مفتاح
2024 . الثلاثاء 2 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

تقول تجارب التاريخ البشري في الصراعات العسكرية حقيقتين فيما يتعلق بالنصر والهزيمة, اما في النصر فامامنا حالتين, الاولى في الصراع ما بين الدول ككيانات سياسية واضحة المعالم والنصر هنا في اي نزال عسكري كان دوما يتوج بخطاب الاستسلام ورفع الراية البيضاء , وكثيرا ماكتب المنتصر كتاب الهزيمة الذي يجب على المهزوم ان يقرأه, وبالتالي فان المنتصر يحقق اهدافه بمنتهى الوضوح, ويبقى حال المهزوم ليكتب التاريخ مبررات هزيمته.

اما الحالة الثانية فهي الصدام ما بين المحتل والخاضع للاحتلال فمعيار النصر والهزيمة يقاس بمؤشرات اخرى, المهزوم هو من لا يتمكن من تحقيق اهدافه التي كانت هي مبررات الحرب, واما المنتصر فهو من لم يرفع راية الأستسلام ولم يسمح للمعتدي بكتابة خطاب استسلامه, ويحافظ على صموده.

سجلت الحرب العالمية الثانية ان الأتحاد السوفيتي قد انتصر في حربه على المانيا النازية على الرغم من الملايين الذين سقطوا من جيشه وشعبه, ومن التدمير الكبير الذي حصل في بنيته التحتيه الا انه دخل سجل التاريخ كمنتصر و ساهم مع الحلفاء في كتابة وثيقة استسلام المانيا النازية.

بالمقابل فان فيتنام والتي حاربت المحتل الذي ربض على ارضها لعشرات السنين بدءا من الفرنسيين وصولا الى الأمريكيين , حارب وقاتل وتم دحره في الكثير من المعارك الوسيطة الى الغابات الا انه لم يهزم لانه لم يحقق للعدو اهدافه بان يكون شعبا وديعا خنوعا للمحتل حتى تمكن من الانتصار ودحر المحتل. على الرغم من كل الخسائر البشرية التي لحقت بالفيتنامين وفاقت خسائر الفرنسيين والأمريكان.

ان معادلة النصر والهزيمة تأخذ معاني اخرى عندما تتصل بالشعوب ومقاومة الاحتلال والتحرر الوطني ولا شك ان قول الدوبلوماسي الأمريكي المخضرم هنري كيسنجر وصفا واضحا لها " الجيش خاسر ان لم يربح الحرب, والمقاومة رابحة ان لم تخسرها". وبلغة اخرى ان الصمود هو شكل من الأنتصار, لانه يعني اننا قادرين ان ننتقل الى مرحلة اخرى من الصراع.

على هذه القاعدة كان من المفرض ان تتم مفاوضات التهدئة, وباعتقادي ان ذلك هو ما اعتمده قادة حماس والجهاد الأسلامي طرفي التفاوض الأساسيين في اتفاقية التهدئة من خلال المفاوضات الغير مباشرة مع اسرئيل, وبالتالي الوصول للتهدئة التي ارضت البعض و لم ترق لمزاج البعض الآخر, وكذلك فتحت المجال لتساؤلات عديده, بعضا منها من جانب المزاودة والأنتهازية السياسية والبعض الآخر قد يكون ذو ابعاد موضوعية صرفة.

تهدئة جديدة بمعايير قديمة:

لا تختلف اتفاقية التهدئة المعلنة عن اتفاقية التهدئة السابقة التي تمت اثر عدوان العام 2008-2009 من حيث المضامين العامة, وعلى الرغم ان معاييرا جديدة قد تحققت بشكل ملموس وواضح مقارنة بالعدوان السابق:

- لم يعد ممكنا ان تسمى الصواريخ المطلقة من قطاع غزة بانها صواريخ عبثية فقد استطاعت تهديد العمق الأسرائيلي وادخلت ما يقارب نصف الاسرئيليين الى الملاجئ.

- الحرب اثبتت ان المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة, كانت قادرة وبكفاءة عالية على امتصاص الضربة الاولى, بحيث تمكنت من الرد مباشرة.

- بعد ثمانية ايام من الحرب كانت المقاومة قادرة وعلى الرغم من كل الضربات ان تستمر بالرد بالصواريخ حتى الدقائق الاخيرة على دخول التهدئة حيز التنفيذ.

- الهجوم على قطاع غزة تمكن من تحفيز الفلسطينيين في الضفة الغربية بحيث خرجوا للشوارع والحواجز بشكل اكبر , واكثر مما كان عليه الحال ابان حرب 2008-2009, مما اربك وفاجئ الاسرائيليين.

- التزاحم الملموس للدبلوماسيين والسياسيين ومنذ الأيام الاولى للحرب , هل هي الرغبة الحقيقية لوقف الحرب ووقف القتل, علما انهم لم يتحركوا بمثل هذه السرعة ابان حرب العام 2008 على الرغم من سقوط اكثر من مئتي فلسطيني خلال اليوم الاول من تلك الحرب.

اسئلة عديدة تطرح نفسها عند الحديث عن التهدئة وهل كان بالامكان اكثر مما كان؟ وهل اتفاقية التهدئة هي تلك التي نشرت عبر وسائل الاعلام فقط ؟ ام ان هناك تفاهمات اخرى قد تم التوافق على اسسها وهي بحاجة الى ان تستكمل ويتم البناء عليها؟.

ان ما يحفز طرح بعضا من هذه الأسئلة وما يشابهها ليس الاعتقاد المفرط بنظرية المؤامرة بقدر ما يمكن ان تكون هذه الاسئلة نتاجا للحركة السياسية العالية الوتيرة وغير المألوفة, من ظواهر ولاعبين قدامى وجدد, اضافة الى المتغيرات السياسية الجديدة المفرزة عن مرحلة الربيع العربي.

عبر العشرين سنة الماضية كانت مصر مبارك من اهم الوسطاء في المفاوضات السياسية, وكذلك الوسيط الابرز فيما يتعلق بملف الانقسام الفلسطيني.

كما انها كانت دوما الوسيط الوحيد تقريبا فيما يتعلق بكل اعتداء على قطاع غزة . كان الكثير من السياسيين الفلسطينيين يهاجمونها, بعضا منهم في السر والبعض الآخر في العلن متهمين مصر مبارك بانها تحقق وتنفذ الأجندة الأمريكية وحتى الأسرائيلية.

مصر تعود مرة اخرى وبعد الثورة وسيطا و ضامنا للاتفاق الذي تم ما بين المقاومة واسرائيل, هل مصر الثورة تمارس نفس الدور السابق, الم تكن الاحلام والتوقعات خاصة لدى المقاومة الفلسطينية الاسلامية ان تتحول مصر من الوسيط الى الشريك؟ وكيف تستطيع مصر بنظامها الجديد ان تكون ضامنا لكلا طرفي الصراع, ضمانة المقاومة تبدو معقولة, اما ضمانة اسرائيل فكيف ولماذا. وما هو الثمن.

ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي المعروف بتطرفه وعدم دبلوماسيته وفي المؤتمر الصحفي الذي عقده مع باراك ونتنياهو عشية اعلان التهدئة, امتدح الدور المصري والرئيس المصري " لم يقل مثل هذا الكلام حتى في مرحلة نظام مبارك البائد" بالمقابل كان خطاب مشعل عن التهدئة اشبه بمديح الظل العالي للموقف المصري. لا ضير في ذلك ولكن السؤال لماذا؟ هل كان دور مصر حياديا بحيث ابهر ليبرمان؟ وهل كان الدور المصري ثوريا غيورا بحيث ابهر ايضا مشعل؟ كيف يمكن ابهار ضدين متناقضين من الألف وحتى الياء؟

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required