مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

عشية ذكرى انطلاقة الانتفاضة الثانية العام ،2000 ما حال الفلسطينيين وقضيتهم؟ وكيف يكون الخروج من مأزقهم؟ مفكران فلسطينيان رصينان ومستقلان حاولا الإجابة: هاني المصري في صحيفة “السفير”، وماجد كيالي في صحيفة “الحياة” وذلك في اليوم نفسه، الثلاثاء 18-9-2012 .

جوهر مطالعة المصري أن المصالحة أصبحت بعيدة المنال لأن الشغل الشاغل للأطراف المتنازعة، وتلك الساعية إلى حل النزاع الداخلي، تمحور على توزيع “كعكة السلطة” في وقت اتضح أن مسار المفاوضات الثنائية واتفاق أوسلو لا يقود إلى إنهاء الاحتلال . فقد ارتدّت “إسرائيل” على اتفاق أوسلو وباشرت عملية تعميق الاحتلال، وتوسيع الاستيطان، ومتابعة العدوان والحصار، وبناء جدار الفصل العنصري، وتهويد القدس وفصلها عن سائر الأراضي المحتلة العام ،1967 وفصل الضفة الغربية عن قطاع غزة، والسعي إلى بقاء السلطة كسلطة حكم ذاتي، ووكيل أمني للاحتلال من دون أفق للتحوّل إلى دولة حقيقية .

لا يختلف كيالي في معظم نقاط مطالعته عن المصري، غير أنه يستشرف واقعاً وأبعاداً للعدوان الصهيوني جديرة بالدراسة . أولها، أن “إسرائيل” أنشأت في الواقع نظام أبارتايد في الأراضي المحتلة من دون الإعلان عن ذلك، أصبح الفلسطينيون بموجبه في معازل، مع طرق ومعابر خاصة بهم وأخرى خاصة بالمستوطنين . ثانيها، غطت “إسرائيل” سياسة الأبارتايد بإيجاد سلطة تدير أوضاع الفلسطينيين، لها رئيس وحكومة وعلم ونشيد وجوازات سفر وسفراء وممثلون في المنظمات الدولية . ثالثها، أصبحت “إسرائيل” أكثر حرية وتصميماً في مخطط قضم الضفة الغربية . رابعها، في سعيها إلى الاحتفاظ بهيمنتها على الضفة، لم تعد “إسرائيل” مبالية بقيام نوع من دولة “ثنائية القومية” مع نظام أبارتايد . خامسها، ليس ثمة استراتيجية مضادة ولا خيارات سياسية بديلة لدى الجانب الفلسطيني، إذ تشبثت القيادة الفلسطينية بالتفاوض خياراً وحيداً .

ما العمل؟

يتفق المفكران على أن “إسرائيل” أصبحت متحكمة بجميع الملفات، فهي تسمح أو لا تسمح بتشكيل الحكومة، وإجراء الانتخابات، وتوحيد الأمن . توافق على معالجة هذه المسائل إذا جاءت في سياق عملية تفيد منها وتعمّق احتلالها، وتمنعها إذا أدت إلى الإضرار بها . ذلك كله ما كان ليحدث لولا اتفاق أوسلو الذي التزمته السلطة الفلسطينية بينما قوّضته حكومات “إسرائيل” المتعاقبة بطريقة منهجية متمادية .

وإذ يبقى “مشروع التحرر الوطني” الذي يدعو إليه كيالي من دون آلية محددة لتحقيقه، يركّز المصري على موضوعة الآلية تركيزاً ملحوظاً . ذلك ان “مفتاح الخلاص هو في إحياء المشروع الوطني وإعادة تشكيل منظمة التحرير على أساس تمثيلي بإجراء انتخابات ومشاركة حقيقية . . وتقدّم القيادة الواحدة التي تقوم بوضع طاقات الشعب الفلسطيني وموارده وكفاءاته وخياراته وقواه وفعالياته في مجرى واحد قادر على تحقيق قضيته الوطنية، من خلال إنهاء الاحتلال وإنجاز الحرية والعودة والاستقلال، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني في جميع أماكن إقامته” .

إلى ذلك، يعتقد المصري أن الخروج من اتفاق أوسلو يمكن ألاّ يتم مرة واحدة، وليس من الضروري أن يكون بإلغائه رسمياً وإنما “بتجاوزه عملياً على أرض الواقع، مثلما فعلت “إسرائيل”، وهو ممكن وضروري لشق مسار جديد يربط الفلسطينيين بما يجري حولهم من متغيرات وثورات، ويكون قادراً على حماية القضية الفلسطينية وصولاً إلى انتصارها” .

أتفقُ مع المصري على “أن استعادة المنظمة لدورها الفاعل هو المدخل الوحيد إلى إحياء القضية الفلسطينية” . في هذا السياق كنتُ قدّمت ورقة بعنوان “نحو إعادة بناء قضية فلسطين ومنظمة التحرير” إلى ورشة عمل كان دعا إليها الاتحاد العام للكتّاب والصحافيين الفلسطينيين في دمشق مطلعَ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2007 (نُشرت في “الخليج” بتاريخ 3-11-2007) . لكن اتحاد الكتّاب أخفق في عقد ورشة العمل التي دعا إليها، كما أن المجلس الوطني الفلسطيني وسائر قيادات منظمة التحرير ومؤسساتها لم تفعل شيئاً محسوساً لإيقاظ المنظمة من سباتها وإعادة تنظيمها .

لعل السبب الرئيس وراء التقصير عدمُ قيام القيادات الفلسطينية “بشق مسار جديد يربط الفلسطينيين بما يجري حولهم”، كما يقول المصري في مقالته . لكن المصري ارتكب التقصير نفسه في دعوته إلى استعادة المنظمة دورها الفاعل من دون أن يربط هذا الهدف البالغ الأهمية “بما يجري حول الفلسطينيين” ولاسيما في مصر والأردن وسوريا . ذلك أن من الصعوبة بمكان أن تنجح عملية إعادة تنظيم منظمة التحرير وتفعيلها إذا لم يكن الوضع الشعبي الفلسطيني في كلٍ من الضفة وغزة ناهضاً بمطلب إعادة التنظيم والتفعيل من جهة وقادراً على التواصل والتعاون مع النظام السياسي والوسط الشعبي في دول الجوار القومي من جهة أخرى .

حال دول الجوار القومي مضطربة ومعقدة في هذه الآونة . فمصر تعاني آلام الانتقال إلى نظام جديد بقيادة الإخوان المسلمين، مقرونةً بآلام أزمة اقتصادية خانقة يجد الرئيس محمد مرسي نفسه مضطراً بسببها إلى مراعاة الولايات المتحدة من جهة والتيار الإسلامي “الإخواني” في غزة والأردن وسوريا من جهة أخرى . مراعاة الولايات المتحدة سببها سيطرتها على صندوق النقد الدولي بما هو مصدر القروض والمساعدات، إضافة إلى قدرتها على إعفاء مصر من بعض ديونها المستحقة أو إحجامها عن ذلك . مراعاة التيار الإسلامي “الإخواني” سببها دور الإخوان المسلمين وحلفائهم في الحراكات السياسية والعسكرية في سوريا ومثيلتها السياسية في الأردن . غير أن التوفيق بين مراعاة أمريكا والتيار الإسلامي “الإخواني” تعثّر مؤخراً عقب انكشاف الفيلم المشبوه “براءة المسلمين”، واندلاع تظاهرات الاحتجاج ضد الولايات المتحدة في معظم دول العالم الإسلامي .

وإذ يجد الفلسطينيون، شعباً وقيادات وقوى حية، أنفسهم مضطرين إلى مراعاة ظروف دول الجوار القومي والتحديات التي تواجهها، ماذا تراهم يفعلون؟

لعل أبسط قواعد الحكمة والحصافة تقضي بأن يتمسكوا، دونما مواربة، بخيار المقاومة، كما بخيار إعادة تنظيم منظمة التحرير وتفعيلها، وهذا يتطلّب:

- إزاء مصر، الحرص على بقاء الأنفاق سليمة وشغّالة، والامتناع عن استخدام سيناء منطلقاً لعمليات ضد “إسرائيل” من دون تنسيق مع السلطات المصرية .

- إزاء سوريا، النأي بالنفس عن صراع النظام مع المعارضة بغية حماية المخيمات الفلسطينية والحؤول دون توريطها في ما ينافي مصلحة الفلسطينيين سياسياً واجتماعياً .

- إزاء الأردن ولبنان، حماية خيار المقاومة بالنأي بالنفس عن الصراعات السياسية الداخلية أياً كان موضوعها وأطرافها . هل ثمة نهج بديل أفعل؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required