحرب عام1967، جاء تنفيذا لإرادة خارجية استعمارية، التقت مع مصالح الحركة الصهيونية بهدف إحضار مجتمع آخر جديد الى فلسطين بديلا للمجتمع الفلسطيني صاحب الأرض والمقيم عليها منذ قرون بدون انقطاع.

3- تحقيق هذا الهدف الاستعماري الصهيوني كان يتطلب من وجهة النظر الصهيونية :-

أولا: إنهاء وجود المجتمع الفلسطيني بشكل أو بآخر وبجميع الوسائل بما فيها المحرمات دوليا وإنسانيا. ثانيا: الاستيلاء على الأرض الفلسطينية استيلاء كاملا لإقامة دولة إسرائيل.

ثالثا: الهدف كان ومازال هو الأرض، والوسيلة هي التخلص من المجتمع الفلسطيني بكل الوسائل الممكنة. وهنا نلاحظ نظريات ثلاثة قامت إسرائيل على أساس واحدة منها، وتهتدي بممارساتها على الثانية، وتسخر الأولى والثانية لتحقيق النظرية الثالثة.

النظرية العامة الاستيلاء على الأرض والقضاء على المجتمع أرض أكثر وفلسطينيين أقل

النظرية الأولى نظرية النشأة – أو نظرية البديل إسرائيل بديل لفلسطين ، واليهود بديل للشعب الفلسطيني

قال تيودور هرتزل المؤسس الفعلي للحركة الصهيونية خلال المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897 في مدينة بازل بسويسرا، إننا سنذهب الى تلك البلاد ونقوم بتعميرها فهي خالية، وهي أرضنا، وإذا وجدنا فيها أحد فسوف نسخرهم لتنقية أرضنا من الحشرات وغير ذلك من الكائنات الضارة ثم نقذف بهم خارج البلاد.

ويقول بالفور وزير خارجية بريطانيا وأحد أقطاب الحركة الصهيونية، وصاحب الوعد (المعروف بوعد بالفور) الى يهود العالم، يقول في رسالة الى اللورد كيرزون الذي كان معارضا للوعد المذكور سنة 1919، (إننا نريد أن نوجد مجتمعا صهيونيا جديدا في فلسطين، فالصهيونية ضاربة في جذور التاريخ وممتدة الى واقعنا ثم الى مصالحنا في المستقبل، وهي أهم بكثير من سبعماية ألف عربي موجودين الآن في فلسطين. ثم إننا لا نريد أن نقيم وزنا لتقرير المصير العددي هناك الآن، سنقيم المجتمع الجديد وسوف يصبح بعد سنوات محددة هو الأغلبية هناك).

فقدان إسرائيل لعنصرين أساسيين من عناصر تكوين الدول

هذه هي أسس نظرية البديل الصهيونية التي قامت اسر ائيل ونشأت على أساسها. وهي نشأة تتعارض مع نشوء الدول نشوءا طبيعيا، كما تتعارض مع مكونات الدولة وفقا لتعريف عناصر نشوء الدول الواردة بمعاهدة مونتيفيديو لعام 1933 الخاصة بحقوق الدول وواجباتها.

الشعب وحدود الدولة مفقودان في دولة إسرائيل عند قيامها

فقدان هذين العنصرين الأساسيين ينزع عن إسرائيل أهم عناصر تكوين الدولة، فهي دولة لا حدود لها حتى الآن، (وهو أحد أهم عناصر مكونات الدولة)، لأنه يرتبط بسيادة الدولة المحددة بالإقليم التابع لها، وغياب عنصر الحدود يبقي حدود الدولة مفتوحة وعرضة للتمدد واكتساب الأرض على حساب الجوار وبسط سيادتها على أراضي الغير وهو ما يتعارض مع أحد القواعد الآمرة في القانون الدولي وهي عدم جواز اكتساب الأرض بالقوة، وهو ما يتسبب بالتوتر بين الدول ويعرض بالتالي الأمن والسلم الدوليين بالخطر، وبالفعل كانت وما زالت إسرائيل نموذجا للدول غير المعرفة حدودها، كما أنها نموذجا للدول العدوانية القائمة على اكتساب الأرض بالقوة والتوسع، فإسرائيل عام 1948 ليست هي إسرائيل عام 1956، وإسرائيل عام 1956 ليست هي إسرائيل عام 1967، كما أنها ما زالت إسرائيل تأتي بمهاجرين يهود جدد من مختلف أنحاء العالم الى فلسطين المحتلة، وهذا يعني أن شعب إسرائيل المستجمع من هنا وهناك ليس له علاقة تاريخية مستمرة بأرض فلسطين التي لم يعش عليها زمنا بدون انقطاع كما هو الحال بالنسبة للشعب الفلسطيني.

النظرية الثانية نظرية الأرض أرض أكثر وفلسطينيين أقل – سياسة التطهير العرقي

وهذا لن يتأتى إلا بالحروب، فالحروب تقتل ما يمكن من الفلسطينيين أي (تقلل من عددهم وتمنحنا الأرض)، هذه الفلسفة الصهيونية التي اتبعوها منذ عام 1948 وهي مستمرة لكونها مرتبطة بالنظرية الأولى نظرية النشأة لدولة إسرائيل نشأة البديل التي تستند الى سياسة التطهير العرقي البغيضة، وهي أبشع أنواع الجرائم العنصرية وفقا للقانون الدولي.

النظرية الثالثة نظرية المجتمع التي تحدثنا عنها كثيرا وهي النظرية القائلة اذا ذهبت الارض ، يقاتل من أجلها المجتمع أما اذا ذهب المجتمع فلا تقاتل الارض من اجل المجتمع

لذلك استعملت إسرائيل كل أنواع الحروب ضد الشعب الفلسطيني وما زالت تفعل ذلك إيمانا منها بهذه النظرية في الاستيلاء على الأرض بأقل قدر من المقاومة والمتاعب عن طريق استمرار الحروب على الشعب الفلسطيني وبكل أنواعها العسكرية والاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية وكل أنواع التدمير للمجتمع الفلسطيني. فكانت حروب سنة 1948، و 1956، و1967، وبعد ذلك الأعمال العسكرية المتواصلة والوصول الى الحرب على غزة 2008و 2009، وحروب التهجير والإبعاد، والفساد والإفساد،’ وتعهير القيم الاجتماعية بهدف تفسيخ المجتمع وتقطيع أوصاله جغرافيا لإضعافه تمهيدا لإنهائه، وإنهاء مستقبله، وسرقة تراثه لعزله عن تاريخه.

في نفس الوقت واستكمالا للشق الأخر من النظرية تستولي حكومة الاحتلال الاحلالي الإسرائيلي على الأرض بحكم سيطرتها العسكرية وسن القوانين التي تتطابق مع أهدافها وإقامة المستوطنات الاستعمارية اليهودية عليها بهدف تهويد ارض فلسطين وبشكل خاص مدينة القدس، مخالفة بذلك أحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، بل مرتكبة بذلك جرائم حرب إضافة الى جريمة العدوان المستمر باستمرار الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وهي جريمة ضد سلم البشرية وأمنها وفقا للقانون الدولي.

في الواقع إذا نظرنا الى هذه النظريات الثلاثة ندرك الارتباط المحكم بينها، فهي متكاملة وتكرس من أجل هدف واحد هو الاستيلاء على الأرض الفلسطينية وإنهاء المجتمع الفلسطيني تمهيدا لتحقيق واستقرار الهدف الذي أعلن عنه أقطاب الحركة الصهيونية تيودور هرتزل وآرثر بالفور كما ورد في أول هذه الورقة.

التخلص من الاحتلال مرهون بمواصلة الكفاح

هذا الاحتلال الاحلالي سينتهي كما انتهى الاستعمار والاحتلال في كل من الهند والجزائر وفيتنام، وكما انتهى النظام العنصري في جنوب إفريقيا، وان كان حجم التضحيات عندنا سيكون أكبر، وزمن التحرير أطول، نظرا لطبيعة الاحتلال الصهيوني لفلسطين وأهدافه بالأرض ونحو والمجتمع، وقد يتطلب ذلك نوعا من الإبداع والصبر والمثابرة، وبذل التضحيات، والتنوع في وسائل وأساليب ومناهج المقاومة والمحافظة على ديمومتها، وتطويرها وفقا لطبيعة المراحل التاريخية، كما انه يتطلب الاستفادة من حالة الكفاح وتجارب الشعوب في كل البلدان المذكورة وغيرها من تجارب الشعوب الأخرى التي كافحت وحققت حريتها واستقلالها، ليتسلح بها الشعب الفلسطيني، وينهل من دروسها لاغناء أشكال المقاومة لدية في حربه التحريرية المتنوعة، ليتناقلها من جيل الى جيل كي يتمكن من دحر الاحتلال الإسرائيلي ويحقق أهدافه في ممارسة حقوقه الوطنية وفي مقدمتها حقه في تحرير أرضه، وممارسة حقوقه الوطنية، وفي مقدمتها حقه في تقرير مصيره في دولته الفلسطينية المستقلة ذات السيادة كأي شعب آخر في هذا العالم.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required