مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 

هل سيتحدّث الرفات ليخبّرنا عن الأسرار؟ أم أنه سيمسي مكمّم الفاه، وتطوى الصفحة مرة أخرى من دون إجابة؟

تم الأمر، وأخذ خبراء فرنسيون وروس وسويسريون عينات من رفات الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في ختام عملية استمرت أكثر من خمس ساعات، فتح خلالها قبره وأخذت العينات من رفاته من دون تحريكه أو استخراجه، ومن ثم أعيد الدفن، وتتبقى الآن مرحلة جديدة من الانتظار المحاط بالأمل، المشوب بالشكوك والمخاوف من دفن الحقيقة مجدداً .

“البولونيوم 210” اسم علمي لمادة مشعة لا يكاد إنتاجها العالمي يصل إلى 100 غرام في العام، تكفي منها أجزاء من غرام واحد لقتل إنسان بشكل بطيء، ويبقى أثره موجوداً في جسم أو رفات المستهدف به أكثر بقليل من ثمانية أعوام، ومصادره معلومة، إذ يتطلب إنتاجه مفاعلاً نووياً، ويحتوي كل عشرة غرامات من اليورانيوم على جزء من المليار من الغرام من “البولونيوم” على أعلى تقدير، ما يعني أن الحصول إلى نصف غرام منه يحتاج بحسبة بسيطة إلى خمسة آلاف كيلوغرام (5 أطنان) من اليورانيوم المشع، فمن يا ترى يمتلك هذه القدرات القاتلة؟

سر رحيل عرفات سيظل لغزاً، ما لم تتحدث نتائج تحليل عينات رفاته الموزعة على المختبرات، والمتوقع أن تظهر للعلن خلال أشهر من الزمن، عن ذاتها، وتكشف أو لا تكشف عن وجود هذه المادة النووية المشعة القاتلة، نادرة الإنتاج عالمياً، ومن ثم يكون لكل حادث حديث .

وحتى لا يخرج الحديث عن سياقه، وقبل التقدم باتجاه وضع السيناريوهات، لا بد من التأكيد أن الزعيم الفلسطيني الراحل، كان على رأس أهداف الكيان، وقد تم التهديد والتلويح باغتياله خلال انتفاضة الأقصى أكثر من مرة، من أعلى مستوى قيادي في هرم الاحتلال “الإسرائيلي”، ما يكفي بالضرورة كقرينة ودليل على الاستهداف، وتطور الأمر إلى اغتيال بإحدى أكثر الطرق سادية، وبوسيلة لا تنتج إلا “الموت البطيء” .

قبل أعوام، كثرت التقولات والتكهنات عن السبب الحقيقي لرحيل عرفات، حتى نظرية التسميم طرحت بقوة، لكن الأمور كلها كانت تصطدم بالفرنسيين الذين ضللوا العالم والفلسطينيين بحديث مشكوك في صحته، عن وفاة لأسباب مجهولة أو لم يتوصل إليها العلم، ومن ثم بالغوا في إخفاء نتائج التحليلات والفحوص التي أجروها وكأنهم يخفون أمراً .

التحليلات الجديدة المنتظرة قد تأتي بجديد، وإن أتت به، فلن يكون ذلك في مصلحة فرنسا وصورتها أمام الفلسطينيين وأنصارهم في العالم، كما أنها قد تؤكد اتهام الكيان باغتيال الزعيم الفلسطيني الراحل، ما يعني بالتالي أنه يجب التوجه إلى العدالة الدولية طلباً للحق الفلسطيني، إزاء جريمة إرهاب دولة، وحيال إخفاء وتزوير الحقائق .

يجب أن لا يظل الملف مفتوحاً إلى ما لا نهاية، وإن أغلق، فيجب أن يغلق على أعين مفتوحة على حقيقة وسبب رحيل عرفات، لكن الحقيقة وحدها لا تكفي، فالفلسطينيون مطالبون بما هو أكثر، ولا شك في أنهم سيطالبون بما هو أكثر .

المطلوب يتخطى الحقيقة إلى الحق، وطلب الحق يعني السعي لتحقيق العدالة لعرفات إنساناً وعائلة صغيرة، ورمزاً وعائلة فلسطينية كبيرة، والتوجه إلى العدالة يعني كشف الخصم وأدواته، وتوجيه اتهامات واضحة مقترنة بالدلائل الدامغة، والاحتكام إلى جهة محايدة ونزيهة لا تتأثر بضغط ولا يغير مسارها ابتزاز .

لعل المذكور آنفاً ككل يكون غارقاً في “المثالية”، لكنه ليس مستحيلاً، وعلى الفلسطينيين أن يوقنوا أن ثمن الحقيقة قد يكون غالياً، وعليهم أن يكونوا مستعدين لما ستكشفه لهم من جوانب لغز حيرهم ثماني سنوات، مهما كانت النتائج مؤلمة .

 
 
اقرأ المزيد...
 
 
لنفس الكاتب
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required