مفتاح
2024 . الإثنين 1 ، تموز
 
مفتاحك إلى فلسطين
The Palestinian Initiatives for The Promotoion of Global Dialogue and Democracy
 
الرئيسة
 
 
 
 
 
 
 
 
English    
 
 
اخيرا وبعد مد وجزر صادقت الجمعية العامة للامم المتحدة الليلة الماضية وباغلبية ساحقة تفوق الثلثين بعشر دول، وبمعارضة اقلية ضئيلة من اسرائيل وامريكا وسبع دول اخرى، وامتناع الباقي عن التصويت، قرار الاعتراف بفلسطين كدولة غير عضو في الامم المتحدة. وقد علل المعارضون والممتنعون موقفهم بان الطريق الوحيد لحل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي، لا يكون الا من خلال المفاوضات المباشرة وليس عبر القرارات الدولية.

وقد حاولت اسرائيل وامريكا ومن لف لفهما تصويرهذا القرار بانه خطوة من شأنها عرقلة عملية السلام المتعثرة اصلا. وتفنيدا لهذا الزعم، ولاستقراء ردود الفعل المحتملة على القرار وما يترتب على الجانب الفلسطيني عمله لمواجهة ردود الفعل تلك وترجمة القرار على ارض الواقع، جاء هذا المقال.

لقد تم استنفاذ كل الجهود للمفاوضات مع اسرائيل دون جدوى، فامريكا وبريطانيا وكندا واستراليا والمانيا هم من دعم اسرائيل بالمال والسلاح والدبلوماسية طوال العقود الماضية، وساعدوها في تحقيق احتلالها للاراضي العربية واستدامته، وساندوها في كل اعتداءاتها وحروبها على الدول المجاورة مما زادها صلفا وتشددا. في ذات الوقت الذي تركوا فيه اسرائيل على مدار ثمانية عشر عاما بعد اوسلوتعمل على الاستمرار في احتلالها وتثبيته وتغيير الحقائق على الارض من خلال مصادرة الاراضي ومصادر المياه وبناء المستوطنات والاستيطان غير الشرعي وبناء الجدار العنصري وتهويد القدس والخليل القديمة والمناطق ج وحصار غزة والسيطرة على المعابر واقامة الحواجز ومنع حركة الفلسطينين وبضائعهم وعملية الاعتقال المستمرة والاجتياحات للمدن والقرى والمخيمات والاعتداءات العسكرية والارهاب والتدميرللمباني العامة والبنية التحتية والتنكيل والقتل وهدم البيوت واقتلاع الاشجار وتدنيس المعابد وحرقها...الخ دون ان يحركوا ساكنا بل، انهم شلوا فعالية اللجنة الرباعية المسئولة عن متابعة عملية السلام وحاولوا تحويلها كاداة للضغط على الفلسطينيين لقبول شروطهم فحسب.

وفي ذات الوقت ينادون بحل الدولتين عبر المفاوضات لتمكين اسرائيل وهي المحتل والطرف القوي من فرض شروطها بحرية على الفلسطينيين وهم الضحية والطرف الضعيف في المعادلة، في حين ان ذلك اصبح امرا مستحيلا في ظل التغيرات المشار اليها، بل ان اسرائيل تتهرب من اي مرجعية لعملية السلام وتنقض يوميا كل الاتفاقات التي تمت معها وترفض الالتزام باي جداول زمنية ومرجعيات للمفاوضات. في حين ان مأساة الشعب الفلسطيني ومعاناته قد طالت ولم يعد ممكنا الاستمرار فيها، وتلاشى الامل بتحقيق السلام وبدأ الاحباط واليأس يتغلغل في صفوف الشعب الفلسطيني لنيل حريته واستقلاله من خلال هذا النوع من المفاوضات العبثية القائمة على موازين مختلة ومنطق الانحياز المساند للاحتلال الغاشم وممارساته. ان اهمية القرار الجديد عدا انه انتصار للحق فهو يضع خطوطا مرجعية لعملية السلام، وينبت بذورا للامل كادت تندمل، ويمثل اساسا حقيقيا لاي مفاوضات بل يمثل تحالفا امميا في وجه الانحياز الكامل من امريكا الى جانب اسرائيل لخلق نوع من التوازن والانحياز للحق في المنطقة.

لقد انتصرنا اليوم بالعالم والشرعية الدولية في وجه التحالف الاسرائيلي الامريكي القائم على الغطرسة والقوة ووضعناه امام امتحان قاس. لذلك فمن غير المستبعد ان تقوم اسرائيل وامريكا واتباعهما بمواصلة جهودهم التي بدؤها قبل وفور صدور القرار لافراغه من مضمونه ولتبهيته والتشكيك في جدواه والطعن في مصداقيته بل وللدعوة الى الغائه، كما حصل مع قرارات سابقة للجمعية العامة. وربما تذهب امريكا واسرائيل ابعد من ذلك كم كانا قد هددتا، وتتخذ اجراءات عقابية للجانب الفلسطيني على هذه الخطوة.

وبالمقابل فعلى الجانب الفلسطيني والمعسكر الحليف تقع مسئولية مواجهة تلك المحاولات والتصدي لها بجدية ومثابرة. لقد ولدت فلسطين اليوم من جديد، بعد تسعين سنة على قرار عصبة الامم بانتدابها، وخمس وستين سنة على قرار الجمعية العامة للامم المتحدة تقسيمها، وبعد ان زالت عن خارطة العالم منذ ذلك التاريخ. ان الولادة الرمزية لدولة فلسطين والاعتراف بها عالميا بعد اربع وعشرين عاما على اعلان منظمة التحرير للاستقلال يعتبر تصحيحا لظلم وخطأ تاريخي فظيع شهده العالم والاراضي المقدسة بالتحديد. و هنا لابد من التوجه بالتهنئة لعموم شعبنا الفلسطيني على هذا الانجاز التاريخي، والشكر لكل احرار العالم الذين وقفوا معنا لتحقيقه. واخص بالتقدير جهود القيادة الفلسطينية المثابرة وحملتها الدبلوماسية الحثيثة برئاسة الاخ الرئيس محمود عباس والتي تكللت بالنجاح. لقد كانت حقا معركة شرسة لاتقل عن شراسة معركة غزة الاخيرة، وقد رأيت بأم عيني ما بذله بعض فرسانها وجنودها المجهولين من جهود مضنية واذكر منهم الاخوة السفراء رياض منصور ونبيل معروف اللذين التقيتهما في استنبول قبل اكثر من عام مع وزير خارجية تركيا احمد داود اوغلو وهايل الفاهوم الذي التقيته مؤخرا في باريس عشية القرار الفرنسي بدعم التوجه الفلسطيني في الجمعية العامة لنيل العضوية المراقبة لدولة فلسطين.

لكن هذا القرار على اهميته لن يكون مجديا ما لم تتم ترجمته عمليا على الارض. لان هذا الاعتراف لايمثل قيمة حقيقية دون انهاء الاحتلال الفعلي، ودون بناء مقومات الدولة الواقعية والمتينة. وعليه فإن الاولوية الان تكون لاعادة تنظيم البيت الفلسطيني وتوحيده، والبدء مجددا في عملية التحقيق الفعلي للاستقلال والبناء. ان هذا القرار التاريخي يحتاج منا الى جهود كبيرة للاستفادة من كل ابعاده وما يترتب عليه من مهام ومسئوليات في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ولعل اهم خطوة على هذا الصعيد هو تحقيق المصالحة الوطنية واعادة بناء السلطة ومنظمة التحرير بما يتلائم ويستجيب لاحتياجات توحيد شقي الوطن وتحقيق الاستقلال الفعلي وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.

 
 
اقرأ المزيد...
 
Footer
اتصل بنا
العنوان البريدي:
صندوق بريد 69647
القدس
عمارة الريماوي، الطابق الثالث
شارع ايميل توما 14
حي المصايف، رام الله
الرمز البريدي P6058131

فلسطين
972-2-298 9490/1
972-2-298 9492
info@miftah.org
للانضمام الى القائمة البريدية
* indicates required