مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

كما كان متوقّعاً، لم تعر حكومات العالم الغربي المنافق أدنى اكتراث لصرخات الإغاثة التي أطلقتها فعاليات القدس لإنقاذ كنيسة القيامة التي تواجه هذه الأيام خطر الإغلاق بسبب ديون بالملايين ركّبتها عليها شركة المياه “الإسرائيلية”التي حجزت على الحساب المصرفي للكنسية . ليس هناك سوى سبب تهويدي يكمن أولاً وراء فرض ضرائب على مكان للعبادة، وثانياً وراء مراكمة المبالغ المالية إلى الدرجة التي تسمح بوضع الكنيسة أمام خيار وحيد هو الإغلاق .

كنيسة القيامة معفاة من دفع الضرائب منذ قرون، ومعفاة من فواتير المياه منذ الحكم العثماني والانتداب البريطاني وبعدهما الحكم الأردني، أي منذ أكثر من مئتي عام، نظراً لمكانتها الدينية وقداستها، إلا أن عنصرية “إسرائيل”العابرة لحدود أي منطق أو عرف أو قانون، تبرر لها التعامل مع الكنيسة الأهم في العالم، باعتبارها عقاراً أو “سوبرماركت”فتفرض عليها الضرائب والرّسوم .

الأمين العام للتجمع الوطني المسيحي في الأراضي المقدسة ديمتري دلياني، لديه تفسير منطقي لهذا الاستهداف “الإسرائيلي”المنسجم تماماً مع مخطط تهويد القدس كلّها بعروبتها ومقدّساتها الإسلامية والمسيحية، وهو يعزو هذه السياسة “الإسرائيلية”إلى نزوع متأصّل لاضطهاد كل ما هو غير يهودي، مع أن العنصرية في “إسرائيل”تمس أيضاً شرائح من اليهود أنفسهم، وتحديداً اليهود الشرقيين “السفارديم«، واليهود الأفارقة “الفلاشا”. لكن من الواضح أن حملة المضايقة وسياسات التهويد تطال بشكل خاص المقدّسات الإسلامية والمسيحية كونها ترتبط بالهوية العربية الأصيلة لمدينة القدس، وتشكّل عقبة كأداء في طريق التهويد التدريجي الممنهج لكل الملامح العروبية للمدينة .

منذ احتلال الصهاينة للقدس أصبح معتاداً تصاعد استهدافهم للوجه الأثري والتاريخي لمدينة القدس، وتكرر استهداف المسجد الأقصى بالحرق مرة، وبارتكاب المجازر بحق المصلّين مراراً، وبتعمّد تدنيسه تكراراً، وبالحصار دائماً . لكن عندما يصل استهداف “إسرائيل”إلى كنيسة القيامة، فإن هذا يعني أن الصهاينة فعلوا كل ما يقع تحت سقف هذا المنسوب التهويدي النوعي في مدينة القدس المحاصرة بالجدار والحواجز، بدءاً من استمرار احتلالها وإخراجها من أي نقاش تفاوضي، مروراً بالضغظ على المقدسيين للرحيل باستخدام كل وسائل الضغط والخنق الاقتصادي الضرائبي وهدم المنازل واستقدام مستوطنين، وأيضاً مروراً بعبرنة أسماء الشوارع والأحياء، وليس انتهاء بالحفريات المستمرة ليلاً ونهاراً تحت البلدة القديمة وفي محيطها .

ولا شك في أن وضع اليد على كنيسة القيامة يعني أن “إسرائيل”لا تريد الإبقاء حتى على الطابع الدولي للمدينة، إذ إن ملايين المؤمنين المسيحيين يؤمونها وكنيسة المهد في بيت لحم والبشارة في الناصرة . وكلنا يعرف معنى وقيمة رمزية تسلّم عائلة مسلمة مفاتيح الكنيسة منذ العهدة العمرية، ومن دون شك فإن “إسرائيل”لا يروق لها أن ترى هذه الصورة الرمزية للوئام الإسلامي المسيحي في مدينة القدس، وتسعى بكل الوسائل إلى تخريب هذه الوحدة التي لم تخترقها كل ألاعيب الفتنة “الإسرائيلية«، فلطالما تعانق الهلال والصليب مثلما امتزجت دماء الشهداء الفلسطينيين من الطائفتين في فلسطين بعامة، والقدس بخاصّة .

لا تستطيع “إسرائيل”أن تسمع من رجل دين مسيحي يقول إن استهداف المسلمين هو استهداف للمسيحيين الذين هم جزء طبيعي وأصيل من نسيج هذه الأمة، رغم أنف الاحتلال ومن لف لفه من الفئات الضالّة . ومن الطبيعي أن تفشل “إسرائيل”في كتم غيظها وهي ترى هيئة إسلامية مسيحية مشتركة تواظب على فضح مخططاتها في مدينة القدس، وتخاطب العالم بصوت واحد أن هذه مدينة فلسطينية عربية ولن تكون غير ذلك، مهما تمادت “إسرائيل”في استغلال هذا الصمت العربي والإسلامي والدولي على تهويد المدينة . ومهما تبدّلت الفصول فلن يعترف التاريخ بأي ربيع ما لم تنبثق منه “زهرة المدائن”.

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required