مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

تصاعد الجهود الدولية والإقليمية لتحقيق “تهدئة” على جبهة قطاع غزة التي أشعلها كيان العدوان “الإسرائيلي”، والإعلانات المتضاربة من أطراف عدة حول السعي لتحقيقها واقعاً على الأرض، تتناقض مع حقيقة بسيطة وواضحة وضوح الشمس، مفادها أن الأساس في هذه الحالة، وكل الحالات التي سبقتها، أن تجبر “إسرائيل” على لجم عدوانها الوحشي، عبر أي جهة كانت، دولية أو إقليمية أو حتى فلسطينية .

المستغرب في أمر الساعين حثيثاً لمثل هذه التهدئة أنهم يحاولون تصوير الأمور وكأنها حرب متكافئة، لا عدواناً مدمراً يهدف إلى إعادة قطاع غزة إلى “ما قبل التاريخ”، ويصدر عن نوايا واضحة بقتل من يمكن قتلهم من مدنيين آمنين، وأسر بأكملها تحتمي بمنازل مكشوفة لطيران الاحتلال، وإحداث أكبر قدر ممكن من الدمار .

والأنكى من ذلك، أن المساعي إلى التهدئة تبدو في جوانب منها ضاغطة بالشكل الأساسي على الطرف الفلسطيني، الذي يدافع بإمكانيات لا تقارن مع العدو، أمام هجمة شرسة منظّمة لا تبقي ولا تذر، بدلاً من أن توجه هذه الجهود مباشرة وصراحة إلى الكيان، المسؤول المباشر عن العدوان والقتل والدمار الشامل في القطاع المحاصر .

ورغم أن المجتمع الدولي غلّف مبادرته السريعة لتحقيق هدنة ووقف لإطلاق النار، بغلاف “حسن النوايا”، وحماية البشر والشجر والحجر، إلا أن قراءة ما بين سطور هذه المبادرة، تكشف توجهاً مفضوحاً لحماية “إسرائيل”، نابعاً من التزام حديدي غربي ب”أمنها واستقرارها”، وليس أدل على ذلك من إحباط واشنطن إصدار قرار أو حتى بيان غير ملزم في مجلس الأمن الدولي، الذي لجأ إلى إدانة الأحداث في الكونغو، كي لا يتحول اجتماعه إلى مهزلة كبرى .

المجتمع الدولي يثبت كل دقيقة ارتهانه الكامل لإرادة ورغبات الكيان المحتل، وينصّبه مع “سبق الإصرار” فوق كل قانون أو عرف أو ميثاق، ويؤكد في كل توجه أو سياسة تجاه القضية الفلسطينية، أن لا حل ملموساً في الأفق، ولا مسعى حقيقياً لتحقيق العدالة الشاملة، وتلبية الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، و”إسرائيل” لا تبرع إلا في الجلوس على عرش الكيان المارق، الخارج على القانون الدولي، وشرعة حقوق الإنسان .

المسعى الدولي للتهدئة محاط بأسئلة مشروعة على الصعيد الفلسطيني، أهمها هدفه الحقيقي، والمستهدف خدمته وحمايته، فهل يحاول المجتمع الدولي التهدئة لوقف شلال الدم الفلسطيني أم حماية “إسرائيل” من صواريخ المقاومة التي شكلت للمرة الأولى تحولاً استراتيجياً في الميزان العسكري؟ هل هي محاولة حقيقية لإنهاء ولجم الاحتلال الموغل في الدم الفلسطيني أم هي محاولة لحفظ ماء وجهه، أو تغيير موقفه المتردي دولياً، ورفع أسهمه مجدداً؟

لا بد من التعامل مع الأمر على المستويين الفلسطيني والعربي بشكل واضح وصريح، أساسه لجم “إسرائيل” وإلزامها بشكل حقيقي عدم تكرار العدوان، وهذا لا يتأتى مما يبحث عنه المجتمع الدولي، من هدنة بشروط الكيان، وبما يرضي أوساطه الأشد تطرفاً، والمغالاة في تصوير المدنيين الفلسطينيين العزل الذين يغتالهم الاحتلال بغاراته الجوية وصواريخه ونيرانه، على أنهم مطالبون بوقف المقاومة، أو أنهم جنود في قوة عسكرية منظّمة أعلنت الحرب من طرف واحد .

إنه لأمر مثير للاشمئزاز أن نرى هؤلاء الأدعياء في الغرب والمنظمات الدولية، يلقون علينا صباحاً ومساء، المحاضرات والخطب الرنّانة، عن عملهم بلا هوادة أو تهاون على حماية الإنسان، وحقوقه العالمية، وهم لا يفكرون حتى لثوان معدودة بغير حماية “إسرائيل”، والدفاع المستميت عنها مهما تمادت في العدوان والقتل والتدمير، ومهما كانت الصور القادمة من فلسطين المحتلة دامية، كصور كل هؤلاء الأطفال من عائلة الدلو الذين تصدروا الإعلام شهداء، بسبب التواطؤ الدولي .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required