مفتاح
2024 . الأربعاء 3 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

الأساس في العلاقات الدولية أن تكون بين دول، رغم أن هناك أشكالاً كثيرة من العلاقات بين الأفراد والجماعات ولكن في إطار الكل، وهو الدولة . وهنا السؤال إلى أي حد يمكن أن تنطبق هذه القاعدة على العلاقات المصرية الفلسطينية؟ لقد بقيت العلاقات المصرية - الفلسطينية تدار وتتم في إطار الكل المصري ممثلاً في الدولة، والإطار الفلسطيني ممثلاً في السلطة الوطنية الفلسطينية، وبقيت، وما زالت السياسة المصرية تقوم على أساس أن القضية الفلسطينية بكل تفرعاتها مكون أساسي من مكونات الأمن المصري، وبقيت هذه العلاقة تقوم على ركيزة أساسية تنفرد فيها علاقة مصر بفلسطين، وهي أن المكوّن المصري في السياسة الفلسطينية أيضاً يعد مكوناً أساسياً، بل إن محددات القرار الفلسطيني لا يمكن أن تتجاهل الدور المصري . هذه الخصوصية في العلاقة فرضت ضرورة البحث عن صيغة للعلاقة قد تخرج عن علاقة دولة بدولة أخرى في الظروف العادية . وتقع في قلب خصوصية هذه العلاقة خصوصية من نوع آخر وهي خصوصية الكل مع الجزء، أو الجزء مع الكل، وهنا تبرز خصوصية العلاقة بين سيناء وغزة من ناحية، وخصوصية العلاقة المصرية - الفلسطينية . وهذه الخصوصية لا تنفي منذ البداية أن سيناء ليست غزة كما يحلو للبعض أن يقزم العلاقة، وليست غزة هي سيناء، ولذلك منذ البداية ينبغي أن نستبعد أي شكل من أشكال العلاقة رغم خصوصيتها تصل إلى حد الاندماج أو الابتلاع، ولا يمكن تصور أن الجزء الصغير وهو غزة يمكن أن يصل إلى درجة أن يكون قادراً على ابتلاع الكل، وهو سيناء . وعليه، علينا أن نستبعد أي خيار في العلاقة يمكن أن يقوم على سيناريو ضم سينا أو جزء منها إلى غزة حلاً للمشكلة الفلسطينية، فهذا خيار الوهم، وخيار اللاعقلانية أو ما يمكن تسميته بالخيار المستحيل، وهي تصورات واهية جاءت في أعقاب العملية الإرهابية الأخيرة في سيناء وأدت إلى استشهاد ستة عشر جندياً مصرياً أبرياء على يد جماعات مسلحة متشددة متواجد بعضها في غزة، ولها امتداداتها في قلب سيناء، وهذه العملية هي التي تفرض إعادة البحث عن صيغة للعلاقة بين غزة وسيناء في إطار الكل . وقبل البحث عن هذه الصيغة علينا أن نؤكد أن الخصوصية في العلاقة تفرضها محددات تاريخية وجغرافية وأمنية وسياسية واقتصادية وسكانية ممتده بين سيناء وغزة، خصوصاً الجزء الملاصق جغرافياً، وهو ما يعرف بمناطق رفح المصرية والشيخ زويد وحتى العريش، في هذه المنطقة تقع خصوصية العلاقة التي تفرض البحث عن صيغة جديده للعلاقة .

ومما زاد من خصوصية العلاقة سيطرة حركة حماس على غزة ونجاحها في فرض وجودها وقدرتها على القيام بأدوار أمنية مهمة في إطار هذه الخصوصية، وبالمقابل فوز جماعة الإخوان المسلمين في الحكم والسلطة في مصر، ما دفع الكثيرين إلى التخوف والقلق من خصوصية هذه العلاقة، وتصوير الأمر كأن الإخوان سيتنازلون عن أجزاء من سينا لغزة، وهذا تصور ساذج وتبسيط للعلاقة، رغم خصوصيتها التي لا يستطيع أحد انكارها . وما أدى إلى تعقيد وتشويه هذه الخصوصية هي حالة الانقسام السياسي الفلسطيني، وهنا برز محدد العلاقة الكلية في العلاقة الذي يحكم علاقة مصر بفلسطين، ودور السلطة الوطنية الفلسطينية التي ترفض أي شكل من خصوصية العلاقة على حساب العلاقات الكلية، اعتقاداً منها أن الحديث عن هذه الخصوصية يمكن أن يعمق حالة الانقسام السياسي، ويفصل غزة كلية عن جسدها الفلسطيني، وهذا يتعارض في الوقت ذاته مع أهم محددات السياسة المصرية وهو الحفاظ على وحدة القضية الفلسطينية وقيام الدولة الفلسطينية . وأقصد بهذا أن تكون الصيغة الجديدة في العلاقة بين غزة على أساس أن سيناء أرض مصرية غير قابلة للتنازل، أو حتى جزء صغير منها، ولو كان متراً من الأرض، فالأمن القومي المصري لا يتجزأ، وغزة أيضاً جزء لا يتجزأ من فلسطين، وفي إطار هذا التصور يمكن قيام علاقات أمنية واقتصادية، وإعادة نظر في موضوع معبر رفح الذي ينبغي أن يخضع بالكامل للسيادة المصرية من ناحية، والسيادة الفلسطينية من ناحية أخرى مع ضمانات مصرية وفلسطينية، ودولية ألا يتحول هذا المعبر لأن يكون معبراً يتدفق ويخرج منه ما يعرّض الأمن المصري والفلسطيني للخطر . هكذا تبدو العلاقة شائكة ومعقدة، ولكنها تفرض على الحكومة في غزة أن تفكر في مستقبل علاقاتها من خلال إدراك كامل لمحددات الأمن المصري، وماذا تريد مصر من غزة، وبالمقابل تدرك مصر أن خصوصية العلاقة تفرض عليها أدواراً مهمة إنسانية وأمنية وسياسية، وفي ظل قيام دور مشترك للسلطة الفلسطينية في صياغة أي علاقة مع غزة . هذا الإدراك المشترك، وفي ظل الرؤية الكلية للعلاقات المصرية - الفلسطينية يمكن أن يوصل الجميع لصيغة من العلاقات لا تخرج عن قاعدة الكل في العلاقات .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required