مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

الحرب على غزة ليست كأي حرب بين دولة وأخرى، فهي حرب لها امتدادات وتداعيات سياسية تتجاوز الحدود الجغرافية الصغيرة لغزة، هي حرب سياسية منذ بداياتها حتى نهايتها، وتنطبق عليها مقولة “الضعيف لن يهزم، والقوي لن يكسب”، ويقصد بذلك أن “إسرائيل” ورغم ما تملكه من قوة متفوقة تستطيع أن تدمر غزة بالكامل ولمرات متعددة، لكنها لا تستطيع لاعتبارات كثيرة إقليمية ودولية، واعتبارات تتعلق بالمقاومة وقوة وصمود شعب غزة . ومن ناحية أخرى، فالمقاومة وما تملك من قدرات محدودة في غزة، لا تستطيع أن تلحق هزيمة كاملة ب”إسرائيل”، بل قد لا تستطيع أن تتقدم أكثر من حدود غزة نفسها . وفي إطار هذا السياق تكمن المعادلة الصعبة، وهي أن غزة تقع في قلب الدائرة الأولى لأمن “إسرائيل”، ولذلك أي تطور في قدرات المقاومة يشكل تهديداً لهذا الأمن، والمقاومة وبفعل خيارها الذي تستمد منه شرعيتها لا يمكن أن تتخلى عنه وإلا فقدت مصداقيتها، وهذا ما تحاول “إسرائيل” أن تفرضة في شكل تهدئة بينها وبين حركة حماس والمقاومة، وإذا ما نجحت في ذلك ستفقد المقاومة مصداقيتها السياسية وشرعيتها . هي في النهاية حرب ومقاومة من أجل تهدئة يحاول كل طرف أن يفرض شروطة فيها ليؤكد انتصاره، لذا ستترك هذه الحرب آثارها السياسية المباشرة من خلال توظيف كل طرف لإمكاناته وتحويل الحرب لمصلحته . الحكومة “الإسرائيلية” بزعامة نتنياهو ستستثمر هذه الحرب، وتقدم التهدئة للناخب “الإسرائيلي” على أنها ستجلب له الهدوء، وأنها فرضت شروطاً على المقاومة أنه لن يكون في مقدورها العودة ثانية إلى إطلاق الصواريخ، وأنها سلبت المقاومة قدراتها الردعية . والمقاومة من جانبها ستحاول أيضاً استثمار التهدئة، وتقدمها للمواطن الفلسطيني على أنها انتصار كبير لها، وأنها كانت الوحيدة القادرة علي الوصول إلى قلب “إسرائيل” وضربها “تل أبيب” مقر السفارات الدبلوماسية، ومركزها السياحي والمالي، وأنها نجحت في خلق حالة من الردع المتبادل، وتوازن الرعب، وأنها بذلك قد غيرت من قواعد لعبة القوة لمصلحتها، ولكن يبقى لهذه الحرب أبعادها السياسية المهمة على كل جانب، فعلى الجانب الفلسطيني قد تذهب حماس بعيداً في الاستفادة من هذه الحرب، بتأكيد قوتها، ومصداقيتها، وأنها الأجدر بتمثيل الفلسطينيين، ما قد ينعكس على بنية وتركيبة منظمة التحرير، وقد تذهب بعيداً بغزة بفك الحصار وفتح معبر رفح كاملاً، واعتباره معبراً مصرياً فلسطينياً . وقد تنعكس هذه الحرب على إعطاء دوره سياسي أكبر لحماس، من خلال الانتقال من فاعل رئيس إلى فاعل أكثر شرعية إقليمياً ودولياً . وهذا قد يدفع بحركة حماس إلى التركيز على العمل السياسي التفاوضي من خلال القبول بخيار الأمم المتحدة، والعمل في إطار اكتماله . هذا السيناريو على المستوى الفلسطيني قوي وإحتمالاته كبيرة، ومن خلال ذلك السيناريو قد تتم المصالحة، بمعنى الأخذ بالحسبان الدور الجديد لحركة حماس، وعلى المستوى “الإسرائيلي” قد تظهر نتائج وتداعيات هذه الحرب السياسية على مستوى الخريطة السياسية الجديدة ل”إسرائيل”، واحتمالات خسارة نتنياهو والليكود كبيرة، لكن هذا لا يعني خسارة معسكر اليمين في “إسرائيل”، وخصوصاً أن هذه الحرب قد قوّت من معسكري التشدد في الجانبين . وإقليمياً على المستوى العربي، كشفت هذه الحرب هشاشة النظام الإقليمي العربي، وزيادة دور القوى الإقليمية الجارة مثل تركيا، وحتى إيران . ولقد أدى إدراك الدول العربية أن استمرار هذه الحرب أو تحولها إلى حرب برية قد يؤدي إلى خلخلة الوضع العربي وانكشافه، ما يفسر لنا هذا الحراك العربي السري لاحتواء الحرب .

وحتى على المستوى الدولي امتدت التداعيات السياسية إلى تخوف من تورط أمريكي وتهديد مباشر لمصالحها . ولعل مصر هي الدولة الوحيدة التي تأثرت بهذه الحرب، والتي ستترك أبعاداً ومحددات سياسية جديدة في الدور المصري وعلاقتها بغزة . ويبدو أن من أهم نتائج هذه الحرب سياسياً أن غزة باتت تشكل مسألة وقضية في حد ذاتها، وكأن القضية الفلسطينية قد اختزلت في غزة فقط . فمنذ أن سيطرت حماس على غزة، واندلاع الحرب الأولى قبل أربع سنوات، وهذه الحرب، وغزة باتت تشكل قلقاً ووجعاً للعديد من الدول العربية وخصوصاً مصر، وهو ما قد يفرض توجهاً وتعاملاً جديداً معها، ومع حركة حماس، فلا بد من التفكير في كيفية حل مسألة غزة . وهنا يبرز أكثر من سيناريو، سيناريو رفع الحصار عن غزة، وسيناريو إعادة بناء السلطة الفلسطينية، والاعتراف بحكومة وحدة وطنية فلسطينية تشارك فيها حماس كمدخل للاعتراف بها إقليمياً ودولياً، وسيناريو الاعتراف بحماس مقابل انغماسها في العملية السياسة وإعطائها دوراً أكبر في حفظ التهدئة، ووضع حد لكل الفصائل الأخرى التي قد تخرج عن صيغة التهدئة . وخيار سيناريو التسوية السياسية بقبول فلسطين في الأمم المتحدة، وقبول حماس بهذا الخيار كمدخل لدخولها في عملية تفاوضية جديدة تكتمل من خلالها الدولة الفلسطينية الكاملة . والذي يدعم هذه الخيارات محاولات الدول العربية التحرر من التزاماتها تجاه القضية الفلسطينية مع الالتزام بدعم التسوية السياسية .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required