مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

نظرا لفشل المفاوضات الثنائية مع الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، على مدى نحو عقدين، في إحراز تقدم ملموس للشعب الفلسطيني وتوازيها مع استمرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي في انتهاكاتها للقانون الدولي، خاصة بإنشاء وتوسيع المستعمرات الاستيطانية وسلب المزيد من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، فقد طالب الرئيس محمود عباس، بمرجعية واضحة، بغية استئناف المفاوضات، قائمة على أساس حدود عام 1967 ووقف الاستيطان، وهذا أمر غير وارد لدى حكومة اليمين المتطرف الحالية في إسرائيل. ومن هنا جاء التحرك الفلسطيني النشط للتوجه الى الأمم المتحدة من أجل الحصول على عضوية كاملة فيها لدولة فلسطين على حدود عام 1967.

ولقطع الطريق أمام التوجه الفلسطيني المذكور، فقد اقترح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، تحويل اجتماع اقتصادي للدول المانحة في باريس إلى اجتماع اقتصادي سياسي من أجل استئناف المفاوضات، إلا أن الولايات المتحدة الأميركية، التي تحتكر رعاية تلك المفاوضات، عارضت ذلك. ولذا فإن دول الاتحاد الأوروبي المؤثرة طلبت من الرئيس الأميركي باراك أوباما، أن يجد حلا للمعضلة بالضغط على إسرائيل المتعنتة، في حين أنه يخشى تكلفة ذلك على سعيه لانتخابه لولاية رئاسية ثانية.

ولمواجهة ذلك فقد سربت إسرائيل أقوالا مفادها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على استعداد للتفاوض على أساس حدود عام 1967 على أن يعترف الجانب الفلسطيني مسبقا بيهودية دولة إسرائيل، وأن يقبل بعدم عودة لاجئي فلسطين إلى إسرائيل، أي إسقاط حق العودة الوارد في قرار الجمعية العامة رقم 194 الصادر في 11 ديسمبر/ كانون الأول عام 1948. وهذان شرطان مرفوضان فلسطينيا .

من الواضح أن الجانب الفلسطيني لم يقدم طلب العضوية آملا بأن تأتي الولايات المتحدة أو اللجنة الرباعية بحل مقبول، إلا أن اللجنة الرباعية التي اجتمعت في واشنطن مؤخرا لم يصدر عنها أي بيان ختامي نظرا لاختلاف وجهات النظر فيها، حيث اتخذت الولايات المتحدة في الاجتماع موقفا مشابها لموقف قوة الاحتلال، إسرائيل. ويشكل هذا خيبة أمل للجانب الفلسطيني ما دفعه للحصول على مساندة لجنة المتابعة العربية لتقديم طلب العضوية حاملا تواقيع دول الجامعة العربية، وبالطبع بالإضافة إلى تواقيع الدول الإسلامية غير العربية والدول الصديقة، علما بأن الطلب لم يقدم حتى تاريخه.

إن شعار 'استحقاق أيلول' المتداول فلسطينيا ليس ملزما لأحد ولا يتسم بالدقة، فاستحقاق الدولة الفلسطينية أقر بموجب قرار الجمعية العامة رقم 181 الصادر في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 ويبقى ساري المفعول، كما أن دولة فلسطين تم الإعلان عنها رسميا عام 1988 وأخذت الجمعية العامة آنذاك علما بإعلانها، إضافة إلى أن الحصول على العضوية لدولة فلسطين، كما هو الحال بالنسبة لأي دولة أخرى، ليس مرتبطا بشهر سبتمبر/ أيلول الذي تبدأ فيه الدورات الاعتيادية للجمعية العامة، ولا بموعد محدد لإنجاز مؤسسات دولة أو بجملة شرطية وردت في خطاب رئيس القطب المهيمن عالميا أمام الجمعية العامة في 23 سبتمبر/ أيلول 2010 أعرب فيها عن إمكانية التوصل بحلول الدورة المقبلة للجمعية العامة إلى 'اتفاقية تؤدي إلى عضو جديد في الأمم المتحدة– دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة التي تعيش بسلام مع إسرائيل'.

وعلاوة على هذا فإن القول بالذهاب للأمم المتحدة بغية الاعتراف بدولة فلسطين ليس صحيحا، لأن الأمم المتحدة لا تمنح الاعتراف الذي يتم خارج نطاقها بين دولة وأخرى كقرار سيادي، بينما تنظر الأمم المتحدة في طلبات الانضمام إليها. كما أن قرارات منح العضوية لا تتطرق لحدود الدول.

وعلى سبيل المثال، فقد تم قبول جنوب السودان كدولة عضو في الأمم المتحدة في 14 يوليو /تموز 2011، وما من أحد يدعي أن لديها مؤسسات دولة أو أن حدودها النهائية معروفة أو حتى انطباق جميع شروط العضوية عليها، فالعملية برمتها مسألة سياسية تحسم بالتصويت وليس بالتفسير الضيق والمقيد لنصوص الميثاق ولوائح الجمعية العامة كما يفعل بعض المثقفين الفلسطينيين المصرين على عدم إمكانية الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين. لقد حصلت إسرائيل على العضوية الكاملة أي وضع 'دولة عضو' في 11 مايو/ أيار 1949 دون توفر شروط العضوية فيها آنذاك ولا حتى في يومنا هذا. فالقوة التصويتية هي التي منحت العضوية لإسرائيل المعتدية، والقوة التصويتية الحالية، وأغلبها من الدول النامية التي ذاقت مرارة الاستعمار، هي القادرة على الحسم بمنح فلسطين، ضحية العدوان والاحتلال، وضع 'دولة عضو'.

وللتذكير فإن القوة التصويتية هي التي أدت في 12 مايو/ أيار 1989 إلى 'تأجيل' النظر في مشروع قرار عضوية دولة فلسطين في منظمة الصحة العالمية في جنيف، ومن المفيد دراسة تلك التجربة.

حصلت منظمة التحرير الفلسطينية على وضع 'مراقب' في الجمعية العامة للأمم المتحدة بموجب قرار الجمعية رقم 3237 الصادر في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1974، وجاء ذلك كثمرة لحرب أكتوبر عام 1973 واستخدام سلاح النفط العربي، إضافة للمقاومة الفلسطينية. وقد أضاع الجانب الفلسطيني عام 1988 فرصة مواتية للحصول على الأقل على وضع 'دولة غير عضو' أي عضوية دولة مراقبة عندما اكتفى بمجرد تغيير اسم 'منظمة التحرير الفلسطينية' إلى اسم 'فلسطين'، كما هو وارد في قرار الجمعية العامة رقم 177/43 الصادر في 15 ديسمبر/ كانون الأول 1988 بعد تقديم الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، تنازلات كبيرة أصرت عليها الإدارة الأميركية للشروع في التعامل مع منظمة التحرير، ألا وهي الاعتراف بقرار مجلس الأمن 242 وبحق إسرائيل في العيش بسلام ونبذ الإرهاب.

وللتوضيح، فإن نصوص ميثاق الأمم المتحدة واللوائح الداخلية للجمعية العامة لا تتضمن قواعد للحصول على الوضع المراقب، سواء لحركة تحرر مثل 'م.ت.ف' أو لدولة مثل سويسرا التي اختارت أن تبقى 'دولة غير عضو' حتى حصولها على العضوية الكاملة في 10 سبتمبر/ أيلول 2002. ولكن بالممارسة أصبحت العضوية المراقبة تتطلب استصدار قرار من الجمعية العامة بالأغلبية البسيطة من بين المشاركين في عملية التصويت بنعم أو لا فقط.

وغني عن الذكر أن تلك النسبة في متناول اليد بالنسبة لفلسطين دون بذل جهد يذكر. إلا أن وضع ' دولة غير عضو' هو مطلب ضئيل بالمقارنة مع وضع 'دولة عضو'، ولا يتناسب مطلقا مع هذا الوهج في الحملة الفلسطينية المتصاعدة والموفقة لتأمين أغلبية الثلثين المطلوبة لوضع 'دولة عضو' في ظرف سياسي يمثل فرصة سانحة يجب عدم إهدارها.

إن الشبكة العنكبوتية 'الإنترنت' مزدحمة بمقالات لمؤيدي إسرائيل تركز على أمرين، أولهما أنه لا توجد دولة فلسطينية، وبالتالي لا مجال لعضوية دولة سواء عضوية كاملة أم مراقبة، وثانيهما أنه لا يمكن تخطي الفيتو الأميركي باللجوء بعده إلى الجمعية العامة عن طريق إجراء قرار الجمعية العامة رقم 377 الصادر عام 1950 الذي ابتكرته آنذاك الولايات المتحدة للتغلب على الفيتو السوفييتي بشأن الحرب ضد كوريا الشمالية، ذلك الإجراء المسمى 'متحدون من أجل السلام' والذي كان في حقيقة الأمر 'متحدون من أجل الحرب' ويمثل في حينه خرقا لميثاق الأمم المتحدة وللوائح مجلس الأمن التي وضعتها الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأميركية نفسها.

فيما يتعلق بالأمر الأول ألا وهو وجود الدولة، فإن المادة رقم 4 في الفصل الثاني من ميثاق الأمم المتحدة تبين بأن العضوية متاحة لجميع 'الدول المحبة للسلام التي تقبل الالتزامات الواردة في هذا الميثاق والتي ترى الهيئة بأنها قادرة وراغبة في تنفيذ تلك الالتزامات'. وهذا يعني أن هنالك خمسة شروط للحصول على العضوية الكاملة وهي 1- وجود الدولة 2- أن تكون محبة للسلام 3- أن تقبل الالتزامات المنصوص عليها في الميثاق 4- القدرة على تنفيذ تلك الالتزامات 5- الرغبة في تنفيذ تلك الالتزامات. هذا بالإضافة إلى توصية إيجابية من مجلس الأمن ترفع للجمعية العامة من أجل إقرارها.

الدولة الفلسطينية لم تولد عندما قام الزعيم الراحل ياسر عرفات بإعلانها يوم 15 نوفمبر/ تشرين الثاني 1988 في دورة المجلس الوطني الفلسطيني التي عقدت في الجزائر، بل في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 1947 بموجب قرار الجمعية العامة رقم 181 المعروف بقرار التقسيم الذي نص على إنشاء دولة يهودية وأخرى عربية ووضع خاص لمدينة القدس.

إن الوجه الآخر لإعلان دولة فلسطين عام 1988 هو الاعتراف بإسرائيل على حدود ما قبل 1967، وهذا واضح في نص قرار الجمعية العامة رقم 177/43 الصادر في 15 ديسمبر/ كانون الأول 1988 الذي يأخذ علما بذلك الإعلان ويؤكد 'ضرورة تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة سيادته على أرضه المحتلة منذ 1967'. ومن الجدير بالذكر أن 104 دول صوتت لصالح القرار وعارضته إسرائيل والولايات المتحدة، أي تم اعتماده بنسبة 98 % من الأصوات بينما يتطلب تمريره أغلبية بسيطة أي 54 صوتا فقط.

أما الأمر الثاني المشار إليه أعلاه المتعلق بإجراء 'متحدون من أجل السلام' بغية القفز فوق الفيتو الأميركي في مجلس الأمن والقول بأن هذا الإجراء لا ينطبق على مسألة العضوية الكاملة، فمن المفهوم أن يروج الجانب الإسرائيلي لذلك لعل الجانب الفلسطيني يتردد ويكتفي بالعضوية المراقبة التي تتطلب أغلبية بسيطة في الجمعية العامة دون المرور بمجلس الأمن. ولكن يجب ألا تصدر تصريحات فلسطينية مطابقة في فحواها لما تروج له إسرائيل للتخفيف مما تعتبره خسارة لها، مع أنها رابحة من الاكتفاء الفلسطيني بحدود 1967 ومن إضفاء الشرعية عليها في 78% من فلسطين التاريخية.

ومن هنا فمن الضروري اللجوء لإجراء 'متحدون من أجل السلام' بعد الفيتو الأميركي في مجلس الأمن بطلب استئناف اجتماعات دورة الجمعية العامة الاستثنائية الطارئة العاشرة بغية استصدار قرار ينص على قبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة، وهذا يتطلب تمريره أغلبية الثلثين من بين المشاركين في عملية التصويت بنعم أو لا، حيث لا تحتسب في هذه النسبة الدول المصوتة بالامتناع. وما من شك في أن هذه الأغلبية متوفرة حاليا لدى الجانب الفلسطيني وآخذة في الازدياد، علما بأن عدد الدول التي يمكن أن تصوت ضد العضوية الكاملة محدود، ومن ضمنها إسرائيل والولايات المتحدة وكندا وعدد من الجزر النائية الصغيرة التي تتطلب بحثا عنها في الأطلس.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required