مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

حتى التاسع والعشرين من هذا الشهر وبعد عودة أبو مازن من الاجتماع السنوي للأمم المتحدة ستكون الفصائل الفلسطينية قد جهزت ردها على طلب الرئيس الفلسطيني بإعطاء موقف نهائي من الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الضفة الغربية، هذا الطلب الذي فاجأ الذين تلقوه هو ما يشغل الفصائل الآن لتجهيز ردها في الموعد المحدد.

التسريبات التي نشرتها بعض وسائل الإعلام بأن الرئيس الفلسطيني طلب من القيادة الفلسطينية البحث عن رئيس جديد خلال عشرة أيام قد تكون صحيحة ارتباطا بما يدور في أروقة مؤسسات الأحزاب، ويبدو أن الرئيس وصل إلى نتيجة نهائية تعبر عن اقتراب وصول كل المشاريع إلى طريق مسدود وعن اليأس بإمكانية التقدم في أي من الملفات سواء مع إسرائيل أو على صعيد المصالحة.

فالذهاب للأمم المتحدة هي خطوة تتنافى مع روح ونصوص الاتفاق مع إسرائيل، ولكن السنوات الأخيرة شهدت خطوات أحادية الجانب من إسرائيل، تلك الخطوات التي لم تبق للقيادة الفلسطينية سوى البحث عن خيارات خارج إطار المفاوضات، وبكل الظروف فإن الذهاب للأمم المتحدة يعكس اليأس التام من بقاء أي أمل بالتفاوض مع إسرائيل وانغلاق الأفق أمام مفاوضات افتتحت منذ تسعة عشر عاماً.

أما طلب الرئيس عباس البحث في خيار إجراء الانتخابات في الضفة الغربية فيعكس بنفس القدر بأسه من إتمام المصالحة رغم كل المحاولات الخارجية التي بذلت على مدى السنوات الماضية، ولعبت القاهرة الدور الرئيسي بها وحتى بعد سقوط الرئيس مبارك لم تتوقف القاهرة عن استكمال دورها وبعد وصول الرئيس مرسي أيضا أعلنت القاهرة نيتها استئناف العملية وإن كانت الإجراءات المصرية بهذا الصدد بطيئة أكثر مما يجب سواء في عهد مبارك أو المجلس العسكري أو حتى الرئيس الجديد، هذه التجربة الطويلة مع مصر تركت أسئلة حول قدرة الدور المصري على إنجاز هذا الملف وهي أسئلة قديمة منذ عهد مبارك.

الزيارة الأخيرة لقيادة "حماس" إلى مصر واستقبال رئيس الوزراء المصري لرئيس وزراء حكومة غزة أشعلت الأضواء الحمر في رام الله التي اعتبرت الاستقبال المصري لقيادة "حماس" على حساب قيادة السلطة وكان قد سبقها اجتماع بين الرئيسين الفلسطيني والمصري يبدو أنه كان مخيباً لآمال الرئيس أبو مازن الذي عاد من القاهرة ليعقد مؤتمره الصحافي والذي سبق تظاهرات المدن الفلسطينية وغمز ملاحظاته على القاهرة ليصل إلى نتيجة بأن مصر لن تلعب دوراً كبيراً في المصالحة، أو على الأقل لن تكون متوازنة كما أعلنت تجاه الطرفين، وقد يكون الأسبوع الأخير واستقبال القاهرة لحماس حسم لدى أبو مازن تقديره للدور المصري، وخصوصا أن حركة الأخوان المسلمين هي من يحكم مصر وعلاقتها بحماس علاقة أيديولوجية.

وبغض النظر عن خطأ أو صحة اعتقاد أبو مازن، وتشككه بالدور المصري الذي اعتقد أنه سيضغط باتجاه المصالحة ارتباطا بالمصلحة المصرية أولا، وقد يكون للارتباك المصري بنتائج وفد حماس للقاهرة والذي يعكس حرج مصر وتخوفاتها من أن أي انفتاح على غزة يعني ابتلاعها، وبالتالي ليس أمام مصر سوى إتمام المصالحة وهو الملف الأقل تكلفة بالنسبة لها والأكثر جدوى وضمانا للنجاح والقوة التي يحتاجها الرئيس المصري في بداية ولايته.

بكل الظروف فإن مأزق الانقسام وفشل الفلسطينيين في إعادة بناء النظام السياسي وانعدام الأمل بذلك يبدو أنه بدأ يتخذ أو على وشك اتخاذ مسارات البحث عن حلول، ومنها الإنذار الذي قدمه أبو مازن للفصائل في اجتماع اللجنة التنفيذية الأخير، فهل نحن أمام انتخابات جديدة في الضفة الغربية ..؟ هذا مرهون بالرد نهاية الأسبوع وخاصة أن الرئيس الفلسطيني يدفع بكل قدرته بهذا الاتجاه ربما رغبة منه لاعتزال دوره كرئيس للسلطة لقناعته أن الرياح لم تسر كما تشتهي سفنه سواء رياح المفاوضات أو عاصفة الانقسام.

الفصائل دخلت في أزمة جديدة لم تتوقعها فإما أن ترفض الانتخابات لتصادق على الوضع غير الدستوري القائم في الضفة الغربية بانتهاء الولايات وتقبل بإرادتها تمديده، وإما أن توافق على إجراء انتخابات للضفة الغربية دون غزة والإغراء المقدم هو انتخابات وفقا للقوائم النسبية كاملة، وكلا الخيارين أحلاهما مر وإن كانت حركة حماس بتعليقها عمل لجنة الانتخابات تتحمل مسؤولية كبرى بتعطيل إعادة بناء النظام السياسي، فهي تعيش حالة انتظارية حتى تهدأ المنطقة تكون قد حققت بعض الانجازات التي تؤهلها للذهاب لانتخابات بوضع أفضل وما يساق من مبررات هي فقط للتغطية على مصلحة "حماس" بالانتظار.

فإذا ما استمر الوضع الحالي هذا يعني استمرار الأزمة المركبة المكلفة فلسطينياً، وهذا وضع لم يعد مقبولا على المواطن الفلسطيني الذي يدفع ثمن تلك الأزمة على الصعيد الاقتصادي والسياسي والأمني وانحسار الحريات ومصادرة أدنى حقوقه باستعادة سلطته، وإخضاعها للمناكفة والتي بدأت تتخذ شكلا هزليا بالتشكيك بالتمثيل وما حمله من استعار الخلاف الداخلي.

وإن جرت الانتخابات فإن ذلك يعني تشريع الانقسام وإعطاءه صفة ومبررا قانونيا وتوجيه الضربة القاصمة لكل جهود المصالحة أو على الأقل إضافة تعقيدات هائلة على المحاولات التي تتم منذ سنوات وإن كانت دون نتائج، فإذا كانت أزمة الانقسام تظهر على شكل حكومتين إحداهما أقالها المستوى السياسي الأعلى منذ أكثر من خمس سنوات، والأخرى لم تحظ بثقة المجلس التشريعي ولا خلاف على موقع الرئيس إلا من الناحية الدستورية، فإن انتخابات في الضفة ستفتح شهية "حماس" لإجراء انتخابات في قطاع غزة وهي بحاجة لتلك الانتخابات لتشرعن سيطرتها على القطاع وتتخلص من وصف "المقالة" لحكومتها، بالإضافة لانتخاب رئيس للقطاع وحينها سنكون أمام كيانين حقيقيين لكل كيان نظامه السياسي المنتخب ديمقراطياً، وسيبدأ صراع حقيقي على التمثيل وخاصة في ظل تغيرات الإقليم، بمعنى أن في إجراء انتخابات الضفة تكريس وشرعنة الانقسام وفصلا نهائيا بين الكيانين، ومن يتذكر كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، قبرص اليونانية وقبرص التركية، فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية.

الاستسلام للواقع وحصر الخيارات بهذا الشكل يعكس عقم السياسيين بإيجاد وحلول للمأزق الفلسطيني الذي يبحث عن مخرج مختلف، وقد يتمثل ذلك بأن يقدم الرئيس وأعضاء المجلس التشريعي استقالتهم الجماعية لتكون الخطوة الأولى نزع الشرعية عن من لا يرغب بذلك، وعودة الولاية لمنظمة التحرير لتشكل حكومة المنظمة المؤقتة وتدخل كل الفصائل الفلسطينية لنقاش بند وحيد وهو الانتخابات، في ظل رعاية مصرية وعربية محكومة بسقف زمني محدد لإجراء الانتخابات في كل الوطن، هذا النقاش يتم في الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الذي يضم "حماس" و"الجهاد" وتقدم المنظمة كل التنازلات اللازمة لذلك، ولكسر تعنت "حماس" وحالتها الانتظارية وتطلب من مصر اتخاذ موقف ضد من يعرقل إجراءها، الأهم نزع الشرعية عن الجميع الآن، مقدمة ليبحث كل عن شرعية جديدة ...!

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required