مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

هذا العنوان يحمل دلالتين هما أقرب إلى التناقض، الدلالة الأولى تكريس لمفهوم الدولة، فالعبارة الشعبية »دولة ونص« هي تعبير عن التأكيد أن الدولة قادمة إن لم تكن قائمة، لكن الدلالة الأخرى عكس ذلك، فهي البديل لما يسمى حل الدولتين، أي دولة فلسطينية بجانب الدولة العبرية . وحين يقال إنها دولة قابلة للحياة فذلك من قبيل خلط الأوراق والتلاعب بمفهوم راسخ وكلاسيكي كمفهوم الدولة، لأنه ما من دولة تولد غير قابلة للحياة إلا إذا سلمنا بأن الجنين قد ولد ميتاً، وعندئذٍ لا معنى لأي تعليق أو تفريق بين شكلين من أشكال الدولة، أحدهما ميت والآخر حي .

إن ما تسعى إليه تل أبيب وبالتحديد منذ أوسلو الذي مات ولم يُدفن بعد، هو شبه دولة فلسطينية وفي أحسن الأحوال نصف دولة، إن كانت الدول تقبل هي الأخرى هذا التشطير إلى كسور عشرية، وإذا كان شبه الدولة ككل الأشباه هو نقيض الأصل، والذي يذكِّر بغيابه، فإن نصف الدولة هو كيان مسخ، بيد واحدة وساق واحدة وكُلية واحدة وأعور .

هذا النصف هو بالفعل من سلالة »الميكي ماوس« وإنجازه إذا تم لا يؤدي إلى إجهاض الدولة في الرحم فقط ومصادرتها مسبقاً، بل إلى إعدام سياسي وتاريخي، قد يبدأ رمزياً بعزل الدماغ عن بقية الجسد وقد ينتهي إلى الإبادة العرقية .ومن أخطر ما ترتب على اتفاقيات أوسلو وما فرَّخته لاحقاً هو »وَهْمُ« الدولة، بحيث ظن الفلسطينيون أنهم يفاوضون الطرف الآخر دولة لدولة على طريقة »وجهاً لوجه« . وبذلك غاب الاحتلال . رغم أن الدولة العبرية في كل مسلسل مفاوضاتها مع الفلسطينيين لم تتخل عن تراث الحركة بمفهومها الصهيوني، فالحركة هي احتياطيها في كل موقف، بل مرجعيتها، وبهذا المعنى كانت المفاوضات ثلاثية وليست ثنائية، فما يمثل الدولة العبرية طرفان: الحركة بكل أدبياتها والدولة بمفهومها التاريخي والمكرَّس دولياً، وربما لهذا السبب قال باراك في أعقاب أوسلو وفي حوار نشرته معه »الجيروزلم بوست«، إن دولته لم تحاور أو تفاوض منظمة التحرير الفلسطينية والمرموز إليها بالحروف الإنجليزية الثلاثة P .L .O، لأن هذا التركيب جرى تفكيكه، لكن للأسف لم يكن هناك من الرصد ما يكفي للكشف عن النيّات الصهيونية، لأن الجميع كانوا منهمكين في سجال عقيم عن جدوى السلام أو خسائره .

والتعريف الدقيق لدولة منزوعة السلاح وملغومة بالمستوطنات، وتَحَكْمُ جغرافيتها شبكة مواصلات عازلة بشكل استراتيجي بين خلاياها وفي عمق دورتها الدموية، هو أنها شبه دولة ولا تصل حتى إلى نصف دولة، لهذا نتذكر بأسى رغم الطرافة، ذلك التعليق الأشبه بكوميديا حمراء وليس سوداء، لأحد الفلسطينيين عندما قال إن هذا الشعب دفع مهراً لدولة بمساحة شبه القارة الهندية لكنه لم يظفر حتى الآن بزقاقٍ محرَّر تماماً .

إن كلمة الدولة رغم كل ما تعج به من المعاني والدلالات، قد تتحول إلى طُعْمٍ لمن يتعجلون قيامها . والاحتلال يراهن منذ المستوطنة الأولى على تعب الطرف الآخر، أو ما يسمى الإرهاق المزدوج عاطفياً وسياسياً، لكن شعباً دافع عن بقائه وهويته بالملايين من الشهداء والمحاصرين والأسرى والمقتلعين . . ليس غراباً جائعاً ليقول: آهٍ على نصف دولة وليس على ذبابة .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required