مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
لم يبق أحد من فلول النظام السابق الا وأبدى رأيه|ها في العملية الارهابية الجبانة التي أودت بحياة 16 ضابطا و جنديا على الحدود المصرية الفلسطينية..! ومن غير المفاجئ في هذه الحالة أن يوجه هؤلاء سهامهم الى فلسطينيي قطاع غزة. فمن عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، والذي لا زال يتذوق طعم مرارة هزيمته الساحقة في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة في مصر ووزير خارجية المخلوع لمدة 10 سنوات، الى الممثلة شريهان التي فاجأتنا بانها لا زالت (حية)، مرورا ببعض المسئولين الأمنيين السابقين، الكل أجمع على أن الخطر جاء من غزة وبالتالي يجب إغلاق معبر رفح نهائيا (عمرو موسى) وتدمير جميع الأنفاق (شريهان) وتحميل المسؤولية لعناصر ارهابية من قطاع غزة..!

وتبعا لهذا المنطق (الفلولي) علينا أن ننسى أن أهم ما في الجريمة، أي جريمة يتم التحقيق فيها، يكمن في السؤال عن المستفيد الأول منها. والجواب واضح: فبمجرد الإعلان عن الجريمة البشعة قامت السلطات المصرية، لأسبابٍ واضحة، باغلاق معبر رفح، شريان حياة القطاع، الى أجلٍ غير مسمى، وتم اصدار قرارات بوضع قيود أمنية على دخول الفلسطينيين الى مصر. أضف لذلك اغلاق معبر كرم أبو سالم، مع إغلاق تام من الجانب الفلسطيني لجمبع الأنفاق. كل ذلك يعني تبخراً سريعاً للأمال التي لامست السماء(!) بعد فوز مرسي في سباق الرئاسة، والوعود التي أعطيت لرئيس وزراء حكومة غزة خلال زيارته للقاهرة الأسبوع المنصرم.

لا مجال هنا للتنبؤ بنتائج التحقيق الذي تجريه السلطات المصرية، ولكن ما يهمنا هو طبيعة العلاقات المصرية-الفلسطينية ومدى تأثير هذه العملية الارهابية، التي أدينت من الكل الفلسطيني، شعبياً ورسمياً، عليها. ولكن علينا أيضا أن نذكر السلطات المصرية بأنه لو حتى كان من بين المجرمين الذين ارتكبوا مجزرة سيناء عناصر من غزة، فان هذا لا يبرر أي عقابٍ جماعيٍ تتخذه ضد سكان القطاع. فالعدد الكبيرللجرائم التي ارتكبتها اسرائيل ضد مصريين، بعد توقيع اتفاقيات كامب ديفيد، ومنها قتل خمسة جنود إثر غارة اسرائيلية داخل الأراضي المصرية عام 2011 لم يؤد حتى إلى سحب السفير المصري من تل أبيب..!

ولكن المتابع للتطور، والتدهور الهائل في العلاقات المصرية الفلسطينية رسمياً، بالذات مع غزة، يستطيع أن يلاحظ موقفا شبه ثابت من قبل سلطات النظام المخلوع الذي فعل كل ما يستطيع بالتنسيق مع كل من الولايات المتحدة و اسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية من خلال تبنيه للموقف الأمريكي- الاسرائيلي، والضغط دائماً على الطرف الفلسطيني في المفاوضات العبثية بين (الطرفين المتصارعين!) والأنكى من ذلك، وبالذات بعد الانتخابات الفلسطينية عام 2006، قام نظام المخلوع بشيطنة كل ما هو فلسطيني من خلال المشاركة المباشرة مع كل من قام بحصار قطاع غزة بإغلاق المعبر الوحيد الذي يربط القطاع بالعالم، والقيام ببناء جدار فولاذي تحت الأرض بإشراف أمريكي. وحينما قام فلسطينيو غزة من نساء وأطفال بكسر الحائط المقام على الحدود وشراء حاجياتهم من أدوية وحليب من مدينة العريش الحدودية، بدون تسجيل أي حادثة تذكر، قام و زير خارجية النظام البائد بتوجيه إنذار خطير والتهديد بكسر أرجل (كل من يتعدى على الأمن القومي المصري!) وهكذا تم تغيير مفهوم الأمن القومي وتحديد (العدو الجديد) لمصر..! فاتفاقيات كامب ديفيد التي تمس مساً مباشراُ بالسيادة المصرية من خلال تحديد عدد الجنود المسموح يتواجدهم في سيناء ونوع السلاح نجحت، بشكل ما، في تحييد الدور المصري وحرف البوصلة. هذه الاتفاقيات التي عملت على عزل مصر عن محيطها العربي وسحب الدور القيادي الذي كانت تقوم به عن جدارة لفترة طويلة.

وحينما قررت اسرائيل إتخاذ قرار شن حرب همجية على قطاع غزة عام 2008، قامت وزيرة خارجية إسرائيل أنذاك، تسيبي ليفني، وبحركة واضحة المغزى، بتوجيه الإنذار الأخير من القاهرة بوجود وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، الذي لم يبد أي اعتراض على تصريحات ليفني. جاء كل ذلك بعد ترسيخ شيطنة الفلسطيني واعتباره مصدر كل (البلاوي) التي أصابت مصر، وبالذات بعد تصويته عام 2006 لما بدا أنه ضد الارادة الأمريكية بنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط(!) و ضد (اتفاقيات السلام) الفلسطينية-الاسرائيلية التي تمثل إمتدادا لاتفاقيات كامب ديفيد ، ،و التي مثلت الأساس السياسي للنظام الحاكم في مصر أنذاك. و من الجدير بالتذكير، في هذا السياق، في الاتهامات التي و جهت لتنظيمٍ فلسطينيٍ ثانوي من قبل وزير داخلية مبارك و تحميلهِ مسئولية تفجير كنيسة القديسين، و التي إكتُشِفَ فيما بعد تورط وزير الداخليه نفسه في هذه الحادثة! وكان أول قرار اتخذته الحكومة المصرية بعد انلاع ثورة 25. يناير هو منع دخول الفلسطينيين من أي معبرٍ كان.

ويأتي كل ذلك بعد منع قوافل فك الحصار الأممية التي كانت تحاول الدخول الى قطاع غزة عبر رفح، واعتبار الكثير منها (مثير للشغب) وبينهم (أشخاص غير مرغوب بهم) وأن هذه القوافل تستهدف أمن مصر ...الخ وقد أزالت دماء المتضامنين الأتراك التي أُسيلت على أيدي جنود الاحتلال على متن سفينة الحرية-مرمرة ورقة التوت التي استخدمها نظام مبارك، واضطر لفتح معبر رفح جزئيا.

كل ذلك إنعكس على الطريقة التي عومل بها الفلسطيني في المطارات والمعابر. الاسرائيلي والأمريكي مرحب بهما. الفلسطيني أصبح (الآخر) للسلطات، (الآخر) الذي تستطيع إسقاط كل العقد الأمنية والنفسية عليه كونه الطرف الأضعف الذي لا تمثله حكومة قوية على الإطلاق. على العكس من ذلك، فان منظمة التحرير لم تصدر أي بيان يدعو الحكومة المصرية للتخفيف من الحصار الخانق، أو السماح للفلسطيني بدخول المعبر أو المطار بشكل يليق بأدميته. ناهيك عن توسل الحكومة الغزية للاعتراف بها و تجنب أي خطوة، أو تصريح، قد يفهم أنه عدائي من قبل السلطات المصرية..! كان المواطن الفلسطيني الذي ينتمي لقاع التصنيف العنصري الذي فرضته اسرائيل، أي لاجئو غزة، يتعرض لأقصى درجات الاهانة ونزع الإنسانية، وبالتالي الشيطنة، من قبل نظام عادى حتى أبناء شعبه و جعل مصر (خرابة!)، على حد قول الرئيس المخلوع..!

إذاً كانت العلاقات الرسمية المصرية-الفلسطينية (سمن على عسل)، فلم تتقدم لا منظمة التحرير ولا السلطة الفلسطينية بأي احتجاج على سوء المعاملة، التي وصلت حد القتل تحت التعذيب في بعض الحالات. و لم تستطع حكومة غزة إلا الرجاء بأن يتفهم (الأشقاء) معاناتنا. وهنا يكمن الفرق بين مخاطبة الحكومات، وإن كانت حتى معادية، و التوجه للشعب وحركاتهِ الحية. يتم التطبيل والتزمير لزيارة وزيرة خارجية الولايات المتحدة لراماالله، أو استقبال الرئيس المصري لمسؤولين فلسطينيين. ويتم تضخيم نتائج هكذا لقاءات. بل والأنكى من ذلك أن تقوم السلطات في كل من البانتوستانين الفلسطينيين بمنع مظاهر التأييد للثورة المصرية في بداياتها..!

إن الرسائل الخاطئة التي يرسلها ممثلو الشعب الفلسطيني زادت من حدة الشيطنة التي قام بها نظام مبارك، واستمرت من خلال فلوله الذين استغلوا العملية الجبانة التي، وبلا أدنى شك، استهدفت العلاقات التاريخية بين الشعبين. أن مشكلة سيناء هي مشكلة مصرية وبامتياز. ويجب ألا تحمل لفلسطينيي غزة. فمن المعلوم للقاصي والداني أن النظام لمخلوع كان قد أهمل سيناء بدرجة كبيرة وتم التعامل مع أهلها وكأنهم مواطنو درجة ثانية ولم توفر الخدمات اللازمة لهم، مع أنهم خط الدفاع الأول لحماية أمن مصر القومي. إن غزة هي امتداد طبيعي لشبه جزيرة سيناء، وبالتالي هي جزء من الأمن المصري القومي. من قام بهذه العملية الارهابية الدنيئة كان يستهدف هذه العلاقة التي قامت الثورة المصرية المجيدة بإعادة الروح لها. فلو تبين وجود عناصر فلسطينية ضمن المهاجمين، فان هذا بالضرورة يعني نجاحا لاسرائيل، إلا إذا قامت السلطات المصرية بإجهاض هذا المخطط وتعاملت مع الوضع بطريقة تختلف عن الطريقة المباركية.

المطلوب الآن تشكيل لجنة تحقيق مصرية-فلسطينية تشمل ممثلين عن الكل الفلسطيني للتحقيق في غزة عن الأيادي التي نفذت العملية ،إن كانت موجودة، بشكلٍ موازِ للتحقيق المصري في سيناء. ولكن من المهم جداً في هذه اللحظة التاريخية أن تقوم الثورة المصرية بمواجهة فلول النظام السابق، الثورة المضادة التي ترى أن أضعف خاصرات الثورة هي الخاصرة الفلسطينية. فلا غرابة، إذًاً، من تصريحات عمرو موسى وتحريض بعض اللواءات المتقاعدين ضد قطاع غزة عن ضرورة إغلاق المعبر بشكل تام، و ضرب الأنفاق، ومنع الفلسطينيين من دخول مصر، بل و دعوة أحدهم على إحدى القنوات لضرب غزة..!!

أي مقارنة بسيطة بين رد الفعل (الفلولي) واللغة التي استخدمها وزير خارجية مبارك، والحب الكبير الذي يكنه الشعب المصري الذي عبر عنه وفد المثقفين والفنانين الذين جاءوا لكسر الحصار ضمن فعاليات مهرجان فلسطين للأدب قبل ثلاثة أشهر مذكرين بالدماء المصرية التي سالت على أرض فلسطين منذ عام 1948 في دفاع عن أمن مصر القومي الحقيقي، لا شك ستعطي إجابات عن العملية الجبانة. كانت (فلسطين) أول كلمة نطقت بها فرقة أسكنريللا الثورية في الحفل الكبير الذي أقامته للتعبير عن التضامن الشعبي مع أهل غزة، وكان العلم المصري يرفرف خفاقا بجانب العلم الفلسطيني على أرض غزة. الرسالة كانت، ولا زالت، تأتي من الشعب للشعب وإن كره الفلول وأعداء الأخوة الفلسطينية-المصرية..!!

* أكاديمي فلسطيني من قطاع غزة، محلل سياسي مستفل وناشط في حملة المقاطعة. - haidareid@yahoo.com

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required