مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

قد لا تجد في التاريخ المعاصر من هو أكثر »إبداعاً« في الحديث عن السلام، وإطلاق الاتهامات للغير بإفشال مسيرته، أو أنه »ليس شريكاً« في تحقيقه، من وزير خارجية الكيان أفيغدور ليبرمان »يمامة« السلام »الإسرائيلي« الذي يقطر لسانه يومياً السم الزعاف، باثاً إياه على شاشات التلفزة، وصفحات الصحف، وعبر أثير الإذاعات، إذ يجد مساحة واسعة جداً لهذه الحملة الدعائية العدائية للشعب الفلسطيني، من دون أدنى مجهود يبذله للوصول إلى هذه الوسائل التي تدين بالولاء لكيانه الغاصب العنصري .

الحديث المتناغم بين قيادات الكيان، عن عدم أهلية السلطة الفلسطينية لإحياء مسيرة التسوية الموؤدة، وكونها »ليست شريكاً«، ليس من اختراع ليبرمان اليميني المتطرف، الغارق في العنصرية، والمفتتن ب»الأنا« الصهيونية، فكبار قادة الكيان درجوا على هذه الدعاية السوداء منذ زمن طويل، أو لعلهم لم يكادوا يوقعون اتفاق أوسلو، حتى بدأت الاتهامات تكال للفلسطينيين، بعدم الرغبة في السلام، وتشجيع ما يعدونه »إرهاباً«، في سياق عملية ضغط ممنهج على الشعب الفلسطيني، والسلطة الفلسطينية التي أفرزتها اتفاقية التسوية المذكورة .

آخر الاتهامات في مسلسل تجريم الفلسطيني بأي ثمن وأي وسيلة، كان ما تحدث عنه أوفير أكونيس عضو »الكنيست« عن حزب »الليكود« اليميني الذي يرأسه رئيس الوزراء »الإسرائيلي« بنيامين نتنياهو، حين قال إن الأخير »لا يرى في الرئيس الفلسطيني محمود عباس شريكاً في عملية السلام« . وأشار في ندوة أقيمت في »ريشون لتسيون« أولى المستعمرات »الإسرائيلية« على الأرض الفلسطينية المحتلة إلى أن آراء نتنياهو تتطابق وآراء ليبرمان .

التناغم في المواقف المتطرفة عشية الانتخابات »الإسرائيلية«، يكشف بشكل أساسي حالة قد لا يعيرها أحد الاهتمام الكافي، ويغدو سؤال بسيط كفيلاً بإظهارها أساساً وحقيقة لهذه الحالة، مفاده لماذا يتجه هؤلاء المتطرفون إلى نهج أكثر تطرفاً عشية الانتخابات؟

إذا كانت الإجابة الأبسط والأسرع تكمن في مقولة حصد أصوات الناخبين وكسبها، فإن ذلك يكشف العمق الحقيقي للمسألة، فالمجتمع »الإسرائيلي« بكل بساطة أشد تطرفاً من قيادته العسكرية المحتلة، وساسته الغارقين في دماء ضحاياهم الفلسطينيين والعرب، ولولا كون هذا التطرف سمة عامة في ذاك المجتمع المقام على أنقاض قرى وبلدات تعرضت للإبادة الجماعية والتهجير، ودكت منازلها البسيطة بالمدافع والنيران، ولولا أن العنصرية سمة متأصلة في الوجدان والعقلية »الإسرائيليين«، من خلال التأييد الكاسح لما تسمى »يهودية الدولة«، والإجماع غير المسبوق على احتقار »الأغيار« سواء كانوا عرباً أم من أي قومية أخرى، لما كان الساسة وقادة الأحزاب بهذا القدر من التطرف والعنصرية .

معادلة أبسط من أن تذكر غالباً، لكنها جديرة بالتذكير بها كل فترة، حتى لا يتحول مسار تحليل السياسة »الإسرائيلية« إلى التركيز على رأس الهرم، سياسياً كان أو عسكرياً، ونسيان القوى المؤثرة على الأرض، والتربية القائمة على احتقار الآخر، وكراهيته، وتشريع إبادته، وتوجهات الشارع »الإسرائيلي«، الذي أنتج منذ زمن العصابات الإرهابية الصهيونية، ويعيد إنتاجها على الدوام، بمسميات أخرى، ليست آخرها مجموعات »دفع الثمن«، التي أوغلت وتوغل في الاعتداء على أرواح الفلسطينيين وأرزاقهم وأراضيهم .

وبعد كل ذلك، من الذي يتحدث عن السلام؟ وعن أي سلام يتحدث؟ سلام الغارات الجوية والاجتياحات البرية؟ أم سلام الهجمات البربرية على المدنيين الآمنين؟ أم سلام »دفع الثمن«؟ أم سلام ليبرمان، الغراب الناعق بالخراب والدمار على كل فلسطيني؟ أليست تلك رؤاهم، وذاك فهمهم لما يسمونه »السلام«؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required