مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

حملة »أنا لاجئ يهودي«، التي أطلقتها وترعى نشاطاتها وزارة الخارجية »الإسرائيلية«، بعد أن أقرها »مجلس الأمن القومي »الإسرائيلي««، أثارت اهتمام الكثيرين من الكتاب الذين انبروا لتفنيدها مستندين إلى الوثائق التي أصبحت معروفة للجميع، انطلاقاً من قناعتهم بأن المقصود منها هو »قطع الطريق« على حق عودة اللاجئين الفلسطينيين . ولو صح هذا، فإن أقصى ما تستطيعه حملة كهذه لا يزيد على »التشويش«، وهو في ظني، ليس الهدف الأساس . ذلك لأن القيادات »الإسرائيلية« نجحت منذ زمن بإقناع الولايات المتحدة، ومن ورائها »العالم«، بأن قبول فكرة عودة اللاجئين الفلسطينيين يعني »نهاية »إسرائيل«« . لذلك أصبحت فكرة »غير ممكنة« و»غير عملية« . ويبدو أن »العالم« قبل ذلك، بما فيه معظم العرب، وبعض الفلسطينيين الذين وقعوا على »اتفاق أوسلو«، وقبلوا »حل الدولتين« . وعليه، فقضية »حق العودة« مقطوع عليها الطريق إلا بقوة السلاح، وهذا ليس وارداً، حتى الآن .

بسبب ذلك قدرت أن هدف هذه الحملة هو السعي إلى المال، في ظروف تمسك الأزمة المالية بخناق الدول المانحة في أمريكا وأوروبا . يرجح هذا التقدير، أن الحملة، لو كان هدفها »حق العودة«، ستظهر سخيفة جداً من حيث حيثياتها، يسهل تفنيدها وإفشالها، حتى أن بعض »الإسرائيليين« لاحظوا ذلك واعتبروها أقرب إلى المهزلة . فمثلاً، ينفعنا، بل ويكفينا مؤونة الرد عليها، ما جاء في مقال الصحفي »الإسرائيلي« جدعون ليفي في صحيفة (هآرتس- 20-9-2012) الذي فند ما فيها من أكاذيب وحماقات، ثم طرح على الحكومة »الإسرائيلية« والقائمين على الحملة سؤالاً كان أحمد الطيبي، النائب العربي في الكنيست، قد طرحه عليهم: كم وطناً لكم؟ لكنه أضاف سؤالا آخر: وماذا عن اللاجئين الفلسطينيين؟

فأنا كفلسطيني ومن لاجئي ،1948 على استعداد لأن أتجاهل كل الحقائق الثابتة حول »الهجرة اليهودية« إلى فلسطين، وتحديداً هجرة اليهود العرب، وهي متاحة لمن يريد في وثائق »الوكالة اليهودية«، وفي وثائق حكومة الانتداب البريطانية، وفي كتب بعض المؤرخين الصهاينة . أكثر من ذلك، أنا على استعداد لأن أعتبر كل ما ورد في »وثيقة مجلس الأمن القومي الإسرائيلي« حول أعداد اليهود الذين »طردوا وهجروا من البلدان العربية قسراً«، وحول ما زعمته وثيقة »مجلس الأمن القومي الإسرائيلي« عن تقدير ملكياتهم صحيحاً، وأن أطالب بإعادتهم إلى البلدان العربية التي جاءوا منها (بعد التنازل عن الجنسية »الإسرائيلية«)، وإعادة ما يثبت أنه كان ملكاً لهم، وتعويضهم، أيضاً، إن كان هناك ما يستحق التعويض عنه، شريطة أن يعامل اللاجئون الفلسطينيون بالمثل، أي أن يعامل اللاجئون، فلسطينيين ويهوداً، وفق قانون واحد . فهل يقبل نتنياهو وعصابته ومجلسه »القومي«؟

طبعاً، لا يمكن أن يوافق الصهاينة على ذلك لسبب بسيط، هو أن ادعاءاتهم كاذبة وسهل أن يثبت كذبها، هذا أولاً، وثانياً لأن ما يترتب على اقتراح كهذا لن يكون لصالحهم . فمثلاً، تزعم »الوثيقة« أن عدد اللاجئين من اليهود العرب الذين طردوا، بلغ 850 ألفاً، بينما اللاجئون الفلسطينيون لم يزيدوا في العام 1948 على 600-700 ألف . فمن ناحية، تفيد الإحصاءات اليوم بأن عدد الفلسطينيين خارج فلسطين يتراوح بين 6 و8 ملايين فلسطيني . ولأن اليهود العرب مثل الفلسطينيين العرب في مسألة النسل وتحديده، فمن المفروض أن يصبح عددهم اليوم ليس أقل من العدد المقدر للفلسطينيين، أي بين 6 و8 ملايين يهودي . لكننا نعرف أن عدد كل اليهود في فلسطين، اليوم، هو أقل من هذا العدد، بمن فيهم اليهود الغربيون (الأشكناز)، واليهود الذين جلبوا من اثيوبيا، ومن الهند وغيرها، وكذلك المليون روسي، الذين لم يكونوا يهوداً أصلاً؟!

ومن ناحية ثانية، وحسب وثيقة »مجلس الأمن القومي »الإسرائيلي««، فإن أموال وقيمة أملاك اليهود المهاجرين من الدول العربية في العام 1948 بلغت 700 مليون جنيه استرليني وتعادل اليوم نحو 6 مليارات استرليني . أما قيمة أملاك الفلسطينيين، فكانت 450 مليون إسترليني وتعادل نحو 4 مليارات استرليني، أي أن القصة تتكشف عن لعبة »بوكر« . وبعملية »مقاصة« بسيطة: اللاجئون الفلسطينيون مقابل اللاجئين اليهود (ويسامحوننا ب 150 ألفاً)، ويصبح المطلوب لحل »مشكلة اللاجئين« أن تدفع الدول العربية ملياري استرلينيني للحكومة »الإسرائيلية«!! هل يعقل أن يصل السخف إلى هذا الحد؟ من قال إن للسخف حدوداً؟

لقد رفضت الحكومات »الإسرائيلية« المتعاقبة كل الحلول السلمية لإنهاء الصراع العربي- الصهيوني، أو »النزاع الفلسطيني- »الإسرائيلي««، كما يحب البعض أن يسميه، رفضت »الدولة العلمانية الديمقراطية« التي اقترحتها منظمة التحرير الفلسطينية وأوردتها في ميثاقها الوطني، وترفض »الدولة ثنائية القومية«، ورفضت وترفض، عملياً، حتى اليوم، »حل الدولتين« . كل ذلك لأن الصهاينة يريدون فلسطين كلها، بلا فلسطينيين، وهم يفكرون كيف يطردون الموجودين منهم . سخيف طبعاً أن تتكشف الحملة عن لعبة »بوكر« غبية، لا بد أن يكون وراءها مراب يفتقر إلى اللؤم اليهودي المعهود، يتصور أن العالم سيقبل لعبته المغشوشة، وسيفرضها على الفلسطينيين فينسون حق العودة، ويدفع لهم العرب ثمن هذا النسيان، مقابل »السلام« الذي سيمنحونه لهم! لكن الغرور وغطرسة القوة ينتجان أكثر من الغباء .

ولعل أفضل ما يقال في هذا المقام، ما قاله ليفي في مقاله: »بعد أن كنا نعتقد أن »إسرائيل« حطمت كل الأرقام القياسية الممكنة للوقاحة، جاءت هذه الحملة وبينت أنه توجد أرقام قياسية أخرى قادرة على تحطيمها« .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required